أجزأ عما كان عنه الأداء لو لم يفسده فهذا القضاء الذي أفسده إذا أتى بعده بالقضاء أجزء عما كان يجزى عنه الفاسد لو كان صحيحا ولو كان صحيحا سقط به قضاء الأول كذلك إذا قضاه وهذا يقضى أن يكون هذا القضاء عن القضاء الفاسد مسألة لو عقد المحرم لمحرم على امرأة ودخل المحرم وجبت على العاقد الكفارة كما تجب على الواطي وكذا لو كان العاقد محلا لرواية سماعة عن الصادق (ع) قال لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما يعلم أنه لا يحل له قلت فإن فعل فدخل بها المحرم وقال إن كانا عالمين فإن على كل واحد منهما بدنه وعلى المرأة إن كانت محرمة وإن لم تكن محرمة فلا شئ عليها إلا أن يكون قد علمت أن الذي تزوجها محرم فإن كانت علمت ثم تزوجته فعليها بدنه مسألة لو نظر إلى غير أهله فأمنى لم يفسد حجه ووجب عليه بدنة فإن عجز فبقرة فإن عجز فشاة عند علمائنا وبعدم الافساد قال ابن عباس وأبو حنيفة والشافعي واحمد لأنه أنزال عن غير مباشرة فأشبه الانزال عن الفكر والاحتلام وقال مالك إن ردد النظر حتى أمنى وجب عليه الحج من قابل وبه قال البصري وعطا لأنه إنزال بفعل محظور فأشبه الانزال بالمباشرة والفرق إن المباشرة أبلغ في اللذة وآكد في استدعاء الشهوة والفاحشة فيها أعظم ولو نظر إلى غير أهله ولم يكرر النظر أو كرره حتى أمنى وجب عليه البدنة عندنا لأنه إنزال بفعل محظور فأوجب البدنة كالجماع فيما دون الفرج لقول الباقر (ع) في رجل محرم نظر إلى غير أهله فأنزل عليه جزور أو بقرة فإن لم يجد فشاة وقال ابن عباس واحمد في روايتين إن كرر النظر وجب بدنة وإن لم يكرر فشاة وقال في الأخرى وتجب شاة مطلقا وهو قول سعيد بن جبير و إسحاق وقال أبو ثور لا شئ عليه مطلقا وبه قال أبو حنيفة حكاه عنه الشافعي ولو كرر النظر حتى أمذى لم يجب عليه شئ لأصالة براءة الذمة وقال احمد يجب به دم لأنه جزء من المنى و ليس بشئ ولو كرر النظر ولم يقترن به منى ولا مذى لم يكن عليه شئ ولا نعلم فيه خلافا إلا رواية عن أحمد إنه من جرد امرأته ولم يكن منه غير التجريد أن عليه شاة وليس بشئ ولو فكر فأنزل لم يكن عليه شئ لان الفكر يعرض الانسان من غير اختيار فلا تتعلق به عقوبة مسألة لو نظر إلى أهله من غير شهوة لم يكن عليه شئ سواء أمنى أو لا لان النظر إلى الزوجة سايغ بخلاف الأجنبية ولان معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم قال لا شئ عليه وإن نظر إليها بشهوة أو مستها فأمنى كان عليه بدنة عند علمائنا ولم يفرق العامة بين الزوجة والأجنبية بل حكموا بما قلناه عنهم أولا مطلقا لقول الصادق عليه السلام في الصحيح ومن نظر إلى امرأته نظرة بشهوة فأمنى فعليه جزور مسألة لو مس امرأته بشهوة فعليه شاة سواء أمنى أو لم يمن وإن كان بغير شهوة لم يكن عليه شئ سواء أمنى أو لم يمن وكان حجة صحيحا على كل تقدير سواء كان ذلك قبل الوقوف بالموقفين أو بعده عند علمائنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنه استمتاع لا يجب بنوعه الحد فلا يفسد الحج كما لو أنزل وإنما وجب الشاة لأنه فعل محرما في إحرامه فوجب الفدية ولان محمد بن مسلم سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن