والشافعي واحمد وأصحاب الرأي لقوله (ع) يؤم القوم أقرأهم ولا نزاع فيه لكن وجود هذا الوصية بعيد أما الأعرابي إذا كان قد وصل إليه ما يكفيه اعتماده في التكليف وتدين به ولم يكن ممن تلزمه المهاجرة وجوبا جاز ان يكون إماما بوجود الشرايط في حقه مسألة يجوز ان يكون الأعمى إماما لمثله وللبصراء بلا خلاف بين العلماء لان النبي صلى الله عليه وآله استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وكان عمياء قال الشعبي عن النبي صلى الله عليه وآله ثلاث عشرة غزوة كل ذلك تقدم ابن أم مكتوم يصلى بالناس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا بأس بان يصلى الأعمى بالقوم وان كانوا هم الذين يوجهونه وعن علي (ع) لا يؤم الأعمى في الصحراء إلا أن يوجه إلى القبلة ولان الأعمى فقد حاسة لا يختل به شئ من شرايط الصلاة فأشبه الأطروش وهل البصير أولي يحتمل ذلك لأنه يتوقى النجاسات والأعمى لا يتمكن من ذلك ويحتمل العكس لأنه أخشع في صلاته من البصير لأنه لا يشغله بصره عن الصلاة وكلاهما للشافعية ونص الشافعي على التساوي وهو أولي لان النبي صلى الله عليه وآله قدم الأعمى كما قدم البصير مسألة قال أصحابنا الأغلف لا يصح ان يكون إماما واطلقوا القول في ذلك لما رواه زيد عن امامه عن علي (ع) قال الأغلف لا يؤم القوم وإن كان أقرأهم لأنه ضيع من السنة أعظمها ولا تقبل له شهادة ولا يصلى عليه إلا أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه والوجه التفصيل وهو انه إن كان متمكنا من الاختتان واهمل فهو فاسق لا يصلح للامامة وإلا ليس بفاسق وصح ان يكون إماما والرواية تدل على هذا التفصيل والظاهر أن مراد الأصحاب التفصيل أيضا مسألة تكره امامة المحدود بعد توبته لان فسقه وإن زال بالتوبة إلا أن نقص منزلته وسقوط محله من القلوب لم يزل فكره لذلك وان لم يكن محرما أما السفيه فإن كان فاسقا لم تصح إمامته لما روى عن أبي ذر قال إن امامك شفيعك إلى الله فلا تجعل شفيعك سفيها ولا فاسقا إما لو لم يكن فاسقا ففي إمامته إشكال ينشأ من نقصه وعلو منصب الإمامة وعاق أبويه لا يصح ان يكون إماما لأنه مرتكب الكبيرة ولو صدر منه كلام سايغ يؤثر الغضب اليسير لم يؤثر في الفسوق لان عمر بن يزيد سأل الصادق (ع) عن امام لا بأس به في جميع أمره عارف غير أنه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغضبهما اقرأ خلفه قال لا تقرأ خلفه إلا أن يكون عاقا قاطعا مسألة تجوز امامة العبد مع الشرايط لمواليه وغيرهم عند أكثر العلماء لقوله (ع) اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي أجدع ما أقام فيكم الصلاة ومن طريق الخاصة قول أحدهما (ع) لا بأس وقد سئل عن العبد يؤم القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قرانا ولأنه يؤذن للرجال فكان من أهل الإمامة كالحر ولان الرق حق يثبت عليه فلم تمنع صحة إمامته كالدين وكره أبو مجاز امامة العبد ونقله الشيخ عن أبي حنيفة وقال مالك لا يؤم في جمعة ولا عيد وحكى عن الأوزاعي أربعة لا يؤمون الناس فذكر العبد إلا أن يؤم أهله وللشيخ قول في بيان الأحوط ان لا يؤم العبد إلا أهله لقول علي (ع) لا يؤم العبد إلا أهله وفى السند ضعف فالمعتمد الأول نعم الحر أولي منه لأنه أكمل وحكم المعتق بعضه والمكاتب والمدبر وأم الولد حكم الرق مسألة يكره ان يأتم الحاضر بالمسافر وبالعكس ولا تفسد به الصلاة وبه قال أبو حنيفة لان الأصل يقتضى الجواز واشتمال الايتمام لكل منهما بصاحبه على المفارقة يقتضى الكراهة ولقول الصادق (ع) لا يؤم الحضري المسافر ولا المسافر الحضري فان ابتلى بشئ من ذلك فأم قوما حاضرين فإذا أتم الركعتين سلم ثم أخذ بيد بعضهم فقدمه فأمهم وإذا صلى المسافر خلف المقيم فليتم صلاته ركعتين ويسلم فإن سلم صلى معهم الظهر فليجعل الأولتين الظهر والأخيرتين العصر وقال الشافعي يجوز للمسافر ان يقتدى بالمقيم لأنه يلزمه التمام إذا صلى خلفه ويكره ان يصلى المقيم خلف المسافر فيمنع جواز التمام لان القصر عندنا عزيمة على ما يأتي ولو أتم المسافر الامام الصلاة لم يجز عندنا خلافا للجمهور وقال احمد في رواية لو أتم الامام