ولو ملكوا لم يجز إبطال حقهم عن بعض الأنواع بغير اختيارهم والثاني يملكون بالحيازة والاستيلاء لان الاستيلاء على ما ليس بمعصوم من الأموال سبب الملك ولان ملك الكفار زال بالاستيلاء فلو لم يملكه الغانمون بقى الملك لا مالك له نعم هو ملك ضعيف يسقط بالاعراض ولا تجب الزكاة فيه قيل اختيار التملك على الأظهر والثالث إن ملكهم موقوف إن سلمت الغنيمة إلى أن اقتسموا ظهرانهم ملكوها بالاستيلاء وإلا بان بالموت أو الاعراض عدم الملك لان قصد الاستيلاء على المال لا يتحقق إلا بالقسمة لما تقدم من أن الغرض إعلاء كلمة الله فإذا اقتسموها تبينا قصد التملك بالاستيلاء وإذا قلنا بالوقف قال الجويني لا نقول نتبين بالقسمة أن حصة كل واحد من الغانمين على التعيين صارت ملكا بالاستيلاء بل نقول إذا اقتسموا بينا انهم هلكوا الغنايم أولا ملكا مشاعا ثم يتميز الحصص بالقسمة. مسألة. لو وقع في المغنم من يعتق على بعض الغانمين لم تعتق حصته ما لم يقع في حصته ولم يمنعه ذلك عن الاعراض قاله بعض الشافعية وقال الشيخ ره الذي يقتضيه المذهب ان نقول ينعتق منه نصيبه منه ويكون الباقي للغانمين وبه قال احمد وقال الشافعي انه لا ينعتق عليه لا كله ولا بعضه وهو مقتضى قول أبي حنيفة لنا ما تقدم من أن الملك تثبت للغانمين بالاستيلاء التام وقد وجد ولان ملك الكفار قد زال ولا يزول إلا إلى المسلمين وهو أحدهم فيكون له نصيب مشاع في الغنيمة فينعتق عليه ذلك النصيب. احتج الشافعي بأنه لم يحصل تملك تام إذ للامام ان يعطيه حصته من غيره فنصيبه غير متميز من الغنيمة قال الشيخ (ره) والأول أقوى ثم قال الشيخ ينعتق نصيبه ولا يلزمه قيمة ما يبقى للغانمين لأصالة البراءة ولا دليل على شغلها والقياس على العتق باطل لان هناك إنما وجب عليه التقويم لان العتق صدر عنه أما لو جعله الامام في نصيبه أو نصيب جماعة هو أحدهم فإنه ينعتق نصيبه قولا واحدا ولو رضي بالقسمة فالأقرب التقويم عليه لان ملكه برضاه هذا إذا كان موسرا ولو كان معسرا عتق قدر نصيبه ولم يقوم عليه الباقي ولو أسر أباه (منفردا به صح) لم ينعتق عليه لان الأسير لا يصير رقيقا بالاسر بل باختيار الامام لان للامام حق الاختيار إن شاء قتله وإن شاء استرقه وإن شاء من عليه وإن شاء فأداه فإن اختار الامام استرقاقه عتق على السابي أربعة أخماسه وقوم الخمس عليه إن كان موسرا قاله بعض الشافعية قال ولو أسر أمه أو ابنه الصغير فإنه تصير رقيقا بالاسر فإذا اختار تملكها عتق عليه أربعة أخماسهما وقوم الباقي عليه إن كان موسرا وإن كان معسرا رق الباقي وإن لم يتخير التملك كان أربعة الأخماس لمصالح المسلمين وخمسه لأهل الخمس قال ولو أن حربيا باع من المسلمين امرأته وقد قهرها جاز ولو باع أباه أو ابنه بعد قهرهما لم يجز لأنه إذا قهر زوجته ملكها فيصح بيعها إذا قهر أباه أو ابنه ملكه فعتق عليه فلا يجوز بيعه ولو أعتق بعض الغانمين عبدا من الغنيمة قبل القسمة فإن كان ممن لم يثبت فيه الرق كالرجل قبل استرقاقه لم يعتق لأنه (ع) قال لا عتق إلا في ملك وإن كان ممن يملك كالصبي والمرأة فالوجه عندنا إنه يعتق عليه قدر حصته ويسرى إلى الباقي فيقوم عليه ويطرح باقي القيمة في المغنم هذا إذا كان موسرا وإن كان معسرا عتق عليه قدر نصيبه لأنه موسر بقدر حصته من الغنيمة فإن كان بقدر حصة من الغنيمة عتق ولم يأخذ من الغنيمة شيئا وإن كان دون حصته أخذ باقي نصيبه وإن كان أكثر عتق قدر نصيبه ولو أعتق عبدا اخر وفضل من حقه عن الأول شئ عتق بقدره من الثاني وإن لم يفضل شئ كان عتق الثاني باطلا. مسألة. ليس للغانم وطى جارية المغنم قبل القسمة فإن وطى عالما بالتحريم حد بقدر نصيب غيره من الغانمين قلوا أو كثروا وبه قال مالك وأبو ثور والشافعي في القديم وقال الشافعي وأبو حنيفة واحمد لا حد للشبهة قال الشافعي بل يعزر ولا ينفذ الاستيلاد في نصيبه وإن قلنا يملك ففي نفوذه للشافعية وجهان لضعف الملك وإن قلنا يملك نفذ وإن قلنا لا يملك فوجهان كاستيلاد الأب جارية الابن فإن نفذ في نصيبه وهو موسر بما يخصه من الغنيمة أو بغيره سرى والولد جميعه حر وفي وجوب قيمة حصة غيره من الولد إشكال ينشأ من أنه ينتقل الملك إليه قبل العلوق أو بعده وأما الحد فلا يجب والمهر يجب جميعه إن قلنا لا ملك له ويوضع في المغنم وإن قلنا يملك حظ عنه قدر حصته ولو وطأها جاهلا بالتحريم فلا حد إجماعا لان الشرك شبهة وهو غير عالم أما المهر فقال الشيخ لا يجب عليه المهر لعدم الدلالة على شغل الذمة به وقال الشافعي يجب عليه لأنه وطوء في غير ملك سقط فيه الحد عن الواطي فيجب المهر كوطئ الأب جارية ابنه ولو أوجبنا المهر ثم قسمت الغنيمة فحصلت الجارية في نصيبه لم يسقط لأنه وجب بالوطي السابق ولو أحبلها قال الشيخ (ره) يكون حكم ولدها حكمها فيكون له منه بقدر نصيبه من الغنيمة ويقوم بقية سهم الغانمين عليه ويلزمه سهم الغانمين وينظر فإن كانت القيمة قدر حقه فقد استوفى حقه وإن كان أقل اعطى تمام حقه وإن كان أكثر رد الفضل ويلحق به الولد لحوقا صحيحا لأنه شبهه وتكون الجارية أم ولده وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يكون الولد رقيقا ولا يلحق نسبه لان وطئه لم يصادف ملكا لان الغانم يملك بالقسمة وليس بجيد لان ملكهم يتحقق بالاستيلاء فلهم نصيب قال الشيخ (ره) هذه الجارية تصير أم ولده في الحال وبه قال احمد وقال الشافعي (لا تصير صح) أم ولد في الحال لأنها ليست ملكا له فإذا ملكها بعد ذلك ففي صيرورتها أم ولد قولان فعلى قول الشيخ (ره) تقوم الجارية عليه ويغرم سهم الغانمين وبه قال احمد وللشافعي قولان قال الشيخ (ره) إذا وضعت نظر فإن كانت قومت عليه قبل الوضع فلا يقوم عليه الولد لان الولد إنما يقوم إذا وضعت وفي هذه الحال وضعته في ملكه وإن كانت بعد لم تقوم عليه قومت هي والولد معا بعد الوضع وأسقط منه نصيبه واغرم الباقي للغانمين لأنه منع من رقه لشبهة بالوطي وعن أحمد روايتان إحديهما إنه يلزمه قيمته حين الوضع يطرح في المغنم لأنه فوت؟ رقه فأشبه الولد المعزور والثانية لا ضمان عليه بقيمته لأنه ملكها حين علقت ولم يثبت ملك الغانمين في الولد بحال فأشبه ولد الأب من جارية ابنه إذا وطأها ولأنه يعتق حين علوقه ولا قيمة له حينئذ والحق ما قاله الشيخ لأنها قبل التقويم ملك الغانمين ونمنع عتقه من حين علوقه وبعد التقويم ولد على ملكه فكان الولد له ولا قيمة عليه للغانمين ولو وطأها وهو معسر قال الشيخ (ره) تقوم عليه مع ولدها ويستسعى في نصيب الباقين فإن لم يسع في ذلك كان له من الجارية مقدار نصيبه والباقي للغانمين ويكون الولد حرا بمقدار نصيبه والباقي يكون مملوكا لهم والجارية أم ولد وإن ملكها فيما بعد وقال بعض العامة إذا وطأها وهو معسر كان في ذمته قيمتها وتصير أم ولد لأنه استيلاد جعل بعضها أم ولد فجعل جميعها أم ولد كاستيلاد جارية الابن وقال آخرون يجب عليه قدر حصة من الغنيمة ويصير ذلك المقدار أم ولد والباقي رقيق للغانمين ولو وطى الأب جارية من المغنم وليس له نصيب فيها بل لولده كان الحكم فيه كما لو وطى الابن. البحث الثاني. في الأسارى. مسألة. الأسارى ضربان ذكور وإناث فالذكور إما بالغون أو أطفال وهم من لم يبلغ خمس عشرة سنة والنساء والأطفال يملكون بالسبي ولا يجوز قتلهم إجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء والولدان ويكون حكمهم مع السبى حكم ساير أموال الغنيمة الخمس لأهله والباقي للغانمين ولو أشكل أمر الصبى في البلوغ وعدمه اعتبر بالانبات فإن أنبت الشعر الخشن على عانته حكم ببلوغه وإن لم ينبت ذلك جعل من جملة الذرية لان سعد بن معاذ حكم في بني قريظة بهذا وأجازه النبي صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة رواية الباقر (ع) قال فإن رسول الله عرضهم يومئذ على العانات فمن وجده انبت قتله ومن لم يجده انبت الحقه بالذراري وأما البالغون الأحرار فإن أسروا قبل
(٤٢٣)