فان تمكنا من الركوع والسجود وجب وان عجزا عن أحدهما أو عنهما معا أومأ عما عجزا عنه ولا يقصر أحدهما عدد صلاته إلا في سفر أو خوف لوجود المقتضى وهو أصالة الاتمام وعدم مانعية السفر والخوف مسألة يجوز لبس الحرير للرجال حالة الحرب على ما تقدم وكذا لبس الديباج الصفيق الذي لا يقوم غيره مقامه في القتال ولا يجوز لبس الأعيان النجسة لقوله تعالى والرجز فاهجر ولو اضطر فالأقرب الجواز كالثوب النجس حال الضرورة وللشافعي قولان ويجوز ان يلبس فرسه أو دابته (أو جلد كتابه) جلد الميتة والكلب والخنزير مع الحاجة لا بدونها ولو جلل كلبه بجلد كلب فالأقرب المنع لقوله تعالى حرمت عليكم الميتة وهو يقتضى تحريم وجوه الانتفاع لعدم أولوية التخصيص وأظهر وجهي الشافعي الجواز لاستوائهما في التغليظ ويجوز تسميد الأرض بالزيل ويجوز الاستصباح بالدهن النجس تحت السماء لا تحت الظلال بخلاف ما نجاسته ذاتية كشحم الميتة وللشافعي قولان اطلاق المنع واطلاق الجواز في الظلال وعدمه وذاتي النجاسة وعرضيها تم الجزء الثالث من كتاب الصلاة من كتاب تذكرة الفقهاء والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد المرسلين واله المعصومين بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين كتاب الزكاة وفيه أبواب الباب الأول في زكاة المال وفيه مقاصد المقصد الأول في الشرايط مقدمة الزكاة لغة النمو والطهارة و شرعا الحق الواجب في المال الذي يعتبر فيه النصاب وسمى زكاة لازدياد الثواب واثمار المال وطهارته من حق المساكين ووجوبها معلوم من الكتاب والسنة والاجماع قال الله تعالى وآتوا الزكاة ولما بعث النبي صلى الله عليه وآله معاذا إلى اليمن فقال اعلمهم ان الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم واجمع المسلمون كافة على وجوبها في جميع الأعصار وهي أحد أركان الاسلام الخمسة إذا عرفت هذا فمن أنكر وجوبها ممن ولد على الفطرة ونشاء بين المسلمين فهو مرتد فيقتل من غير أن يستتاب وان لم يكن عن فطرة بل أسلم عقيب كفر استتيب مع وجوبها ثلاثا فان تاب وإلا فهو مرتد وجب قتله وإن كان ممن يخفى وجوبها عليه لأنه نشأ بالبادية أو كان قريب العهد بالاسلام عرف وجوبها ولم يحكم بكفره مسألة ولو اعتقد وجوبها ومنعها فهو فاسق يضيق الامام عليه ويقاتله حتى يدفعها لأنه حق واجب عليه فان اخفى ماله حبسه حتى يظهره فإذا ظهر عليه اخذ منه قدر الزكاة لا أزيد عند علمائنا أجمع بل يعزره وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي في الجديد لقوله (ع) ليس في المال حق سوى الزكاة ولان منع العبادة لا يوجب عليه مالا كساير العبادات والكفارات وقال الشافعي وإسحاق بن راهويه وأبو بكر بن عبد العزيز يأخذ مع الزكاة شطر ماله لقوله (ع) ومن منعها فإنا آخذها وشطر ماله غرمة من غرمات ربنا ليس لآل محمد فيها شئ ولو سلم فإنه منسوخ فان العقوبات في ابتداء الاسلام كانت في المال ثم نسخ مسألة ولا يحكم بكفر المانع مع اعتقاد وجوبها عند علمائنا وبه قال عامة أهل العلم وقال احمد في رواية انه يكفر لقتاله عليها وهو لا يدل على الكفر بل ارتكاب المحرم ولان الزكاة من فروع الدين فلا يكفر تاركها كالحج وقال عبد الله ابن مسعود ما تارك الزكاة مسلم وهو محمول على الترك مستحلا وعليه يحمل قول الصادق (ع) من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم وهو قوله عز وجل قال رب ارجعون لعلى اعمل صالحا فيما تركت وفى رواية أخرى لا تقبل له صلاة مسألة ومنعها مع المكنة واعتقاد التحريم يشتمل على إثم كبير ولا تقبل صلاته في أول الوقت قال الباقر (ع) بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد إذ قال قم يا فلان قم يا فلان حتى اخرج خمسة نفر فقال اخرجوا من مسجدنا لا تصلوا فيه وأنتم لا تزكون وقال الصادق (ع) ما من رجل منع درهما في حقه إلا أنفق اثنين في غير حقه وما من رجل