كافة وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى " قاتلوا المشركين كافة " وقوله (ع) أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله خرج منه القسمان الأولان فيبقى الباقي على أصله ولان قوله (ع) في المجوس سنوا بهم سنة أهل الكتاب يقتضى تخصيص أهل الكتاب بأخذ الجزية إذ لو شاركهم غيرهم لم تختص الإضافة بهم ولان كفر من عدا الثلاثة أشد لانكارهم الصانع تعالى وجميع الرسل ولم تكن لهم شبهة كتاب فلا يساوون من له كتاب واعترف بالله تعالى كالمرتد وقال أبو حنيفة يقبل من عبدة الأوثان من العجم الجزية ولا يقبل من العرب إلا الاسلام وهو رواية عن أحمد لانهم يقرون على دينهم بالاسترقاق فيقروا بالجزية كأهل الكتاب والمجوس وقال مالك الحربية تقبل من جميع الكفار إلا كفار قريش لان النبي صلى الله عليه وآله كان يوصى من يبعث من الامراء بالدعاء إلى ثلاث خصال من جملتها الجزية وهو عام في جميع الكفار ونمنع إقرارهم على دينهم بالاسترقاق والامر بقبول الجزية مخصوص بأهل الذمة. إذا عرفت هذا فإن كان الكفار ممن لا يؤخذ منهم الجزية عن الأمير (عليهم السلام صح) فإن أسلموا حقنوا دمائهم وأموالهم وإن أبوا قاتلهم وسبى ذراريهم ونساءهم وغنم أموالهم وقسمها على ما يأتي وإن كانوا ممن يؤخذ منهم الجزية دعاهم إلى الاسلام فإن أجابوا كف عنهم وإن أبوا دعاهم إلى إعطاء الجزية فإن بذلوا قبل منهم الجزية وإن امتنعوا قاتلهم وسبى ذراريهم ونسائهم وغنم أموالهم وقسمها على المستحقين. البحث الثاني. في الجند. مسألة. إذا عين الامام شخصا للجهاد معه وجب عليه طاعته وحرم عليه التخلف عنه سواء وجب عليه أولا الدعاء أو لا ولو لم يعين لم يجب عليه إلا على الكفاية إلى أن يدهم المسلمين عدو يخشى منه على النفس ويخاف على بيضة الاسلام فيجب على كل متمكن الجهاد سواء أذن الامام له أو لا سواء كان مقلا أو مكثرا ولا يجوز لاحد التخلف إلا مع الحاجة إلى تخلفه كحفظ المكان والاهل والمال أو منع الامام له من الخروج فإن أمكن استخراج إذن الإمام في جهاد فرض العين وجب لأنه أعرف وأمر الحرب موكول إليه لعلمه بكثرة العدو وقلته ولو لم يمكن استيذانه لغيبة ومفاجأة العدو وجب الخروج بغير إذن وإذا نادى الامام بالنفير والصلاة فإن كان العدو بعيدا صلوا ثم خرجوا وإن كان قريبا يخشى من التأخر بالصلاة خرجوا وصلوا على ظهور دوابهم ولو كانوا في الصلاة أتموها وكذا يتمون خطبة الجمعة وإذا نادى بالصلاة جامعة لحدوث أمر يحتاج إلى المشورة لم يتخلف أحد إلا لعذر (ولا ينبغي صح) أن تنفر الخيل إلا عن حقيقة الامر. مسألة. إذا بعث الامام سرية استحب له أن يؤمر عليهم أميرا ثقة جلدا يأمرهم بطاعته و يوصيه بهم وأن يأخذ البيعة على الجند حتى لا يفروا وأن يبعث الطلايع ويتجسس أخبار الكفار ويكون الأمير له شفقة ونظر على المسلمين ولو كان القايد معروفا بشرب الخمر أو غيره من المعاصي لم ينفروا معه ولو كان شجاعا إذا رأى جاز النفور معه لقوله (ع) إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر هذا كله مع الحاجة إلى النفر من غير إذن الإمام العادل أما مع عدم الحاجة فلا يجوز بحال وإذا احتاج إلى إخراج النساء لمداواة المرضى وشبهها استحب له أن يخرج العجايز ويكره إخراج الثواب منهن حذرا من ظفر الكفار بهم فينالوا منهن الفاحشة فإن احتاج إلى إخراجهن جاز لان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج بعائشة في غزوات. مسألة. يجوز الاستعانة بأهل الذمة وبالمشرك المأمون غائلته إذا كان في المسلمين قلة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله استعان بصفوان بن أمية على حرب هوازن قبل إسلامه واستعان بيهود بنى قينقاع ورضخ لهم ولو لم يكن مأمونا أو كان بالمسلمين كثرة لم يستعن بهم قال الله تعالى " وما كنت متخذ المضلين عضدا " وقال أنا لا نستعين بالمشركين على المشركين وأراد (ع) مع فقد أحد الشرطين ولأنهم مغضوب عليهم فلا تحصل النصرة بهم ومع عدم الامن عنهم لا يجوز استصحابهم وهذا كله مذهب الشافعي وله قول اخر جواز الاستعانة بشرط كثرة المسلمين بحيث لو خان المستعان بهم وانضموا إلى الكفار تمكن المسلمون من مقاومتهم جميعا ومنع بن المنذر من الاستعانة بالمشركين مطلقا وعن أحمد روايتان ويجوز أن يستعين بالعبيد مع إذن السادة وبالمراهقين والذمي إذا حضر بإذن رضخ له وبغير إذن لا يرضخ وللشافعي في استحقاقه الرضخ مع عدم الإذن قولان ولو نهى لم يستحق. مسألة. لا يجوز للامام ولا للأمير من قبله أن يخرج معه من يخذل الناس ويثبطهم عن الغزو ويدهدههم عن الخروج كمن يقول الحر شديد أو البرد والمشقة عظيمة والمسافة بعيده والكفار كثيرون والمسلمون أقل ولا يؤمن هزيمتهم ولا المرجف وهو الذي يقول هلكت سرية المسلمين ولا طاقة لكم بهم ولهم قوة و شوكة ومدد وصبر ولا يثبت لهم مقاتل ونحوه ولا من يعين على (المسلمين) بالتجسس للكفار ومكاتبتهم بأخبار المسلمين وإطلاعهم على عوراتهم وايواء جاسوسهم ولا من يوقع العداوة بين المسلمين ويمشى بينهم بالنميمة ويسعى بالفساد لقوله تعالى " لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولا وضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة " فإن خرج واحد منهم لم يسهم له ولا يرضح ولو قتل كافرا لم يستحق سلبه وإن أظهر إعانة المسلمين لأنه نفاق ولو كان الأمير أحد هؤلاء لم يخرج الناس معه لان المتبوع يمنع منه فالتابع أولي لأنه أكثر ضررا. مسألة.
