المشترك وثبوت الحكم في الأصل ممنوعان مسألة قد بينا انه لا يجوز لمن استقر الحج في ذمته أن يحج تطوعا ولا نذرا ولا نيابة حتى يؤدى حجة الاسلام ويحصل الاستقرار بمضي زمان يمكنه فيه الحج مع الاهمال واجتماع الشرايط ولو حصلت الشرايط فتخلف عن الرفقة ثم مات قبل حج الناس تبين عدم الاستقرار لظهور عدم الاستطاعة وانتفاء الامكان وهو مذهب أكثر الشافعية وقال بعضهم يستقر الحج عليه ولو مات بعد ما يحج الناس استقر الوجوب عليه ووجب الاستيجار عنه من صلب تركته وليس رجوع القافلة شرطا حتى لو مات بعد انتصاف ليلة النحر ومضى زمان يمكنه المسير إلى منى والرمي بها والى مكة والطواف للنساء استقر الفرض عليه ويحتمل مضى زمان يمكنه فيه الاحرام ودخول الحرم ولو ذهب ماله بعد رجوع الحاج أو مضى إمكان الرجوع استقر الحج ولو تلف المال بعد الحج قبل عودهم وقبل مضى إمكان عودهم لم يستقر الحج أيضا لان نفقة الرجوع لا بد منها في الشرايط وللشافعية وجهان هذا أحدهما والثاني الاستقرار كما في الموت وليس بجيد لما بينا من اشتراط نفقة الرجوع هنا بخلاف الميت فإنه لا رجوع في طرفه إذ بموته استغنى عن المال للرجوع وهنا نفقة الرجوع لا بد منها ولو أحصر الذين يمكنه الخروج معهم فتحللوا لم يستقر الفرض عليه ولو سلكوا طريقا آخر فحجوا استقر وكذا إذا حجوا في السنة التي بعدها إذا عاش وبقى ماله وإذا دامت الاستطاعة وتحقق الامكان ولم يحج حتى مات عصى عندنا ووجب القضاء من صلب ماله لان الحج مضيق خلافا للشافعي حيث لم يوجب الفورية عليه ولأصحابه وجهان أحدهما انه يقضى وإلا لارتفع الحكم بالوجوب والمجوز إنما هو التأخير دون التفويت والثاني لا يقضى لأنا جوزنا له التأخير قالوا والأظهر إنه لو مات في وسط وقت الصلاة قبل أدائها لم يعص والفرق ان وقت الصلاة معلوم فلا ينسب إليه التقصير ما لم يؤخر عنه وفى الحج أبيح له التأخير بشرط أن لا يبادر الموت فإذا مات قبل الفعل اشعر الحال بالتواني والتقصير ويجرى الوجهان فيما إذا كان صحيح البدن ولم يحج حتى طرأ العضب والأظهر المعصية ولا نظر إلى إمكان الاستنابة فإنها في حكم بدل والأصل المباشرة فلا يجوز ترك الأصل مع القدرة عليه وقال بعض الشافعية إن كان من وجب عليه الحج شيخا مات عاصيا وإن كان شابا فلا وهل تتضيق الاستنابة عليه لو صار معضوبا الوجه عندنا ذلك لوجوب الفورية في الأصل فكذا في بدله وللشافعي وجهان هذا أحدهما لخروجه بتقصيره عن استحقاق الترفه والثاني له التأخير كما لو بلغ معضوبا عليه الاستنابة على التراخي وفى قضاء الصوم إذا تعدى بتفويته هذان الوجهان هل هو الفور أو لا وعلى ما اخترناه من وجوب الفورية لو امتنع أجبره القاضي على الاستنابة كما لو امتنع من أداء الزكاة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يجبره لان الامر في ذلك موكول إلى دين الرجل وعلى ما اخترناه من وجوب الفورية يحكم بعصيانه من أول سنة الامكان لاستقرار الفرض عليه يومئذ وللشافعية وجهان أحدهما وأظهرهما من آخر سنة الامكان لجواز التأخير إليها وفيه وجه ثالث لهم الحكم بكونه عاصيا من غير أن يسند إلى وقت معين فتظهر الفايدة بكونه عاصيا إنه لو كان قد شهد عند الحاكم ولم يقض بشهادته حتى مات لا يقضى كما لو بان فسقه ولو قضى بشهادته بين الأولى من سنى الامكان وآخرها نقض الحكم عندنا وللشافعي قولان فان حكم بعصيانه من آخرها لم ينقض ذلك الحكم بحال وإن حكم بعصيانه من أولها ففي نقضه قولان مبنيان على ما إذا بان فسق الشهود مسألة يجب الترتيب في الحج فيبدأ بحجة الاسلام ثم بالقضاء ثم بالنذر ثم بالتطوع فلو غير الترتيب وقع على هذا الترتيب ولغت نيته عند الشافعي والوجه البطلان على ما سبق وصورة إجتماع حجة الاسلام والقضاء عند الشافعية ان يفسد الرقيق حجة ثم يعتق فعليه القضاء ولا يجزيه عن حجة الاسلام وكذا عندنا وأيضا لو استؤجر الصرورة أو حج تطوعا فأفسد وكذا تقدم حجة الاسلام على حجة النذر لان حجة الاسلام واجبة بالأصالة الشرعية بخلاف حجة النذر الواجبة تبرعا من المكلف ولو اجتمع القضاء والنذر والتطوع وحجة الاسلام قدمت حجة الاسلام ثم القضاء الواجب بأصل