يمنع حقا في ماله إلا طوقه الله عز وجل حية من نار يوم القيمة وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما حبس عبد زكاة فزادت في ماله وقال الصادق (ع) صلاة مكتوبة خير من عشرين حجة وحجة خير من بيت مملوء ذهبا ينفقه في بر حتى ينفد ثم قال ولا أفلح من ضيع عشرين بيتا من ذهب بخمسة وعشرين درهما فقيل له وما معنى خمسة وعشرين قال من منع الزكاة وقفت صلاته حتى يزكى وقال (ع) ما ضاع مال في بر أو بحر إلا بتضييع الزكاة ولا يصاد من الطير إلا ما ضيع تسبيحه وقال الباقر (ع) ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله ذلك يوم القيمة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب وهو قول الله عز وجل سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة يعنى ما بخلوا به من الزكاة وقال الصادق (ع) ما من ذي مال ذهب أو فضة تمنع زكاة ماله إلا حبسه الله في القيمة بقاع قرقر و سلط عليه شجاعا أقرع يريده وهو يحيد عنه فإذا رأى أنه لا يتخلص منه امسكه من يده فقضمها كما يقضم الفجل ثم يصير طوقا في عنقه وذلك قول الله عز وجل سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة وما من ذي المال ابل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيمة بقاع قرقر تطأه كل ذات ظلف بظلفها وتنهشه كل ذات ناب بنابها وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاة ماله إلا طوقه الله عز وجل ريع أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيمة مسألة ليس في المال حق واجب له سوى الزكاة والخمس وهو قول أكثر العلماء لقوله (ع) ليس في المال حق سوى الزكاة وقال الشعبي ومجاهد يجب عليه يوم يحصد السنبل ان يلقى لهم شيئا منه وكذا إذا صرم النخل طرح لهم شيئا من الشماريخ ويخرج الزكاة عند الكمال لقوله تعالى وآتوا حقه يوم حصاده والزكاة لا تخرج يوم الحصاد وهي متأولة بالزكاة والمراد ايجاب الحق يوم الحصاد أو انه محمول على الاستحباب فقد ورد عن أهل البيت (على) استحباب اعطاء الجفنة والجفنتين والعذق والعذقين يوم الحصاد والجذاذ لهذه الآية والشيخ (ره) أوجب ذلك أيضا في الخلاف واستدل بالاجماع من الفرقة والآية ونمنع الاجماع ونقله الشيخ عن الشافعي أيضا وإذ قد تمهدت هذه المقدمة فنقول الشروط إما عامة وإما خاصة أما العامة فأربعة البلوغ والعقل والحرية والملك التام مسألة البلوغ شرط في وجوب الزكاة ولا تجب في مال الطفل مطلقا وبه قال ابن شبرمة والحسن البصري وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وأبو وائل والنخعي وأصحاب الرأي لقوله (ع) رفع القلم عن ثلاثة عن الصبى حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق ومن طريق الخاصة قول أحدهما (ع) وقد سأله محمد بن مسلم عن مال اليتيم ليس فيه زكاة وعن الباقر (ع) ليس في مال اليتيم زكاة وعن الصادق كان أبى يخالف الناس في مال اليتيم ليس عليه زكاة ولان شرط التكليف البلوغ وهو منفى فينتفى المشروط ولأنها عبادة محضة فلا تجب عليه كالصوم والحج وقال الشافعي ومالك واحمد تجب في مال الطفل واطلقوا ورووه عن علي (ع) وعن الحسن بن علي (ع) وعن عمر وابن عمر وعايشة وجابر بن عبد الله وجابر بن زيد وابن سيرين وعطا ومجاهد وربيعة والحسن بن صالح بن حي وابن أبي ليلى وابن عيينة وإسحاق وأبى عبيد وأبى ثور وحكى عن ابن مسعود والثوري والأوزاعي انها تجب ولا تخرج حتى يبلغ وقال ابن مسعود احصر ما يجب في مال اليتيم من الزكاة فإذا بلغ اعلمه فإذا شاء زكى وان شاء لم يزك احتجوا بقول النبي صلى الله عليه وآله من ولى يتيما له مال فليتجر له ولا يتركه حتى يأكله الصدقة وإنما تأكله الصدقة باخراجها وانما يجوز إخراجها لو كانت واجبة ولان عليا (ع) كان عنده مال لأيتام بنى أبى رافع فلما بلغو أسلمه إليهم وكان قدر عشرة آلاف دينار فوزنوه فنقص فعادوا إلى علي (ع) وقالوا
(٢٠٠)