الأقرب ذلك وللشافعية وجهان ولو كان الجدان مع الأبوين ففي اشتراط إذن الجد مع الأب والجدة مع الام إشكال ينشأ من أن القريب يحجب البعيد ومن أن البر إلى البعيد لا يخص بحالة فقدان القريب الرابع لو تعين الجهاد عليه لم يعتبر إذن الأبوين ولا غيرهما من أصحاب الدين والسيد وكذلك كل الفرايض لا طاعة لهما في تركها كالصلاة والحج لأنه عبادة تعينت عليه فلا يعتبر إذن الأبوين فيها قوله تعالى " ولله على الناس حج البيت " ولم يشترط إذن الأبوين الخامس لو أذن أبواه في الغزو وشرطا عليه ترك القتال فحضر تعين عليه وسقط شرطهما وبه قال الأوزاعي واحمد وبن المنذر لأنه صار واجبا فلم يبق لهما في تركه طاعة ولو خرج بغير إذنهما فحضر القتال ثم بدا له الرجوع لم يجز له ذلك السادس ليس للأبوين من سفر (الحج صح) الواجب لأنه على الفور وليس الخوف فيه كالخوف في الغزو وللشافعي قول إن لهما المنع لان الحج على التراخي وبر الوالدين على الفور والصغرى ممنوعة وكذا ليس لهما المنع من سفره في طلب العلم الواجب عليه ولا يجب عليه استيذانهما كالحج ولو كان فرض كفاية بأن خرج طالبا لدرجة الفتوى وفي بلده من يشتغل بالفتوى إحتمل أن لهما المنع لتعين البر عليه وعدمه لبعد الحجر على المكلف وحبسه ولو لم يكن (هناك من صح) يشتغل بالفتوى لكن خرج مع جماعة لذلك فالأقرب عدم الاحتياج إلى الاذن لأنه لم يوجد في الحال من يقوم بالغرض والخارجون معه قد لا يحصل لهم المقصود ولو لم يخرج معه أحد لم يفتقر إلى الاذن لأنه يؤدى فرضا كما لو خرج لغزو تعين عليه ولو أمكنه العلم في بلده فإن توقع في سفر زيادة فراغ أو إرشاد أستاذ احتمل عدم افتقاره إلى الاذن وأما سفر التجارة فإن كان قصيرا لم يمنع منه وإن كان طويلا وفيه خوف اشترط إذنهما وإلا احتمل ذلك تحرزا من تأذيهما ولان لهما منعه من حجة التطوع مع أنه عبادة فيكون منعهما في المباح أولي وعدمه لأنه بامتناعه ينقطع عن معاشه ويضطرب أمره والأقرب إن الأب الكافر كالمسلم في هذه الاسفار بخلاف سفر الجهاد في الرقيق لشمول معنى البر والشفقة السابع لو خرج للجهاد بإذن صاحب الدين أو الأبوين ثم رجعوا وكان الأبوان كافرين فأسلما بعد خروجه من غير إذن وعلم بالحال فإن لم يشرع في القتال ولم يحضر الرفقة بعد فإنه ينصرف إلا إذا خاف على نفسه أو ماله أو خاف من انصراف كسر المسلمين ولو لم يمكنه الانصراف للخوف وأمكنه الإقامة في قرية في الطريق إلى أن يرجع جيش المسلمين لزمه أن يقيم لان غرض الراجعين عن الاذن أن لا يقاتل وهو أحد وجهي الشافعية والثاني عدم الوجوب لما يناله من وحشة مفارقة الرفقة وإبطال أهبه الجهاد عليه ولو كان الرجوع بعد الشروع في القتال احتمل وجوب الرجوع لان حق الراجعين عن الاذن أولي بالرعاية لأنه فرض عين والجهاد فرض كفاية ولان حقهم أسبق ولان حق الآدمي مبنى على المضايقة فهو أولي بالمحافظة وعدمه لوجوب الثبات على من حضر القتال قوله تعالى " إذا لقيتم فئة فاثبتوا " ولأنه ربما يكسر قلوب المسلمين ويشوش الجهاد وللشافعي قولان ولبعض أصحابه فرق بين رجوع الأبوين وصاحب الدين لعظم شأن الدين والاحتياط للمظالم الثامن من اشترط عليه الاستيذان لو خرج بغير إذنه لزمه الانصراف ما لم يشرع في القتال لأنه سفر معصية إلا أن يخاف على نفسه أو ماله فإن شرع في القتال فللشافعية وجهان وهذه الصورة أولي بوجوب الانصراف لان ابتداء الخروج كان معصية ولو خرج العبد بغير إذن سيده لزمه الرجوع ما لم يحضر الوقعة فإن حضر فللشافعية قولان ولو مرض الحر بعد خروجه أو عرج أو فنى زاده أو هلكت دابته تخير بين الانصراف والمضى ما لم يحضر الوقعة ولو حضر الوقعة لزمه الثبات للآية و هو أحد قولي الشافعي والثاني إنه يجوز الرجوع لعدم تمكنه من القتال والوجه أن يقال إن كان الانصراف لا يورث إعلالا وتخاذلا في الجند جاز وإلا فلا ولو أمكنه القتال راجلا بعد موت الدابة في الوقعة وجب وإلا فلا كذا إذا انقطع سلاحه وانكسر في الوقعة وأمكنه القتال بالحجارة وجب وإلا فلا وحيث سوغنا الانصراف لرجوع رب الدين أو الأبوين