الاحرام إذ قد تحلل عن معظم محظوراته بخلاف الوطي في الاحرام الكامل وقال مالك لا يجب عليه بالوطي الثاني شئ لأنه وطى لا يتعلق به إفساد الحج فلا تجب به الكفارة كما لو كان في مجلس واحد والجواب إن عدم تعلق الافساد به لا يمنع وجوب الكفارة كقتل الصيد ولبس الثوب وغيرهما من أنواع المحظورات وقال احمد في الرواية الثانية إن كفر عن الأول وجب عليه عن الثاني بدنة لأنه وطى في إحرام لم يتحلل منه ولا أمكن تداخل كفارته في غيره فأشبه الوطي الأول والشيخ (ره) تردد في الخلاف في تكرر الكفارة مع عدم التكفير في الأول وجزم في المبسوط بالتكرر مطلقا مسألة لو جامع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة وجب عليه جزور إن كان موسرا فإن عجز وجب عليه بقرة وإن عجز فشاة لما تقدم من أن من جامع بعد التحلل الأول وجب عليه بدنة وقد سبق الخلاف فيه ولما رواه معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه السلام إنه سأل عن متمتع وقع على أهله ولم يزر قال ينحر جزورا وسأله عيص بن القاسم عن رجل واقع أهله حين ضحى قبل أن يزور البيت قال يهريق دما ولو جامع بعد أن طاف من طواف الزيارة شيئا وجب عليه الكفارة بدنة وكذا لو أتم طوافه ثم جامع بعد إن سعى شيئا من سعيه وجبت البدنة وكذا لو كان بعد تمام السعي قبل طواف النساء وجب عليه البدنة وحجه صحيح لأنه وطى في إحرام فكان عليه بدنة كما لو جامع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة ولما رواه معاوية بن عمار في الصحيح إنه سأل الصادق عن رجل واقع امرأته قبل أن يطوف طواف النساء قال عليه جزور سمينه وإن كان جاهلا فليس عليه شئ إذا عرفت هذا فلو جامع قبل طواف الزيارة أو بعده قبل طواف النساء جاهلا بالتحريم أو ناسيا لم تجب عليه كفارة لأنهما عذران يسقطان الكفارة في الوطي قبل الموقفين فهنا أولي مسألة لو جامع بعد أن طاف شيئا من طواف النساء قال الشيخ (ره) إن كان قد طاف أكثر من النصف بنى عليه بعدد الغسل ولا شئ عليه وإن كان أقل من النصف وجب عليه الكفارة وإعادة الطواف لموافقته الأصل وهو براءة الذمة ولان معظم الشئ يعطى حكم ذلك الشئ غالبا ولان حمران بن أعين سأل الباقر عليه السلام عن رجل كان عليه طواف النساء وحده وطاف منه خمسة أشواط ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فقضى ثم غشى جاريته قال يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان بقى عليه من طوافه ويستغفر ربه ولا يعود وإن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشى فقد أفسد حجه وعليه بدنة ويغتسل ثم يعود فيطوف أسبوعا مسألة ولا فرق في الوطي بين أن يطافي إحرام حج واجب أو مندوب لأنه بعد التلبس بالاحرام يصير المندوب واجبا ويجب عليه إتمامه كما يجب عليه إتمام الحج الواجب ولان الحج الفاسد يجب عليه إتمامه فالمندوب أولى إذا عرفت هذا فكل موضع قلنا إنه يفسد الحج الواجب فيه كالوطئ قبل الموقفين فإنه يفسد الحج المندوب فيه أيضا فلو وطى قبل الوقوف بالموقفين في الحج المندوب فسد حجه ووجب عليه إتمامه وبدنة والحج من قابل ولو كان بعد الموقفين وجب عليه بدنة لا غير وكذا لا فرق