وعدمه أو قدر مدته أو اختلفا في اشتراط الرهن أو قدره أو في الضمان بالمال أو بالعهدة قدم قول منكر ذلك كله وبه قال أبو حنيفة واحمد لان المشترى تمسك بأصالة العدم فيقدم قوله عملا بأصالة النفي ولأنه اختلاف في شرط يلحق بالعقد فلم يتحالفا كما لو اختلفا في العيب أو شرط البراءة وقال الشافعي يتحالفان في جميع ذلك عملا بالقياس وهو إنهما اختلفا في صفة العقد القائم بينهما وليس معهما بينة فيقضى بالتحالف كما لو اختلفا في الثمن والقياس عندنا باطل لا يجوز التعويل عليه مع أن الحكم في الأصل ممنوع على ما تقدم. مسألة قد بينا أن التحالف يثبت في كل موضع يحصل لكل من المتنازعين أن يكون مدعيا على الآخر ومنكرا لدعوى الآخر وقال الشافعي يجرى التحالف في كل عقود المعاوضات ولا يختص بالبيع كالسلم والإجارة والمساقاة والقراض والجعالة والصلح عن دم العمد والخلع والصداق والكتابة طردا للمعنى ثم في البيع ونحوه ينفسخ العقد بعد التحالف أو يفسخ ويترادان كما سيأتي أما الصلح عن الدم فلا يعود الاستحقاق بل أثر التحالف الرجوع إلى الدية وذلك لا يزيد البضع ولكن في النكاح ترجع المرأة إلى مهر المثل في الخلع الزوج قال الجويني أي معنى للتحالف في القراض مع أنه جايز وكل واحد منهما بسبيل من فسخه بكل حال وأيد ذلك بأن بعض الشافعية منع من التحالف في البيع في زمن الخيار لامكان الفسخ بسبب الخيار ثم أجاب بأن التحالف ما وضع الفسخ ولكن عرضت الايمان رجاء أن ينكل الكاذب ويتقرر العقد بيمين الصادق فإذا لم يتفق ذلك وأصرا فسخ العقد للضرورة والوجه إن في القراض تفصيلا وهو أن التحالف قبل الحوض في العمل لا معنى له وأما بعده فالنزاع يؤل إلى مقصود من ربح أو أجرة مثل فيتحالفان والجعالة كالقراض والأصل عندنا ما قدمناه من الضابط وهو التحالف مع ادعاء كل منهما على صاحبه ما ينفيه الآخر وإن كان الادعاء من طرف واحد حلف المنكر مسألة. لو قال بعتك هذا بألف فقال بل وهبتنيه حلف كل واحد منهما على نفى ما يدعيه صاحبه وبه قال الشافعي وقال إنه لا تحالف هنا لان التحالف عنده ليس أن يحلف كل منهما على نفى دعوى الآخر كما قلناه نحن بل ما يأتي إذا ثبت هذا فإذا حلفا كان على مدعى الهبة رده بزوايده لان البايع إنما ملكه العين بزوايدها لو سلم له الثمن وقال بعض الشافعية القول قول مدعى الهبة لأنه مالك باتفاقهما وصاحبه يدعى عليه مالا والأصل براءة ذمته وقال بعضهم إنهما يتحالفان ولو قال بعتك هذا بألف فقال بل وهبتنيه على الألف حلف كل منهما على نفى ما يدعيه صاحبه ورد الألف واسترد العين ولو قال وهبتكه على ألف استقرضتها منك فقال بل بعتنيه بألف قدم قول المالك مع يمينه ويرد الألف ولا يمين على الآخر ولا يكون رهنا لأنه لا يدعيه وبذلك قال الشافعي. مسألة هذا كله فيما إذا اتفقا على وقوع عقد صحيح بينهما أما لو اختلفا من غير الاتفاق على عقد صحيح بأن يدعى أحدهما صحة العقد والآخر فساده كما لو قال بعتك بألف فقال المشترى بل بألف ورق خمرا وقال أحدهما شرطنا في العقد خيارا مجهولا أو غيره من الشروط المبطلة وأنكر الآخر فلا تحالف ويقدم قول مدعى الصحة وهو أحد قولي الشافعي لأن الظاهر من العقود الجارية بين المسلمين الصحة ولهذا يحكم بصحة البيع لو ادعى المشترى حرية العبد (المبيع صح) وقال المالك بل هو عبد تصحيحا للعقد وكذا من شك بعد الصلاة هل ترك ركنا منها أم لا فإنه يحكم بصحة صلاته بناء على أصالة الصحة والقول الثاني إنه يقدم قول من يدعى فساد العقد مع يمينه لان الأصل عدم عقد الصحيح و بقاء الملك للمالك فصار كما لو اختلفا في أصل البيع ويعارض بأن الأصل عدم العقد الفاسد أيضا لكن قد وقع العقد بينهما قطعا والأصل الصحة قال القفال الأصل المأخوذ فيمن قال لفلان على ألف من ثمن خمر هل يؤخذ بأول كلامه أم يقبل قوله من ثمن خمر ان قلنا بالثاني فالقول قول مدعى الفساد وإن قلنا بالأول فالقول قول مدعى الصحة (فلو قال بعتك بألف فقال بل بخمس أو بثمن مجهول فالقول قول مدعى الصحة) (كما قلنا وبعض الشافعية قال إن فيه طريقين أحدهما طرد الوجهين والثاني القطع بالفساد لأنه لم يفسر بشئ يلتزم وعلى قول مدعى الصحة صح) لو قال بعتك