على (عن) الاذن أو لمرض ونحوه ليس للسلطان منعه إلا أن يتفق ذلك لجماعة وكان يخاف من إنصرافهم الخلل في المسلمين ولو انصرف لذهابه نفقة أو هلاك دابة ثم قدر على النفقة والدابة في بلاد الكفر فعليه أن يرجع إلى المجاهدين وإن كان قد فارق بلاد الكفر قال الشافعي لم يلزمه الرجوع إليهم ولو خرج للجهاد وبه عذر من مرض وغيره ثم زال عذره وصار من أهل فرض الجهاد لم يجز له الرجوع عن الغزو وكذا لو حدث العذر وزال قبل أن ينصرف التاسع من شرع في القتال ولا عذر له تلزمه المصابرة ويحرم الانصراف لما فيه من التخذيل وكسر قلوب المجاهدين وطالب العلم إذا اشتغل بالتعلم وأنس الرشد من نفسه هل يحرم عليه الرجوع يحتمل ذلك لأنه فرض كفاية شرع فيه فيلزمه بالشروع والأقرب المنع لان الشروع لا يغير حكم المشروع فيه بخلاف الجهاد لان في الرجوع تخذيل المجاهدين وكسر قلوبهم و ترك التعلم ليس فيه ذلك ولان كل مسألة مطلوبة برأسها منقطعه عن غيرها وليست العلوم كالخصلة الواحدة بخلاف الجهاد وفي وجوب إتمام صلاة الجنازة بالشروع وجهان أحدهما عدمه كالشروع في التطوع لا يلزمه به إتمامه ووجوبه لان الصلاة كالخصلة الواحدة ولما في الرجوع من هتك حرمة الميت. مسألة.
العلم إما فرض عين أو فرض كفاية أو مستحب أو حرام فالأول العلم بإثبات الصانع تعالى وصفاته وما يجب له ويمتنع عليه ونبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وثبوت عصمته و إمامة من تجب إمامته وما تجب له ويمتنع عليه والمعاد ولا يكفي في ذلك التقليد بل لابد من العلم المستند إلى الأدلة والبراهين ولا يجب على الأعيان دفع الشبهات فيها وذلك إنما يتم بعلم الكلام وقالت الشافعية العلم المترجم بعلم الكلام ليس بفرض عين وما كان الصحابة يشتغلون به والثاني العلم بالفقه وفروع الاحكام وعلم أصول الفقه وكيفية الاستدلال والبراهين والنحو واللغة والتصريف والتعمق في أصول الدين بحيث يقدر على دفع شبهة المبطلين والقيام بجواب الشبهة ورد العقايد الفاسدة وعلم أصول الفقه وعلم الحديث ومعرفة الرجال بالعدالة وضدها والانتهاء في معرفة الاحكام إلى أن يصلح للافتاء والقضاء ولا يكفي المفتى الواحد في البلد لعسر مراجعته على جميع الناس وعلم الطب للحاجة إليه والمعالجة وعلم الحساب للاحتياج إليه في المعاملات وقسم الوصايا والمواريث ومن حصل له شبهه وجب عليه السعي في حلها والمستحب الزيادة على ما يجب على الكفاية في كل علم والحرام ما اشتمل على وجه قبح كعلم الفلسفة لغير النقض وعلم الموثيقى؟ وغير ذلك مما نهى الشرع عن تعلمه كالسحر وعلم القيافة والكهنة وغيرها. مسألة. قد عرفت من شرط الجهاد دعاء الإمام العادل إليه ولو كان الجهاد للدفع وجب مطلقا سواء كان هناك إمام أو لا و لو كان الامام جايرا جاز القيام معه إذا قصد الدفع عن نفسه وعن المؤمنين كما لو كان المسلم في دار الكفر بأمان ودهمهم عدو وخشي على نفسه وجب عليه مساعدتهم في دفعه لما رواه طلحة بن زيد عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل دخل أرض الحرب بأمان فغزى القوم الذين دخل عليهم قوم آخرون قال على المسلم أن يمنع عن نفسه وماله ويقاتل على (حكم الله وحكم رسوله وإما أن يقاتل الكفار على صح) حكم الجور وسننهم فلا يحل له ذلك وكذا كل من خاف على نفسه يجب عليه الجهاد ومن خاف على ماله يجوز له الجهاد إذا غلب السلامة على ظنه. مسألة. لا يجب على من وجب عليه الجهاد ايقاعه مباشرة إلا أن يعينه الامام للخروج فتحرم عليه الاستنابة بأجرة وغيرها ولا يجوز له حينئذ أن يغزو بجعل فإن أخذ جعلا رده على صاحبه ولو لم يعينه لم تجب المباشرة بل يجوز أن يستنيب غيره بإجارة أو غيرها وتكون الإجارة صحيحة ولا يلزم المستأجر رد الأجرة عند علمائنا لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله من جهز غازيا كان له كمثل أجره ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) ان عليا (ع) سئل عن الاجعال للغزو فقال لا بأس به أن يغزو الرجل عن الرجل ويأخذ منه الجعل ولان الضرورة قد تدعو إليه فكان