وقد قلنا إن الصوم لا يتجزى لكن يستحب لهما الامساك تشبها بالصائمين لحرمة الزمان لقول الصادق عليه السلام وقد سأله أبو الصباح الكناني في امرأة ترى الطهر في أول النهار في شهر رمضان ولم تغتسل ولم تطعم كيف تصنع بذلك اليوم قال إنما فطرها من الدم وكذا الطاهر إذا تجدد حيضها أو نفاسها في أثناء النهار فإنها تفطر ذلك اليوم ويستحب لها الامساك تأديبا لما روى أبو الصباح عن الصادق عليه السلام في امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشاء حاضت أتفطر قال نعم وإن كان قبل الغروب فلتفطر وأما المستحاضة فإنها بحكم الطاهر يجب عليها الصيام ويشترط في صحته ان تفعل ما تفعله المستحاضة من الأغسال إن وجب عليها فان أخلت بالاغسال أو ببعضها الواجب عليها وجب القضاء قضاء الصوم لانتفاء الغسل الذي هو شرط الصوم ولما رواه علي بن مهزيار قال كتبت إليه امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل عمل المستحاضة من الغسل لكل صلوتين هل يجوز صومها وصلاتها أم لا فكتب عليه السلام تقضى صومها ولا تقضى صلاتها لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر المؤمنات بذلك قال الشيخ (ره) إنما لم يأمرها بقضاء الصلاة إذا لم تعلم أن عليها لكل صلوتين غسلا أو لا تعلم ما يلزم المستحاضة فأما مع العلم بذلك والترك له على التعمد فإنه يلزمها القضاء إذا عرفت هذا فلو كان الدم كثيرا وأخلت تغسل الغداة وجب عليها القضاء وكذا لو أخلت بغسل الظهرين أما لو أخلت بغسل العشائين فالأقرب عدم وجوب القضاء إذ غسل الليل لا يؤثر في صوم النهار ولم يذكره علماؤنا مسألة المريض إذا برأ وكان قد تناول المفطر أمسك بقية النهار تأديبا لا واجبا لقول زين العابدين عليه السلام في حديث الزهري وكذلك من أفطر لعلة في أول النهار ثم قوى بقية يومه أمر بالامساك عن الطعام بقية يومه تأديبا وليس بفرض هذا إذا كان قد تناول شيئا يفسد الصوم فإن كان برؤه قبل الزوال أمسك وجوبا واحتسب به من رمضان وإن كان برؤه بعد الزوال أمسك استحبابا وقضاه على ما تقدم مسألة الكافر إذا أسلم والصبي إذا بلغ في أثناء النهار أمسكا استحبابا لا وجوبا سواء تناولا شيئا أو لم يتناولا سواء زال عذرهما قبل الزوال أو بعده وهو أحد قولي الشيخ (ره) وفي الآخر يجددان نية الصوم إذا زال عذرهما قبل الزوال ولم يتناولا يجب (ولا خ ل) عليهما القضاء والمعتمد الأول لان المتقدم من الزمان على الاسلام والبلوغ لا يصح صومه والصوم لا يقبل التجزي واحتجاج الشيخ (ره) بأن الصوم ممكن في حقهما ووقت النية باق وقد صار الصبي مخاطبا ببلوغه وبعض اليوم إنما لا يصح صومه إذا لم تكن النية يسرى حكمها إلى أوله أما إذا كانت مجال يسرى حكمها إلى أول الصوم فإنه يصح وهو هنا كذلك وهو ممنوع لأن النية هنا لا يسرى حكمها إلى أول الصوم لأنه قبل زوال العذر غير مكلف والنية إنما يصح فعلها قبل الزوال للمخاطب بالعبادات إما غيره فممنوع المطلب الخامس في الصوم المحظور مسألة يحرم صوم العيدين باجماع علماء الاسلام روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن صوم هذين اليومين أما يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم وأما يوم الفطر ففطركم عن صيامكم ومن طريق الخاصة قول زين العابدين عليه السلام وأما صوم الحرام فصوم يوم الفطر ويوم الأضحى قال الشيخ (ره) القاتل في أحد أشهر الحرم يجب عليه صوم شهرين متتابعين وإن دخل فيهما العيدان وأيام التشريق لان زرارة سأل الباقر عليه السلام عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم قال يغلظ عليه الدية وعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم قلت فإنه يدخل في هذا شئ قال وما هو قلت يوم العيد وأيام التشريق قال يصوم فإنه حق لزمه وفي طريقه سهل بن زياد وهو ضعيف ومع ذلك فهو مخالف للاجماع مسألة لو نذر صوم العيدين لم ينعقد نذره عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك لان صومه حرام فلا يعقد النذر