بين أن يطئ امرأته الحرة أو جاريته المحرمة أو المحلة إذا كان محرما فإن الحكم في الجميع واحد فإن كانت أمته محرمة بغير إذنه أو محلة فإنه لا تتعلق بها كفارة ولا به عنها ولو كانت محرمة بإذنه فطاوعته فالأقرب وجوب الكفارة كما في العبد المأذون إذا أفسد ولو أكرهها فإن قلنا في المطاوعة فوجوب الكفارة عنها يحملها السيد وإلا فلا مسألة لو وطئ أمته وهو محل وهي محرمة فإن كان إحرامها بغير إذنه فلا عبرة به ولا كفارة عليه وإن كان بإذنه وجب عليه وإن كان بإذنه وجب عليه بدنة أو بقرة أو شاة فإن لم يجد فشاة أو صيام ثلاثة أيام لأنها هتك إحراما صحيحا ولرواية إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السلام قال سألته عن رجل محل وقع على أمة محرمة قال موسر أو معسر قلت أجنبي عنهما قال هو أمرها بالاحرام أو لم يأمرها أو أحرمت من قبل نفسها قلت أجنبي عنها قال إن كان موسرا أو كان عالما أنه لا ينبغي له وكان هو الذي أمرها بالاحرام فعليه بدنة وإن شاء بقرة وإن شاء شاة وإن لم يكن أمرها بالاحرام فلا شئ عليه موسرا كان أو معسرا وإن كان أمرها وهو معسر فعليه دم شاة أو صيام إذا ثبت هذا فلو كانا محرمين أو كان هو محرما وجبت عليه الكفارة ولو كان هو محلا وهي محرمة بإذنه وجبت عليه البدنة لا غير سواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده وسواء طاوعته أو أكرهها لكن لو طاوعته فسد حجها ووجب عليه أن يأذن لها في القضاء لأنه أذن لها في الابتداء وأحرمت إحراما صحيحا وكان الفساد منه فوجب عليه الاذن في القضاء كالصيام ولو زنا بامرأة تعلق به من الاحكام ما يتعلق بالوطي الصحيح لأنه أبلغ في هتك الاحرام فكانت العقوبة واجبة عليه مسألة من وجب عليه بدنة في إفساد الحج فلم يجد كان عليه بقرة فإن لم يجد فسبع شياة على الترتيب فإن لم يجد فقيمة البدنة دراهم أو ثمنها طعاما يتصدق به فإن لم يجد صام عن كل مد يوما وبه قال الشافعي وفى أصحابنا من قال هو مخير واستدل عليه الشيخ (ره) بإجماع الفرقة وأخبارهم وطريقة الاحتياط وابن بابويه قال من وجبت عليه بدنة في كفارة فلم يجد فعليه سبع شياه فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزله وعن أحمد روايتان إحديهما إنها على التخيير إن شاء أخرج أي هذه الخمسة التي ذكرناها أعنى البدنة والبقرة وسبع شياة وقيمة البدنة والصيام لنا أن الصحابة والأئمة عليهم السلام أوجبوا البدنة في الافساد وذلك يقتضى تعينهما والبقرة دونهما جسما وقيمة ولقوله من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الثانية فكأنما قرب بقرة يعنى إلى الجمعة ولان ذلك سبب يجب به القضاء فكانت كفارته على الترتيب كالفوات واحمد قاس على قتل النعامة والفرق أن الانتقال في قتل النعامة إلى القيمة فكان مخيرا فيها وهنا ينتقل إلى ما هو دونها مسألة لو وطى في العمرة قبل السعي فسدت عمرته وجب عليه بدنه وقضاؤها وبه قال الشافعي لأنها عبادة تشتمل على طواف وسعى فوجب بالوطئ فيها بدنة كالحج ولرواية مسمع عن الصادق عليه السلام في الرجل يعتمر عمرة مفردة فيطوف بالبيت طواف الفريضة ثم يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا