سواء قعد قدر التشهد أو لا عند علمائنا أجمع لأنه زاد في الفريضة عمدا فأبطل صلاته كما لو زاد في غيرها من الفرايض ولما رواه ابن عباس قال من صلى في السفر أربعا كمن صلى في الحضر ركعتين ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) صليت الظهر أربع ركعات وأنا في السفر أعد وقال أبو حنيفة يعيد إلا أن يقعد قدر التشهد وليس بجيد لأنه جلوس لم ينو به الصلاة فكانت الزيادة بعده كما لو كان قبله ولأنه فعل كثير ليس من الصلاة فيكون مبطلا بعد الجلوس كما هو قبله وباقي الجمهور على صحة الصلاة لعدم تعيين القصر الثاني ان يفعل ذلك جاهلا بوجوب القصر فلا يعيد مطلقا عند أكثر علمائنا لقوله (ع) الناس في سعة ما لم يعلموا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد سأله زرارة ومحمد بن مسلم عن رجل صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا إن كان قد قرئت عليه آية القصر وفسرت له أعاده وان لم تكن قرئت عليه ولم يعلمها لم يعد ولان الأصل الاتمام فمع الجهل ورجوعه إلى الأصل يكون معذورا ولاشتمال القضاء على عقوبة والجهل شبهه فلا تترتب عليها العقوبة وقال أبو الصلاح يعيد في الوقت الثالث ان يفعله ساهيا قال علماؤنا يعيد في الوقت لا خارجه لأنه لم يفعل المأمور به على وجهه فيبقى في عهدة الامر بخلاف الجهل بالقصر لان التكليف منوط بالعلم وبخلاف ما لو خرج الوقت فإنه لا يعيد لأنه يكون قضاء وإنما يجب بأمر جديد إذ استدراك مصلحة الواجب في وقته غير ممكن ولقول الصادق (ع) وقد سأله العيص عن رجل صلى وهو مسافر فأتم الصلاة إن كان في الوقت فليعد وإن كان الوقت مضى فلا وقال (ع) في الرجل ينسى فيصلى في السفر أربع ركعات ان ذكر في ذلك اليوم فليعده وان لم يذكر حتى مضى ذلك اليوم فلا إعادة مسألة لو قصر المسافر اتفاقا من غير أن يعلم وجوبه أو جهل المسافة فاتفق إن كان الغرض ذلك لم تجزئه الصلاة لان القصر إنما يجوز مع علم السبب أو ظنه فدخوله في هذه الصلاة منهى عنه في ظنه فلا تقع مجزية عنه ولو ظن المسافة فأتم ثم علم القصور احتمل الأجزاء للموافقة ولرجوعه إلى الأصل ولان القصر طار وعدمه لاقدامه على عبادة تظن فسادها فلا تقع مجزية عنه مسألة الشرايط في قصر الصلاة وقصر الصوم واحدة اجماعا وكذا الحكم مطلقا على مذهب أكثر علمائنا لقول الصادق (ع) إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت وعند الشيخ يجب على من زاد سفره على حضره إذا أقام خمسة أيام قصر صلاة النهار دون الصوم وكذا قال (ره) في الصايد للتجارة يقصر في الصلاة خاصة والوجه ما قلناه للرواية ولأنه سبب في الترخص في الصلاة فكذا في الصوم لأنه أحد الرخصتين مسألة إذا نوى المسافر الإقامة في بلد عشرة أيام أتم على ما تقدم فان رجع عن نيته قصر ما لم يصل تماما ولو صلاة واحدة فلو صلى صلاة واحدة على التمام أتم لأن النية بمجردها لا يصيرها مقيما فإذا فعل صلاة واحدة على التمام فقد ظهر حكم الإقامة فعلا فلزم الاتمام لانقطاع السفر بالنية والفعل ولو لم يصل صلاة واحدة على التمام كان حكم سفره باقيا لان المسافر لا يصير مقيما بمجرد نية الإقامة كما لو نوى الإقامة ثم رجع لقول الصادق (ع) وقد سأله أبو ولاد كنت نويت الإقامة بالمدينة عشرة أيام ثم بدا لي بعد فما ترى قال إن كنت صليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك ان تقصر حتى تخرج منها وان كنت دخلتها وعلى نيتك التمام فلم تصل فيها فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك فأنت في تلك الحال بالخيار فان شئت فانو المقام عشرا وأتم وان لم تنو المقام فقصر ما بينك وبين شهر فإذا مضى شهر فأتم الصلاة مسألة لو رجع عن نية الإقامة في أثناء الصلاة قال الشيخ يتم لأنه دخل في الصلاة بنية الاتمام والوجه عندي التفصيل وهو انه إن كان قد تجاوز في صلاته فرض القصر بأن