عليه كالليل ولأنه نذر في معصية فلا يصح لقوله عليه السلام لا نذر في معصية الله وقال عليه السلام لا نذر إلا ما ابتغى به وجه الله وقال عليه السلام من نذر أن يعصي الله فلا يعصيه (يقضيه) وقال أبو حنيفة ينعقد وعليه قضاؤه ولو صامه أجزأ عن النذر وسقط القضاء أما لو نذر صوم يوم (فظهر انه العيد فإنه يفطره إجماعا والأقرب انه لا يجب عليه قضاؤه لأنه نذر صوم زمان صح) لا يصح الصوم فيه فلم ينعقد كما لو علم مسألة صوم أيام التشريق حرام لمن كان بمنى عند علمائنا وأكثر العلماء لما رواه العامة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن صوم ستة أيام وذكرها ولان معوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن صيام أيام التشريق فقال أما بالامصار فلا بأس به وأما بمنى فلا وللشافعي قولان أحدهما الجواز للتمتع إذا لم يجد الهدى لان عمر وعايشة قالا لم يرخص في صوم أيام التشريق إلا المتمتع إذا لم يجد الهدى وقولهما ليس حجة مسألة يحرم صوم يوم الشك على أنه من شهر رمضان وصوم نذر المعصية وهو أن ينذر إن تمكن من زنا أو قتل مؤمن وشبهه من المحارم صام أو صلى وقصد بذلك الشكر لا الرجز لقوله عليه السلام لا نذر إلا ما أريد به وجه الله تعالى ويحرم أيضا صوم الصمت قال علماؤنا لأنه غير مشروع عندنا فيكون بدعة ولحديث الزهري عن زين العابدين عليه السلام ويحرم صوم الوصال عند علمائنا وللشافعي قولان هذا أحدهما لما رواه العامة عن ابن عمر قال واصل رسول الله صلى الله عليه وآله في رمضان فواصل الناس فنهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الوصال فقالوا انك تواصل فقال إني لست مثلكم انى أظل عند ربى يطعمني ويسقيني ومن طريق الخاصة قول زين العابدين عليه السلام وصوم الوصال حرام وصوم الصمت حرام والثاني للشافعي إنه مكروه غير محرم وهو قول أكثر العامة وكان عبد الله بن الزبير يواصل لأنه ترك الأكل والشرب المباح فلم يكن محرما كما لو تركه حال الفطر ويبطل بما لو ترك الأكل والشرب يوم العيد واختلف قول الشيخ (ره) في حقيقة الوصال فقال في النهاية والمبسوط هو أن يجعل عشاه سحوره لقول الصادق عليه السلام الوصال في الصوم أن يجعل عشاه سحوره وقال في الاقتصاد هو أن يصوم يومين من غير أن يفطر بينهما ليلا وهو قول العامة لما روى عن الصادق عليه السلام أنه قال انما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا وصال في صيام يعنى لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير افطار مسألة صوم الدهر حرام لدخول العيدين وأيام التشريق فيه ولا خلاف في تحريمه مع دخول هذه الأيام روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال من صام الدهر ضيقت عليه جهنم ومن طريق الخاصة قول زين العابدين عليه السلام وصوم الدهر حرام إذا ثبت هذا فلو أفطر هذه الأيام التي نهى عن صيامها هل يكره صيام الباقي قال الشافعي وأكثر الفقهاء ليس بمكروه لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن صيام ستة أيام من السنة فدل على أن صوم الباقي جايز وقال أبو يوسف انه مكروه لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عنه ولو أراد بالنهي هذه الأيام لأفردها بالذكر دون صوم الدهر ويحرم صوم الواجب سفرا عدا ما استثنى ولا يجزى ويحرم صوم المرأة ندبا مع منع الزوج والعبد مع منع المولى الفصل الثامن في اللواحق مسألة الشيخ والشيخة إذا عجزا عن الصوم وجهدهما الجهد الشديد جاز لهما الافطار إجماعا وهل تجب الفدية قال الشيخ نعم فيصدق عن كل يوم بمد من طعام وبوجوب الكفارة قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وسعيد بن جبير وطاوس واحمد لان أبا حنيفة قال يطعم عن كل يوم نصف صاع من حنطة أو صاعا من تمر وقال احمد يطعم مدا من بر أو نصف صاع من تمر أو شعير لما رواه العامة عن ابن عباس قال الشيخ الكبير يطعم عن كل يوم مسكينا ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان فقال يتصدق بما
(٢٨٠)