مغبونين عند الشافعي وعندنا يثبت الخيار للمغبون مطلقا وقال بعض الشافعية إن أخبر بالسعر كاذبا يثبت الخيار وحيث ثبت الخيار فهو على الفور كخيار العيب وللشافعي قولان هذا أحدهما وهو أصحهما والثاني إنه يمتد ثلاثة أيام كخيار التصرية ولو تلقى الركبان وباع منهم ما يقصدون شراه في البلد فهو كالتلقي وللشافعي وجهان أحدهما لا يثبت فيه حكمه لان النهى ورد على الشراء والثاني نعم لما فيه من الاستبداد بالرفق الحاصل منهم وقال مالك البيع باطل وحد التلقي عندنا أربعة فراسخ فإن زاد على ذلك لم يكره ولم يكن تلقيا بل كان تجارة وجلبا لما رواه منهال عن الصادق (ع) قال قال لا تلقى فإن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن التلقي قلت وما حد التلقي قال ما دون غدوة أو روحة قلت وكم الغدوة والروحة قال أربعة فراسخ قال ابن أبي عمير وما فوق ذلك فليس بتلق. مسألة يكره أن يبيع حاضر لباد فيكون الحاضر وكيلا للبادي قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يبيع حاضر لباد وصورته أن يجلب أهل البادية متاعا إلى بلد أو قرية فيجئ إليه الحاضر في البلد فيقول لا تبعه فأنا أبيعه لك بعد أيام بأكثر من ثمنه الآن وليس محرما للأصل وقال الشافعي إنه محرم للنهي ويحصل له الاثم بشروط أربعة - آ - أن يكون البدوي يريد البيع - ب - أن يريد بيعه في الحال - ج - أن يكون بالناس حاجة إلى المتاع وهم في ضيق - د - أن يكون الحاضر استدعى منه ذلك روى ابن عباس إن النبي صلى الله عليه وآله قال لا يبيع حاضر لباد قال طاوس وكيف لا يبيع فقال لا يكون له سمسارا والأصل في المنع إن فيه إدخال الضرر على أهل الحضر وتضييق عليهم فلهذا نهى عنه فإن لم يوجد هذه الشرايط أو شرط منها جاز ذلك لأنه إذا لم يكن بأهل البلد حاجة فلا ضرر في تأخير بيع ذلك وكذا إذا لم يرد (صاحبه صح) بيعه في الحال فإنه يجوز للحضري أن يتولى له البيع ولو وجدت الشرايط وحالف الحاضر وباع صح البيع لان النهى لا لمعنى يعود إلى البيع وشرط بعض الشافعية أن يكون الحاضر عالما بورود النهى فيه وهذا شرط يعم جميع المناهي وان يظهر من ذلك المتاع سعة في البلد فإن لم يظهر إما لكبر البلد وقلة ذلك الطعام أو لعموم وجوده ورخص السعر ففيه عندهم وجهان أوفقهما لمطلق الخبر إنه يحرم والثاني لا لان المعنى المحرم تفويت الرزق والربح على الناس وهذا المعنى لم يوجد هنا وأن يكون المتاع المجلوب إليه مما تعم الحاجة إليه كالصوف والأقط وساير أطعمة القرى وأما ما لا يحتاج إليه إلا نادرا فلا يدخل تحت النهى ولو استشار البدوي بالحضري فيما فيه حظه قال بعض الشافعية إذا كان الرشد في الادخار والبيع على التدريج وجب عليه إرشاده إليه بذلا للنصيحة وقال بعضهم لا يرشده إليه توسعا على الناس. مسألة. روى العامة إنه قد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع العربان ويقال عربون واربان واربون والعامة يقولون ربون وهو أن يشترى السلعة فيدفع درهما أو دينارا على أنه إن أخذ السلعة كان المدفوع من الثمن وإن لم يدفع الثمن ورد السلعة لم يسترجع ذلك المدفوع وبه قال الشافعي للنهي الذي رواه العامة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) كان أمير المؤمنين (ع) يقول لا يجوز بيع العربون إلا أن يكون نقدا من الثمن وقال احمد لا بأس به لما روى إن نافع بن عبد الحرث اشترى لعمر دار السجن من صفوان فإن رضي عمر وإلا له كذا وكذا وضعف حديث النهى قالت الشافعية إنه ليس بصحيح لأنه شرط أن يكون للبايع بغير عوض فهو كما لو شرط للأجنبي ويفسر العربون أيضا بأن يدفع دراهم إلى صانع ليعمل له شيئا من خاتم يصوغه أو خف يخرزه أو ثوب ينسجه على أن رضيه بالمدفوع في الثمن وإلا لم يسترده منه وهما متقاربان. مسألة بيع التلجية باطل عندنا وهو أن يتفقا على أن يظهر العقد خوفا من ظالم من غير بيع ويتواطأ أعلى الاعتراف بالبيع أو لغير ذلك وبه قال احمد وأبو يوسف ومحمد لان الأصل بقاء الملك على صاحبه ولو يوجد ما يخرجه عن أصالته ولأنهما لم يقصد البيع فلا يصح منهما كالهازلين وقال أبو حنيفة والشافعي هو صحيح لان البيع تم بأركانه و شروطه خالية عن مقارنة مفسد فصح كما لو اتفقا على شرط فاسد ثم عقد البيع بغير شرط ونمنع