وإن كان إحرامه في أشهر الحج فإن لم يشرع بعد في الطواف جاز وصار قارنا لقضية عايشة لما حاضت وخافت فوت الحج فأمرها النبي صلى الله عليه وآله بإدخال الحج على العمرة لتصير قارنة لتأتي بأعمال الحج وتؤخر الطواف إلى أن تطهر وإن شرع فيه أو أتمه لم يجز إدخال العمرة والحج عليه لأنه أتى بعمل من أعمال العمرة فيقع ذلك العمل عن العمرة ولا ينصرف بعدها إلى غيرها ولأنه أخذ في التحلل من العمرة فلا يليق به إدخال الاحرام عليه والتحلل جار إلى نقصان وشبهوه بما لو ارتدت الرجعية فراجعها الزوج في العدة فإنه لا يجوز لان الرجعة استباحة فلا يليق بحال التي تجرى إلى تحريم ولو أحرم بالحج ثم ادخل عليه العمرة فقولان القديم وبه قال أبو حنيفة انه يجوز كإدخال الحج على العمرة والجديد وبه قال احمد المنع لان الحج أقوى من العمرة لاختصاصه بالوقوف والرمي والمبيت والضعيف لا يدخل على القوى وإن كان القوى قد يدخل على الضعيف كما أن فراش النكاح يدخل على فراش ملك اليمين حتى لو نكح أخت أمة حل له وطئها وفراش ملك اليمين لا يدخل على فراش النكاح حتى لو اشترى أخت منكوحة لم يجز له وطؤها فان جوزنا إدخال العمرة على الحج فإلى متى يجوز فيه لهم وجوه أحدها يجوز ما لم يطف للقدوم ولا يجوز بعده لأنه اتى بعمل من أعمال الحج والثاني يجوز وإن طاف للقدوم ما لم يأت بالسعي ولا غيره من فرض الحج والثالث يجوز ما لم يقف بعرفة فان الوقوف أعظم أفعال الحج والرابع يجوز إن وقف ما لم يشتغل بشئ من أسباب التحلل من الرمي وغيره قالوا ويجب على القارن دم لان النبي صلى الله عليه وآله اهدى عن أزواجه بقرة وكن قارنات ودم القارن كدم المتمتع لأنه أكثر ترفها لاستمتاعه بمحظورات الاحرام بين النسكين فما يكفي المتمتع أولى أن يكفي القارن وقال مالك على القارن بدنة وهو القول القديم للشافعي وأما المتمتع فان يحرم بالعمرة من ميقات بلده ويأتي بأعمالها ثم ينشئ الحج من مكة سمى متمتعا لتمكنه من الاستمتاع بمحظورات الاحرام بينهما لحصول التحلل وهذا كمذهبنا وعند أبي حنيفة إن كان قد ساق الهدى لم يتحلل بفراغه من العمرة بل يحرم بالحج فإذا فرغ منه حل منهما وإنما يجب ثم المتمتع عند الشافعي بشروط الأول أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام لقوله تعالى ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام والمعنى فيه إن الحاضر بمكة ميقاته للحج مكة فلا يكون بالتمكن رابحا ميقاتا الثاني أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج فلو أحرم وفرغ من أعمالها قبل أشهر الحج ثم حج لم يلزمه الدم لأنه لم تجمع بين الحج والعمرة في وقت الحج فأشبه المفرد لما لم يجمع بينهما لم يلزمه دم لان دم التمتع منوط من جهة المعنى بأمرين أحدهما ربح ميقات كما سبق والثاني وقوع العمرة في أشهر الحج وكانوا لا يزحمون الحج بالعمرة في وقت إمكانه ويستنكرون ذلك فورد التمتع رخصة وتخفيفا إذ الغريب قد يرد قبل عرفة بأيام ويشق عليه استدامة الاحرام لو أحرم من الميقات ولا سبيل إلى مجاوزته فجوز له أن يعتمر ويتحلل ولو أحرم بها قبل أشهر الحج وأتى بجميع أفعالها في أشهر الحج فللشافعي قولان أحدهما يلزمه الدم قاله في القديم لأنه حصل له المزاحمة في الافعال وهي المقصودة والاحرام كالتمهيد لها وأصحهما لا يلزم وبه قال احمد لأنه لم يجمع بين النسكين في أشهر الحج لتقدم أحد أركان العمرة عليها وقال مالك مهما حصل التحلل في أشهر الحج وجب الدم وقال أبو حنيفة إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في الأشهر كان متمتعا وإذا لم يوجب دم التمتع في هذه الصورة ففي وجوب دم الإساءة للشافعية وجهان أحدهما يجب لأنه أحرم بالحج من مكة دون الميقات وأصحهما لا يجب لان المسيئ من ينتهى إلى الميقات على قصد النسك ويتجاوزه غير محرم وهنا قد أحرم بنسك وحافظ على حرمة البقعة الثالث ان يقع الحج والعمرة في سنة واحدة فلو اعتمر ثم حج في السنة القابلة فلا دم عليه سواء قام بمكة إلى أن حج أو رجع وعاد لان الدم إنما يجب إذا زاحم بالعمرة حجه في وقتها وترك الاحرام بحجه من الميقات مع حصوله بها في وقت الامكان ولم يوجد وهذه الشرايط الثلاثة عندنا شرايط في التمتع الرابع ان لا يعود إلى الميقات كما إذا أحرم بالحج من جوف مكة واستمر عليه فان عاد