فيها قولين ولا فرق بينها وبين الرؤس لان الرؤس والأكارع تختلف بالصغر والكبر وأكثرها غير مقصود فإن جوزوا السلم فيها اشترطوا الوزن وكذا لا يجوز السلف في غير ذلك من أعضاء الحيوان وقال بعضهم يجوز السلف في الكوارع لقلة الاختلاف في أجزائها وبعضهم منع من الرؤس لان الكبر فيها مقصود فلا يجوز اعتبارها بالوزن فليحق بالمعدودات لكن بيعها سلفا بالعدد باطل فلهذا لم يجز السلف في الرؤس. مسألة. لا يجوز بيع الترياق ولا السلم فيه لأنه يخالطه لحوم الأفاعي وهي حرام ويمازجه الخمر وهو نجس وكذا جميع السموم من الحيتان وغيرها لا يجوز بيعه ولا السلف فيه لعدم الانتفاع به ولو كان مما يصلح قليله للدواء ويكون كثيرة سما كالسقموينا فإنه يجوز السلم فيه ويصفه بما يحتاج إليه إذا أمكن ضبط أوصافه ولا فرق عندنا في جواز البيع بين قليله وكثيره وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم لا يجوز بيع كثيره لأنه سم وهو خطأ لأنه لم يبع كذلك وإذا جاز قليله جاز بيع جنسه لان فيه منفعة بالجملة. مسألة. يجوز السلم في الحيتان مع إمكان ضبطها وبه قال الشافعي لأنها نوع من الحيوان وقد بينا جواز السلف في أنواعه ولا يجوز التلف في شئ من لحوم الطير لأنا بينا بطلان السلم في اللحوم مطلقا وقال الشافعي يجوز بناء على مذهبه من جواز السلم في مطلق اللحم ويصفه بذكر النوع والصغر والكبر والسمن والهزال والجيد والردئ وإن كان كبيرا ذكر موضع اللحم منه ولا يأخذ في الوزن الرأس والساق والرجل لأنه لا لحم عليها وكل هذا عندنا باطل. مسألة يجوز السلف في اللبن والسمن والزبيد واللبا والأقط لامكان ضبطها بالوصف وينصرف مطلق اللبن إلى الحلو ولو أسلم في اللبن الحامض قال بعض الشافعية لا يجوز لان الحموضة عيب فيه والأولى عندي الجواز فإن العيوبة لا تخرجه عن المالية والتقويم ولو أسلم في لبن يومين أو ثلاثة جاز إذا بقى حلوا في تلك المدة ولو تغير إلى الحموضة لم يبرأ لأنها عيب إلا أن يكون حصولها ضروريا في تلك المدة ويجوز السلم فيه كيلا ووزنا ولا يكال حتى تسكن الرغوة ويجوز وزنه قبل سكونها ويجوز في السمن كيلا ووزنا لكن إن كان جامدا يتجافى في المكيال تعين الوزن وليس في الزبد إلا الوزن قاله الشافعي ولو قيل بجواز كيله أمكن وأما اللبا المجفف فهو موزون عند الشافعي وقبل تجفيفه كاللبن وهل يجوز السلف في المخيض منع منه الشافعي إن كان فيه ماء والأولى عندي الجواز مطلقا ولو مخض اللبن من غير ماء جاز السلف فيه ويصح وصفه بالحموضة وبه قال الشافعي. مسألة يجوز السلف في الأثمان الدراهم والدنانير إذا كان الثمن غير النقدين وبه قال الشافعي ومالك لأنه يثبت في الذمة صداقا فيثبت سلما كغيره ولأنه يمكن ضبطه بالوصف وهو أقرب إلى الضبط من غيره فكان الجواز فيه أولي وقال أبو حنيفة لا يجوز السلم فيها لأنها لا لا تثبت في الذمة إلا ثمنا فلا يكون مثمنة وهو ممنوع فلا يجوز بيع الذهب بمثله وبالفضة والفضة بمثلها وبالذهب ولا يكون كل واحد منهما مثمنا (ثمنا صح) كذا هنا وإنما لم يجز.