والمروة قال قد أفسدت عمرته وعليه بدنة ويقيم بمكة محلا حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ثم يخرج إلى الوقت الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل بلاده فيحرم منه ويعتمر وقال أبو حنيفة إذا وطى قبل أن يطوف أربعة أشواط فسدت عمرته ووجب عليه القضاء وشاة لأنها عبادة لا تتضمن الوقوف ولا يجب عليه بالوطي فيها بدنة كما لو قرنها بحجه ونمنع حكم الأصل وقال احمد يجب بالوطي القضاء وشاة إذا وجد في الاحرام إذا عرفت هذا فالبدنة والافساد يتعلقان بالوطي في إحرام العمرة قبل السعي ولو كان بعد الطواف وبه قال الشافعي لرواية مسمع عن الصادق عليه السلام وقال أبو حنيفة إذا وطئ بعد أربعة أشواط لم يفسد عمرته ووجبت الشاة لأنه وطى بعد ما أتى بركن العبادة فأشبه ما إذا وطى بعد الوقوف في الحج وإنما وجبت الشاة لان الشاة تقوم مقام الطواف والسعي في حق المحصر فقامت مقام بعض ذلك هنا والجواب أن محظورات الاحرام سواء مثل الطيب واللباس والصيد يشترى قبل الاتيان بأكثر الطواف وبعده كذلك الوطي مسألة القارن عندنا هو الذي يسوق إلى إحرامه هديا وعندهم هو من يقرن الاحرامين على ما مضى الخلاف فيه فلو أفسد القارن حجه وجب عليه بدنة كالمتمتع والمفرد وقال الشافعي إذا وطى القارن على تفسيرهم لزمه بدنه بالوطي ودم لقران ويقضى قارنا ويلزم دم القران في القضاء أيضا فإن قضى مفردا جاز ولا يسقط عنه دم القران الذي في القضاء وبه قال احمد إلا أنه قال إذا قضى مفردا لم يجب دم القران وقال أبو حنيفة يفسد إحرامه وتجب عليه شاة لافساد الحج وشاة لافساد العمرة وشاة للقران إلا أن يكون قد وطى بعد ما طاف في العمرة أربعة أشواط مسألة إذا قضى الحاج والمعتمر فعليه في قضاء الحج الاحرام من الميقات وعليه في إحرام العمرة الاحرام من أدنى الحل وبه قال أبو حنيفة ومالك لأنه لا يجوز الاحرام قبل الميقات على ما تقدم فلا يجوز في القضاء لأنه تابع ولما في العمرة فلان الاحرام من أدنى الحل هو الواجب في الأداء فكذا في القضاء ولان النبي صلى الله عليه وآله أمر عايشه أن يقضى عمرتها من التنعيم وقال الشافعي إذا أفسد الحج والعمرة لزمه القضاء من حيث أحرم بالأداء وبه قال أحمد لان كل مسافة وجب عليه قطعها محرما في الأداء وجب عليه في القضاء كما لو أحرم قبل ميقات ونحن نقول بموجبه لأنه لا يجب عليه قطع المسافة محرما إلا من الميقات وينتقض بأنه لا يجب عليه في القضاء سلوك طريق الأداء إجماعا لكن الشافعي أوجب الاحرام من المحاذي للأول مسألة إذا أفسد في القضاء وجب عليه بدنة أخرى وإتمام القضاء والقضاء من قابل للعمومات ويلزمه أن يأتي بالقضاء ولا يتكرر عليه بل إذا أتى بحجة واحدة كفاه وكذلك إن تكرر إفساد القضاء كفاه قضاء واحد لان الحج الواجب واحد فإذا لم يأت به على وجهه وجب عليه الاتيان به على وجهه ولا يجب عليه أن يأتي بقضاء آخر عوضا عن إفساد القضاء بمفرده بل إذا أتى في السنة الثالثة بحجة صحيحة كفاه عن الفاسد إبتداء وقضاء ولو أفسد الثالث كفاه في الرابعة إتيان حجة صحيحة عن جميع ما تقدمه لان الفاسد إذا انضم إليه القضاء
(٣٥٧)