رجل حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى فقال إن حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم يهريقه فإن حملها أو مسها بغير شهوة فأمنى أو لم يمن فليس عليه شئ وقال مالك إذا أنزل مع المس فسد حجة وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنها عبادة يفسدها الوطي فأفسدها الانزال عن المباشرة كالصوم والفرق إن الصوم يفسد بفعل جميع ما وجب الامساك عنه لأجله بخلاف الحج مسألة لو قبل امرأته فإن كان بشهوة كان عليه جزور وإن كان بغير شهوة كان عليه شاة ولا يفسد حجه على كل تقدير وسواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده ووافقنا على عدم الافساد سعيد بن المسيب وعطا وابن سيرين والزهري وقتادة والثوري والشافعي و أبو ثور وأصحاب الرأي لأنه إنزال بغير وطى فلم يفسد به الحج كالانزال عن نظر وقال مالك إن أنزل فسد حجه وهو إحدى الروايتين عن أحمد ورواية عن سعيد بن جبير لأنه إنزال عن سبب محرم فأفسد الحج كالانزال عن الجماع والفرق ظاهر فإن الجماع أبلغ أنواع الاستمتاع ولهذا أفسد الحج مع الانزال وعدمه إذا عرفت هذا فالشيخ (ره) أوجب الشاة في التقبيل بغير شهوة مطلقا والبدنة فيه مع الشهوة مطلقا ولم يعتبر الانزال لان علي بن أبي حمزة سأل الكاظم عليه السلام عن رجل قبل امرأته وهو محرم قال عليه بدنة وإن لم ينزل ليس له أن يأكل منه وقال ابن إدريس إن قبل بشهوة وأنزل وجبت البدنة وإن لم ينزل وجبت الشاة للأصل ولما رواه مسمع في الصحيح عن الصادق عليه السلام إن حال المحرم ضيقه إن قبل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ومن قبل امرأته على شهوة فعليه جزور ويستغفر الله وهو الأقرب ويجوز للمحرم أن يقبل أمه حال الاحرام لان الحسين بن حماد سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يقبل أمه قال لا بأس به هذه قبلة رحمة إنما تكره قبلة الشهوة ولو لاعب امرأته وهو محرم فأمنى كان عليه بدنة لأنه إنزال عن سبب محرم فوجبت البدنة كما لو أنزل عن نظر وهل يجب عليه الكفارة نص الشيخ في التهذيب والمبسوط عليه لأنه أنزل بملاعبته منها له فوجب عليها بدنة كالجماع ولان عبد الرحمن بن الحجاج سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يعبث بامرأته حتى يمنى وهو محرم من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان ماذا عليهما قال عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع ولو سمع كلام امرأة أو استمع على من يجامع غير رؤية لهما فتشاهى فأمنى لم يكن عليه شئ لتعذر التحرز عن مثل ذلك فلو وجب العقوبة لزمه الجرح أما لو كان برؤية فإنه تجب عليه الكفارة على ما تقدم لان أبا بصير سأل الصادق عليه السلام في الحسن عن رجل سمع كلام امرأة من خلف حايط وهو محرم فتشاهى حتى أنزل قال ليس عليه شئ وسأله سماعة بن مهران في محرم إستمع على رجل يجامع أهله فأمنى قال ليس عليه شئ قال المفيد (ره) لو قبل امرأته وهو محرم فعليه بدنة أنزل أو لم ينزل فإن هوت المرأة ذلك كان عليها مثل ما عليه مسألة قد بينا إنه إذا أفسد حجه وجب عليه إتمامه