الملك بغير عوض كالهبة وفسخ الهبة فيه قولان فإن كان المشترى اشترى النخل وفيها الطلع فإن كان مؤبرا فإنه لا يتبع في البيع وإذا اشترطه دخل في البيع ولا يثبت فيه الشفعة وإنما يأخذ الأرض والنخل بحصتهما من الثمن فإن كانت غير مؤبرة تبعت بمطلق العقد فإن أخذ الشفيع الشقص قبل أن تؤبر الثمرة لم يأخذه الشفيع بالثمرة إن تجددت بعد الشراء وإن كانت موجودة حال البيع فالأقوى الدخول في الشفعة كما دخلت في البيع فصارت بمنزلة النخل في الأرض وإن أخذ الشقص بعد التأبير لم يتبعه الطلع وقال بعض الشافعية إذا أخذ الشفيع الشقص قبل أن يؤبر الطلع كان في الطلع القولان لأنه لو ثبت حق الشفيع في هذا الطلع لوجب أن يأخذه وإن تشقق لان ذلك زيادة متصلة والغراس تبع في الشفعة لأنه يراد للتبقية في الأرض والتأبيد. مسألة. ثم إذا تبايعا بثمن ثم زاده المشترى عليه زيادة أو نقص البايع منه بعد العقد شيئا فإن كان ما.
اتفقا عليه من الزيادة أو الحط بعد لزوم البيع وانقضاء الخيار لم يكن للشفيع في ذلك حق ولا عليه شئ لا في حط الكل ولا في حط البعض لان الشفيع إنما يأخذ بما استقر عليه العقد والذي استقر عليه المسمى ولو كان في زمن الخيار لم يلحق أيضا الشفيع عندنا لوقوع العقد على شئ فتصح (فلا تضر خ ل) الزيادة والنقيصة بعده وقال الشافعي ذلك التغيير في حق الشفيع في إحدى الوجهين لان حق الشفيع إنما ثبت إذا تم العقد وإنما يستحق بالثمن الذي هو ثابت في حال استحقاقه ولان زمن الخيار بمنزلة حالة العقد والتغيير يلحق بالعقد لأنهما على اختيارهما فيه كما كانا في حال العقد فأما إذا انقضى الخيار ولزم العقد فزاد أو نقص لم يلحق بالعقد والزيادة لا تثبت إلا أن يكون هبة مقبوضة والنقصان يكون إبراء ولا يثبت في حق الشفيع وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يثبت النقصان بعد الخيار للشافعي ولا تثبت الزيادة وإن كان عنده يلحقان بالعقد و يقول الزيادة تضر بالشفيع فلم يملكها وهو غلط لان ذلك تغير بعد استقرار العقد فلم يثبت في حق الشفيع كالزيادة والفرق ليس بصحيح لان ذلك لو لحق بالعقد لثبت في حقه وإن أضر به كما لو كان في زمن الخيار ولو حط كل الثمن في زمن الخيار لم يلحق الحط عندنا بالشفعة وبه قال الشافعي لان ذلك بمنزلة ما لو باع بلا ثمن فلا شفعة للشريك لأنه يصير هبة فيبطل على رأى ويصح على رأى أما إذا حط منه أرش العيب فإنه يثبت في حق الشفيع لأنه سقط بجزء فقد من المبيع ولهذا فإنه جزء من الثمن. مسألة. لو كان ثمن الشقص عبدا يثبت الشفعة عندنا خلافا لبعض علمائنا وبعض الجمهور وقد سبق ويأخذ الشفيع بقيمة العبد فإن وجد البايع بالعبد عيبا فإما أن يكون بعد أن يحدث عنده عيب أو يكون الوقوف على العيب بعد حدوث عيب عنده فإن علمه قبل أن يحدث عنده عيب فإما أن يكون ذلك بعد أخذ الشفيع بالشفعة أو قبله فإن وقف عليه بعد أخذ الشفيع كان له رد العبد على المشترى ولم يكن له استرجاع الشقص لان الشقص قد ملكه بالأخذ فلم يكن للبايع إبطال ملكه كما لو كان المشترى قد باعه ثم وجد البايع بالثمن عيبا فإنه يرده ولا يفسخ بيع المشترى ويرجع البايع إلى قيمة الشقص كذا هنا وقال بعض الشافعية يسترد المشترى الشقص من الشفيع ويرد عليه ما أخذه ويسلم الشقص إلى البايع لان الشفيع نازل منزلة المشترى فرد البايع يتضمن نقص ملكه كما يتضمن نقص ملك المشتري لو كان في ملكه والمشهور عندهم ما قلناه فإذا دفع الشفيع قيمة العبد (إلى المشترى صح) ودفع المشترى إلى البايع قيمة الشقص فإن تساويا فلا بحث وإن تفاوتا لم يرجع المشترى على الشفيع إن كانت قيمة الشقص أكثر بشئ ولا يرجع الشفيع على المشترى إن كانت قيمة العبد أكثر وهو أحد قولي الشافعية لان الشفيع أخذه بالثمن الذي وقع عليه العقد فلا يلزمه أكثر من ذلك والثاني يتراجعان لان المشترى استقر عليه عوض الشفيع قيمته فينبغي أن يستحق ذلك على الشفيع فيرجع كل من كان ما دفعه أكثر على صاحبه بالزيادة ولو عاد الشقص إلى المشترى ببيع أو هبة أو ميراث أو غير ذلك لم يكن لبايع أخذه منه بخلاف الغاصب إذا رفع القيمة لتعذر رد المغصوب ثم قدر عليه فإنه يجب عليه رده على المالك واسترداد ما دفعه من القيمة لان المالك لم يزل ملكه عن المغصوب بالتقويم ودفع القيمة وإنما أخذنا