العمرة المبتولة تجوز في جميع أيام السنة بغير خلاف بين علماء الأمصار لما رواه العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال عمرة في رمضان تعدل حجة واعتمر (ع) في شوال وفى ذي القعدة واعتمرت عايشة من التنعيم ليلة المحصبة وهي الليلة التي يرجعون فيها من منى إلى مكة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام السنة إثنا عشر هلالا يعتمر لكل شهر عمرة ولأنها عبادة لها تحريم وتحليل وكان من جنسها عبادة غير موقتة كالصلاة مسألة المتمتع إذا دخل مكة وخاف فوات الوقت لو أكملها جاز له ان ينقل بنيته إلى الافراد ليدرك أحد الموقفين ثم يعتمر عمرة مفردة بعد إتمام الحج وكذا الحايض والنفساء لو منعهما عذرهما من التحلل وانشاء إحرام الحج نقلتا حجتهما إلى الافراد واعتمرتا بعده لان التكليف منوط بالقدرة ولما رواه جميل (بن دراج) عن الصادق عليه السلام قال سألته عن المرأة الحايض إذا قدمت مكة يوم التروية قال تمضى كما هي إلى عرفات فتجعلها حجة مفردة ثم تقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم وتجعلها عمرة إذا عرفت هذا فلو غلب على ظنها انها تطهر وتدرك الوقوف (الموقف) صبرت على إحرام المتعة إلى أن تطهر ثم تطوف وتتم متعتها لان أبا بصير سأل الصادق عليه السلام عن المرأة تجئ متمتعة فتطمث قبل ان تطوف بالبيت فيكون طهرها ليلة عرفة فقال إن كانت تعلم أنها تطهر وتطوف بالبيت وتحل من احرامها وتلحق بالناس فلتفعل البحث الثالث في المواقيت والنظر في أمرين الأول تعينها مسألة المواقيت ستة وقد أجمع العلماء كافة على أن رسول الله صلى الله عليه وآله نص على أربعة مواقيت وهي ذو الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم وروى العامة عن ابن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وآله ذا الحليفة لأهل المدينة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم قال فهي لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن فمن كان يريد الحج والعمرة فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك أهل مكة يهلون منها ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام من تمام الحج والعمرة أن تحرم من المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله لا تجاوزها إلا وأنت محرم فإنه وقت لأهل العراق ولم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل أهل العراق ووقت لأهل اليمن يلملم ووقت لأهل الطايف قرن المنازل ووقت لأهل المغرب الجحفة وهي مهيعة ووقت لأهل المدينة ذا الحليفة ومن كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فوقته منزله وأما ميقات أهل العراق فقد اتفقوا على أنه لو أحرم من ذات عرق أحرم من الميقات وكان أنس يحرم من العقيق واستحسنه الشافعي وابن المنذر وابن عبد البر واختلفوا في ثبوته قال العلماء انه يثبت بالنص من النبي صلى الله عليه وآله وهو مذهب أهل البيت عليهم السلام وبه قال احمد وأصحاب أبي حنيفة لما رواه العامة عن ابن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل العراق ذات عرق ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سأله أبو أيوب الخزاز في الصحيح حدثني عن العقيق أ وقت (وقته) رسول الله صلى الله عليه وآله أو شئ صنعه الناس فقال عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ووقت لأهل المغرب الجحفة وهي عندنا مكتوبة مهيعة ووقت لأهل اليمن يلملم ووقت لأهل الطايف قرن المنازل ووقت لأهل نجد العقيق وما أنجدت وقال قوم انه ثبت قياسا لان أهل العراق كانوا مشركين ولا حجة فيه لعلمه عليه السلام بأنهم مسلمون أو يمر على هذا الميقات مسلمون مسألة من كان منزله دون الميقات فميقاته منزله باجماع العلماء خلافا لمجاهد فإنه قال يهل بمكة وهو خطأ لما رواه العامة عن علي عليه السلام وابن مسعود وعمر في قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله قالوا إتمامها ان تحرم بهما من دويرة أهلك وعن النبي صلى الله عليه وآله فهي (في) قوله فمن كان دونهن فمهله من أهله ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام ومن كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فوقته منزله مسألة ميقات أهل المدينة ذو الحليفة وهو مسجد الشجرة اختيارا وهو على عشرة مراحل من مكة وعن المدينة ميل وعند الضرورة الجحفة روى العامة عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله يقول مهل أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر من