فالوجه وجوب ما ضمنه خاصة دون الزايد أو الناقص وإن كان قد فرط بالتأخير حتى انخفض السوق أو ارتفع أما لو لم يقوم ثم ارتفع السوق أو انخفض اخرج القيمة وقت الاخراج مسألة قد بينا ان الزكاة متعلق بالعين لسقوطها بتلف المال بعد الحول قبل امكان الأداء ولقوله في أربعين شاة شاة وهل يصير أهل السهمين بقدر الزكاة شركاء لرب المال الأقرب المنع وهو أحد قولي الشافعي وإلا لما جاز للمالك الاخراج عن غيره ويحتمل ضعيفا الشركة وبه قال مالك والشافعي في الآخر لان للامام أخذها من عين النصاب قهرا إذا امتنع المالك من الأداء ولا حجة فيه لجواز أخذ المماثل للحق من الممتنع فعلى عدم الشركة لا خلاف في أن الزكاة متعلق بالمال فيحتمل تعلق الدين بالرهن إذ لو امتنع المالك من الأداء ولم يشتمل المال على الواجب باع الامام بعض النصاب فيه كما يباع المرهون في الدين وتعلق الأرش برقبة الجاني لأنها تسقط بهلاك النصاب كما تسقط الأرش بهلاك الجاني والأخير مروى عن أبي حنيفة واحمد ولا فرق في جريان هذه الاحتمالات بين أن يكون الواجب من جنس المال أو من غير جنسه فإذا باع النصاب بعد الحول وقبل الاخراج فالبيع في قدر الزكاة يبنى على الأقوال فمن أوجبها في الذمة جوز البيع ومن جعل المال مرهونا فالأقوى الصحة وهو أصح قول الشافعي لأنه تعلق ثبت بغير اختيار المالك ولا يثبت لمعين فيسامح فيه بما لا يسامح في ساير الرهون وان قيل بالشركة فالأقوى الصحة أيضا وهو أضعف قولي الشافعي على تقديره لعدم استقرار حق المساكين فان له اسقاطه بالاخراج من غيره وأصحها عنده المنع لانهم شركاء وان قيل تعلق أرش الجاني ابتنى على بيع الجاني والوجه ما قلناه من صحة البيع مطلق ويبيع الساعي المال إن لم يؤد المالك فينفسخ البيع فيه على ما تقدم ولو لم يؤد المالك من غيره ولم يأخذ الساعي من العين كان للمشترى الخيار لتزلزل ملكه ويعرض الساعي به متى شاء وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا خيار لحصول الملك في الحال وقد يؤدى المالك الزكاة من غيره ولو دفع المالك الزكاة من موضع اخر سقط خيار المشترى لزوال العيب ويحتمل ثبوته لامكان أن يخرج المدفوع مستحقا فيبيع الساعي المال ولو اخرج الزكاة ثم باع فلا خيار ولو قلنا ببطلان البيع في قدر الزكاة كما اختاره الشيخ والشافعي صح البيع في الباقي فللمشتري الخيار ولا يسقط خياره بأداء الزكاة من موضع اخر لأن العقد في قدر الزكاة لا ينقلب صحيحا بذلك مسألة لو ادعى المالك تلف النصاب أو إبداله في الحول أو عدم انتهاء الحول قبل قوله من غير يمين سواء في ذلك السبب الظاهر والخفى وسواء ادعى ما هو الظاهر أو خلافه وهو أحد قولي الشافعي لأنه أمين فيما في يده لان الزكاة تجب على طريق المواساة والرفق فقبل قوله فيه والقول الثاني للشافعي ان ادعى الظاهر مثل عدم حولان الحول كان القول قوله ولا تجب اليمين بل يستحب أن يعرضها الساعي عليه للاستظهار وزوال التهمة فان حلف فلا كلام وان امتنع لم يطالبه بشئ لان اليمين ليست واجبة بخلاف المستودع إذا ادعى التلف أو الرد فان اليمين تجب وإن كان أمينا لان الوديعة حق لآدمي المتعين فكانت مبينه على التضيق والزكاة حق لله تعالى وجبت على طريق المواساة ولا يتعين فيها حق الآدمي وإنما هو جهة لصرفها فافترقا وإن كان الظاهر مع الساعي مثل أن يدعى ابدال النصاب أو انه باعه ثم اشتريه أو ادعى انه كان وديعة ستة أشهر ثم ملكه أو ادعى دفع الزكاة إلى غير هذا الساعي فان الأصل عدم ما ذكره إلا أن القول قوله لأنه أمين وفى وجوب اليمين وجهان الوجوب لأنه خلاف الظاهر وليس بجيد لما تقدم وعدمه بل هي استظهار مستحب فعلى الأول لو امتنع طولب بالزكاة ولا يحلف الساعي لأنه نائب عن الفقراء والنايب كالوكيل لا يحلف ولا يمكن احلاف الفقراء لعدم تعينهم قبل الدفع ثم اعترض على نفسه بان الحكم لا يثبت بالنكول وقد ثبت هنا وأجاب بأن الحكم ليس بالنكول بل بوجود