كان أمير المؤمنين (ع) يقول من أحيى أرضا من المؤمنين فهي له وعليه طسقها يؤديه إلى الامام في حال الهدنة فإذا ظهر القايم (ع) فليوطن نفسه على أن تؤخذ منه إذا عرفت هذا فإذا زرع فيها أحد أو بنى أو غرس صح له بيع ماله فيها من الآثار وحق الاختصاص بالتصرف لا بيع الرقبة لأنها ملك المسلمين قاطبة روى أبو بردة بن رجا إنه سأل الصادق (ع) كيف ترى في شراء أرض الخراج قال ومن يبيع ذلك هي أرض المسلمين قلت يبيعها الذي هي في يديه قال ويصنع بخراج المسلمين ماذا ثم قال لا بأس اشتر حقه منها وتحول حق المسلمين عليه ولعله يكون أقوى عليها وأملى بخراجها منه. مسألة. الأرض الجزية والموات ورؤس الجبال و بطون الأودية والآجام من الأنفال يختص بها الامام ليس لأحد التصرف فيه إلا بإذنه حال ظهوره (ع) ويجوز للشيعة حال الغيبة التصرف فيها لانهم (ع) أباحوا شيعتهم ذلك وأما أرض مكة فالظاهر من المذهب إن النبي صلى الله عليه وآله فتحها بالسيف ثم أمنهم بعد ذلك وبه قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي لان العامة رووا عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لأهل مكة ما تروني صانعا بكم فقالوا أخ كريم وبن أخ كريم فقال أقول كما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين أنتم الطلقاء ومن طريق الخاصة رواية صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر قالا ذكرنا له الكوفة إلى أن قال إن أهل الطايف أسلموا وجعلوا عليهم العشر ونصف العشر وأن أهل مكة دخلها رسول الله صلى الله عليه وآله عنوة وكانوا اسراء في يده فاعتقهم وقال إذهبوا فأنتم الطلقاء وقال الشافعي انه (ع) فتحها صلحا بأمان قدمه لهم قبل دخوله وهو منقول عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومجاهد وأما أرض السواد وهي الأرض المغنومة من الفرس التي فتحها عمر بن الخطاب وهي سواد العراق وحده في العرض من منقطع الجبال بحلوان إلى طرف القادسية المتصل بعذيب من أرض العرب ومن تخوم الموصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجله فأما الغربي الذي تليه البصرة إنما هو اسلامي مثل عثمان بن أبي العاص وما والاها كانت سباخا ومواتا فأحياها عثمان بن أبي العاص وسميت سواد لان الجيش لما خرجوا من البادية رأوا هذه الأرض والتفاف شجرها سموها السواد لذلك ولما فتحها عمر بعث عمار بن ياسر على صلاتهم أميرا وبن مسعود قاضيا واليا على بيت المال وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض وفرض للثلاثة في كل يوم شاة شطرها مع السواقط لعمار وشطرها للآخرين وقال ما ارى قرية يؤخذ منها كل يوم شاة إلا سريع في خرابها قال الشيخ (ره) الذي يقتضيه المذهب إن الأرض التي فتحت عنوة يخرج خمسها لأرباب الخمس والأربعة الأخماس الباقية للمسلمين قاطبة الغانمين وغيرهم ويقبلها الامام لمن شاء ويأخذ ارتفاعها يصرفه في مصالح المسلمين ولا يصح بيع شئ من هذه الأرض ولا هبته ولا معاوضته ولا تملكه ولا وقفه ولا رهنه ولا إجارته ولا إرثه ولا يصح أن يبنى دورا ومساجد وسقايات ولا غير ذلك من أنواع التصرف الذي يتبع الملك ومتى فعل شئ من ذلك كان التصرف باطلا وهو باق على الأصل ثم قال (ره) وعلى الرواية التي رواها أصحابنا ان كل فرقة أو عسكر غزت بغير إذن الإمام فغنمت تكون الغنيمة للامام خاصة تكون هذه الأرضون بعدا لرسول صلى الله عليه وآله إلا ما فتح في أيام أمير المؤمنين (ع) إن فتح شئ من ذلك يكون للامام خاصة ويكون من جملة الأنفال اللتي له خاصة ويكون من جملة الأنفال اللتي له خاصة لا يشركه فيها غيره قال الشيخ (ره) وافقه الشافعي إن عثمان بن حنيف مسح أرض الخارج واختلفوا فقال الساجي اثنان وثلاثون ألف ألف جريب وقال أبو عبيده ستة وثلاثون ألف ألف جريب ثم ضرب على كل جريب نخل عشرة دراهم وعلى الكرم ثمانية دراهم وعلى جريب الشجر والرطبة ستة دراهم وعلى الحنطة أربعة دراهم وعلى الشعير درهمين ثم كتب بذلك إلى