والفسوق الكذب والجدال قول الرجل لا والله وبلى والله ولان ترك الكلام فيما لا ينفع مما يقتضى صيانة النفس عن اللغو والوقوع في الكذب وما لا يحل فإن من كثر كلامه كثر سقطه وقد قال صلى الله عليه وآله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت فيستحب ترك الكلام فيما لا يتعلق بالذكر والبحث في العلوم مطلقا إلا أنه في حال الاحرام أشد استحبابا لأنه حال عبادة واستغفاره واستشعار بطاعة الله تعالى فأشبه الاعتكاف ولا يعارض ذلك ما رواه العامة عن عمر إنه كان إذا ركب ناقة وهو محرم يقول كان راكبها غصن بمروحة إذا بذلت به أو شارب ثمل وفعل عمر لا حجة فيه خصوصا مع معارضته فعل النبي صلى الله عليه وآله مسألة لو إرتد في أثناء الحج والعمرة لم تفسدهما ولا يعتد بما فعله في زمان الردة وهو قول بعض الشافعية لأصالة الصحة وبراءة الذمة والخروج عن العهدة بامتثال الامر وقال بعض الشافعية إنها تفسدهما سواء طال زمانها أو قصر وعلى القول بالفساد لهم وجهان أظهرهما انه يبطل النسك بالكلية حتى لا يمضى فيه لا في الردة ولا إذا عاد إلى الاسلام لان الردة تحبط العبادة لكن لا تجب الكفارة كما أن فساد الصوم بالردة لا يتعلق به الكفارة وعلى القول بالصحة لهم ثلاثة أوجه أحدها انه ينعقد على الصحة فان رجع في الحال فذاك وإلا فسد نسكه وعليه الفدية والقضاء والمعنى في الفاسد والثاني إنه ينعقد فاسدا وعليه القضاء والمضى فيه سواء مكث أو رجع في الحال وإن مكث وجبت الفدية وهل هي بدنة أو شاة خلاف والثالث لا ينعقد أصلا كما لا تنعقد الصلاة مع الحدث القسم الثاني في مكروهات الاحرام الأول يكره للمحرم النوم على الفرش المصبوغة وليس بحرام لما رواه أبو بصير في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال يكره للمحرم أن ينام على الفراش الأصفر أو المرفقة الصفراء الثاني يكره الاحرام في الثوب المصبوغ بالسواد أو المعصفر ويتأكد في السواد والنوم عليه الثالث يكره الاحرام في الثياب الوسخة وإن كانت طاهرة الرابع لبس الثياب المعلمة الخامس استعمال الحناء للزينة السادس النقاب للمرأة على إشكال السابع دخول الحمام وتدليك الجسد فيه الثامن إجابة المنادى يقول يا سعد لأنه في مقام التلبية لله تعالى فكره لغيره ولقول الصادق عليه السلام ليس للمحرم أن يلبى من دعاه حتى ينقضى إحرامه قلت كيف يقول قال يقول يا سعد التاسع استعال الرياحين مسألة يجوز للمحرم أن يلبس الهميان وهو قول جمهور العلماء قال ابن عبد البر أجمع فقهاء الأمصار متقدموهم ومتأخروهم وكرهه ابن عمر ومولاه نافع لما رواه العامة عن ابن عباس قال رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للمحرم في الهميان أن يربطه إذا كانت فيه نفقته ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام كان أبى عليه السلام يشد على بطنه نفقته يستوثق فإنها تمام حجه وتشتد الحاجة إلى ذلك وقول ابن عمر لا حجة له فيه مسألة يجوز للمحرم أن يلبس السلاح عند الحاجة إجماعا إلا من الحسن البصري فإنه كرهه والحق الأول لما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله صالح أهل الحديبية على أن لا يدخلوها إلا بجلبان السلاح يعنى بالقراب بما فيه ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إن المسلم إذا خاف العدو فلبس السلاح فلا كفارة عليه وللحاجة إليه وقد دل هذا الحديث من حيث المفهوم على التحريم مع عدم الخوف وهو أحد قولي علمائنا مسألة يجوز أن يؤدب الرجل عبده عند الحاجة إليه حالة إحرامه لقول الصادق عليه السلام لا بأس أن يؤدب المحرم عبده ما بينه وبين عشرة أسواط وإذا قتل المحرم حيوانا وشك في أنه صيد لم يكن عليه شئ لأصالة البراءة ولو علم أنه صيد وشك في أي صيد هو لزمه دم شاة لأنه أقل مراتب الصيد ولقول الصادق عليه السلام في رجل أكل من لحم صيد لا يدرى ما هو وهو محرم قال عليه شاة ويجوز أن يكون مع المحرم لحم الصيد إذا لم يأكله وتركه إلى وقت إحلاله ثم يأكله إذا لم يكن صاده هو لان علي بن مهزيار سأله عن المحرم معه لحم من لحوم الصيد في زاده هل يجوز أن يكون معه ولا يأكله ويدخل مكة وهو محرم فإذا أحل أكله فقال نعم إذا لم يكن صاده ويجوز إخراج الفهد من الحرم لان إسماعيل بن الفضل الهاشمي سأل الصادق عليه السلام فقال له فهود تباع على باب المسجد