العقد كذا هنا والقول الثاني للشافعي إنه ينفسخ لان المسلم فيه من ثمرة ذلك العام وإذا هلكت انفسخ العقد كما لو باع قفيزا من صبرة فتلفت وإنما قلنا إن العقد تعلق بثمرة تلك السنة لأنه يجبر على دفعه منها وكما لو تلف البيع قبل القبض ويمنع تعيين المبيع في ثمرة تلك السنة لأنهما لو تراضيا على دفع ثمرة من غيرها جاز ولان المسلم فيه لا يجوز تعيينه وإنما أجبر على دفعه لتمكنه من دفع ما هو بصفة حقه. مسألة إذا انقطع المبيع عند الاجل فقد قلنا إن العقد لا ينفسخ بل يتخير المشترى بين الصبر إلى وقت إمكان الوجود وبين الفسخ لتضرره بالصبر ولأنه شرط ما لم يسلم له فكان له الخيار ولان التأخير كالعيب ولهذا يختلف الثمن باختلافه فكان له الخيار كما لو دفع إليه المعيب ولما رواه عبد الله بن بكير عن الصادق (ع) إنه سأله عن رجل أسلف في شئ يسلف الناس فيه من الثمار فذهب زمانها ولم يستوف سلفه قال فليأخذ رأس ماله أو لينظره إذا ثبت هذا فإذا فسخ المشترى البيع وجب على المسلم إليه رد رأس المال إن كان باقيا وإن كان تالفا فمثله إن كان مثليا وإن لم يكن له رد قيمته وكذا على قول الشافعي بالفسخ وإن اختار الصبر إلى مجئ المبيع طالب به فإن تعذر بعضه ووجد بعضه تخير المسلم بين الفسخ في الجميع لتبعض حقه وبين أخذ الموجود ويرجع بحصة الباقي أو يصبر بالباقي وهل له أن يأخذ الموجود ويفسخ في المعدوم الأقرب ذلك وعند الشافعي إنه مبنى على تفريق الصفقة وإذا جوزنا له الفسخ في المعدوم أخذ الموجود بحصته من الثمن وهو أصح قولي الشافعي والثاني إنه يأخذ بجميع الثمن أو يرده وإذا أخذه بالكل فلا خيار للبايع وإن أخذه بالحصة فالأقرب ذلك أيضا لان التعيب بالتفريق حصل من البايع بترك دفع الجميع للشافعي في خيار البايع (وجهان صح) إذا ثبت هذا فإنه لا ينفسخ البيع لو قبض البعض من أصله كما لا ينفسخ لو لم يقبض شيئا للأصل ولما رواه عبد الله بن سنان في الحسن عن الصادق (ع) إنه سأله أرأيت إن أوفاني بعضا وعجز عن بعض أيصلح لي أن آخذ بالباقي رأس مالي قال نعم ما أحسن ذلك. مسألة. ولا فرق في الخيار بين الصبر والفسخ بين أن لا يوجد المسلم فيه عند المحل أصلا وبين أن يكون موجودا ويؤخر البايع التسليم حتى ينقطع وهو أحد قولي الشافعية وإن الخلاف في الفسخ العقد من أصله والخيار كما تقدم جار في الصورتين معا وفرق بعضهم فقال الخلاف والخيار إنما هو فيما إذا لم يوجد المسلم فيه عند الاجل أما إذا وجد وفرط البايع بالتسليم فلا ينفسخ العقد بحال لوجود المسلم فيه وحصول القدرة وليس بشئ لتضرر المشترى في الصورتين ولأنه كالعيب المتجدد في يد البايع فإنه يوجب للمشترى الخيار. مسألة. لو أجاز المشترى ثم بدا له في الفسخ احتمل وجوب الصبر وعدم الالتفات إليه في طلب الفسخ لأنه إسقاط حق فأشبه (إجازة صح) زوجة العنين وهو أحد وجهي الشافعية ويحتمل أن له الفسخ ولا يكون إسقاط حق بل تكون هذه الإجازة أنظارا والانظار تأجيل والأجل لا يلحق العقد بعد وقوعه فأشبه زوجة المولى إذا رضيت بالمقام ثم ندمت فإذا اشترط حق الفسخ لا يسقط ولو قال المسلم إليه للمسلم لا تصبر وخذ رأس مالك فللمسلم (إليه صح) أن لا يجيبه وللشافعية وجه إنه يجب عليه الإجابة وليس بشئ ولو حل الاجل بموت المسلم إليه في أثناء المدة والمسلم فيه منقطع فالوجه إنه لا ينفسخ العقد من أصله بل يتخير المشترى كما تقدم وللشافعية قولان الفسخ من أصل العقد وتخيير المشترى ولو كان موجودا عند المحل وتأخر التسليم لغيبة أحد المتعاقدين ثم حضر والمسلم فيه منقطع فكما تقدم من تخيير المشترى عندنا ومن الوجهين الفسخ والتخيير عند الشافعية. مسألة. لو أسلم في شئ عام الوجود عند الحلول ثم عرضت آفة علم بها انقطاع الجنس عند المحل احتمل تخيير المشترى في الحال بين الصبر والفسخ لتحقق العجز في الحال ويحتمل وجوب الصبر ولا خيار في الحال لأنه لم يأت وقت وجوب التسليم وللشافعي قولان أحدهما إنه يتخير في الفسخ في الحال والثاني إنه لا يتخير ولا ينفسخ إلا في المحل وهذا الخلاف ما خوذ من الخلاف فيما إذا حلف ليأكلن هذا الطعام غدا فتلف قبل الغد من فعله