الجحفة ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال الاحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله لا ينبغي لحاج ولا لمعتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها وقت لأهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة الحديث وفى الصحيح عن الحلبي قال سألته من أين يحرم الرجل إذا جاوز الشجرة فقال من الجحفة إلا محرما وكان الصادق عليه السلام عليلا فأحرم من الجحفة مسألة العقيق ميقات أهل العراق وكل جهاته ميقات من أين أحرم جاز لكن الأفضل الاحرام من المسلخ وتليه عمرة وآخره ذات عرق روى العامة عن ابن عباس ان رسول الله وقت لأهل المشرق العقيق قال ابن عبد البر العقيق أولي وأحوط من ذات عرق وذات عرق ميقاتهم بالاجماع ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال وقت رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل العراق العقيق أوله المسلخ ووسطه غمرة وآخره ذات عرق وأوله أفضل واعلم أن أبعد المواقيت ذو الحليفة على عشرة مراحل من مكة وتليه في البعد الجحفة والمواقيت الثلاثة على مسافة واحدة بينهما وبين مكة ليلتان قاصدتان مسألة المواقيت المذكورة مواقيت لأهلها ولمن مر بها ممن يريد الحج أو العمرة فإذا حج الشامي من المدينة فجاز على ذي الحليفة أحرم منها وإن حج من اليمن فميقاته يلملم وإن حج من العراق فميقاته العقيق وكذا غيرها ولا نعلم فيه خلافا لما روى العامة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن طريق الخاصة قول الكاظم عليه السلام من دخل المدينة فليس له ان يحرم إلا من المدينة ولان التكليف بالمضي إلى ميقات بلدة ضرر فيكون منفيا مسألة الصبى ميقاته هذه المواقيت ويجوز ان يجرد من فخ وان يؤخر إحرامهم إليه لما رواه معاوية بن عمار قال سمعت الصادق عليه السلام يقول قدموا من كان معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مرو ثم يصنع بهم ما يصنع بالمحرم ويطاف بهم ويسعى بهم ومن لم يجد منهم هديا صام عنه وليه وسأل أبو أيوب الصادق عليه السلام عن الصبيان أين تجردهم للاحرام فقال كان أبى يجردهم من فخ مسألة ميقات عمرة التمتع هذه المواقيت وميقات حجة مكة لا غير فان أحرم من غير مكة اختيارا لم يجزئه وكان عليه العود إلى مكة لانشاء الاحرام ذهب إليه علماؤنا وقال احمد يخرج إلى الميقات فيحرم منه للحج وليس بصحيح لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله دخل على عايشة وهي تبكى قال لها أهلي بالحج وكانت بمكة وأمر أصحابه بالاحرام من مكة لما فسخوا الحج ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إذا كان يوم التروية إلى أن قال وادخل المسجد إلى أن قال فأحرم بالحج إذا عرفت هذا فلو أحرم من غير مكة لم يجزئه وكان عليه العود إلى مكة لانشاء الاحرام لان النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه بالاحرام من مكة وقال الشافعي يجوز ان يخرج إلى إحدى المواقيت فيحرم بالحج منه ويجوز أن يحرم من أي موضع كان من مكة لأنها كلها ميقات لكن الأفضل الاحرام من المسجد وأفضله تحت الميزاب وفى مقام إبراهيم عليه السلام ولو خرج من مكة بغير إحرام ناسيا أو جاهلا رجع إليها وأحرم منها فان عرض له مانع أحرم من موضعه ولو بعرفات وكذا في الخايف من الرجوع مسألة هذه المواقيت المذكورة مواقيت للحج على ضروبه وللعمرة المفردة إجماعا إذا قدم مكة حاجا أو معتمرا أما المفرد والقارن إذا قضيا مناسك الحج وأرادا الاعتمار أو غيرهما ممن يريد الاعتمار فإنه يلزمه ان يخرج إلى أدنى الحل فيحرم بالعمرة المفردة ثم يعود إلى مكة للطواف والسعي لان النبي صلى الله عليه وآله لما أرادت عايشة ان تعتمر بعد التحلل من الحج أمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم وهو من الحل ولو خرج إلى أحد المواقيت فأحرم منه جاز لكن خفف منه بالاحرام من أدنى الحل وينبغي ان يحرم من الجعرانة فان النبي صلى الله عليه وآله اعتمر منها فان فاتته فمن التنعيم لان النبي صلى الله عليه وآله أمر عايشة بالاحرام منها فان فاته فمن الحديبية لان النبي صلى الله عليه وآله لما قفل من خيبر أحرم من الجعرانة النظر الثاني في أحكام المواقيت مسألة لا يجوز الاحرام قبل الميقات عند علمائنا إلا لنادر على خلاف ولمريد العمرة في رجب إذا خاف فواته وأطبق العامة على جوازه واختلفوا في الأفضل فقال مالك الأفضل الاحرام من الميقات ويكره قبله وبه قال عمر وعثمان والحسن وعطا ومالك واحمد وإسحاق وقال أبو حنيفة الأفضل الاحرام من بلده
(٣٢٠)