القيمة للضرورة وقد زالت وهنا زال ملك البايع عنه وصار ملكا للشفيع وانقطع حقه عنه وإنما انتقل حقه إلى القيمة فإذا أخذها لم يبق له حق وحكى بعض الشافعية فيه وجهين بناء على أن الزايل العايد كالذي لم يزل أو كالذي لم يعد وأما إذا كان قد علم بالعيب قبل أن يأخذ الشفيع بالشفعة فهنا حقان ففي تقديم أيهما للشافعية وجهان أحدهما الشفيع أولي لان حقه سبق حق البايع في الرد والثاني البايع أولي لان الشفعة يثبت لإزالة الضرر عن الشريك فلا يثبتهما مع تضرر البايع بإثباتها وحكى الجويني الحرم بتقديم البايع والوجه عندي تقديم حق الشفيع لسبقه فإذا قلنا الشفيع أحق فإن البايع يأخذ من المشترى قيمة الشقص ويرجع المشترى على الشفيع بقيمة العبد وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يرجع على الشفيع بقيمة الشقص ولو وجد البايع العيب في العبد بعد إن حدث عنده عيب أو بعد تصرفه لم يكن له رده وكان له على المشترى الأرش ثم إن كان الشفيع دفع إليه أولا قيمة عبد سليم فلا يرجع عليه بشئ وإن كان دفع قيمة معيب فالأقرب إنه يرجع عليه وهو أحد وجهي الشافعية لان الثمن الذي استقر على المشترى العبد و الأرش فينبغي أن يرجع بهما والثاني إنه لا يرجع لأنه استحقه بما سمى في العقد قال بعض الشافعية ينبغي أن يرجع هنا وجها واحدا بخلاف ما تقدم من قيمة الشقص لأن العقد اقتضى سلامة العبد وما دفع إلا ما اقتضاه العقد بخلاف قيمة الشقص ولهذا إذا كان دفع إليه قيمة عبد سليم لم يكن للشفيع أن يرجع عليه بقدر قيمة العيب فإذا لم يدفعه وجب دفعه فثبت انه مستحق عليه بالبيع ولو رضي البايع بالعيب ولم يرد ولا أخذ الأرش فالأقوى إن الشفيع يدفع قيمة العبد السليم (لان ذلك نوع إسقاط من الثمن بعد العقد فلا يلحق الشفيع وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يجب على الشفيع قيمة المعيب حتى لو بذل قيمة التسليم صح) أسترد قسط السلامة من المشترى وغلط الجويني قائله. تذنيب للمشترى رد الشقص بالعيب على البايع وللشفيع رده على المشترى بالعيوب السابقة على البيع وعلى الاخذ ثم لو وجد المشترى العيب بعد أخذ الشفيع فلا رد في الحال ولا أرش له على مذهب الشافعي المشهور ويجئ فيه الخلاف فيما إذا باعه ولو رد عليه الشفيع بالعيب رده حينئذ على البايع ولو وجد المشترى عيب الشقص قبل أخذ الشفيع ومنعه عيب حادث من الرد فأخذ الأرش القديم حط ذلك عن الشفيع وإن قدر على الرد لكن توافقا على الأرش صح عندنا لان الأرش أحد الحقين وللشافعية وجهان إن صححناها ففي حطه عن الشفيع وجهان أصحهما عندهم الحط والثاني لا لأنه تبرع من البايع وهو الذي اخترناه نحن. مسألة. تثبت الشفعة للمفلس فإذا بيع شقص في شركته كان له الاخذ والعفو ولم يكن للغرماء الاعتراض عليه لأنه إذا أراد الترك لم يجبره على الاخذ لأنه تملك وإن أراد الاخذ فإنما يأخذ بثمن في ذمته و ليس بمحجور عليه في ذمته ولو مات مفلس وله شقص فباع شريكه كان لوارثه الشفعة خلافا لأبي حنيفة وللمكاتب أيضا الاخذ بالشفعة والترك لها وليس للسيد الاعتراض عليه لان التصرف وقع له دون السيد بل وله الاخذ من سيده لو كان هو المشترى وبالعكس والمأذون له في التجارة فإن أخذ بالشفعة جاز لأنه مأذون له في الشراء وإن عفى كان للسيد إبطال عفوه لان الملك للسيد فإن أسقطها السيد سقطت ولم يكن للعبد أن يأخذ لان للسيد الحجر عليه وللوكيل العام الاخذ بالشفعة مع الغبطة ولو عفى معها صح عفوه لم يكن للموكل المطالبة بها وللسفيه أن يأخذ بالشفعة ويأذن الولي ويتولاه إذا عرفت هذا فلو أراد المفلس بعد الحجر عليه الاخذ بالشفعة (بدفع الثمن منع من ذلك لان الحجر يقتضيه مسألة. للعامل في المضاربة الاخذ بالشفعة صح) إذا بيع شقص في شركة المضاربة فإذا أخذ فإن كان هناك ربح فلا حصة له في ذلك بل الجميع للمالك لان العمل لا يملكه بالبيع فالجميع لصاحب المال وكذا إن لم يكن ربح وللعامل الأجرة ولو ترك كان لرب المال الاخذ لان المشترى بمال المضاربة ملكه هذا إذا لم يظهر في الحصة التي اشتراها المضارب ربح ولو كان قد ظهر فيه ربح لم يكن هناك شفعة لا للعامل ولا لرب المال لزيادة الشركة على اثنين ولو اشترى العامل بمال المضاربة شقصا لرب المال فيه شركة فهل تثبت له الشفعة للشافعية وجهان أحدهما