النصاب في يده حولا وإنما يقبل قوله مع يمينه في اسقاطها فإذا لم يخلف أخذ منه بالسبب المتقدم كما لو امتنعت من اللعان حدت بلعان الزوج لا بنكولها وعلى الثاني إذا امتنع لم يطالب بالزكاة تذنيب لو شهد عليه عدلان ببقاء عين النصاب أو بإقراره بما ينافي دعواه المسقطة للزكوة سمعت وألزم بالزكاة مسألة لو عزل الزكاة فتلف قبل ان يسلمها إلى أهلها إما المستحق أو الامام والساعي فإن كان بعد امكان الأداء ضمن ولم تسقط عنه ووجبت عليه شاة أخرى لا قيمة التالفة وإن كانت أزيد وإن كانت قبل امكان الأداء فالوجه عندي السقوط وبه قال مالك لأنها أمانة في يده فإذا تلفت لم يضمن كالساعي ولأنه حق يتعين بتعينه فإذا تلف لم ينتقل إلى غيره لأصالة البراءة وقال الشافعي لا تسقط لان المال في يده مشترك فلا يتميز حق غيره بفعله كالمشترك والأولى ممنوعة نعم على تقدير قوله بأن امكان الأداء شرط في الوجوب يسقط الفرض وعلى تقدير انه شرط الضمان يسقط بقدر ما تلف ووجب الباقي مسألة لو كان عنده أجناس مختلفة يقصر كل منها عن النصاب لم تجب الزكاة وإن كانت لو جمعت زادت عند علمائنا أجمع سواء في ذلك المواشي والغلاة والنقدان وقد وقع الاتفاق على عدم ضم جنس إلى جنس اخر في غير الحبوب والأثمان فالماشية ثلاثة أجناس الإبل والبقر والغنم لا يضم جنس منها إلى الاخر والاثمار لا يضم جنس إلى غيره فلا يضم التمر إلى الزبيب ولا تضم الأثمان إلى شئ من السائمة ولا من الحبوب والثمار ولا خلاف في أنواع الأجناس بضم بعضها إلى بعض في اكمال النصاب ولا خلاف في أن العروض للتجارة والأثمان لها يضم بعضها إلى بعض إلا أن الشافعي لا يضمها إلى جنس ما اشتريت به لان نصابها معتبر به واختلف الجمهور في ضم الحبوب بعضها إلى بعض وفى ضم أحد النقدين إلى الآخر فعن احمد ثلاث روايات أحدها كقولنا بعدم الضم مطلقا ويعتبر النصاب في كل جنس منها وبه قال عطا ومكحول وابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري والحسن بن صالح بن حي وشريك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي لأنها أجناس فاعتبر النصاب في كل جنس منها منفردا كالثمار والمواشي وقال عكرمة واحمد في رواية وحكاه ابن المنذر عن طاوس ان الحبوب كلها يضم بعضها إلى بعض في إكمال النصاب قال أبو عبيد لا نعلم أحدا من الماضين جمع بينهما إلا عكرمة لقوله (ع) لا زكاة في حب ولا تمر حتى يبلغ خمسة أوسق وقال مالك والليث واحمد في رواية يضم الحنطة إلى الشعير والقطنيات بعضها إلى بعض وفى ضم الذهب إلى الفضة عن أحمد روايتان فعلى الضم يؤخذ من كل جنس على قدر ما يخصه ولا يؤخذ من جنس عن غيره إلا الذهب والفضة فإن في اخراج أحدهما عن الاخر روايتان المقصد الثالث فيما تستحب فيه الزكاة وفيه فصلان الأول في مال التجارة وفيه بحثان الأول في تحقق ماهية مال التجارة مسألة مال التجارة هو المملوك بعقد معاوضة للاكتساب عند التملك فقصد التجارة لا بد منه فلو لم يقصد أو قصد القنية ابتداء أو انتهاء لم يصر مال التجارة و لا يكفي مجرد النية دون الشراء واقتران القصد بالملك فلو كان يملك عرضا للقنية فقصد التجارة بعد ذلك لم يصر للتجارة ولم ينعقد الحول عليه وبه قال الشافعي واحمد في رواية لان الأصل القنية والتجارة عارض فلم ينصرف إليها بمجرد النية كما لو نوى الحاضر السفر لم يثبت له حكم بدون الفعل وعن أحمد رواية بأن العرض يصير للتجارة بمجرد النية لقول سمرة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله ان نخرج الصدقة مما يعد للبيع وبالنية يصير معدا للبيع وليس بجيد فان النزاع وقع في أن المنوي هل هو معد للبيع أم لا وفى وجه للشافعي انه يصير بالقصد مال التجارة كما لو كان عنده عرض للتجارة فنوى جعله للقنية انه يصير للقنية والفرق ما تقدم من أن الأصل الاقتناء والتجارة عارضة ومجرد النية يعود حكم الأصل ولا يزول حكم الأصل بمجردها مسألة ويشترط أن يملكه
(٢٢٦)