لأصالة البراءة وهو غلط لما بينا من أن جماعة من الصحابة حكموا في حمام الحرم بشاة ولأنه صيد ممنوع منه لحق الله تعالى فأشبه الصيد في الحرم ولان حماد بن عثمان سأل الصادق عليه السلام عن رجل أصاب طيرين واحدا من حمام الحرم والاخر من حمام غير الحرم قال يشترى بقيمة الذي من حمام الحرم قمحا فيطعمه حمام الحرم ويتصدق بجزاء الاخر مسألة في كل واحد من القطا والحجل والدراج حمل قد فطم ورعى الشجر وحده ما كمل أربعة أشهر لغة لقول الصادق عليه السلام وجدنا في كتاب علي عليه السلام في القطاة إذا أصابة الحرم حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجر وقال الباقر عليه السلام في كتاب علي عليه السلام من أصاب قطاة أو حجلة أو دراجة أو نظيرهن فعليه دم وأوجب ابن عباس وعطا وجابر شاة شاة مسألة في العصفور والصعوة والقبرة وما أشبهها مد من طعام عند أكثر علمائنا لقول الصادق عليه السلام القبرة والصعوة والعصفور إذا قتله المحرم فعليه مد من طعام عن كل واحد منهم وقال داود لا يضمن ما كان أصغر من الحمام لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وهذا لا مثل له وليس بجيد لعموم قوله تعالى تناله أيديكم يعنى الفرخ والبيض وما يعجز عن الفرار من صغار الصيد ورماحكم يعنى الكبار وروى العامة عن ابن عباس إنه حكم في الجراد بجزاء ومن طريق الخاصة ما تقدم مسألة الزنبور وإن قتله المحرم خطأ لم يكن عليه شئ فيه وإن قتل عمدا كان عليه كف من طعام وبه قال مالك لان معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن محرم قتل زنبورا فقال إن كان خطأ فلا شئ قلت بل عمدا قال يطعم شيئا من الطعام وقال احمد والشافعي لا شئ فيه أما الهوام من الحيات والعقارب وغير ذلك فلا يلزمه شئ بقتلها إذا لم يرده لقول الصادق عليه السلام كل ما يخاف المحرم على نفسه من السباع والحيات وغيرها فليقتله وإن لم يرده فلا يرده وأما القمل والبق وأشبههما فلا بأس بقتله للمحل في الحرم لقول الصادق عليه السلام لا بأس بقتل القمل والبق في الحرم قال الشيخ ولو كان محرما لزمته الكفارة وهو جيد لقول الصادق عليه السلام وإن قتل شيئا من ذلك يعنى القمل خطأ فليطعم مكانها طعاما قبضة بيده كذا إذا ألقاها عن جسده وقد تقدم مسألة من قتل جرادة وهو محرم كان عليه كف من طعام أو تمرة ولو كان كثيرا كان عليه دم شاة لقول الصادق عليه السلام في محرم قتل جرادة فإن يطعم تمرة وتمرة خير من جرادة وسأل محمد بن مسلم الصادق عليه السلام عن محرم قتل جرادة قال كف من طعام وإن كان أكثر فعليه دم شاة ولو عم الجراد السكك ولم يتمكن من الاحتراز عن قتله لم يكن عليه شئ وبه قال عطا والشافعي في أحد القولين وفى الاخر عليه الضمان لنا أصالة البراءة ولقول الصادق عليه السلام على المحرم أن يتنكب عن الجراد إذا كان على طريقه وإن لم يجد بدا فقتل فلا بأس مسألة في كل واحد من الضب والقنفذ واليربوع جدي لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم ولما تقدم من أن الصحابة قضوا فيما ذكرنا بمثله من النعم قضى عمر وابن مسعود في اليربوع بجفرة وقضى عمر وزيد في الضب بجدي وقضى جابر بن عبد الله فيه بشاة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في اليربوع والقنفذ والضب إذا أصابه المحرم جدي والجدى خير منه وإنما جعل هذا لكي ينكل عن فعل غيره من الصيد البحث الثالث فيما لا نص فيه مسألة ما لا مثل له من الصيد ولا تقدير شرعي فيه يرجع إلى قول عدلين يقومان وتجب عليه القيمة التي يقدر إنها فيه ويشترط في الحكمين العدالة إجماعا للآية ولابد وأن يكونا اثنين فما زاد ولو كان القاتل أحدهما جاز وبه قال الشافعي واحمد وإسحاق وابن المنذر لقوله تعالى يحكم به ذوا عدل منكم والقاتل مع غيره ذوا عدل منا فيكون مقبولا ولأنه مال يخرج في حق الله تعالى فوجب (فجاز) أن يكون من وجب عليه أمينا فيه كالزكاة وقال النخعي لا يجوز لان الانسان لا يحكم لنفسه وهو ممنوع كما في الزكاة ولو قيل إن كان القتل عمدا عدوانا لم يجز حكمه لفسقه وإلا جاز كان وجها ولو حكم اثنان بأن له مثلا وآخران بانتفاء المثل قال بعض العامة الاخذ بالأول أولي مسألة قال الشيخ (ره) في البط والإوز والكركي شاة وهو الأحوط قال وإن قلنا فيه القيمة لأنه لا نص فيه كان جايزا وهو الظاهر من قول ابن بابويه