أن لا يطلب المبارزة إلا بإذن الامام إذا أمكن وبه قال الثور وإسحاق واحمد لان الامام أعرف بفرسانه وفرسان المشركين ومن يصلح للمبارزة ومن لا يصلح ومن يكون قرنا للكافر ومن لا يكون فربما تضرر (المسلمون صح) بكسر قلوبهم عند عجز صاحبهم فينبغي تفويضه إلى الامام ليختار للمبارزة من يرتضيه لها فيكون أحفظ لقلوب المسلمين وكسر قلوب الكفار ولان عليا (ع) وحمزة وعبيدة استأذنوا النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر رواه العامة ومن طريق الخاصة إن أمير المؤمنين (ع) سئل عن المبارزة بغير إذن الإمام قال لا بأس بذلك ولكن لا يطلب ذلك إلا بإذن الامام ورخص فيها مطلقا من غير إذن الإمام مالك والشافعي وبن المنذر لان أبا قتادة قال بارزت رجلا يوم خيبر فقتلته ولم يعلم أنه استأذن النبي صلى الله عليه وآله وهي حكاية حال لا عموم لها ولاحتمال أن يكون المشرك سأل المبارزة لا أن أبا قتادة طلبها ويؤيده قول الصادق (ع) إن الحسن بن علي (ع) دعى رجلا إلى المبارزة فعلم أمير المؤمنين (ع) فقال له لئن عدت إلى مثلها لأعاقبنك ولئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لأعاقبنك أما علمت إنه بغى وقد ظهر من هذا أن طلب المبارزة ممنوع منه بغير إذن الإمام وفعلها سايغ من دون إذنه. مسألة. إذا خرج علج يطلب البراز استحب لمن فيه قوة أن يبارزه بإذن الامام وينبغي (للامام صح) أن يأذن له في ذلك لان في تركه ضعف قلوب المسلمين واجتراء المشركين وفي الخروج رد عن المسلمين وإظهار قوتهم وشجاعتهم فانقسمت أربعة أقسام الأول أن تكون واجبة وهي ما إذا الزم الامام بها الثاني أن تكون مستحبة وهي أن يخرج رجل من المشركين فيطلب المبارزة فيستحب لمن فيه قوة من المسلمين الخروج إليه الثالث أن تكون مكروهة وهي أن يخرج الضعيف من المسلمين الذي لا يعلم من نفسه المقاومة الرابع أن يكون مباحة وهي أن يخرج ابتداء فيبارز. مسألة. إذا خرج المشرك وطلب المبارزة جاز لكل أحد رميه وقتله لأنه مشرك لا أمان له ولا عهد إلا أن تكون العادة بينهم جارية ان من خرج يطلب المبارزة لا يتعرض له فيجرى مجرى الشرط فإن خرج إليه أحد يبارزه بشرط أن لا يعينه عليه سواه وجب عليه الوفاء له بالشرط لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم فإن انهزم المسلم تاركا للقتال أو مثخن بالجراح جاز قتاله لان المسلم إذا صار إلى هذه الحالة فقد انقضى القتال والمشرك شرط الأمان ما دام في القتال وقد زال ولو شرط المشرك أن لا يقاتل حتى يرجع إلى صفه وجب الوفاء له إلا أن يترك المسلم قتاله أو يثخنه بالجراح فيرجع فيتبعه فيقتله أو يخشى عليه منه فيمنع ويدفع عن المسلم ويقاتل إن امتنع عن الكف عنه إلا بالقتال لأنه نقض الشرط وأبطل أمانه بمنعهم من تخليصه ولو أعان المشركون صاحبهم كان على المسلمين أعانه صاحبهم ويقاتلون من أعان عليه ولا يقاتلونه لان النقض ليس من جهته وإن كان قد شرط أن لا يقاتله غير مبارزة وجب الوفاء له فإن استنجد أصحابه فأعانوه فقد نقض أمانه ويقاتل معهم ولو منعهم فلم يمتنعوا فأمانه باق فلا يجوز قتاله ولكن يقاتل أصحابه هذا إذا أعانوه بغير قوله ولو سكت ولم ينههم عن إعانته فقد نقض أمانه لان سكوته يدل على الرضا بذلك أما لو استنجدهم فإنه يجوز قتاله مطلقا ولو طلب المشرك المبارزة ولم يشترط جاز معونة قرنه ولو شرط أن لا يقاتله غيره وجب الوفاء له فإن فر المسلم وطلبه الحربي جاز دفعه سواء فر المسلم مختارا أو لاثخانه بالجراح ويجوز لهم معاونة المسلم مع إثخانه وقال الأوزاعي ليس لهم ذلك وهو غلط لان عليا (ع) وحمزة أعانا عبيدة بن الحرث على قتل شيبة بن ربيعه حين أثخن عبيدة ولو لم يطلبه المشرك لم تجز محاربته لأنه لم ينقض شرطا وقيل يجوز قتاله ما لم يشترط الأمان حتى يعود إلى فئة. مسئلة. تجوز المخادعة في الحرب وأن يخدع المبارز قرنه ليتوصل بذلك إلى قتله إجماعا روى العامة إن عمرو بن عبد ود بارز عليا (ع) فقال ما أحب ذلك يا ابن أخي فقال علي (ع) لكني أحب أن