تمامية البيع ولو تبايعا بعد ذلك بعقد صحيح صح البيع إن لم يوقعاه قاصدين لما تقدم من المواطاة لأصالة الصحة وعدم صلاحية سبق المواطاة للمانعية وكذا لو اتفقا على أن يتبايعا بألف ويظهر ألفين فتبايعا بألفين فإن البيع لازم والاتفاق السابق لا يؤثر قاله الشافعي ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة وروى محمد عن أبي حنيفة إنه لا يصح البيع إلا على أن يتفقا على أن الثمن ألف درهم ويتبايعاه بمائة دينار فيكون الثمن مائة دينار استحسانا وإليه ذهب أبو يوسف ومحمد لأنه إذا تقدم الاتفاق صارا كالهازلين بالعقد فلم يصح العقد قالت الشافعية الشرط السابق لحالة العقد لا يؤثر فيه كما لو اتفقا على شرط فاسد ثم عقدا العقد فإنه لا يثبت فيه. مسألة. قد ذكرنا إن التجارة مستحبة قال الصادق (ع) ترك التجارة ينقص العقل وقال الصادق (ع) لمعاذ في حديث اسع على عيالك وإياك أن يكون هم السعاة عليك إذا ثبت هذا فينبغي لمن أراد التجارة أن يبدأ أولا فيتفقه قال أمير المؤمنين (ع) من أتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم وكان أمير المؤمنين (ع) يقول على المنبر يا معشر التجار الفقه ثم المتجر الفقه ثم المتجر والله للربا في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة على الصفا شوبوا إيمانكم بالصدقة التاجر فاجر والفاجر في النار إلا من أخذ الحق واعطى الحق وكان علي (ع) بالكوفة يعتدى كل يوم بكرة من القصر يطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا ومعه الدرة على عاتقه فيقف على أهل كل سوق فينادى يا معشر التجار اتقوا الله عز وجل فإذا سمعوا صوته ألقوا ما في أيديهم ورعوا إليه بقلوبهم وسمعوا باذانهم فيقول قدموا الاستخارة وتبركوا بالسهولة وأقربوا من المتبايعين وتزينوا بالحلم وتناهوا عن اليمين وتجتنبوا الكذب وتجافوا عن الظلم وأنصفوا المطلوبين ولا تقربوا الربا وأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين فيطوف في جميع الأسواق بالكوفة ثم يرجع فيعقد للناس. مسألة. يكره الحلف على البيع و كتمان العيب ومدح البايع وذم المشترى والمبادرة إلى السوق أولا لما فيه من شدة الحرص في الدنيا قال رسول الله صلى الله عليه وآله من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشتر ولا يبع الربا والحلف وكتمان العيب والحمد إذا باع والذم إذا اشترى وقال الكاظم (ع) ثلاثة لا ينظر الله إليهم أحدهم رجل اتخذ الله عز وجل بضاعة لا يشترى إلا بيمين ولا يبيع إلا بيمين وقال الصادق (ع) إياكم والحلف فإنه يمحق البركة وينفق السلعة ويكره معاملة ذوي العاهات قال الصادق (ع) لا تعامل ذا عاهة فإنهم أظلم شئ وكذا يكره مخالطة السفلة والمحارفين والأكراد ولا يعامل إلا من نشاء في خير قال الصادق (ع) إياكم ومخالطة السفلة فإن السفلة لا يؤول إلى خير وقال الصادق (ع) لا تشتر من محارف فإن حرفته لا بركة فيها وسأل أبو الربيع الشامي الصادق (ع) فقلت إن عندنا قوما من الأكراد وأنهم لا يزالون يجيئون بالبيع فتخالطهم ويبايعهم فقال يا أبا الربيع لا تخالطوهم فإن الأكراد حي من أحياء الجن كشف الله عنهم الغطاء فلا تخالطوهم وقال الصادق (ع) لا تخالطوا ولا تعاملوا إلا من نشاء في الخير واستقرض قهرمان لأبي عبد الله (ع) من رجل طعاما للصادق (ع) فألح في التقاضي فقال الصادق (ع) ألم أنهك أن تستقرض ممن لم يكن له فكان. مسألة. يستحب انظار المعسر وإقالة النادم لان رسول الله لم يأذن لحكيم بن خزام في تجارة حتى ضمن له إقالة النادم وإنظار المعسر وأخذ الحق وافيا أو غير واف وعن الصادق (ع) قال لا يكون الوفاء حتى يرجح وقال لا يكون الوفاء حتى يميل الميزان ولا ينبغي أن يتعرض الكيل والوزن إلا من يعرفهما حذرا من أخذ مال الغير. مسألة. لا يبيع المبيع في المواضع المظلمة التي لا يظهر فيها المبيع ظهورا بينا حذرا من الغش قال هشام بن الحكم كنت أبيع السابري في الظلال فمر بي الكاظم (ع) فقال يا هشام إن البيع في الظلال غش والغش لا يحل ويحرم أن يزين المبتاع بأن يزين جيده ويكتم رديه قال الباقر (ع) مر النبي صلى الله عليه وآله في سوق المدينة بطعام فقال لصاحبه ما أرى طعامك إلا طيبا وسأل عن سعره فأوحى الله تعالى أن يدير
(٥٨٦)