بألف فقال بل بخمسمائة ورق خمر وحلف البايع على نفى سبب الفساد وصدق فيه ويبقى التنازع في قدر الثمن فيكون القول قول البايع مع يمينه كانت السلعة باقية وقول المشترى إن كانت تالفه وعند الشافعي يتحالفان مسألة. لو اشترى عبدا وسلمه إلى المشترى ثم جاءه بعبد ويريد رده بعيب فيه فقال البايع هذا ليس عبدي الذي ابتعته وقبضته منى وادعى المشترى إنه هو قدم قول البايع لأصالة براءة الذمة والراد يريد الفسخ والأصل مضيه على السلامة ولو فرض ذلك في السلم وقال ليس هذا على الوصف الذي أسلمت إليك فيه وجهان للشافعية أحدهما إن القول قول المسلم إليه مع يمينه كما أن القول قول البايع وأصحهما أن القول قول المسلم لان اشتغال الذمة بمال السلم معلوم والبرائة غير معلومة ويفارق صورة البيع لأنهما اتفقا على قبض ما ورد عليه الشراء وتنازعا في سبب الفسخ والأصل استمرار العقد والوجهان جاريان في الثمن في الذمة إن القول قول الدافع أو القابض وعن ابن شريح وجه ثالث الفرق بين ما يمنع صحة القبض وبين العيب الذي لا يمنعها فإذا كان الثمن دراهم في الذمة وفرض هذا النزاع وكان ما أراد البايع رده زيوفا ولم يكن ورقا فالقول قول البايع لانكار (أصل صح) القبض الصحيح وإن كانت ورقا لكنها ردية كخشونة الجوهر أو اضطراب السكة فالقول قول المشترى لان أصل القبض قد تحقق ولو رضي به لوقع المقبوض عن الاستحقاق ولا يخفى مثل هذا التفصيل في السلم فيه ويمكن أن يقال المعنى الفارق في السلم فيه ظاهر لان الاعتياض عنه غير جايز لكن في الثمن لو رضي بالمقبوض لوقع عن الاستحقاق وإن لم يكن ورقا إذا كانت له قيمة لان الاستدراك (الاستبدال خ ل) عن الثمن جايز ولو كان المثمن معينا فهو كالمبيع فإذا وقع فيه هذا الاختلاف قدم قول المشترى مع يمينه لكن لو كان المعين نحاسا لا قيمة له فالقول قول الراد لأنه يدعى بقاء ملكه وفساد العقد قاله بعض الشافعية. مسألة. لو قبض المبيع أو المسلم فيه بالكيل أو الوزن ثم ادعى النقصان قال أصحابنا إن كان حاضرا عند الكيل والوزن لم يلتف إليه وقدم قول الآخر مع اليمين إذ العادة يقضى باستظهاره واحتياطه في القبض وإن لم يحضرهما قدم قوله مع اليمين لأصالة عدم القبض وقال الشافعي إن كان النقصان قدر ما يقع مثله في الكيل والوزن قبل وإلا فقولان أحدهما إن القول قول القابض مع يمينه لأصالة بقاء حقه وبه قال أبو حنيفة والثاني إن القول قول الدافع مع يمينه لأنهما اتفقا على القبض والقابض يدعى الخطاء فيه فيحتاج إلى البينة كما لو اقتسما ثم ادعى أحدهما الخطاء يحتاج إلى البينة كما لو اقتسما ثم ادعى أحدهما الخطاء يحتاج إلى البينة وبه قال مالك ويحتمل عندي التفصيل وهو أن يقال إن كان العقد يبطل بعدم القبض فالقول قول من يدعى التمام وإلا قدم قول مدعى النقصان ولو اختلف المتبايعان في القبض فالقول قول المشترى. مسألة. لو باع عصيرا و أقبضه ثم وجد خمرا فقال البايع تخمر في يدك والقبض صحيح وقال المشترى بل سلمته خمرا والقبض فاسد وأمكن الأمران جميعا احتمل تقديم قول البايع لأصالة عدم الخمرية وبقاء الحلاوة وصحة البيع والقبض وبرائة الذمة وتقديم قول المشترى لأصالة عدم القبض الصحيح وللشافعي قولان كهذين الاحتمالين والأقوى عندي الأول ولو قال أحدهما إنه كان خمرا عند البيع فهو يدعى فساد العقد والآخر يدعى صحته وقد تقدم حكمه ولو باعه لبنا أو دهنا في ظرف ثم وجد فيه فارة وتنازعا في نجاسته عند القبض أو عند البيع أو بعدهما فعندنا قدم قول البايع لأصالة الطهارة وللشافعي الوجهان ولو قال المشترى بعت العبد بشرط أنه كاتب وأنكر البايع قدم قول البايع لأصالة عدم الاشتراط وبراءة الذمة كما لو اختلفا في العيب وهو أحد وجهي الشافعية والثاني إنهما يتحالفان كما لو اختلفا في الاجل والجيد والأصل ممنوع على ما مر ولو كان الثمن مؤجلا فاختلفا في انقضاء الأجل فالأصل بقاؤه. المطلب الثاني في كيفية اليمين. مسألة. التحالف عند الشافعي أن يحلف كل واحد من المتعاقدين على إثبات ما يقوله ونفى ما يقوله صاحبه وأما نحن فلا نشترط الحلف على الاثبات بل يحلف كل منهما على نفى ما يدعيه الآخر فإذا قال بعتك هذا العبد بألف
(٥٧٦)