طلاقه وعتاقه فلا رخصه في المقام حيث يذل المسلم ولكن عند الخروج لا يغتالهم إن امنهم ولو أتبعه قوم فله دفعهم وقتالهم دون غيرهم ولو شرطوا عليه الرجوع لم يلزمه ولو شرط إنفاذ مال لم يلزمه وإن كان قد اشترى منهم شيئا ولزمه الثمن وجب إنفاذه وان أكره على الشراء فعليه رد العين قاله الشافعي في الجديد وقال في القديم يتخير بين رد العين والثمن إذ يقف العقد على إجازته. مسألة. لو قال أعقدوا؟ الأمان على أهل حصني على أن افتحه لكم فأمنوه على ذلك فهو أمن وأهل الحصن آمنون و قال الحنفية أموالهم كلها فئ لان الأمان بشرط فتح الباب لا تدخل فيه الأموال لا بالتنصيص ولا التبعية للنفوس لأنه لم تبق للمسلمين حينئذ فايدة في فتح الباب وإنما قصدوا بذلك التوسل إلى استغنام أموالهم ولو قال اعقدوا لي الأمان على أهل حصني على أن أدلكم على طريق موضع كذا ففعلوا ففتحوا الباب فجميع النفوس والأموال تدخل في الأمان لان شرط الأمان هنا جرى على الدلالة لا على فتح الباب فيكون كلامه بيانا إنه يدلهم يستمكنوا في الدار في حصنه مع أهل الحصن فيدخل الأموال تبعا للنفوس لأنه لا يمكنهم المقام فيه إلا بالمال بخلاف الصورة الأولى لان في اشتراط فتح الباب دلالة على أن الذين يتناولهم الأمان غير مقرين بالسكنى في الحصن وإنما تدخل الأموال في الأمان لان التمكن من المقام بالأموال وإذا انعدم السكنى لم تدخل الأموال في الأمان ولو قال اعقدوا لي الأمان على أن تدخلوا فيه فتصلوا دخل الأموال في الأمان لان فيه تصريحا بفايدة فتح الباب وهو الصلاة فيه دون ازعاج أهله وقد يرغب المسلمون في الصلاة في ذلك المكان إما لينقل الخبر بأن المسلمين صلوا جماعة في الحصن الفلاني فيدخل الرعب في قلوب باقي المشركين أو ليكونوا قد عبدوا الله في مكان لم يعبده في ذلك المكان أهله ومكان العبادة شاهدة للمؤمن يوم القيمة ولو قال امنوني على قلعتي أو مدينتي فامنوه دخل المال والأنفس فيه وإن كان تنصيص الأمان إنما هو عليهما لا غير لان المقصود من هذا الأمان بقاء القلعة والمدينة على ما كانتا عليه عرفا وتكون هو المتصرف والمتغلب وليس غرضه إبقاء عين القلعة أو المدينة مع إفناء أهلهما ونهب الأموال ولو قال امنوني على ألف درهم من مالي على أن افتح لكم الحصن فهو آمن على ما طلب ويكون الباقي فيئا ولو لم يف ماله بالألف لم يكن له زيادة على ماله ولو لم يكن له دراهم ولكنه كان له عروض اعطى من ذلك ما يساوى ألفا لأنه شرط في الأمان جزءا من ماله والأموال كلها جنس واحد في صفة المالية أما لو قال على ألف درهم من دراهمي ولا دراهم له كان لغوا لأنه شرط جزءا من دراهمه ولا دراهم له فلا يصادف الأمان محلا فيكون لغوا. البحث السادس. في الاحكام. مسألة. قد بينا إن من عقد أمانا لكافر وجب عليه الوفاء به ولا يجوز الغدر فإن نقضه كان غادرا وآثما ويجب على الامام منعه عن النقض إن عرف الأمان إذا عرفت هذا فلو عقد لحربي الأمان ليسكن دار الاسلام وجب الوفاء له ودخل ماله تبعا له في الأمان وإن لم يذكره لان الأمان يقتضى الكف عنه وأخذ ماله يوجب دخول الضرر عليه فيكون نقضا للأمان وهو حرام ولو شرط الأمان لماله كان له ذلك تأكيدا ولو دخل الحربي دار الاسلام بغير أمان ومعه متاع فهو حرب لا أمان له في نفسه ولا في ماله إلا أن يعتقدان أن دخوله بمتاعه على سبيل التجارة أمان له فإنه لا يكون أمانا ويرد إلى مأمنه ولو ركب المسلمون في البحر فاستقبلهم فيه تجار كفار من أرض العدو ويريدون بلاد الاسلام قال بعض العامة لم يقاتلوا ولم يعترضوا فيه نظر. مسألة. لو دخل الحربي دار الاسلام بتجارة معتقدا إنه أمان فهو أمن حتى يرجع إلى مأمنه ويعامل بالبيع والشراء ولا يسئل عن شئ وإن لم تكن معه تجارة وقال جئت مستأمنا لم يقبل منه ويكون الامام مخيرا فيه وبه قال الأوزاعي والشافعي ولو كان ممن ضل الطريق أو حملته الريح في المركب إلينا كان فيئا وقيل يكون لآخذه ولو دخل دار الاسلام بأمان دخل أمان ماله فلو عاد إلى دار الحرب بنية الرجوع إلى دار الاسلام