بها وسقطت دعوى الآخر ولو أقاما بينتين على السبق بأن شهدت بينة هذا بسبق عقده على عقد صاحبه وشهدت بينة صاحبه بسبق عقده على العقد الأول أو شهدت إحديهما لأحدهما إنه اشترى يوم السبت وصاحبه اشترى يوم الأحد وشهدت الأخرى للآخر إنه اشترى يوم السبت والآخر يوم الأحد تعارضتا وينبغي أن يحكم لأكثرهما عددا وعدالة فإن تساويا احتمل القرعة لأنه أمر مشكل وكل أمر مشكل ففيه القرعة والقسمة بينهما وللشافعي هنا قولان أحدهما تساقط البينتين كأنه لا بينة لواحد منهما والثاني إنهما يستعملان وفي كيفيته أقوال أحدها القرعة فعلى هذا من خرجت قرعته أخذ نصيب الآخر بالشفعة والثاني القسمة ولا فايدة لها إلا مع تفاوت الشركة فيكون التنصيف تعبدا والثالث الوقف وعلى هذا يوقف حق التملك إلى أن يظهر الحال ومن الشافعية من لا يجرى قول الوقف هنا لانتفاء معناه مع كون الملك في يدهما ولو عينت كل واحدة من البينتين وقتا واحدا فلا تنافي بينهما لاحتمال وقوع العقدين معا ولا شفعة لواحد منهما لأنا تبينا وقوع العقدين دفعة وللشافعية وجه أنهما يسقطان لان كل واحدة منهما لم يتعرض لمقصود مقيمها فكأنه لا بينة. البحث الرابع. في كيفية الاخذ بالشفعة. مسألة. يملك الشفيع الاخذ بالعقد إما بالفعل بأن يأخذ الحصة ويدفع الثمن إلى المشترى أو يرضى بالصبر فيملكه وإما باللفظ كقوله (أخذته صح) أو تملكته أو اخترت الاخذ وما أشبه ذلك عملا بالأصل من عدم اشتراط اللفظ وقال بعض الشافعية لابد من لفظ كتملكت وما تقدم وإلا فهو من باب المعاطاة وهو ممنوع لان المعاطاة تتوقف على رضاهما ولا يتوقف الاخذ بالشفعة على رضا المشترى ولا يكفي أن يقول لي حق الشفعة وأنا مطالب بها عنده لان المطالبة رغبة في الملك فالملك لا يحصل بالرغبة المجردة وقال بعضهم بقولنا ولا يملك الشفيع بمجرد اللفظ بل يعتبر مع ذلك أحد أمور إما أن يسلم العوض إلى المشترى فيملك به أن تسلمه وإلا خلى بينه وبينه أو رفع الامر إلى الحاكم حتى يلزمه التسليم وأن يسلم المشترى الشقص ويرضى بكون الثمن في ذمته ولو كان المبيع دارا عليها صفايح من أحد النقدين والثمن من الآخر وجب التقابض فيما قابله خاصة ولو رضي بكون الثمن في ذمته ولم يسلم الشقص حصل الملك عندنا وهو أحد وجهي الشافعية لأنه معارضة والملك في المعاوضات لا يتوقف على القبض والثاني لهم لا يحصل الملك وقول المشترى ما لم يتصل به القبض في حكم الوعد وإما أن يحضر في مجلس القاضي ويثبت حقه في الشفعة ويختار التملك ويقضى القاضي له بالشفعة وهو أصح وجهي الشافعية لان الشرع نزل الشفيع منزلة المشترى حتى كان العقد له إلا أنه مخير بين الاخذ والترك فإذا طلب وتأكد طلبه بالقضاء وجب أن يحكم له بالملك والثاني له من لا يحصل الملك ويستمر ملك المشتري إلى أن يصل إليه عوضه أو يرضى بتأخيره وإما أن يشهد عدلان على الطلب واختيار الشفعة فإن لم يثبت الملك بحكم القاضي فهنا أولي فإن أثبتناه فوجهان لهم لقوة قضاء القاضي وهذا كله غير معتبر عندنا. مسألة. لا يشترط في تملك الشفيع بالشفعة حكم الحاكم ولا حضور الثمن أيضا ولا حضور المشترى ورضاه عند علمائنا وبه قال الشافعي لان حكم الشفعة تثبت بالنص والاجماع فيستغنى عن حكم الحاكم كمدة الايلاء و الرد بالعيب ولأنه تملك بعوض فلا يفتقر إلى إحضار العوض كالبيع ولا إحضار المشترى ورضاه به كالرد بالعيب وقال أبو حنيفة يعتبر حضور المشترى أو حكم الحاكم ولا يحكم الحاكم إلا إذا أحضر الثمن وعن الصعلوكي أن حضور المأخوذ منه أو وكيله شرط وهو ممنوع وإذا ملك الشفيع بغير تسليم الثمن بل إما بتسليم المشترى الشقص ويرضى يكون الثمن في ذمته أو بحضوره في مجلس القاضي وإثبات حقه في الشفعة ويختار الملك فيقضى له القاضي لم يكن له أن يستلم الشقص حتى يؤدى الثمن إلى المشترى و إن تسلم المشترى قبل أداء الثمن ولا يلزمه أن يؤخر حقه بأن اخر البايع حقه. مسألة. يجب على الشفيع دفع الثمن معجلا فإن