إنه يحنث في الحال أو يتأخر إلى الغد ويحصل الانقطاع بأن لا يوجد المسلم فيه أصلا بأن يكون ذلك الشئ ينشأ من ذلك البلد وقد اصابته جايحة مستأصلة وهو انقطاع حقيقي وفي معناه ما لو كان يوجد في غير تلك البلدة ولكن لو نقل إليها فسد وإذا لم يوجد إلا عند قوم مخصوصين وامتنعوا من بيعه فهو انقطاع ولو كانوا يبيعونه بثمن غال فليس انقطاعا ووجب تحصيله ما لم يتضرر المشترى به كثيرا ولو أمكن نقل المسلم فيه من غير تلك البلدة إليها وجب نقله مع عدم التضرر الكثير. مسألة. إذا أسلم في شئ وقبض البعض عند الاجل وتعذر الباقي فقد قلنا إنه يتخير المشترى بين الفسخ في الجميع وفي الباقي سواء باع ما أخذه منه بزايد أو لا لما رواه سليمان بن خالد عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يسلم في الزرع فيأخذ بعض طعامه ويبقى بعض لا يجد وفاء فيرد على صاحبه رأس ماله قال فليأخذ فإنه حلال قلت فإنه يبيع ما قبض من الطعام بضعف قال وإن فعل فإنه حلال مسألة. وهل له أن يأخذ القيمة بسعر وقت الاجل أو المطالبة الأقرب ذلك لأنه قد استحق مالا في ذمة البايع فجاز بيعه كما يجوز بيع ساير الديون أو أن يعوضه عن الدين بالقيمة كما لو قضى الدين من غير جنسه ولما رواه أبان بن عثمان عن بعض أصحابنا عن الصادق (ع) في الرجل يسلف الدرهم في الطعام إلى أجل فيحل الطعام فيقول ليس عندي طعام ولكن أنظر ما قيمته فخذ منى ثمنه قال لا بأس بذلك وقد روى علي بن جعفر قال سألته عن رجل له على رجل آخر تمرا وشعيرا وحنطة أيأخذ قيمته دراهم قال إذا قومه دراهم فسد لان الأصل الذي يشترى به دراهم فلا يصلح دراهم بدراهم قال الشيخ (ره) الذي أفتى به ما تضمنه هذا الخبر من أنه إذا كان الذي أسلف فيه دراهم لم يجز له أن يبيع عليه بدراهم لأنه يكون قد باع (دراهم صح) بدراهم وربما يكون فيه زيادة ونقصان وذلك ربا ثم تأول الخبر الأول بأن يكون قد أعطاه في وقت السلف ثمنا غير الدراهم فلا يؤدى ذلك إلى الربا لاختلاف الجنسين لما رواه العيص بن القاسم في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتى إذا حضر الاجل لم يكن عنده طعام ووجد عنده دواب ورقيقا ومتاعا يحل له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه قال نعم يسمى كذا وكذا بكذا و كذا صاعا والوجه ما اخترناه ولا ربا هنا لان التقدير إنه اشترى متاعا بأخذ النقدين ثم باعه بذلك النقد ومن شرط الربا بيع أحد المتماثلين جنسا بصاحبه مع التفاضل. البحث الخامس في علم المقدار. مسألة. المبيع إن كان مما يدخله الكيل أو الوزن لم يصح بيعه سلفا إلا بعد ذكر قدره بأحدهما لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم ومن طريق الخاصة قال الصادق قال أمير المؤمنين (ع) لا بأس بالسلم كيل معلوم إلى أجل معلوم ولان السلم يشتمل على نوع غرر فلا يحتمل من الغرر ما لا يحتمله الحال ولو باع الحال جزافا لم يجز ويجب أن يكون المكيال متعارفا عند الناس فلا يجوز تقديره بإناء معين لأنه قد يهلك فيتعذر معرفة المسلم فيه وهو غرر لا يحتاج إليه ولأنه أيضا مجهول لأنه لا يعلم بذلك قدر المبيع من المكيال المعروف ولا هو مشاهد وكذا الصبخة إذا عينها فإن كانت الصبخة المشهورة بين العامة جاز لأنها إذا تلفت رجع إلى مثلها وإن كانت مجهولة لم يجز وإن عينه بمكيال رجل معروف وميزانه فإن كان مكياله وصبخته معروفين جاز وإلا فلا وإذا كان معروفا لم يختص به وكذا لو أسلم في ثوب على صفة خرقة احضرها حال العقد لم يصح لجواز أن تهلك الخرقة فيكون ذلك غررا لا حاجة به إليه لأنه لا يمكنه أن يضبطه بالصفات الموجودة فيها. مسألة. ليس المراد في الخبر الجمع بين الكيل والوزن بل قد يكون الجمع بينهما مبطلا لعزة الوجود كما لو أسلم في ثوب ووصفه بالذرع وقال وزنه كذا أو أسلم في مائه صاع حنطة على أن يكون وزنها كذا نعم لو ذكر في الخشب مع الصفات المشروطة الوزن جاز لان الزايد يمكن تعديله بالنحت لكن المراد الامر بالكيل في الموزونات التي يتأتى فيها الكيل بخلاف أعيان الربا حيث لم يجز بيع بعض المكيلات ببعض في الجنس الواحد وزنا لان المعتبر فيها
(٥٥٥)