قال الشافعي ولو نوى التحلل قبل الهدى لم يتحلل وكان على إحرامه حتى ينحر الهدى ولأنه أقيم مقام أفعال الحج ولا يحل له كما لا يتحلل القادر على أفعال الحج قبل فعلها ولا فدية عليه في نية التحلل لعدم تأثيرها في العبادة فإن فعل شيئا من محظورات الاحرام قبل الهدى فعليه الفداء لأنه محرم فعل محظورا في إحرام صحيح فكان عليه فدية كالقادر. مسألة. لا بدل لهدى التحلل فلو عجز عنه وعن ثمنه لم يفتقر إلى غيره ويبقى على إحرامه ولو تحلل لم يحل وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي في أحد القولين لقوله تعالى " فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله " ولو كان الصوم أو الاطعام بدلا لجاز الحلق قبل الهدى ولان الهدى أقيم مقام الأعمال ولو قدر على الأعمال لم يتحلل إلا بها فإذا عجز لا يتحلل إلا ببدلها والقول الثاني للشافعي وهو الصحيح عندهم إنه يتحلل في الحال فينتقل إلى صوم التعديل في قول وفي آخر إلى الاطعام وفي ثالث إلى الصوم ويحل به وهو أن يقوم شاة وتبسط بالطعام فيصوم بإزاء كل مد يوما وفي رابع يتخير بين الاطعام والصيام وعلى قوله الأول بعدم الانتقال يكون في ذمته ففي جواز التحلل حينئذ له قولان أحدهما انه يبقى محرما إلى أن يهدى والثاني وهو الأشبه إنه يحل ثم يهدى إذا وجد وقال احمد إنه ينتقل إلى صيام عشرة أيام إذا عرفت هذا فإذا ذبح هل يجب عليه الحلق أو التقصير أم لا قال احمد في إحدى الروايتين لابد من أحدهما لان النبي صلى الله عليه وآله حلق يوم الحديبية ويحتمل العدم لأنه تعالى ذكر الهدى وحده ولم يشترط سواه. إذا ثبت هذا فلو كان المصدود قد ساق هديا في إحرامه قبل الصد ثم صد ففي الاكتفاء بهدى السياق عن هدى التحلل قولان أحدهما الاكتفاء لقوله تعالى " فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى " وقيل لابد من هدى اخر السياق كما لو لم يسق. مسألة. لا يختص مكان ولا زمان لنحر هدى التحلل وذبحه في المصدود بل يجوز نحره في موضع الصد سواء الحل و الحرم ومتى صد جاز له الذبح في الحال والاحلال لقوله تعالى " فما استيسر من الهدى " ولم يعين زمانا خصوصا مع الاتيان بالفاء وبه قال مالك والشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله نحره بالحديبية وهي خارج الحرم ولأنه يؤدى إلى تعذر الحل لتعذر وصول الهدى محله مع مقاومة العدو وقال الصادق (ع) المحصور والمضطر ينحران هديهما في المكان الذي يضطران فيه وقال الحسن وبن مسعود والشعبي والنخعي وعطا وأبو حنيفة لا ينحر إلا بالحرم يبعث به ويواطى من بعثه معه على نحره في وقت يتحلل فيه لقوله تعالى " ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله " ثم قال ثم محلها إلى البيت العتيق والآية في حق غير المصدود ولا يمكن قياس المصدود عليه لان تحلله في الحل وتحلل غيره في الحرم. مسألة.
لو صد عن مكة قبل الموقفين فهو مصدود إجماعا يجوز له التحلل ولو صد عن الموقفين فكذلك عندنا وبه قال الشافعي لعموم الآية وقال أبو حنيفة ومالك ليس له أن يتحلل وليس بمصدود بل إن قدر على الأداء أدى وإن دام العجز حتى مضى الوقت فحكمه حكم من فاته الحج يتحلل بأفعال العمرة لان العجز في الحرم ليس مثل العجز خارج الحرم ويبطل بقوله فإن أحصرتم وهو عام ولو منع عن أحد الموقفين قال الشيخ (ره) إنه مصدود أيضا ولو منع بعد الوقوف بالموقفين عن العود إلى منى لرمي الجمار والمبيت بها فلا صد وقد تم حجه فيتحلل ويستنيب من يرمى عنه ولو صد بعد الوقوف بالموقفين قبل طواف الزيارة والسعي تحلل أيضا لان الصد يفيد التحلل من جميعه فمن بعضه أولي وله أن يبقى على إحرامه فإن لحق أيام منى رمى وحلق وذبح وإن لم يلحق أمر من ينوب عنه في ذلك فإذا تمكن اتى مكة فطاف طواف الحج وسعى وتم حجه أيضا ولا قضاء عليه وإن لم يتمم على إحرامه حتى يطوف ويسعى وتحلل كان عليه الحج من قابل ليأتي بأركان الحج من الطواف والسعي أما لو طاف وسعى ومنع من المبيت بمنى والرمي فإن حجه تام لما تقدم ولو تمكن من المبيت وصد عن الموقفين أو عن أحدهما جاز له التحلل للعموم فإن لم يتحلل