خلافا لجماعة الظاهرية وقال مالك يجعل الحجة عمرة ولا يقيم على الحج الفاسد وليس بجيد لما تقدم ولا يحل من الفاسد بل يجب عليه أن يفعل بعد الفساد كل ما يفعله لو كان صحيحا ولا يسقط عنه توابع الوقوف و من البيت بالمزدلفة والرمي وغيرهما ويحرم عليه بعد الفساد كل ما كان عليه محرما قبله من الوطي ثانيا وغيره من المحرمات ولو جنى في الاحرام الفاسد وجب عليه ما يجب في الاحرام الصحيح ويجب عليه القضاء من قابل سواء كانت الفاسدة واجبة بأصل الشرع أو النذر أو كانت تطوعا ولا نعلم فيه خلافا ويجب على الفور ولو أفسد القضاء لم يجب قضاؤه وإنما يقضى عن الحج الأول ولو أحصر من حج فاسد فله التحلل إجماعا لأنه يباح له في الصحيح ففي الفاسد أولي فلو أحل فزال الحصر وفى الوقت سعة فله إن يقضى في ذلك العام ولا يتصور القضاء في عام الافساد في غير هذه الصورة ولو حج تطوعا فأفسده ثم أحصر كان عليه بدنه للافساد ودم للاحصار ويكفيه قضاء واحد في القابل لان المقضى واحد ويجب القضاء على الفور وهو أحد قولي الشافعي لأنه لزم وتضيق بالشروع ولقول الصحابة والأئمة عليهم السلام إنه يقضى من قابل وللشافعي قول آخر إنه على التراخي كالأصل ولان الوقت فاتك؟ فاستوت بعده الأوقات وقد بينا فساده وله ثالث إنه إن وجب الكفارة بعد وإن فعل فعلى الفور لان التراخي نوع تفرقة وإن لم يكن بعد وإن فعل فعلى التراخي وأجرى الجويني الخلاف في التعدي بترك الصوم هل هو على الفور أو على التراخي وكذا الصلاة أما ما يجب فيه القتل كترك الصلاة عمدا مع تحلل التعزير ثلاث مرات فإنه يجب فيه الفور وأما ما لا عدوان فيه فللشافعي وجهان تقدما أحدهما الفور لقوله عليه السلام فليصلها إذا ذكرها والثاني جواز التأخير لما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله إنه فاته صلاة الصبح فلم يصلها حتى خرج من الوادي وقد عرفت أنه يحرم في القضاء من الميقات وقال الشافعي إن أحرم قبل الميقات أحرم في القضاء من ذلك المكان وقد سبق ولو جاوزه أراق دما كما لو جاوز الميقات الشرعي وإن كان قد أحرم من الميقات فعليه في القضاء مثله وإن كان حرم بعد مجاوزة الميقات فإن كان مسيئا بتجاوزه لزمه في القضاء أن يحرم من الميقات وليس له أن يسئ ثانيا وإن جاوزه غير مسئ بأن لم يرد النسك ثم بدا له فأحرم ثم أفسد فوجهان أحدهما أنه يحرم في القضاء من الميقات الشرعي لأنه الواجب في الأصل وأصحهما عن يحرم من ذلك الموضع ولا يلزمه الميقات الشرعي سلوكا بالقضاء مسلك الأداء ولهذا لو اعتمر المتمتع من الميقات ثم أحرم بالحج من مكته وأفسد لا يلزمه في القضاء أن يحرم من الميقات بل يكفيه أن يحرم من جوف مكة ولو أفرد الحج ثم أحرم بالعمرة من أدنى الحل ثم أفسدها يكفيه أن يحرم في قضائه من أدنى الحل والوجهان مفروضان فيما إذا لم يرجع إلى الميقات فما فوقه أما إذا رجع ثم عاد فلابد من الاحرام من الميقات وإذا خرجت المرأة للقضاء ففي وجوب ما زاد من النفقة بسبب السفر على الزوج وجهان وإذا خرجا معا للقضاء فليفترقا من الموضع الذي اتفقت الإصابة فيه وللشافعي قولان في وجوبه ففي القديم نعم وبه قال أحمد لقول ابن عباس فإذا أتيا
(٣٥٨)