لو كانت الدار بين أربعة بالسوية فاشترى اثنان منهم من واحد نصيبه وهو الربع استحق الذي لم يشتر عليهما الشفعة واستحق كل واحد من المشتريين لأنه شريك فلا يسقط حقه من الشفعة ويبسط الدار ثمانية وأربعين سهما فالربع اثني عشر وفيه أربع صور - آ - أن يطالب كل واحد بشفعة يقتسمون المبيع أثلاثا فيحصل لكل واحد أربعة - ب - أن يعفو كل واحد من الشريكين عن صاحبه ويطالب الذي لم يشتر فإنه يأخذ من كل واحد منهما نصف ما في يده لأنه مما اشتراه كل واحد شريكه في الشفعة إذ لا شفعة فيه إلا لهما فيحصل للذي لم يشتر نصف السهم ستة ولكل واحد من المشتريين ثلثة أسهم - ج - أن يعفو الذي لم يشتر خاصة فكل واحد من المشتريين يأخذ من صاحبه ما في يده فيكون ذلك قدر ما اشتراه لكل واحد ستة - د - أن يعفو الذي لم يشتر عن أحدهما دون الآخر فإنه يأخذ ممن لم يعف عنه سهمين ويبقى معه أربعة أسهم يأخذ منها المعفو عنه سهمين ويأخذ الذي لم يعف عنه من المعفو عنه ثلاثة أسهم نصف ما في يده لأنه لا شفيع في هذا السهم سواهما فيحصل مع كل واحد منهما خمسة ومع العافي سهمان. البحث الثامن. في الحيل المسقطه للشفعة. مسألة. يجوز استعمال الحيل بالمباح مطلقا عندنا وعند جماعة من العامة خلافا لأحمد بن حنبل فإذا أراد أن يشترى الشقص ولا يلزمه شفعة أمكنه أن يشتريه بثمن مشاهد لا يعلمان قدره ولا قيمته إذا لم يكن من المكيلات والموزونات ثم يخرجه عن ملكه بتلف أو غيره بحيث لا يتمكن من العلم به وقت المطالبة بالشفعة فإذا طولب بالشفعة وتعذر عليه معرفة الثمن سقطت الشفعة فإن ادعى الشفيع إن الثمن كان معلوما وذكر قدره فأنكر المشترى قدم قول المشترى مع اليمين ولو كان الثمن مكيلا أو موزونا فقال المشترى إنه كان جزافا أو كان معلوما وقد نسيه لم يسمع منه في الجزاف عندنا وطولب بجواب صحيح فإن أجاب وإلا جعل ناكلا ومن قال إنه يجوز البيع به هل يكون الجواب به أو بالنسيان صحيحا الأقرب عندي ذلك وهو قول أكثر الشافعية لان نسيان المشترى ممكن وقد يكون الثمن جزافا عند مجوزيه فإذا أمكن حلف عليه وقال بعض الشافعية إنه لا يكون جوابا صحيحا فيقال له إما أن تجيب بجواب صحيح وإلا جعلناك ناكلا ويحلف الشفيع كما لو ادعى رجل على آخر ألف درهم دينا فقال لا اعلم قدر دينك لم يكن جوابا والفرق إن المدعى يدعى عليه قدرا معينا وهو لا يجيب عنه لا بإقرار ولا بإنكار فلهذا جعلناه ناكلا وفي مسئلتنا قوله إن الثمن كان جزافا أو لا أذكره إنكار للشفعة لأنه إذا كان كذلك لا يجب الشفعة نعم لو قال لا أدرى لك شفعة أم لا كان كمسألة الدين ولان الدين إن لم يعلمه من هو عليه يجوز أن يعلمه من هو له فيجعل القول قوله مع يمينه وهنا هذا هو العاقد فإذا صح كان جزافا أو لا يعلم فلا طريق للشفيع إلى معرفته. مسألة. لو أتلف المشترى الثمن المعين قبل القبض وكان قد قبض الشقص وباعه سقطت الشفعة وصح تصرف المشترى وكان عليه قيمة الشقص للبايع ولو أراد المتبايعان التوصل إلى رغبة الشفيع عن الشفعة اشتراه بألف إذا كان يساوى مائة ثم يبيعه بالألف سلعة تساوى مائة فإذا أراد الشفيع أن يأخذ وجب عليه دفع الألف وكذا إذا باعه سلعة تساوى مائة ألف ثم اشترى الشقص المساوى مائة بألف فإذا أراد الشفيع أن يأخذه أخذه بالألف وهذا يصح عندنا مطلقا وعند الشافعي إنما يصح إذا لم يشترط مشترى الشقص على بايعه أخذ السلعة بالثمن في العقد فإنه متى شرط ذلك بطل العقد عنده ويحصل على المشترى بشراء ما يساوى مائة بألف غرر. مسألة. لو نقل الشقص بهبة أو صلح أو يجعله مال إجارة أو غيرها من العقود المغايرة للبيع فلا شفعة عندنا ووافقنا الشافعي في كل عقد لا يشتمل على المعاوضة وعلى إنهما إذا اتفقا على أن يهب أحدهما الشقص للاخر ويهب الآخر الثمن ويكون هذا الاتفاق قبل عقد الهبة ويعقد إنها مطلقة فلا تجب الشفعة ولو اتفقا على بيع الشقص بألف وهو يساوى مائة ثم يبرئه من تسعمائة بعد التزام البيع فتعاقدا على ذلك رغب الشفيع عن أخذه لأنه لو طلبه لزمه.