لم تجز صلاة المأموم لان الزيادة نفل أم بها مفترضين والأصل عندنا باطل نعم لو كان المسافر في إحدى الأماكن التي يستحب فيها التمام فأتم صحت صلاته وصلاة المأمومين خلفه لان المأتي بها فرض بكمالها على ما يأتي إذا عرفت هذا فإنما يكره ايتمام أحدهما بصاحبه لمكان المفارقة فلو لم تحصل زالت الكراهة كما في المغرب والغداة مسألة يكره ان يأتم المتوضى بالمتيمم فإن فعل صح بلا خلاف نعلمه إلا من محمد بن الحسن فإنه منعه استحبابا لان عمرو بن العاص صلى بأصحابه متيمما وبلغ النبي صلى الله عليه وآله فلم ينكره وأم ابن عباس أصحابه متيمما وفيهم عمار بن ياسر في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فلم ينكروه ولأنه متطهر طهارة صحيحة فأشبه المتوضى واما الكراهة فلنقص طهارته ولقول علي (ع) لا يؤم المقيد المطلقين ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء ولا صاحب التيمم المتوضين وانما قلنا بالكراهة لضعف السند فروع - آ - يجوز للطاهر ان يأتم بالمستحاضة لأنها متطهرة فأشبهت المتيمم وللشافعي وجهان ومنع أبو حنيفة واحمد لأنها يصلى مع خروج الحدث من غير طهارة وهو ممنوع وأجمعوا على أنه يجوز للغاسل رجليه ان يأتم بمن مسح على خفيه - ب - يصح ائتمام الصحيح بصاحب السلس لأنه متطهر والحدث الموجود غير مانع كالمتيمم خلافا لأحمد - ج - يجوز ايتمام الطاهر بمن على بدنه أو ثوبه نجاسة لأنه كالمتيمم خلافا لبعض الجمهور وللشافعي في ايتمام الطاهر بالمجروح وجهان - د - لا يجوز للمتوضأ ولا للمتيمم الايتمام بعادم الماء والتراب سواء أوجبنا عليه الصلاة أو لا لأنه غير متطهر مطلقا - ه - قال الشيخ يجوز للمكتسى ان يأتم بالعريان وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة وعندي فيه إشكال لان العاري إما ان يصلي قاعدا فلا يجوز الايتمام به أو قائما مؤميا فلا يصح الايتمام به لاخلاله بالركوع والسجود لو كان المكتسي يصلي بالايماء لمرض جاز ان يأتم بالعريان حينئذ وكذا لا يجوز للقادر على الاستقبال الايتمام بالعاجز عنه ويصح لكل من هؤلاء الايتمام بمثله - و - لو صلت الحرة خلف أمة مكشوفة الرأس صحت صلاتها لعدم وجوب ستره عليها فإذا أعتقت في الأثناء فإن كانت السترة قريبا منها اخذتها وأتمت الصلاة ان لم يحصل عمل كثير وان حصل لو احتاجت إلى الاستدبار استأنفت وتنوى المأمومة المفارقة وكذا العريان يجد السترة في الأثناء وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة العريان إذا وجد السترة بطلت صلاته واستأنفها مسألة يكره ان يؤم قوما وهم له كارهون لقوله (ع) ثلاثة لا تجاوز صلاتهم أذانهم العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وامام أم قوما وهم له كارهون وقال علي (ع) الرجل أم قوما وهم له كارهون انك لخروط والأقرب انه إن كان ذا دين فكرهه القوم لذلك فلا تكره إمامته و الاثم على من كرهه وإلا كرهت المطلب الرابع في ترجيح الأئمة مسألة إذا حضر امام الأصل لم يجز لاحد التقدم عليه وتعين هو للامامة لان له الرياسة العامة وقال تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الامر منكم وقال تعالى لا تقدموا بين يدي الله ورسوله وهو خليفته فتكون له هذه المرتبة أما مع العذر فإنه يجوز ان يستنيب من شاء أو يختار المأمومون من هو بالشرايط إذا ثبت هذا فغير امام الأصل تحصل فيه الأولوية بأمور - آ - الطهارة - ب - الفقه - ج - السن - د - الأقدم هجرة - ه - الأصبح وجها وعند الشافعي عوضه الأشرف نسبا - و - صاحب المنزل والمسجد وسيأتى تفصيل ذلك انشاء الله مسألة إذا تعددت الأئمة قدم من يختاره المأمومون لما تقدم إذا كان بصفات الامام ولو اختلف المأمومون قدم اختيار الأكثر فان تساووا فلعلمائنا قولان أحدهما انه يقدم الأقراء وبه قال ابن سيرين والثوري واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر لقوله (ع) يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فان كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فان كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله يتقدم القوم اقرؤهم للقران
(١٧٩)