لأنه أوجب شاة في كل طاير عدا النعامة ويؤيده قول الصادق عليه السلام في محرم ذبح طيرا أن عليه دم شاة يهريقه فإن كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضان وهو عام قال الشيخ (ره) من قتل عظاية كان عليه كف من طعام لان معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن محرم قتل عظاية قال كف من طعام إذا عرفت هذا فالقيمة واجبة في قتل كل ما لا تقدير فيه شرعا وكذا البيوم لا التي لا نص في تقديرها مسألة يضمن الكبير من ذوات الأمثال بكبير والصغير بصغير وإن ضمنه كبير كان أولى ويضمن الذكر بمثله والأنثى بمثلها وبه قال الشافعي لقوله تعالى مثل ما قتل وقال مالك يضمن الأصغر بكبير لقوله تعالى هديا بالغ الكعبة والصغير لا يهدى وهو ممنوع وكذا يضمن الصحيح بصحيح إجماعا والمعيب بمثله وإن ضمنه بصحيح كان أحوط وبه قال الشافعي واحمد وقال مالك يضمن المعيب بصحيح وقد تقدم ولو اختلف المعيب بالجنس فإن فدى الأعرج بأعور أو بالعكس لم يجز أما لو اختلف بالمحل بأن فدى الأعور من اليمنى بالأعور من اليسرى أو الأعرج من إحدى الرجلين بأعرج الأخرى جاز لعدم الخروج به عن المماثلة ويفدى الذكر بمثله أو بالأنثى لأنها أطيب لحما وأرطب وللشافعي قولان ويفدي الأنثى بمثلها وهل يجزى الذكر قيل نعم لان لحمه أوفر فتساويا وقيل بالمنع لان زيادته ليس من جنس زيادتها فأشبه اختلاف العيب جنسا ولاختلافهما خلقة فيقدح في المثلية وللشافعي قولان والشيخ (ره) جوز الجميع لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل ومعلوم أن المراد المثل في الخلقة لعدم اعتبار الصفات الأخرى كاللون ولو قتل ماخضا ضمنها بما خض مثلها للآية ولان الحمل فضيلة مقصودة ولا سبيل إلى إهمالها وبه قال الشافعي إلا أنه قال لا تذبح الحامل لان فضيلة الحامل بالقيمة لتوقع الولد وقال الشافعي يضمنها بقيمة مثلها لان قيمته أكثر من قيمة لحمه وهو عدول عن المثل مع إمكانه ولا عبرة بالزيادة والنقصان في القيمة مع إمكان المثل ولو فداها بغير ماخض ففي الأجزاء نظر من حيث عدم المماثلة ومن حيث إن هذه الصفة لا تزيد في لحمها بل قد ينقصه غالبا فلا يشترط وجود مثلها في الجزاء كالعيب واللون ولو أصاب صيدا حاملا فألقت جنينا فإن خرج حيا وماتا معا لزمه فداؤهما معا فيفدى الام بمثلها والصغير بصغير وإن عاشا فإن لم يحصل عيب فلا شئ عملا بالأصل وإن حصل ضمنه بأرشه ولو مات أحدهما دون الاخر ضمن التالف خاصة وإن خرج ميتا ضمن الأرش وهو ما بين حميتها حاملا ومجهضا البحث الرابع في أسباب الضمان وهو أمران الأول المباشرة مسألة قد بينا أن من قتل صيدا وجب عليه فداؤه فإن أكله لزمه فداء آخر وبه قال عطا وأبو حنيفة لأنه أكل من صيد محرم عليه فوجب عليه فداؤه كما لو صيد لأجله وقال بعض علمائنا يجب عليه بالقتل فداء وبالأكل قيمة ما أكل وقال مالك والشافعي لا يضمن الآكل وقد تقدم بطلانه ولا فرق بين أن يفدى القتيل قبل الاكل أو لا في وجوب الفدائين معا أو الفداء والقيمة لأنه تناول محظور إحرامه فلزمه الجزاء وقال أبو حنيفة إذا ذبحه وأكله قبل أن يؤدى الجزاء دخل ضمان الاكل في ضمان الجزاء وإن أكل بعد ما أدى قيمته فعليه قيمة ما أكل وقال أبو يوسف ومحمد لا يضمن عن الاكل شيئا وعليه الاستغفار لان حرمته لكونه ميتة لأنه جناية على الاحرام وذلك لا يوجب إلا الاستغفار ونمنع عدم الايجاب بما تقدم مسألة حكم البيض حكم الصيد في تحريم أكله إجماعا وسواء كسره هو أو محرم آخر ولو كسره حلال كان على المحرم إذا أكله قيمة سواء أخذ لأجله أو لغيره خلافا لبعض العامة كما خالف في أكل اللحم فجوزه إذا ذبح لا لأجله ومنعه إذا ذبح لأجله وقد بينا عدم الفرق ولو كسر المحرم بيض الصيد لم يحرم على المحل أكله وإن وجب على المحرم فداء الكسر لان حله لا يقف على كسره ولا يعتبر له أهل يصدر عنه بل لو انكسر من نفسه أو كسره مجوسي لم يحرم فأشبه قطع اللحم وطبخه وقال بعض العامة يحرم على المحل أكله وهو قول الشيخ (ره) كذبح المحرم الصيد وليس بجيد مسألة لو اشترى محل لمحرم بيض نعام وأكله المحرم كان على المحرم عن كل بيضة شاة وعلى المحل عن كل بيضة درهم أما وجوب الشاة على المحرم فلانه جزاء البيضة على ما قلناه وقد بينا وجوب الجزاء على المحرم بالاكل كما يجب بالصيد والكسر وأما وجوب الدرهم
(٣٤٧)