الشرع ومن عليه حجة الاسلام أو النذر أو القضاء لا يجوز أن يحج عن غيره مع تمكنه عندنا ومطلقا عند الشافعي وأبو حنيفة ومالك وافقنا على ما قلناه ولو استؤجر الصرورة فنوى الحج عن المنوب فإن كان قد وجب عليه الحج وتمكن من فعله بطلت حجته عن نفسه وعن المنوب وعند الشافعية تقع عن المنوب وتلقوا نيته عن نفسه ولو نذر الصرورة أن يحج في هذه السنة ففعل فإن كان قد تمكن بطل حجه ولم يجزء من حجة الاسلام لعدم نيتها ولا عن النذر لوجوب صرف الزمان إلى حجة الاسلام وقال الشافعي تقع عن حجة الاسلام وخرج عن نذره لأنه ليس في نذره إلا تعجيل ما كان له أن يؤخره ولو استؤجر الصرورة للحج في الذمة جاز ثم يجب أن يبدأ بالحج عن نفسه إن تمكن وحصلت الاستطاعة ثم يحج عن المنوب في السنة الأخرى أما لو استؤجر معينا لهذه السنة وهو مستطيع لم يصح لأن هذه السنة يجب صرفها في حجة الاسلام ولو استؤجر للسنة الثانية جاز عندنا خلافا للشافعي حيث يشترط اتصال مدة الإجارة بمدة العقد وسيأتى البحث معه وإذا فسدت الإجارة فإن كان المستأجر ظن أنه قد حج فبأن صرورة لم يستحق الأجير أجرة لتغريره وإن علم أنه صرورة وقال يجوز في اعتقادي ان يحج الصرورة عن غيره قال الشافعي صح حج الأجير ويقع لنفسه ولكن في استحقاقه أجرة المثل قولان مسألة القران عندنا أن يقرن إلى إحرامه سياق الهدى ولا يجوز أن يقرن في إحرامه بين حجتين ولا بين عمرتين ولا بين حجة وعمرة خلافا للعامة فلو استؤجر من حج ولم يعتمر للحج وللعمرة من اعتمر ولم يحج فقرن الأجير وأحرم بالنسكين جميعا عن المستأجر أو أحرم بما استؤجر له عن المستأجر وبالآخر عن نفسه لم يصح عندنا ولا يستحق أجرا لفساد الفعل وللشافعي قولان الجديد انهما يقعان عن الأجير لان نسكي القران لا يفترقان ولا يمكن صرف ما لم يأمر به المستأجر إليه والثاني ان ما استؤجر له يقع عن الأجير وعلى القولين لو استأجر رجلان من حج واعتمر أحدهما ليحج عنه والآخر ليعتمر عنه فقرن عنهما فعلى الأول يقعان عن الأجير وعلى الثاني يقع عن كل واحد منهما ما استأجره له ولو استأجر المعضوب رجلين ليحجا عنه في سنة واحدة أحدهما حجة الاسلام والآخر حجة القضاء أو النذر صح عندنا وللشافعية وجهان أحدهما لا يجوز لان حجة الاسلام لم تتقدم على غيرها والأظهر الجواز لان غيرها لم يتقدم عليها وهذا القدر كاف في الترتيب فعلى أول الوجهين لو اتفق احرام الأجيرين في الزمان انصرف إحرامهما إلى نفسهما وان سبق إحرام أحدهما وقع ذلك عن حجة الاسلام عن المستأجر وانصرف إحرام الآخر إلى نفسه ولو أحرم الأجير عن المستأجر ثم نذر حجا نظر إن نذر بعد الوقوف لم ينصرف حجه إليه ووقع عن المستأجر وإن نذر قبله فوجهان أظهرهما انصرافه إلى الأجير والحق عندنا وقوعه عن المستأجر ولو أحرم الرجل بحج تطوع ثم نذر حجا بعد الوقوف لم ينصرف إلى النذر وإن كان قبله فعلى الوجهين مسألة العبادات قد تقبل النيابة على بعد لكن جازت في الحج عند العجز عن المباشرة إما بموت أو كبر لا يتمكن معه الركوب والتثبت على الدابة أو زمانة أو عضب كذلك أو مرض لا يرجى زواله أما الموت فلما روى أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت إن أمي ماتت ولم تحج فقال حجى عن أمك وروى ابن عباس ان رجلا قال يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن أختي نذرت أن تحج وماتت قبل أن تحج أفأحج عنها فقال صلى الله عليه وآله لو كان على أختك دين أكنت قاضيه قال نعم قال فاقضوا حق الله فهو أحق بالقضاء وقال أبو حنيفة ومالك ان لم يوص لا يحج عنه ويسقط فرضه بالموت ونحن نقول إن كان الميت قد وجب عليه الحج واستقر وفرط في أدائه وجب ان يستأجر عنه سواء أوصى به أو لم يوص ويستوى فيه الوارث والأجنبي كقضاء الدين وهو قول الشافعي وأما الكبر فلما رواه ابن عباس إن امرأة من خثعم قالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبى شيخا كبيرا لا يستطيع ان يستمسك على الراحلة فأحج عنه قال نعم والمعتبر أن لا يثبت على الراحلة أصلا أو لا يثبت إلا بمشقة شديدة ومقطوع اليدين أو الرجلين إذا أمكنه التثبت على الراحلة من غير مشقة
(٣١١)