وأقام على إحرامه حتى فاته (الوقوف فقد فاته صح) الحج وعليه أن يتحلل بعمرة ولا دم عليه لفوات الحج وهل يجوز له فسخ نية الحج إلى العمرة قبل الفوات إشكال قال بعض الجمهور لأنا أبحنا له ذلك من غير صد فمعه أولى ولا دم عليه ولو طاف وسعى للقدوم ثم صد حتى فاته الحج طاف وسعى ثانيا لعمرة أخرى ولا يجتزى بالأول لأنه لم يقصد به طواف العمرة ولا سعيها بل يجزى بالاحرام الأول ولا يجدد إحراما آخر وبه قال احمد والشافعي وأبو ثور وقال مالك يخرج إلى الحل فيفعل ما يفعله المعتمر وقال الزهري لابد أن يقف بعرفه وقال محمد بن الحسن لا يكون محصرا بمكة. مسألة. إذا تحلل وفاته الحج وجب عليه القضاء في القابل إن كان الحج الفايت واجبا كحجة الاسلام والنذر وغيره ولا يجب قضاء النفل عند علمائنا وكذا العمرة يجب قضاء الواجب منها كعمرة الاسلام والنذر وغيره ولو كان نفلا لم يجب القضاء لأصالة براءة الذمة وقال الشافعي لا قضاء عليه بالتحلل فإن كانت حجة تطوع (أو عمرة تطوع صح) لم يلزمه قضاؤها بالتحلل وإن كان حجة الاسلام أو عمرته وكانت قد استقرت في ذمته قبل هذه السنة فإذا خرج منها بالتحلل فكأنه لم يفعلها وكان باقيا في ذمته على ما كان عليه وإن وجبت في هذه السنة سقط وجوبها ولم تستقر لفقدان بعض شرايط الحج فحينئذ التحلل بالصد لا يوجب القضاء بحال وبه قال مالك واحمد في إحدى الروايتين وقال أبو حنيفة إذا تحلل لزمه القضاء ثم إن كان إحرامه بعمرة مندوبة قضاها واجبا وإن كان بحجة مندوبة فاحصر تحلل وعليه أن يأتي بحجة وعمرة (وإن كان قرن بينهما فاحصر وتحلل لزمه حجة وعمرتان عمرة لأجل العمرة وحجة وعمرة صح) لأجل الحج ويجئ على مذهبه إذا أحرم بحجتين فإنه ينعقد بهما وإنهما ينتقض عن أحدهما إذا أخذ في السير فإن احصر قبل أن يسير تحلل منهما ولزمه حجتان وعمرتان. مسألة.
لا فرق بين الصد العام وهو الذي يصده المشركون وأصحابه وبين الصد الخاص كالمحبوس بغير حق ومأخوذ اللصوص وحده لعموم النص ووجود المقتضى لجواز التحلل وكذا يجب في (القضاء صح) كل موضع يجب فيه الصد العام وما لا يجب هناك لا يجب هنا وهو إحدى قولي الشافعي لأصالة البراءة والعمومات وفي الثاني يجب القضاء والمحبوس بدين إن كان قادرا على أدائه فليس بمصدود وليس له التحلل وإن كان عاجزا تحلل وكذا يتحلل لو حبس ظلما ولو كان عليه دين مؤجل يحل قبل قدوم الحاج فمنعه صاحبه من الحج كان له التحلل لأنه معذور لعجره ولو أحرم العبد مطلقا أو الزوجة تطوعا بغير إذن السيد والزوج كان لهما منعهما من الاتمام وتحللا من غير دم وكل موضع جوزنا فيه التحلل من إحرام الحج يجوز التحلل من إحرام العمرة وهو قول أكثر العلماء خلافا لمالك فإنه قال لا يحل من إحرام العمرة لأنها لا يفوت. مسألة. يستحب له تأخير الاحلال لجواز زوال العذر فإذا أخر وزال العذر قبل تحلله وجب عليه إتمام نسكه إجماعا لقوله تعالى " وأتموا الحج والعمرة لله " ولو خشى الفوات لم يتحلل وصبر حتى يتحقق ثم يتحلل بعمرة فلو صابر ففات الحج لم يكن له التحلل بالهدى بل بعمرة ويقضى واجبا إن كان واجبا وإلا فلا ولو فات الحج ثم زال الصد بعده قال بعض العامة يتحلل بالهدى وعليه هدى اخر للفوات وقال الشيخ (ره) يتحلل بعمرة ولا يلزمه دم لفوات الحج ولو غلب على ظنه انكشاف العدو قبل الفوات جاز له أن يتحلل للعموم لكن الأفضل البقاء على إحرامه فإن فات الوقوف أحل بعمرة ولو أفسد حجه فصد كان عليه بدنه ودم التحلل والحج من قابل ولو انكشف العدو في وقت يتسع لاستيناف القضاء وجب وهو حج يقضى لسنته ولو ضاق الوقت قضى من قابل وإن لم يتحلل من الفاسد فإن زال الصد والحج لم يثبت مضى في الفاسد وتحلل كالصحيح وإن فاته تحلل بعمرة وتلزمه بدنه الافساد ولا شئ عليه للفوات والقضاء من قابل واجب سواء كان الحج واجبا أو ندبا ولو كان العدو باقيا فله التحلل فإذا تحلل لزمه دم التحلل بدنة الافساد والقضاء من قابل وليس عليه أكثر من قضاء واحد ولو صد فافسد حجه جاز له التحلل للعموم وعليه دم التحلل وبدنه الافساد والحج ويكفيه قضاء واحد. مسألة ينبغي للمحرم أن يشترط على ربه حالة الاحرام