الألف. مسألة. ومن الحيل أن يبيعه جزءا من الشقص بثمنه كله ويهب له الباقي أو يهبه بعض الشقص أو يملكه إياه بوجه آخر غير البيع ثم يبيعه الباقي فإنه لا شفعة عند من يبطلها مع الكثرة أو يبيعه بثمن حاضر مجهول القدر عند من يجوزه ويقبضه البايع ولا يزنه بل ينفقه لو يمزجه بمال له مجهول فتندفع الشفعة على أصح قولي الشافعية ولو باع بعض الشقص ثم باع الباقي لم يكن للشفيع أخذ جميع المبيع ثانيا على الوجهين ولو وكل البايع شريكه بالبيع فباع لم يكن له الشفعة على أحد الوجهين. مسألة لا يكره دفع الشفعة بالحيلة إذا ليس فيها دفع حق عن الغير فإن الشفعة إنما تثبت بعد البيع مع عدم المعارض فإذا لم يوجد بيع أو وجد معارض الشفعة فلا شفعة لعدم الثبوت وبه قال أبو يوسف وقال محمد بن الحسن يكره وللشافعية وجهان أصحهما عندهم الثاني ولا يكره عندهم دفع شفعة الجار بالحيلة قطعا ولو اشترى عشر الدار بتسعة أعشار الثمن فلا يرغب الشفيع لكثرة الثمن ثم يشترى تسعة أعشار بعشر الثمن فلا يتمكن الجار من الشفعة لان المشترى حالة الشراء شريك في الدار والشريك مقدم على الجار أو يحظ البايع على طرف ملكه خطا مما يلي دار جاره ويبيع ما وراء الحظ لان ما بين ملكه وبين المبيع فاصلا ثم يهبه الفاضل. البحث التاسع. في اللواحق. مسألة لو مات المديون وله شقص يستوعبه الدين فبيع شقص في شركته كان للورثة الشفعة لان الدين لا يمنع انتقال الملك إلى الورثة على ما يأتي وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة وبعض الشافعية ولو كان للمديون دار فبيع بعضها في الدين لم يكن للورثة الشفعة لان البيع يقع لهم فلا يستحقون الشفعة على أنفسهم ولو كان الوارث شريك الموروث فبيع نصيب الموروث في دينه يثبت الشفعة للوارث بنصيبه الذي كان يملكه لان البيع على الميت إنما كان بسبب دينه الذي ثبت عليه في حال الحياة فصار البيع كأنه قد وقع في حال الحياة والوارث كان شريكه في حال الحياة فيثبت له الشفعة ولا يلزم إذا كان الدار للموروث فبيع بعضها في دينه لأنا إذا جعلنا البيع كان وقع في حال الحياة لم يكن الوارث شريكه في تلك الحال وهو قول بعض الشافعية وقال أكثرهم لا شفعة لان الدين لا يمنع انتقال الملك إلى الوارث فإذا بيع فقد بيع ملك الوارث عليه فلا يستحق الشفعة كما لو كان على رجل دين وهو غايب فباع بعض داره ثم قدم لم يثبت له الشفعة كذا هنا وما ذكره أولا بعضهم فليس بشئ لأنه إنما يلحق بحال الحياة إذا وجد سببه في حال الحياة وما لا يمكن ابتداؤه بعد الوفاة ولو كان كذلك لم يكن للوارث أن يقضى الدين من عنده ويمتنع من البيع وهذا عندي هو المعتمد لا يقال هذا الدين وجب على الميت فلا يجوز أن يباع غيره فيه وإنما يجعل كأنه بيع عليه لأنا نقول من يقول إن الملك ينتقل إلى الوارث قد لزمه ما الزم لأنه يبطل ملك الوارث لأجل دين الميت وعلى أن ذلك لا يمنع لان هذا الذي يتعلق بهذه العين لأنها ملكت من جهة السبب ألا ترى أن العبد إذا جنى تعلقت الجناية برقبته وهي ملك لمولاه ويباع فيها وإن لم يكن الدين على مولاه. مسألة. لو كان لاحد الثلاثة نصف الدار ولكل من الآخرين ربع فاشترى صاحب النصف من أحد شريكيه ربع والآخر غائب ثم باع صاحب ثلثه الأرباع ربعا منها لرجل ثم قدم الشريك الغايب كان له أخذ ما يخصه من المبيع الأول بالشفعة وهو ثمن ويأخذ المبيع الثاني بأجمعه إذ لا شفيع غيره فإن أراد العفو عن الثاني والاخذ من الأول أخذ من المشترى الثاني سهما من ستة ومن الأول سهمين من ستة لأنا نفرض الدار أربعة وعشرين سهما إذ لا يخرج صحيحة من أقل وإنما قلنا ذلك لان صاحب النصف اشترى الربع فكان بينه وبين الغائب نصفين إن قلنا إن للمشترى شفعة وإن الشفعة على عدد الرؤس فإذا باع الربع مما في يده وفي يده ثلثه أو باع فقد باع ثلث ما في يده وهو ستة وبقى في يده اثني عشر وللغايب شفعة ثلاثة أسهم فإذا قدم أخذ من المشترى ثلث ما استحقه وهو سهم واحد لأنه حصل له ثلث ما كان في يد بايعه وأخذ من الأول سهمين وإن جعلنا الشفعة على قدر النصيب فالذي يستحق الغائب