عمر فأمضاه وأبو حنيفة وافقهما إلا في الحنطة والشعير فإنه قال يؤخذ من الحنطة قفيز ودرهمان ومن الشعير قفيز ودرهم وقال احمد يؤخذ من كل منهما قفيز ودرهم لقوله (ع) منعت العراق قفيزها ودرهمها معناه ستمنع وقال بعض الشافعية إن سواد العراق فتح صلحا وهو محكى عن أبي حنيفة وقال بعضهم اشتبه الامر على فلا أدرى أفتح عنوة أو صلحا ثم اختلف الشافعية فقال بعضهم إن عمر جعل الأربعة الأخماس الباقية من الأرض لأهل الخمس عوضا عن نصيبهم من المنقولات من القيمة فصارت الأرض لأهل الخمس والمنقولات للغانمين وقال بعضهم إنه قسمها بين الغانمين ولم يخصها بأهل الخمس ثم استطابت قلوبهم عنها واستردها فقال الأكثرون إنه بعد ردها وقفها على المسلمين واخذها من أهلها والخراج والمضروب عليها اجرة منجمة تؤدى في كل سنة وهو نصف الشافعي في كتاب الرهن قال سفيان الثوري جعل عمر السواد وقفا على المسلمين ما تناسلوا وقال بعضهم إنه باعها من أهلها والخراج ثمن منجم فإنه لم يزل الناس يبيعون أرض السواد ويشترون من غير إنكار وقال آخرون من الشافعية ما فعله عمر عدول عن الأصل الممهد فإنه يشترط في الإجارة ضبط المدة وفى البيع ضبط جملة الثمن لكن قالوا إنها بالاسترداد رجعت إلى حكم أموال الكفار والامام يفعل للمصلحة الكلية في أموال الكفار ما لا يجوز مثله في أموال المسلمين فرأى غير المصلحة لئلا يشتغلوا بالعمارة والزراعة من الجهاد وقال بعضهم إنه وقفها وقفا لا مؤبدا محرما بل جعلها موقوفه على مصالح المسلمين ليؤدي ملاكها على تداول الأيدي وتبدلها بالبيع والشراء خراجا ينتفع به المسلمون فيجوز بيعها وهبتها ورهنها على الثاني لا الأول ويجوز على الوجهين لأربابها إجارتها مدة معلومة وهل لهم الإجارة المؤبدة بمال يتراضيان عليه جوزه بعضهم تبعا لفعل عمر وقال من استحل منفعته على جهة لم يبعد أن يملك إخراج نفسه من البين وإحلال غيره محله ومنع بعضهم والفاسد في إجارة عمر احتمل لمصلحة كليه والجزئيات ليست كالكليات فلا يجوز لغير سكانها أن يزعج واحدا من السكان ويقول أنا اشغلها واعطى الخراج لأنه مالك رقبتها إرثا على أحد الوجهين ومالك منفعتها على الاخر لعقد بعض أجداده مع عمر والإجارة لازمة لا تنفسخ بالموت هذا فيما يزرع ويغرس من الأراضي وأما المساكن والدور فإن قلنا إن تلك الأراضي مبيعة من أربابها فكذا المساكن والدور وإن قلنا موقوفة فوجهان. مسألة. إذا نزل الامام على بلد فحاصره وأرادوا الصلح على أن يكون البلد لهم و كانوا من أهل الكتاب جاز له أن يصالحهم بشروط ثلاثة بدل الجزية وان يجرى عليهم أحكام المسلمين وأن لا يجتمعوا مع مشرك على قتال المسلمين وتكون أرضهم ملكا لهم التصرف فيها بجميع الأنواع ويجوز للمسلمين استيجارها منهم لأنها ملك له وتكون الأجرة والخراج عليه ولو باعها من مسلم صح البيع وبه قال أبو حنيفة والشافعي و قال مالك لا يصح لأنه يؤدى إلى إسقاط الخراج وهو غير جايز لأنه حق للمسلمين وليس بجيد لأنه لا يسقط بل ينتقل ما كان على الأرض إلى رقبته فحينئذ إذا اشتراها المسلم انتقل ما كان عليها من الخراج إلى رقبة الذمي وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يكون متعلقا بالأرض لان عبده لا يسقط بالاسلام. تذنيب كل أرض ترك أهلها عمارتها كان للامام تقبيلها ممن يقوم بها وعليه طسقها لأربابها لأنها مصلحة لهم فكان سايغا وكل أرض موات سبق إليها سابق فعمرها وأحياها كان أحق بها إذا لم يكن لها مالك معروف فإن كان مالك معروف وجب عليه طسقها لمالكها وإذا استأجر مسلم دارا من حربي ثم فتحت تلك الأرض لم تبطل الإجارة لان حق المسلم تعلق بها ويملك المسلمون لأنها من الغنايم. الباب الثاني في كيفية قسمة الغنايم وفيه مباحث الأول ما ينبغي تقديمه وهي الديون والجعائل والسلب والرضخ والخمس والنظر في هذا البحث مختص بالأول فنقول إذا كان لمسلم على حربي دين فاسترق الحربي لم يسقط الدين عنه وبه قال الشافعي عملا باستصحاب
(٤٢٨)