تعذر تعجيله أو ادعى غيبته أحل ثلاثة أيام لاحضاره لان تحصيله في الحال يتعذر في غالب العادات فلو شرط إحضاره في الحال أدي إلى إسقاط الشفعة وذلك إضرار بالشفيع فإن أحضر الثمن في مدة الثلاثة فهو أحق وإلا بطلت شفعته بعدها ولو ذكر ان الثمن في بلد آخر أجل بقدر وصوله من ذلك البلد وثلاثة أيام بعده ما لم يتضرر المشترى ولو هرب الشفيع بعد الاخذ كان للحاكم فسخ الاخذ ورده إلى المشترى وإن لم يكن له ذلك في البيع لو هرب المشترى أو أخر الدفع لان البيع حصل باختيارهما فلهذا لم يكن للحاكم فسخه عليهما وهنا أخذه الشفيع بغير اختيار المشترى لإزالة الضرر عن نفسه فإذا اشتمل على إضرار بالمشترى منعه الحاكم ورده ولو هرب قبل الاخذ فلا شفعة له وكذا العاجز عن الثمن وقال بعض الشافعية إذا قصر في الأداء بطل حقه من الشفعة وإن لم يؤخذ رفع إلى الحاكم والمعتمد الأول لما قلناه ولما روى علي بن مهزيار إنه سأل الجواد (ع) عن رجل طلب شفعة أرض فذهب على أن يحضر المال فلم ينض فكيف يصنع صاحب الأرض إن أراد بيعها أبيعها أو ينتظر مجئ شريكه صاحب الشفعة قال إن كان معه بالمصر فينتظر به ثلاثة أيام فإن أتاه بالمال وإلا فليبع من يطلب شفعته في الأرض وإن طلب الاخذ إلى أن يحمل المال من بلد آخر فلينتظر به مقدار ما يسافر الرجل إلى تلك البلدة وينصرف و.
زيادة ثلاثة أيام إذا قدم فإن وافاه وإلا فلا شفعة له وفسخ منه. مسألة. ولا يثبت في الشفعة خيار المجلس عند علمائنا للأصل الدال على عدمه ولدلالة قوله (ع) البيعان بالخيار ما لم يفترقا على اختصاص الخيار بالبيع لأنه وصف علق عليه حكم فينتفى بانتفائه ولان الخيار لا يثبت للمشترى لأنه يؤخذ الملك منه قهرا ولا للآخذ لان له العفو والاسقاط نعم لو أخذ وثبت الملك له لم يكن له الخيار في الفسخ للأصل وللشافعي قولان أظهرهما ثبوت الخيار وقد تقدم بأن يترك بعد ما أخذ أو يأخذ بعد ما ترك ما دام في المجلس لان ذلك معاوضة فكان في اخذها وتركها خيار المجلس كالبيع وله قول آخر إنه يسقط لان الشفعة حق له ثبت فإذا أخره أو تركه سقط كغيره من الحقوق فعلى قوله بالخيار يمتد إلى مفارقة المجلس وهل ينقطع بأن يفارقه المشترى وجهان المنع لأنه لاحظ له في الخيار فلا اعتبار بمفارقته والانقطاع لحصول التفريق. مسألة. يجوز للمشترى التصرف في الشقص قبل أن يأخذ الشفيع وقبل علمه بالبيع فإذا تصرف صح تصرفه لان ملكه بالعقد إجماعا وفايدة الملك استباحة وجوه الانتفاعات وصح قبض المشترى له ولم يبق إلا أن الشفيع ملك عليه أن يملك وذلك لا يمنع تصرفه كما لو كان الثمن معيبا فتصرف المشترى في المبيع وكذا الموهوب له إذا كان الواهب ممن له الرجوع فيها فإن تصرفه يصح وإن ملك الواهب فيها إذا ثبت هذا فإن تصرفه إن كان مما يجب به الشفعة كالبيع خاصة (عندنا صح) وكل معاوضة عند الشافعي كجعله عوض الصداق أو الخلع أو غير ذلك من المعاوضات تخير الشفيع إن شاء فسخ تصرفه وأخذ بالثمن الأول لان حقه أسبق وسببه متقدم فإن الشفعة وجبت له قبل تصرف المشترى وإن شاء أمضى تصرفه وأخذ بالشفعة من المشترى الثاني لان هذا التصرف يثبت للشفعة فلو باعه المشترى بعشرة بعشرين فباعه الآخر بثلاثين فإن أخذه من الأول دفع عشرة ورجع الثالث على الثاني بثلاثين والثاني على الأول بعشرين لان الشقص يؤخذ من الثالث وقد انفسخ عقده وكذا الثاني ولو أخذ من الثاني صح ودفع عشرين وبطل الثالث فيرجع بثلاثين ولو أخذ من الثالث صحت العقود ودفع ثلاثين وإن كان تصرفه لا يثبت به الشفعة كالهبة والوقف وجعله مسجدا فإن للشفيع إبطال ذلك التصرف ويأخذ بالثمن الأول ويكون الثمن للمشترى وبه قال الشافعي وقال مالك إنه يكون الثمن للموهوب له وهو غلط لان الشفيع أبطل الهبة وأخذ الشقص بحكم العقد الأول ولو لم يكن وهب كان الثمن له كذا بعد الهبة المفسوخة وكذا للشفيع فسخ الوقف وكونه مسجدا أو غير ذلك من أنواع التصرفات وبه قال أكثر الشافعية وقال