صلى ثلاث ركعات تعين الاتمام وإلا جاز له القصر لان المناط في وجوب الاتمام صلاة تامة ولم توجد في الأثناء فروع - آ - لو رجع عن نية الإقامة بعد خروج وقت الصلاة ولم يصل فإن كان الترك لعذر مسقط صح الرجوع ووجب القصر وان لم يكن لعذر مسقط لم يصح ووجب الاتمام إلى أن يخرج - ب - لو نوى الإقامة فشرع في الصوم فالوجه انه كصلاة الاتمام ولأنه أحد العبادتين المشروطتين بالإقامة قد وجدت النية واثرها فأشبه العبادة الأخرى ويحتمل صحة الرجوع لان المناط الصلاة تماما - ج - ان جعلنا الصوم ملزما للإقامة فإنما هو الصوم الواجب المشروط بالحضر أو النافلة ان شرطنا في صحتها الإقامة إما ما لا يشترط بالحضر كالمنذور سفرا وحضرا أو النافلة ان سوغناها في السفر فلا مسألة لو أحرم بنية القصر ثم نوى في الأثناء المقام عشرة أتم الصلاة تماما عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لانتفاء سبب القصر وهو السفر لوجود نية الإقامة المضادة للسفر ولا يجتمع الضدان وقال مالك إذا رجع عن نية القصر لم يبن على صلاته فإن كان قد صلى ركعة بسجدتيها أتمها ركعتين نافلة لأنها صلاة ابتدأت بنيته فرض فلا يجوز نقله إلى غيره كما لا تنقل صلاة الظهر إلى العصر والجواب منع حكم الأصل عندنا سلمنا لكنها صلاة واحدة لا تختلف نيتها إلا من جهة العدد فإذا نواها ركعتين جاز ان يجعلها أربعا كالنافلة بخلاف الظهر والعصر لان نية الصلاة مختلفة فروع - آ - لو دخل بنية القصر ثم نوى الاتمام لم يجز له الاتمام عندنا إلا أن ينوى المقام عشرا لان فرضه القصر فلا يتغير بتغير النية على ما سبق وقال الشافعي يجب الاتمام لان نية الزيادة في العدد لا يتغير به النية وهو بناء على أن القصر سايغ وقال مالك لا يجب الاتمام لأنه نوى عددا فإذا زاد عليه حصلت الزيادة بغير نية فلم يجز - ب - لو أحرم ونوى القصر فصلى أربعا ناسيا فقد بينا الأجزاء مع خروج الوقت والإعادة مع بقائه وقال الشافعي تجزيه مطلقا ويسجد للسهو ولو تعمد ذلك لم يجز عندنا على ما بيناه وقال الشافعي تجزيه ولا يسجد قالت الشافعية وهو غريب لان الزيادة التي توجب سجود السهو إذا تعمدها أفسدت وحكى ابن المنذر عن الحسن البصري كقول الشافعي وقال بعض أصحاب مالك لا تجزيه لان هذا السهو عمدا كثير وليس بجيد لأنه من جنس الصلاة - ج - لو أراد السفر إلى بلد ثم إلى اخر بعده فإن كان الأدنى مما يقصر في مثله قصر وإلا لم يقصر ان نوى الإقامة في الأقرب عشرة وإلا قصر ان بلغ المجموع المسافة ولو دخل الأقرب فأراد الخروج إلى الاخر اعتبرت المسافة إليه ولو قصد بلدا ثم قصد ان يدخل في طريقه إلى بلد اخر يقيم فيه أقل من عشرة أيام لم يقطع ذلك سفره واعتبرت المسافة من البلد الذي انشاء منه السفر إلى البلد الذي قصده - د - لو خرج إلى الابعد فخاف في طريقه فأقام لطلب الرفقة أو ليرتاد الخبر ثم طلب غير الابعد الذي قصده أو لا جعل مبتديا للسفر من موضع اقامته لارتياد الخبر لأنه قطع النية الأولى وان لم يبدله لكن أقام أقل من عشرة قصر - ه - لو فارق البلد إلى حيث غاب الاذان أو الجدران ثم عاد إلى البلد لحاجة عرضت لم يترخص في رجوعه وخروجه ثانيا إلى أن يغيب عنه الاذان والجدران إلا أن يكون غريبا عن البلد أو يبلغ مسيره مسافة فله استدامة الترخص وإن كان قد أقام أكثر من عشرة في بلد الغربة وهو أظهر وجهي الشافعي - و - لو عزم العشرة في غير بلدة ثم خرج إلى ما دون المسافة عازما على العود والإقامة أتم ذاهبا و عايدا وفى البلد وان لم يعزم قصر - ز - لو قصر في ابتداء السفر ثم رجع عن نية السفر لم تجب عليه الإعادة لأنها وقعت مشروعة وإن كان الوقت باقيا - ح - لا يحتاج القصر إلى نية على ما بيناه بل يكفي نية فرض الوقت وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي إنما يجوز القصر بشروط ثلاثة ان يكون سفرا يقصر فيه
(١٩٣)