مشرك فقتلوه فالسلب في الغنيمة لانهم باجتماعهم لم يغرروا بأنفسهم في قتله ولو اشترك اثنان في قتله بأن ضرباه فقتلاه أو جرحاه فمات من جرحهما فالسلب لهما وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد في رواية لان قوله من قتل قتيلا فله سلبه يتناول الاثنين والواحد على حد واحد فلا وجه للتخصيص وقال احمد في رواية يكون في غنيمة لان سبب استحقاق السلب التغرير ولا يحصل بقتل الاثنين وهو ممنوع فقد يحصل التغرير للاثنين ولو اشترك اثنان في ضربه وكان أحدهما أبلغ في قتله من الاخر قال بعض العامة يكون له السلب لان أبا جهل ضربه معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن غفرا بالاثنين فاتيا النبي صلى الله عليه وآله فأخبراه فقال كلا كما قتله وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح السادس أن يقتله والحرب قائمة سواء قتله مقبلا أو مدبرا أما لو انهزم المشركون فقتله لم يستحق السلب بل كان غنيمة إذ لا تغرير حينئذ بخلاف ما لو قتله مدبرا أو الحرب قائمة لان التغرير موجود فإن الحرب كر وفر وبه قال الشافعي وقال أبو ثور وداود ولا يشترط قيام الحرب بل يستحق القاتل السلب مطلقا وليس بجيد لان بن مسعود وقف على أبى جهل فلم يعطه النبي صلى الله عليه وآله سلبه وإن شرطنا في المبارزة إذن الإمام لم يستحق القاتل السلب إلا مع إذنه في المبارزة وإلا استحق السابع أن يكون القاتل له نصيب من الغنيمة أما سهم أو رضخ (ولو لم يكن له نصيب ولا رضخ) له الامام شيئا بأن يكون مخذلا كعبد الله بن أبي أو يكون معينا على المسلمين أو مرجفا لم يستحق سلبا لان ترك السهم من حيث إنه عاون على المسلمين فلا يستحق السلب أو يكون لنقص فيه كالمرأة والمجنون فالذي قواه الشيخ (ره) استحقاق السلب لعموم الخبر وهو أحد قولي الشافعي وفي الاخر لا يستحق لان السهم آكد من السلب للاجماع على استحقاق السهم دون السلب فإذا انتفى السهم انتفى السلب (والصبي عندنا يسهم له فيستحق السلب صح) وللشافعي قولان ومن يستحق الرضخ كالمرأة والعبد والكافر الأقوى استحقاقه للسلب للعموم ولأنه من أهل الغنيمة وللشافعي قولان والعاصي بالقتال كالداخل بغير إذن الإمام أو بنهي أبويه عنه مع عدم تعيينه لا يستحق السلب ولو قتل العبد استحق مولاه سلبه ولو خرج بغير إذن مولاه قال بعض الجمهور لا سلب له لأنه عاص. مسألة. اختلف علماؤنا في السلب هل يخمس أم لا على قولين أحدهما يجب فيه الخمس وبه قال بن عباس والأوزاعي ومكحول والثاني لا يجب وهو قوى لأنه (ع) قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب وبه قال الشافعي وبن المنذر وبن جرير واحمد للعموم وقال إسحاق إن كان السلب كثيرا خمس وإلا فلا وهو قول عمر ونمنع إنه غنيمة فلا يدخل تحت عموم الآية ولو سلم فالعام يخص بالسنة إذا عرفت هذا فالسلب يستحقه القاتل من أصل الغنيمة وبه قال الشافعي ومالك في إحدى الروايتين لان النبي صلى الله عليه وآله جعل السلب للقاتل مطلقا ولم ينقل إنه جعله من خمس الخمس وفي الرواية الثانية عن مالك إنه يحسب من خمس الخمس الذي هو سهم المصالح لأنه استحقه القاتل للتحريض على القاتل فيكون من سهم المصالح كالنفل ونمنع ثبوت الحكم في الأصل مع أن النبي صلى الله عليه وآله لم يقدره ولم يستعلم قيمته ولو وجب احتسابه من خمس الخمس لوجب العلم بقدره وقيمته وأما النفل فيستحقه من قوطع عليه بعد الفعل ويخمس عليه لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا نفل إلا بعد الخمس ولقوله تعالى " واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه " ويستحق المجعول له زايدا عن سهمه الراتب له ولا يتقدر بقدر بل هو موكل إلى الامام قل أو كثر والنفل يكون إما بأن يبذل الامام من سهم نفسه الذي هو الأنفال أو بجعله من الغنيمة ولو جعل الامام نفلا على فعل مصلحة فتبرع من يقوم بها مجانا لم يكن له أن ينفل وكذا لو وجد من ينتدب بنفل أقل لم يكن له أن ينفل الأكثر إلا أن يعلم الامام إن طالب النفل الأكثر أنكى للعدو وأبلغ في مقصوده. مسألة. السلب كل مال متصل بالمقتول مما يحتاج إليه في القتال كالثياب والعمامة والقلنسوة والدرع والمغفر والبيضة والجوشن والسلاح كالسيف والرمح والسكين فهذا كله سلب يستحقه القاتل إجماعا وأما ما لا يحتاج إليه في القتال مما هو متصل به