إذا خرج الامام بالنفير عقد الروايات فجعل كل فريق تحت راية وجعل لكل من تابعة شعارا يتميز به عندهم حتى لا يقتل بعضهم بعضا بياتا ويدخل دار الحرب بجماعته لأنه أحوط وأهيب وان ينتظر الضعفاء فيسير على مسيرهم إلا مع الحاجة إلى قوة السير ويدعو عند التقاء الصفين ويكبر من غير إسراف من رفع الصوت وأن يحرض الناس على القتال وعلى الصبر والثبات ولو تجدد عذر أحد معه فإن كان لمرض في نفسه كان له الانصراف وإن كان بعد التقاء الصفين لعدم تمكنه من القتال وإن كان لغير مرض كرجوع صاحب الدين أو أحد الأبوين فإن كان بعد التقاء الصفين لم يجز الانصراف وإن كان قبله جاز ولا ينبغي له أن يقتل أباه الكافر بل يتوفاه لقوله تعالى وصاحبهما في الدنيا معروفا إلا أن يسب النبي صلى الله عليه وآله فإن أبا عبيده قتل أباه حين سب رسول الله (ص) فلما قال له النبي صلى الله عليه وآله لم قتلته قال سمعته يسبك فسكت عنه ولا يميل الأمير مع موافقه في المذهب والنسب على مخالفه فيهما لئلا يكسر قلوب غيرهم فيخذلونه عند الحاجة وينبغي أن يستشير بأصحاب الرأي من أصحابه للآية ويتخير لأصحابه المنازل الجيدة وموارد المياه ومواضع العشب ويحمل من نفقت دابته إذا كان فضل معه أو مع أتباعه ولو خاف رجل تلف اخر لموت دابته احتمل وجوب بذل فاضل مركوبه ليحيى به صاحبه كما يجب بذل فاضل الطعام للمضطر وتخليصه من عدوه وتجوز العقبة بأن يكون الفرس الواحد لاثنين لما فيه من الارفاق . مسألة. قد بينا إنه لا يخرج المخذل وشبهه فإن نهاه الامام عن الخروج فخرج لم يستحق اجرة ولا رضخا لأنه متهم بموالاة أهل ذمته وللامام أن يعزره إذا رآه ولو لم يأمره ولا نهاه لم يستحق رضخا عندنا وهو أصح وجهي الشافعية لأنه ليس من أهل الذب عن الدين بل هو متهم بالخيانة والثاني إنه يستحق لأنه بالعهد المؤبد صار من أهل الدار وأهل نصرتها وليس بشئ لان المخذل أقوى منه في دفع التهمة عنه وليس له إخراج نساء أهل الذمة ولا ذراريهم لأنه لا قتال فيهم ولا رأى ولا يترك بدعائهم وللشافعي قولان فعلى الجواز هل له أن يرضخ لهن وجهان أحدهما المنع وأخرج النبي صلى الله عليه وآله معه عبد الله بن أبي مع ظهور التخذيل منه لان النبي صلى الله عليه وآله كان يطلع بالوحي على أفعاله فلا يتضرر بكيده ولو قهر الامام جماعة من المسلمين على الخروج والجهاد معه لم يستحقوا أجرة قاله بعض الشافعية والوجه أنه إن كان الجهاد تعين عليه فلا أجرة له وإلا فلهم الأجرة من حين إخراجهم إلى أن يحضروا الوقعة والأقرب إلى فراغ القتال وللامام استيجار عبيد المسلمين بإذن ساداتهم كالأحرار وللشافعية قولان هذا أحدهما والثاني أن يقال إن جوزنا استيجار الأحرار جاز (استيجار العبيد صح) وإلا فوجهان (مخرجان) مبنيان على أنه إذا وطى الكفار طرفا من بلاد الاسلام هل يتعين الجهاد