أو من حقوق الله تعالى كزكاة في ذمته أو كفارات وشبهها ولا فرق أيضا بين ان يكون الدين حالا أو مؤجلا محله قبل عرفه أو بعدها في منع الوجوب لأنه غير موصوف بالاستطاعة وللشافعية في وجوب الحج على المديون إذا كان الدين يحل بعد عرفة وجهان أحدهما كما قلناه والثاني الوجوب لان الدين المؤجل غير مستحق عليه قبل حلوله وهو ممنوع تذنيب لو احتاج إلى النكاح وخاف على نفسه العنت قدم الحج لأنه واجب والنكاح تطوع ويلزمه الصبر وقال بعض العامة يقدم النكاح لأنه واجب عليه ولا غنى به عنه فهو كنفقته ونمنع الوجوب ولو لم يخف العنت قدم الحج اجماعا تذنيب اخر لو حج من تلزمه هذه الحقوق وضيعها قال بعض العامة يصح حجة لأنها متعلقة بذمته ولا يمنع صحة فعله وفيه نظر لأنه مأمور بصرف المال إلى نفقة العيال مثلا فإذا صرفه في غيره كان قد فعل النهى عنه والنهى يدل على الفساد في العبادات البحث الرابع المؤنة ويشترط ان يكون له مال يصرفه في مؤنة سفره ذهابا وعودا ومؤنة عياله الذين تلزمه نفقتهم على الاقتصاد وهل يشترط الرجوع إلى كفاية من مال أو حرفة أو صناعة في وجوب الحج بعد وجدان ما ذكر قال الشيخ نعم فلو كان له زاد وراحلة ونفقة له ولعياله بقدر ذهابه وعوده وجميع ما تقدم وليس له ما يرجع إليه من مال أو ملك أو صناعة وحرفة يرجع إليها عند عوده من حجه سقط عنه فرض الحج وبه قال أبو العباس بن شريح من الشافعية خوفا من فقره وحاجته إلى المسألة وفى ذلك أعظم مشقة ولرواية أبى الربيع الشامي عن الباقر عليه السلام وقال أكثر علمائنا لا يشترط الرجوع إلى كفاية وهو قول الشافعي وهو المعتمد لأنه مستطيع بوجود الزاد والراحلة ونفقته ونفقة عياله ذهابا وعودا ورواية أبى الربيع لا حجة فيها على ما قالوه والمشقة ممنوعة فان الله هو الرزاق فروع الأول لو كان له عقار يحتاج إليه لسكناه أو سكنى عياله أو يحتاج إلى اجرته لنفقة نفسه أو نفقة عياله أو سائمة يحتاجون إليها لم يلزمه الحج ولو كان له شئ من ذلك فاضل عن حاجته لزمه بيعه وصرفه في الحج ولو كان مسكنه واسعا يكفيه للسكنى بعضه وجب بيع الفاضل وصرفه في الحج إذا كان بقدر الاستطاعة وكذا لو كان له كتب يحتاج إليها لم يلزمه بيعها في الحج ولو استغنى عنها وجب البيع ولو كان له بكتاب نسختان يستغنى بأحدهما وجب بيع الفاضل ولو كان له دار نفيسة أو عبد نفيس أو كتب نفيسة وأمكنه بيعها وشراء أقل من ثمنها وكان مسكن مثله أو عبد مثله والحج بالفاضل عن مؤنته من ثمنها فالأقرب وجوب البيع وشراء الأدون مما تقوم به كفايته - ب - لو كان له دين على باذل له يكفيه الحج لزمه لأنه مستطيع ولو كان على معسر أو تعذر استيفاؤه أو كان مؤجلا لم يلزمه الحج لعدم الاستطاعة - ج - لو كان له رأس مال يتجر به وينفق من ربحه ولو صرفه في الحج لبطلت تجارته وجب عليه الحج وهو أصح وجهي الشافعية وبه قال أبو حنيفة لأنه واجد والثاني للشافعية انه لا يكلف الصرف إليه وبه قال احمد لئلا يلتحق بالمساكين وكالعبد والمسكن يحتاج إليهما في الحال وهذا امساك ذخيرة للمستقبل - د - لو لم يجد الزاد ووجد الراحلة وكان كسوبا يكتسب ما يكفيه وقد عزل نفقة أهله مدة ذهابه وعوده فإن كان السفر طويلا لم يلزمه الحج لما في الجمع بين السفر والكسب من المشقة العظيمة ولأنه قد ينقطع عن الكسب لعارض فيؤدى إلى هلاك نفسه وإن كان السفر قصيرا فإن كان تكسبه في كل يوم بقدر كفاية ذلك اليوم من غير فضل لم يلزمه الحج لأنه قد ينقطع عن كسبه في أيام الحج فيتضرر وإن كان كسبه في كل يوم يكفيه لأيامه لم يلزمه الحج أيضا للمشقة ولأنه غير واجد لشرط الحج وهو أحد وجهي الشافعية والثاني الوجوب وبه قال مالك مطلقا - ه - لو كان له مال (متاع) فباعه نسيئة عند قرب وقت الخروج إلى أجل يتأخر عنه سقط الفور في تلك السنة عنه لان المال إنما يعتبر وقت خروج الناس وقد يتوسل المحتال بهذا إلى دفع الحج مسألة لو كان له مال يكفيه لذهابه وعوده دون نفقة عياله سقط عنه فرض الحج لما تقدم من الامر بالنفقة على العيال تتعلق بالفاضل عن قوته وفرض الحج يتعلق بالفاضل عن كفايته فكان الانفاق على العيال أولي من الحج