وإنما يتخذ للزينة أو غيرها كالتاج والسوار والطوق والهميان الذي للنفقة والمنطعة فهل يكون سلبا أو لا تردد الشيخ فيه وقوى كونه سلبا وهو قول احمد واحد قولي الشافعي لأنه لابس له فهو سلب في الحقيقة فيدخل تحت عموم الخبر وقال الشافعي في الاخر إنه لا يكون سلبا لأنه لا يحتاج إليه في القتال فأشبه المنفصل والحكم معلق على الاسم الذي يندرج فيه صورة النزاع دون صورة النقص فافترقا والدابة التي يركبها من السلب وإن لم يكن راكبا لها إذا كانت بيده وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين لأنه يستعان بها في الحرب فأشبهت السلاح وفي رواية عن أحمد إنها ليست سلبا لان السلب ما كان على بدنه وينتقض بالسيف والرمح وكذا ما على الدابة من سرج ولجام وجميع آلاتها وحلية تلك الآلات من السلب لأنه تابع لها ويستعان به في القتال ولو كانت الدابة في منزله أو مع غيره أو منفصلة لم يكن سلبا كالسلاح الذي ليس معه ولو كان راكبا عليها فصرعه عنها ثم قتله بعد نزوله عنها فهي من السلب ولو كان ماسكا بعنانها غير راكب قال بن الجنيد يكون من السلب وبه قال الشافعي واحمد في رواية لأنه يتمكن من القتال عليها فأشبهت ما في يده من السيف والرمح وفي رواية عن أحمد إنها ليست سلبا لأنه ليس راكبا عليها فأشبه ما لو كانت في يد غلامه و أما الجنيب يساق خلفه فليس من السلب لان يده ليست عليه ولو كان راكبا دابة وفي يده جنيب له قال بن الجنيد يكون من السلب لأنه مما يستعان به على القتال ويده عليه فكان سلبا كالفرس المركوب وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يكون سلبا لأنه لا يمكن ركوبهما معا فلا يكون سلبا ويجوز سلب القتلى وتركهم عراة لان النبي صلى الله عليه وآله قال في قتيل سلمة بن الأكوع له سلبه أجمع قال ابن الجنيد ولا اختار أن يجرد الكافر في السلب وكرهه الثوري ولم يكرهه الأوزاعي ولم يكن أمير المؤمنين (ع) يأخذ سلب أحد عند مباشرته للحروب. مسألة. الأقرب افتقار مدعى السلب إلى بينة بالقتل خلافا للأوزاعي لقوله (ع) من قتل قتيلا له عليه بنيته فله سلبه ولأنه مدع فافتقر إلى البنية احتج بأن النبي (ص) قبل قول أبى قتادة وليس حجه لان خصمه أقر له فاكتفى بإقراره وهل يفتقر إلى شاهدين قال به احمد لان النبي صلى الله عليه وآله اعتبر البينة وإطلاقها ينصرف إلى شاهدين ولأنها دعوى قتل فاعتبر شاهدان كقتل العمد وقال بعض العامة يقبل شاهد ويمين لأنها دعوى مال ويحتمل قبول شاهد من غير يمين لان النبي صلى الله عليه وآله قبل قول الذي شهد لأبي قتادة من غير يمين. مسألة. لو قال الامام من أخذ شيئا فهو له جاز وهو أحد قولي الشافعي وبه قال أبو حنيفة لان النبي صلى الله عليه وآله قال يوم بدر من أخذ شيئا فهو له والثاني المنع وإلا سقط حق أهل الخمس من خمسه ومن يستحق جزءا من الغنيمة لم يجز للامام أن يشترط إسقاطه كما لو شرط الغنيمة لغير الغانمين وتأول الخبر بأن غنايم بدر لم تكن للغانمين لان الآية نزلت بعدها ولهذا قسم رسول الله صلى الله عليه وآله لمن لم يحضرها قال الشيخ (ره) لو قال الامام قبل لقاء العدو من أخذ شيئا من الغنيمة فهو له بعد الخمس كان جايزا؟ لأنه معصوم وفعله حجة. البحث الرابع. في الرضخ. مسألة. لا سهم للنساء في الغنيمة بل يرضخ لهن الامام ما يراه للحاجة إليهن في معالجة الطبخ ومداواة المرضى وغير ذلك فيدفع إليهن الامام من الغنيمة شيئا دون السهم وله أن يسوى بين النساء في الرضخ وأن يفضل مع المصلحة عند علمائنا أجمع وأكثر العلماء لما رواه العامة إن النبي كان يغزو بالنساء فيرضخ لهن فيداوين الجرحى ويجدين من الغنيمة وأما السهم فلم يضرب لهن ومن طريق الخاصة قول أحدهما (على) إن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج بالنساء في الحرب يداوين الجرحى ولم يقسم لهن من الفئ شيئا ولكن نفلهن ولأنهن لسن من أهل القتال ولهذا لم يجب عليهن فرضه وقال الأوزاعي يسهم للنساء لان النبي صلى الله عليه وآله ضرب لسهلة بنت عاصم يوم حنين بسهم فقال رجل من القوم أعطيت سهلة مثل سهمي وليس حجة لان في الحديث إنها ولدت فأعطاها النبي صلى الله عليه وآله لها ولولدها وعندنا يسهم للمولود كالرجل. مسألة. لا سهم للعبيد بل يرضخ لهم الامام ما يراه مصلحة وإن جاهدوا وبه قال أكثر العلماء لما رواه العامة عن ابن
(٤٣٢)