ميلا ذات عرق وعسفان فما يدور حول مكة فهو ممن دخل في هذه الآية وكل من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة وأطبقت العامة على جواز الاحرام بأي الانساك الثلاثة شاء لقول عايشة خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة منا من أهل بحج ولا حجة فيه لاختلافهم في الفرض لا التخيير بين الأنواع مسألة قال علماؤنا التمتع أفضل الأنواع وبه قال الحسن وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وعطا وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد والقاسم وسالم وعكرمة وهو أحد قولي الشافعي واحدى الروايتين عن أحمد وهو قول أصحاب الحديث لقوله تعالى ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وهو يدل على أنه فرضهم فلا يجزئهم غيره ولما رواه العامة عن ابن عباس وجابر وأبى موسى وعايشة ان النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه لما طافوا بالبيت ان يحلو أو يجعلوها عمرة فنقلهم من الافراد والقرآن إلى المتعة ولا ينقلهم إلا إلى الأفضل ولم يختلف عندهم الراوية عن النبي صلى الله عليه وآله انه لما قدم مكة أمر أصحابه ان يحلوا إلا من ساق هديا وثبت على إحرامه وقال لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى ولجعلتها عمرة قال جابر حججنا مع النبي صلى الله عليه وآله يوم ساق البدن معه وقد أهلوا بالحج مفردا فقال لهم حلوا من إحرامكم بطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم أقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا الذي قدمتم بها متعة فقالوا كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج فقال افعلوا ما أمرتكم به ولولا انى سقت الهدى لفعلت مثل الذي أمرتكم به وفى لفظ فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فقال قد علمتم انى أتقاكم عند الله وأصدقكم وأبركم ولولا هدى لحللت كما تحلون ولو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما أهديت فحللنا وسمعنا وأطعنا ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من سعيه بين الصفا والمروة أتاه جبريل عليه السلام عند فراغه من السعي وهو على المروة فقال إن الله يأمرك أن تأمر الناس ان يحلو إلا من ساق الهدى فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله بوجهه فقال أيها الناس هذا جبرئيل عليه السلام وأشار بيده إلى خلفه يأمرني عن الله أن أمر الناس أن يحلوا إلا من ساق الهدى فأمرهم بما أمر الله فقام إليه رجل فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله نخرج إلى منى ورؤسنا تقطر من النساء وقال آخرون يأمرنا بشئ ويصنع هو غيره فقال يا أيها الناس لو استقبلت من أمرى ما استدبرت صنعت كما صنع الناس ولكني سقت الهدى ولا يحل من ساق الهدى حتى يبلغ الهدى محله فقلم (فقصر) الناس وأحلوا وجعلوها عمرة فقام إليه سراقة بن مالك بن الخثعم المديحي فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد فقال لا للأبد إلى يوم القيمة وشبك أصابعه وأنزل الله في ذلك قرآنا فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى وفى الصحيح عن أبي أيوب إبراهيم بن عيسى عن الصادق عليه السلام قال سألته أي الأنواع أفضل فقال المتعة وكيف يكون شئ أفضل منها ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول لو استقبلت من أمرى ما استدبرت فعلت كما فعل الناس ولان التمتع منصوص عليه في كتاب الله تعالى لقوله فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى دون ساير الانساك ولان المتمتع يجتمع له الحج والعمرة في أشهر الحج مع كمالهما وكمال أفعالهما على وجه اليسر والسهولة وذهب الثوري وأصحاب الرأي إلى أن القران أفضل لما رواه أنس قال سمعت رسول الله أهل بهما جميعا يصرخ بهما صريخا يقول لبيك عمرة وحجا وقال احمد إن ساق الهدى فالقران أفضل وإن لم يسقه فالتمتع أفضل لان النبي صلى الله عليه وآله قرن حين ساق الهدى ومنع كل من ساق الهدى من الحل حتى ينحر هديه وذهب مالك وأبو ثور إلى اختيار الافراد وهو ظاهر مذهب الشافعي وروى ذلك عن عمر وعثمان وابن عمر وجابر وعايشة لما روت عايشة إن النبي صلى الله عليه وآله أفرد بالحج ونمنع كون النبي صلى الله عليه وآله أفرد فإنه قد روى ابن عمر وجابر وعايشة من طرق صحاح عندهم ان النبي صلى الله عليه وآله تمتع بالعمرة إلى الحج ولان روايتهم اختلفت فرووا مرة انه أفرد ومرة انه تمتع ومرة انه قرن مع وحدة القضية ولا يمكن الجمع بينها فيجب اطراحها كلها مع أن عمر قال إني لأنهاكم عن المتعة وإنها لفى كتاب الله ولقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وآله ولان النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه بالانتقال إلى المتعة عن الافراد والقرآن ولا يأمرهم إلا بالانتقال إلى الأفضل ويستحيل ان ينقلهم من الأفضل إلى الأدنى وهو الداعي إلى الخير الدال عليه ثم أكد ذلك بتأسفه على فوات ذلك في حقه وانه لا يقدر على انتقاله وحله لسياقه الهدى لا يقال قد نهى عنها عمر وعثمان ومعاوية لأنا نقول قد أنكر عليهم علماء الصحابة نهيهم عنها وخالفوهم في فعلها قالت الحنابلة والحق مع المنكرين عليهم دونهم لما رواه العامة إن عليا عليه السلام اختلف هو وعثمان في المتعة بعسفان فقال على ما تريد إلى أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وآله تنهى عنه وقال على يا عثمان ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وآله تمتع قال بلى وعن ابن عمر قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وقال سعد صنعها رسول الله صلى الله عليه وآله وصنعناها معه فلا نقبل نهى عمر عنها خصوصا مع قول عمر والله إني لأنهاكم عنها وإنها لفى كتاب الله وقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وآله فهل يحل تقليد من يخالف رسول الله صلى الله عليه وآله في ضد ما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله قال صاحب المغنى من الحنابلة قيل لابن عباس إن فلانا ينهى عن المتعة قال انظروا في كتاب الله فان رأيتموها فقد كذب على الله وعلى رسوله وان لم تجدوها فقد صدق فأي الفريقين أحق بالاتباع وأولى بالصواب الذين معهم كتاب الله وسنة رسول الله أم الذين خالفوهما ثم قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله الذي قوله حجة على الخلق أجمعين فكيف يعارض بقول غيره قالوا قال سعيدة بن جبير عن ابن عباس قال تمتع النبي صلى الله عليه وآله فقال عروة نهى أبو بكر وعمر عن المتعة فقال ابن عباس إذا هم سيهلكون أقول قال النبي صلى الله عليه وآله ويقول نهى عنها أبو بكر وعمر قالوا وسئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها فقالوا إنك تخالف أباك فقال ابن عمر لم يقل الذي تقولون فلما أكثروا عليه قال أفكتاب الله أحق أن تتبعوا أم عمر مسألة قد بينا ان فرض أهل مكة وحاضريها القران أو الافراد فلو عدلوا إلى التمتع فللشيخ قولان أحدهما الأجزاء ولا دم عليهم وبه قال الشافعية ومالك لان المتمتع آت بصورة الافراد وزيادة غيره نافية والثاني العدم وبه قال أبو حنيفة رواه العامة عن ابن عمر أنه قال ليس لأهل مكة تمتع ولا قران ومن طريق الخاصة ما رواه علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه الكاظم عليه السلام قال لا يصلح لأهل مكة ان يتمتعوا لقول الله عز وجل ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وهذا الأخير هو المعتمد ونمنع إتيانه بصورة الافراد لأنه أخل بالاحرام من ميقاته وأوقع مكانه العمرة مع أنه غير مأمور بها فلا يكون ما أتاه مجزيا وقول الشافعي انه قوله تعالى ذلك راجع إلى الهدى ممنوع لعدم التخصيص ولمعارضة الروايات المنقولة عن أهل البيت عليهم السلام مسألة اختلف علماؤنا في حد حاضري المس جد الحرام فقال الشيخ في بعض كتبه من كان بين منزله وبين المسجد الحرام إثنا عشر ميلا من كل جانب ونحوه قال ابن عباس لأنه قال حاضري أهل الحرم خاصة وبه قال مجاهد والثوري وقال الشيخ في بعض كتبه حد حاضري المسجد الحرام من كان من أهل مكة أو يكون بينه وبينها ثمانية وأربعون ميلا من كل جانب وبه قال الشافعي واحمد لأنه مسافة القصر ولان ما دون مسافة القصر يكون قريبا من المسجد الحرام لأنه بمنزلة الحاضر وقد سلف في حديث الباقر عليه السلام التحديد بثمانية وأربعين ميلا لما رواه الحلبي عن الصادق عليه السلام في حاضري المسجد الحرام قال ما دون المواقيت إلى مكة فهو من حاضري المسجد الحرام وليس لهم متعة ومعلوم ان هذه المواضع أكثر من اثني عشر ميلا وقال أبو حنيفة حاضروا المسجد الحرام أهل المواقيت والحرم وما بينهما وقال مالك هم أهل مكة وذي طوى وروى عنهم إنهم أهل الحرم ومسافة القصر تعتبر من نفس مكة أو الحرم للشافعية وجهان مسألة قد بينا ان القارن هو الذي يسوق عند إحرامه بالحج هديا عند علمائنا أجمع إلا ابن أبي عقيل فإنه جعله عبارة عمن قرن بين الحج والعمرة في إحرام واحد وهو مذهب العامة بأسرهم لنا ما رواه العامة عن أبي سنح (مسيح) قال كنت في ملاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله عند معاوية بن أبي سفيان فناشدهم معاوية لله في أشياء وكلما قالوا نعم يقول وإنا أشهد ثم قال أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن جمع بين حج وعمرة قالوا أما هذه فلا فقال أما إنها معهن يعنى مع المنهيات
(٣١٨)