إلى ميقاته الذي انشاء العمرة منه وأحرم بالحج فلا دم عليه لأنه لم يربح ميقاتا ولو رجع إلى مثل مسافة ذلك الميقات وأحرم منه فكذلك لا دم عليه لان المقصود قطع تلك المسافة محرما ولو أحرم من جوف مكة ثم عاد إلى الميقات محرما ففي سقوط الدم مثل الخلاف المذكور فيما إذا جاوز غير محرم وعاد إليه محرما ولو عاد إلى ميقات أقرب إلى مكة من ذلك الميقات وأحرم منه كما إذا كان ميقاته الجحفة فعاد إلى ذات عرق فهو كالعود إلى ذلك الميقات وللشافعية فيه وجهان أحدهما لا وعليه الدم إذا لم يعد إلى ميقاته ولا إلى مثل مسافته والثاني نعم لأنه أحرم من موضع ليس ساكنوه من حاضري المسجد الحرام الخامس اختلف الشافعية في أنه هل يشترط وقوع النسكين عن شخص واحد أم لا فقال بعضهم يشترط كما يشترط وقوعهما في سنة واحدة وقال الأكثر لا يشترط لان زحمة الحج وترك الميقات لا تختلف وهذا يفرض في ثلاث صور إحديها أن يكون أجيرا من شخصين استأجره أحدهما للحج والآخر للعمرة والثانية أن يكون أجيرا للعمرة للمستأجر ثم تحج عن نفسه والثالث أن يكون أجيرا للحج فيعتمر لنفسه ثم يحج عن المستأجر فعلى قول الأكثر يكون نصف دم التمتع على من يقع له الحج ونصفه على ما من تقع له العمرة وفصل بعضهم فقال في الصورة الأولى إذا أذنا في التمتع فالدم عليهما نصفان وإن لم يأذنا فهو على الأجير وإن أذن أحدهما دون الآخر فالنصف على الاذن والنصف الآخر على الأجير وأما في الصورتين الأخيرتين فان أذن له المستأجر في التمتع فالدم عليهما نصفان وإلا فالكل على الأجير السادس في اشتراط نية التمتع للشافعي وجهان أصحهما عنده انه لا يشترط كما لا يشترط نية القران وهذا لان الدم منوط بزحمه الحج وربح أحد الميقاتين وذلك لا يختلف بالنية وعدمها والثاني يشترط لأنه جمع بين عبادتين في وقت إحديهما فأشبه الجمع بين الصلاتين وهذه الشروط الستة معتبرة عنده في لزوم الدم وهل يعتبر في نفس التمتع قال بعض الشافعية نعم فإذا تخلف شرط كانت الصورة من صور الافراد وقال بعضهم لا وهو الأشهر عندهم ولهذا اختلفوا في أنه يصح القران والتمتع من المكي فقال بعضهم نعم وبه قال مالك وقال بعضهم لا يصح وبه قال أبو حنيفة وعندنا يصح القران من المكي دون التمتع مسألة دم التمتع نسك وبه قال أبو حنيفة وأصحابه لقوله تعالى والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر فأخبر انها من الشعائر فأمر بالاكل فلو كان جبرانا لما أمرنا بالاكل منها وقال الشافعي إنه دم جبران وقد ظهر بطلانه إذا عرفت هذا فالمتمتع إذا أحرم بالحج من مكة لزمه الدم إجماعا فان أتى الميقات وأحرم منه لم يسقط عنه فرض الدم عند علمائنا لأنه متمتع وقال جميع العامة يسقط عنه الدم مسألة من حضر الميقات ولم يتمكن من الاحرام لمرض أو غيره أحرم عنه وليه وجنبه ما يجتنبه المحرم وقد تم إحرامه والحايض والنفساء إذا جاءنا إلى الميقات اغتسلتا وأحرمتا منه وتركتا صلاة الاحرام ويجرد الصبيان من فخ إذا أريد الحج بهم ويجنبون ما يجتنبه المحرم ويفعل بهم جميع ما يفعل به وإذا فعلوا ما تجب فيه الكفارة كان على أوليائهم أن يكفروا عنه ولو كان الصبى لا يحسن التلبية أو لا يتأتى له لبى عنه وليه وكذا يطوف به ويصلى عنه إذا لم يحسن ذلك وإن حج بهم متمتعين وجب أن يذبح عنهم إذا كانوا صغارا وإن كانوا كبارا جاز أن يؤمروا بالصيام وينبغي أن يوقفوا الموقفين معا ويحضروا المشاهد كلها ويرمى عنهم ويناب عنهم في جميع ما يتولاه البالغ بنفسه وإذا لم يوجد لهم هدى ولا يقدرون على الصوم كان على وليهم أن يصوم عنهم المقصد الثاني في أعمال العمرة المتمتع بها إلى الحج وفيه فصول الأول في الاحرام وفيه مطالب الأول في مقدماته مقدمات الاحرام كلها مستحبة وأما الاحرام فهو ركن من أركان الحج إذا أخل به عمدا بطل حجه وتشتمل المقدمات المستحبة على مسائل مسألة يستحب لمن أراد التمتع أن يوفر شعر رأسه ولحيته من أول ذي القعدة ولا يمس منهما شيئا بحلق أو نتف أو جز ويتأكد عند هلال ذي الحجة فإن مس منهما شيئا يكون قد ترك الأفضل ولا شئ عليه وهو اختيار الشيخ في بعض كتبه وقال في بعض التوفير واجب فان مس منهما شيئا وجب عليه دم يهريقه أما التوفير فلما رواه معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه السلام قال الحج أشهر معلومات
(٣٢٣)