والمراد بالعيال هنا من تلزمه النفقة عليه دون من يستحب مسألة لو لم يكن له زاد وراحلة أو كان ولا مؤنة له لسفره أو لعياله فبذل له باذل الزاد والراحلة ومؤنته ذاهبا و عايدا ومؤنة عياله مدة غيبته وجب عليه الحج عند علمائنا سواء كان الباذل قريبا أو بعيدا لأنه مستطيع للحج ولان الباقر والصادق عليهما السلام سئلا عمن عرض عليه ما يحج به فاستحيا من ذلك أهو ممن يستطيع إلى ذلك سبيلا قال نعم وللشافعي قولان في وجوب الحج إذا كان الباذل ولدا أحدهما الوجوب لان الابن يخالف بنيه في باب المنة والثاني عدم الوجوب لأنه لا يلزمه القبول لاشتماله على المنة وان لم يكن ولدا لم يجب القبول وقال احمد لا يجب الحج مطلقا سواء بذل له الركوب والزاد أو بذل له مال لأنه غير مالك للزاد والراحلة ولا لثمنهما فسقط عنه فرض الحج ونمنع ثبوت المنة وعدم الملك المشروط في الاستطاعة فروع - آ - لو بذل له مال يتمكن به من الحج ويكفيه في مؤنته ومؤنة عياله لم يجب عليه القبول سواء كان الباذل له ولدا أو أجنبيا لاشتماله على المنة في قبول الطاعة ولان في قبول المال وتملكه ايجاب سبب يلزمه به الفرض وهو القبول وربما حدثت عليه حقوق كانت ساقطة عنه فيلزمه صرف المال إليها من وجوب نفقة وقضاء دين لان تحصيل شرط الوجوب غير واجب كما في تحصيل مال الزكاة - ب - لو وجد بعض ما يلزمه الحج به وعجز عن الباقي فبذل له ما عجز عنه وجب عليه الحج لأنه يبذل الجميع مع عدم تمكنه من شئ أصلا يجب عليه فمع تمكنه من البعض يكون الوجوب أولي - ج - لو طلب من فاقد الاستطاعة ايجار نفسه للمساعدة في السفر بما تحصل به الاستطاعة لم يجب القبول لان تحصيل شرط الوجوب ليس بواجب نعم لو آجر نفسه بمال تحصل به الاستطاعة أو ببعضه إذا كان مالكا للباقي وجب عليه الحج وكذا لو قبل مال الهبة لأنه صار الآن مالكا للاستطاعة - د - قال ابن إدريس من علمائنا ان من يعرض عليه بعض اخوانه ما يحتاج إليه من مؤنة الطريق يجب عليه الحج بشرط ان يملكه ما يبذل له ويعرض عليه لا وعدا بالقول دون الفعل وكذا فيمن حج به بعض اخوانه والتحقيق ان نقول البحث هنا في أمرين - آ - هل يجب على الباذل بالبذل الشئ المبذول أم لا فان قلنا بالوجوب أمكن وجوب الحج على المبذول له لكن في ايجاب المبذول بالبذل اشكال أقربه عدم الوجوب وان قلنا بعدم وجوبه ففي ايجاب الحج اشكال أقربه العدم لما فيه من تعليق الواجب بغير الواجب - ب - هل بين بذل المال وبذل الزاد والراحلة ومؤنته ومؤنة عياله فرق أم لا فالأقرب عدم الفرق لعدم جريان العادة بالمسامحة في بذل الزاد والراحلة والمؤن بغير منة كالمال - ه - لو وهب المال فان قبل وجب الحج وإلا فلا ولا يجب عليه قبول الاتهاب وكذا الزاد والراحلة لان في قبول عقد الهبة يحصل شرط الوجوب وليس واجبا - و - لا يجب الاقتراض للحج إلا أن يحتاج إليه ويكون له مال بقدره يفضل عن الزاد والراحلة ومؤنته ومؤنة عياله ذهابا وعودا فلو لم يكن له مال أو كان له ما يقصر عن ذلك لم يجب عليه الحج لأصالة البراءة ولان تحصيل شرط الوجوب ليس واجبا - ز - لو كان له ولد له مال لم يجب عليه بذله لأبيه في الحج ولا اقتراضه له سواء كان الولد كبيرا أو صغيرا ولا يجب على الأب الحج بذلك المال وقال الشيخ (ره) وقد روى أصحابنا انه إذا كان له ولد له مال وجب ان يأخذ من ماله ما يحج به ويجب عليه اعطاؤه ونحن نحمل ما رواه الشيخ على الاستحباب - ح - لو حج فاقد الزاد والراحلة ماشيا أو راكبا لم يجزئه عن حجة الاسلام لان الحج على هذه الحالة غير واجب عليه فلم يكن ما أوقعه واجبا عليه فإذا حصل شرط الوجوب الذي هو كالوقت له وجب عليه الحج لان الفعل أولا كان فعلا للواجب قبل وقته فلم يكن مجزيا كالصلاة مسألة لا تباع داره التي يسكنها في ثمن الزاد والراحلة ولا خادمه ولا ثياب بدنه ولا فرس ركوبه باجماع العلماء لان ذلك مما تمس الحاجة إليه ويجب عليه بيع ما زاد على ذلك من ضياع وعقار وغير ذلك من الذخاير والأثاث التي له منها بد إذا حصلت الاستطاعة معه مسألة لو فقد الاستطاعة فغصب مالا فحج به أو غصب حمولة فركبها حتى اوصلته أثم بذلك وعليه
(٣٠٢)