ينبغي لاحد ان يشتريها ويخرج بها قال لا بأس وفى الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابه عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن رجل أدخل فهدا إلى الحرم له أن يخرجه فقال هو سبع وكلما أدخلت من السباع الحرم فلك أن تخرجه المطلب الرابع في كفارات الاحرام وفيه بابان الأول في كفارات الصيد وفيه مباحث الأول فيما لكفارته بدل على الخصوص وهو خمسة الأول قتل النعامة مقدمة دابة الصيد تضمن بمثلها من النعم عند أكثر العلماء لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله جعل في الصبغ كبشا ومن طريق الخاصة ما رواه أبو الصباح في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن قول الله عز وجل في الصيد ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم قال في الظبي شاة وفى حمار الوحش بقرة وفى النعامة جزور وقال أبو حنيفة الواجب القيمة لان الصيد ليس بمثلي فتجب القيمة ويجوز صرفها في المثل والمماثلة الحقيقية ليست مرادة لامتناعها بين الصيد والنعم بل المراد من حيث الصورة فإن النعامة شبه البدنة وحكم الصحابة في الحيوانات بأمثالها فحكم علي عليه السلام وزيد بن ثابت وعمر وعثمان وابن عباس ومعاوية في النعامة ببدنة وحكم أبو عبيدة وابن عباس في حمار الوحش ببدنة وحكم عمر فيه ببقره وحكم علي عليه السلام في الضبع بشاة مع اختلاف الأزمان وتباعد الأمكنة ولو كان على وجه القيمة لامتنع اتفاقها في شئ واحد وقد حكموا في الحمامة بشاة ولا تبلغ الحمامة في القيمة الشاة وما ثبت فيه نص مقدر اتبع إما من النبي صلى الله عليه وآله أو من أحد الأئمة عليهم السلام ولا يجب استيناف الحكم به وبه قال عطا والشافعي وإسحاق واحمد لانهم أعرف من غيرهم وأزهد فكان قولهم حجة وقال مالك يستأنف الحكم لقوله تعالى يحكم به ذوا عدل والجواب التقدير ثبوت الحكم مسألة تجب في النعامة بدنة عند علمائنا أجمع فمن قتل نعامة وهو محرم وجب عليه جزور وبه قال عطا ومجاهد ومالك والشافعي وأحمد وأكثر أهل العلم لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وروى العامة إن عليا عليه السلام حكم فيها ببدنة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وفى النعامة جزور وفى حديث اخر بدنة وقال أبو حنيفة تجب القيمة وقد تقدم ولو لم يجد البدنة قوم البدنة وفض قيمتها على البر وأطعم ستين مسكينا لكل مسكين نصف صاع وبه قال الشافعي واحمد لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل بقراءة الحفص وهو يقتضى أن يكون الجزاء بدلا عن المثل من النعم لان تقديرها فجزاء بمثل لقول الصادق عليه السلام إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوم جزاؤه من النعم دراهم ثم قومت الدراهم طعاما لكل مسكين نصف صاع فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما وقال مالك يقوم الصيد لا المثل لان التقويم إذا وجب لأجل الاتلاف قوم التلف كالذي لا مثل له وقال أبو حنيفة لا يجب المثل بل قيمة الصيد فإن شاء تصدق بها وإن شاء اشترى شيئا من النعم التي تجزى في الأضحية يذبح وإن شاء صرفها إلى الطعام فأعطى كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من غيره أو صام عن كل نصف صاع من بر أو صاع من غيره يوما ولو لم يجد الاطعام قوم الجزور بدراهم والدراهم بطعام على ما قلناه ثم صام عن كل نصف صاع يوما وبه قال ابن عباس والحسن البصري والنخعي والثوري وأصحاب الرأي وابن المنذر لان صوم اليوم بدل عن نصف صاع في غير هذا الصورة فيكون كذلك هنا ولقول الصادق عليه السلام فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما وقال عطا يصوم عن كل مد يوما وبه قال مالك والشافعي وعن أحمد روايتان لان الله تعالى جعل اليوم في كفارة الظهارة في مقابلة الطعام المسكين فكذا هنا ويبطل بتقديم النص على القياس مسألة واختلف علماؤنا في كفارة جزاء الصيد فقال بعضهم إنها على الترتيب وبه قال ابن عباس والثوري وابن سيرين ونقله أبو ثور عن الشافعي في القديم لقول الصادق عليه السلام فإن لم يقدر على ذلك يعنى الذبح قوم جزاء الصيد وتصدق بقيمته على المساكين ثم قال فإن لم يقدر صام بدل كل صاع يوما وهو يدل على الترتيب ولان هدى المتعة على الترتيب وهذا آكد منه لأنه فعل محظور وقال بعضهم إنها على
(٣٤٤)