بالنقدين لأنه يكون صرفا ومن شرطه التقابض في المجلس ولو فرض امتداده حتى يخرج الاجل فالأولى المنع أيضا ولو كان السلم حالا وقلنا به جاز إذا تقابضا في المجلس وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم على تقدير جواز الحال لا يجوز هنا لان لفظ السلم يقتضى تقديم أحد العوضين واستحقاق قبضه دون الآخر والصرف يقتضى تسليم العوضين جميعا فلم ينعقد الصرف بلفظ السلم والمقدمتان ممنوعتان. مسألة يجوز السلف في جميع الثمار والفواكه لامكان ضبطها بالوصف وقد روى ابن بكير عن الصادق (ع) قال لا بأس بالسلم في الفاكهة وسأل عبد الله بن بكير الصادق (ع) عن رجل أسلف في شئ يسلف الناس فيه من الثمار فذهب زمانها فلم يستوف سلفه قال فليأخذ رأس ماله أو لينظره وكذا يجوز في أصناف الطعام من الحنطة والشعير والدخن والذرة وأصناف الحبوب من العدس والسمسم والماش واللوبيا وغير ذلك من جميع الأشياء التي يمكن ضبط أوصافها وعموم وجودها في المحل ولا نعلم فيه خلافا للأصل ولما رواه محمد الحلبي في الصحيح إنه سأل الصادق (ع) عن السلم في الطعام بكيل معلوم إلى أجل معلوم قال لا بأس به وكذا يجوز السلف في العسل والسكر والسيلان والدبس وإن خالطه النار خلافا للشافعي فيما خالطة النار. مسألة يجوز السلف في الوبر والصوف والقطر والإبريسم والغزل المصبوغ وغير المصبوغ والثياب والحطب والخشب والحديد والصفر والرصاص والقير والنفط والبزر والشيرج والخضر والفواكه وما تنبته الأرض والبيض والجوز واللوز والشحم والطيب والملبوس والأشربة والأدوية والصفر والحديد والرصاص والنحاس والزيبق والكحل والزيت وبالجملة ساير أصناف الأموال إذا جمعت الشرايط قال الصادق (ع) لا بأس بالسلم في المتاع إذا وصفت الطول والعرض وسأله سماعة عن السلم وهو السلف في الحرير والمتاع الذي يصنع في البلد الذي أنت فيه قال نعم إذا كان إلى أجل معلوم وسأل الحلبي الصادق (ع) عن الزعفران يسلم فيه الرجل دراهم في عشرين مثقالا أو أقل من ذلك أو أكثر قال لا بأس إن لم يقدر الذي عليه الزعفران أن يعطيه جميع ماله له أن يأخذ نصف حقه أو ثلثه أو ثلثيه ويأخذ رأس مال ما بقى من حقه وهذا الخبر كما دل على المطلوب فقد دل على مطلوب آخر وهو إن الزعفران يجوز السلم فيه مع كثرته مع إن الكثير منه قاتل وروى سليمان بن خالد عن الصادق (ع) قال والأكسية أيضا مثل الحنطة والشعير والزعفران والغنم يعنى بذلك جواز السلف فيها ويجوز السلف في أنواع العطر العامة الوجود كالمسك والعنبر والكافور وكذا جميع بسايط العطر كالعود والزعفران والورس وكذا يجوز السلم في مركبات العطر كالغالية والند والعود المطر إذا عرفه مقدار بسايطه ومنع الشافعي من المركب مطلقا لان كل بسيط منه مقصود ولا يعرف قدره ويكون سلما في المجهول ونمنع الجهالة إذا التقدير المعرفة ويجوز السلم في الزجاج مع ضبطه بالوصف والطين والجص والنورة وحجارة الأرحية والأبنية والأواني مع الوصف وكذا يجوز في البرام المعمولة والكيران والحباب والطوس والسرج والمنابر والقماقم والطناجير مع ضبط هذه كلها بالوصف خلافا للشافعي فإنه منع للذرة إجتماع الوزن في الصفات المشروطة وهو ممنوع وكذا يجوز السلم في الكاغذ عددا مع ضبطه بالوصف وكذا يجوز في العلس والأرز خلافا للشافعي حيث منع لاستتارهما وينقض بمثل الجوز ويجوز في الدقيق خلافا لبعض الشافعية ولا يجوز السلم على المنافع كتعليم القران وغيره خلافا للشافعي لان مثل ذلك لا يعد بيعا. مسألة يجوز السلم في عيدان النبل قبل تحتها مع إمكان ضبطها بالوصف وبه قال الشافعي ويسلم فيه وزنا وإن أمكن أن يقدر عرضها وطولها بما يجوز التقدير به في السلم جاز عددا وأما النبل بعد عمله فلا يجوز السلف فيه لأنه يجمع أخلاطا غير مقصودة لان فيه خشبا وغصبا وريشا وبه قال الشافعي قال ولان فيه ريش النسر وهو نجس عنده وأما إذا كان منحوتا حسب فالأقرب المنع وبه قال الشافعي لعدم القدرة على معرفة ثخانتها ويتفاضل في الثخن ويتباين فيه وفي موضع آخر قال يجوز السلم في النشاب الذي لا ريش عليه إذا أمكن أن يوصف ومنع بعضهم من إمكان وصفه لان أطرافه خفيفة ووسطه ثخين ولا يمكن ضبط ذلك وأما القسي فلا يجوز السلم فيها لاشتمالها على الخشب والعظم والعصب وكل واحد منهما محمول لا يعلم قدره ولا يمكن ضبطه فإن فرض إمكانه جاز. مسألة لا يجوز السلف في المشوى والمطبوخ وبه قال الشافعي لأنه لا يعلم قدر تأثير النار فيه عادة ويختلف الأغراض باختلاف تأثير النار فيه ويتعذر الضبط في السلم فيه فأشبه الخبز وللشافعية في الخبز وجهان ولو أمكن ضبط تأثير النار كالسمن والدبس والسكر حيث إن لتأثير النار فيها نهاية مضبوطة جاز وأما الماورد فالأقرب جواز السلم فيه وللشافعية فيه خلاف لاختلاف تأثير النار فيما يتصعد ويقطر ولا عبرة بتأثير الشمس بل يجوز السلم في العسل المصفى (بالشمس عند الشافعية وفي العسل مصفى صح) بالنار عندهم وجهان وكذا الدبس أحدهما المنع لاختلاف تأثير النار فيه ولان النار تعيبه وتسرع الفساد إليه والثاني الجواز كما اخترناه. الباب الثاني في ذكر أوصاف هذه الأجناس