أقتلك فغضب عمرو وأقبل إليه فقال علي (ع) ما برزت لاقاتل اثنين فالتفت عمر فوثب علي (ع) فضربه فقال عمرو خدعتني فقال علي (ع) الحرب خدعة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) إن عليا (ع) كان يقول لئن تخطفني الطير أحب إلى من أن أقول على رسول الله ما لم يقل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول الحرب خدعة. مسألة. يكره تبييت العدو ليلا وإنما يلاقون بالنهار إلا مع الحاجة إلى التبييت فيبيتهم ويستحب أن يلاقوا بالنهار ويبدأ بالقتال بعد الزوال ويكره قبله إلا مع الحاجة ويكره أن يعرقب الدابة وإن وقفت به ذبحها ولا يعرقبها وأما نقل رؤوس المشركين إلى بلاد الاسلام فإن اشتمل على نكاية في الكفار لم يكن مكروها وكذا إن أريد معرفة المسلمين بموته فإن أبا جهل لما قتل حمل رأسه وإن لم يكن كذلك كان مكروها لأنه لم ينقل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله رأس كافر (قط) وللشافعي وجهان الكراهة وعدمها. الفصل الثالث. في الأمان وفيه مباحث الأول في تعريفه وتسويغه. مسألة. عقد الأمان ترك القتال إجابة لسؤال الكفار بالامهال وهو جايز إجماعا قال الله تعالى " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه " وروى العامة إن النبي صلى الله عليه وآله أمن المشركين يوم الحديبية وعقد معهم الصلح ومن طريق الخاصة ما رواه السكوني عن عن الصادق (ع) قال قلت ما معنى قول النبي صلى الله عليه وآله يسعى بذمتهم أدناهم قال لو أن جيشا من المسلمين حاصر قوما من المشركين فأشرف رجل فقال اعطوني الأمان حتى ألقى صاحبكم فانظره فأعطاه الأمان أدناهم وجب على أفضلهم الوفاء به ولا خلاف بين المسلمين في ذلك. مسألة. إنما يجوز عقد الأمان مع اعتبار المصلحة فإن اقتضت المصلحة ترك الأمان وأن لا يجابوا إليه لم يفعل لأنه مصلحة في بعض الأحوال ومكيدة من مكايد القتال في المبارزة فإذا لم يكن مصلحة لم يجز فعله وسواء في ذلك عقد الأمان لمشرك واحد أو لجماعة كثيرة فإنه جايز مع المصلحة إجماعا ومن طلب الأمان من الكفار ليسمع كلام الله ويعرف شرايع الاسلام وجب أن يعطى أمانا ثم ترد إلى مأمنه للآية ويجوز أن يعقد الأمان لرسول المشركين وللمستأمن لان النبي صلى الله عليه وآله كان يؤمن لرسول المشركين ولان الحاجة تدعوا إلى المراسلة ولو قتلوا رسلهم لقتلوا رسلنا فتفوت المصلحة ولا تقدر مدة العقد لهما بقدر بل يجوز مطلقا ومقيدا وبزمان طويل أو قصير نظر إلى المصلحة. البحث الثاني. في العاقد. مسألة.
يجوز للامام عقد الصلح إجماعا لان أمور الحرب موكولة إليه كما كانت (موكوله صح) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فإن رأى المصلحة في عقده لواحد فعل وكذا لأهل حصن أو قرية أو بلد أو إقليم ولجميع الكفار بحسب المصلحة لعموم ولايته ولا نعلم فيه خلافا وأما نائبة (فإن كانت ولايته صح) عامة كان له ذلك أيضا وإن لم تكن ولايته عامة جاز عقد أمانه لجميع من في ولايته ولآحادهم وأما غير ولايته فحكمه حكم آحاد الرعايا وأما آحاد الرعية فيصح أمان الواحد منهم للواحد من المشركين وللعدد اليسير كالعشرة والقافلة القليلة و الحصن الصغير لعموم قوله (ع) ويسعى بذمتهم أدناهم ولقول الصادق (ع) إن عليا (ع) أجاز أمان عبد مملوك لأهل حصن وقال هو من المؤمنين ولأن علة تسويغه للواحد وهو استمالته إلى الاسلام مع الامن منه موجود في العدد اليسير أما العدد الكثير من المشركين فإنه مأكول إلى الامام خاصة لان في تسويغه للواحد من المسلمين تعطيلا للجهاد على الامام وتقوية للكفار. مسألة. يصح عقد الأمان من الحر والعبد المأذون له في الجهاد وغير المأذون عند علمائنا أجمع وبه قال أكثر العلماء والثوري والأوزاعي والشافعي واحمد وإسحاق وهو مروى عن علي (ع) وعن عمر لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخضر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل منه صرف ولا عدل ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)