فالأمان باق لأنه على نية الإقامة في دار الاسلام وإن كان للاستيطان في دار الحرب بطل في نفسه دون ماله لأنه بدخوله دار الاسلام وأخذ الأمان (ثبت الأمان صح) في مناله الذي معه فإذا بطل في نفسه بمعنى لم يوجد في المال وهو الدخول في دار الحرب بقى الأمان في ماله لاختصاص المقتضى بالنفس أما لو أخذه معه إلى دار الحرب فإنه ينتقض الأمان فيه كما ينتقض في نفسه ولو لم يأخذه فأنفذ في طلبه بعث به إليه تحقيقا للأمان فيه ويصح تصرفه فيه ببيع وهبة وغيرهما ولو مات في دار الحرب أو قتل انتقل إلى وارثه فإن كان مسلما ملكه مستقرا وإن كان حربيا انتقل إليه وانتقض فيه الأمان وبه قال أبو حنيفة لأنه مال لكافر لا أمان بيننا وبينه لا في نفسه ولا ماله فيكون كساير أموال أهل الحرب وقال احمد لا يبطل الأمان بل يكون باقيا وبه قال المزني وللشافعية قولان لان الأمان حق لازم متعلق بالمال فإذا انتقل إلى الوارث انتقل بحقه كساير الحقوق من الرهن والضمان والشفعة ونمنع ملازمته للمال لان الأمان تعلق بصاحبه وقد مات فيزول الأمان المتعلق به. مسألة. إذا مات الحربي في دار الحرب وقد أخذ الأمان لاقامته في دار الاسلام وأقام بها تبعه ماله وزال الأمان عنه بموته كما قلناه فينتقل إلى الامام خاصة من الفئ لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ولا أخذ بالسيف فهو بمنزله ميراث من لا وارث له ونقل المزني عن الشافعي إنه يكون غنيمة وهو ممنوع لأنه لم يؤخذ بالقهر والغلبة وينتقل المال إلى وارث الحربي سواء كان الوارث في دار الاسلام أو في دار الحرب فإن كان الوارث حربيا في الدارين صار فيأ للامام على ما قلناه وقال الشافعي في أحد الوجهين لا ينتقل إلى وراثه في دار الاسلام لأنه مع اختلاف الدارين يسقط الميراث وليس بجيد وكذا الذمي إذا مات وله ولد في دار الاسلام وولد في دار الحرب كان ميراثه لهما ولو كان له ولد في دار الاسلام صار ماله ولو كان في دار الحرب انتقل ماله إليه وصار فيأ ولو دخل دار الاسلام فعقد أمانا لنفسه ثم مات في دار الاسلام وله مال فإن كان وارثه مسلما ملكه وإن كان كافرا في دار الحرب انتقل المال إليه وصار فيأ لأنه مال لكافر لا أمان بيننا وبينه فيكون فيأ وقال بعض الشافعية يرد إلى وارثه واختلفوا على طريقين منهم من قال فيه للشافعي قولان كما لو مات في دار الحرب ومنهم من قال هنا يرد قولا واحدا لأنه إذا رجع إلى دار الحرب فقد بطل أمانه ومن مات وأمانه باق فحينئذ ينتقل إلى الامام لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وكذا لو لم يكن له وارث. مسألة. لو كان للحربي أمان فترك ماله ونقض الأمان ولحق بدار الحرب فإن الأمان باق في ماله فإن رجع ليأخذ ماله جاز سبيه وقال بعض الشافعية لا يجوز ويكون الأمان ثابتا لأنا لو سبيناه أبطلنا ملكه وأسقطنا حكم الأمان في ماله وليس بجيد لان ثبوت الأمان لماله لا يثبت له الأمان كما لو دخل إلى دار الاسلام بأمان ثم خرج إلى دار الحرب فإن الأمان باق في المال دونه وكما لو أدخل ماله بأمان وهو في دار الحرب فإن الأمان لا يثبت له لو دخل دار الاسلام ويثبت لما له ولو أسر الحربي الذي لماله أمان لم يزل الأمان عن ماله ثم لا يخلوا إما أن يمن عليه الامام أو يسترقه أو يفاديه أو يقتله فإن قتله انتقل إلى وارثه المسلم إن كان وإلا فإلى الحربي وصار فيأ فإن فأداه أو من عليه رد ماله إليه وإن استرقه زال ملكه عنه لان المملوك لا يملك شيئا وسار فيأ وإن أعتق بعد ذلك لم يرد إليه وكذا لو مات لم يرد على ورثته سواء كانوا مسلمين أو كفارا لأنه لم يترك شيئا. مسألة. إذا دخل المسلم أرض العدو بأمان فسرق شيئا وجب عليه رده إلى أربابه لانهم اعطوه الأمان بشرط أن يترك خيانتهم وإن لم يكن مذكورا صريحا فإنه معلوم من حيث المعنى ولو أسر المشركون مسلما ثم اطلقوه بأمان على أن يقيم في دارهم ويسلمون من جنايته حرمت عليه أموالهم بالشرط ولا يجوز عليه المقام مع القدرة على الهجرة ولو لم يأمنوه ولكن استرقوه واستخدموه
(٤١٧)