وفى الاخر انه غير واجب عليه وجعل الاسلام شرطا في الوجوب وبه قال أبو حنيفة لنا عموم قوله تعالى ولله على الناس حج البيت والعارض وهو الكفر لا يصلح للمانعية كما لا يمنع من الخطاب بالاسلام واحتجاج أبي حنيفة بأن الكافر إما ان يجب عليه حال كفره أو بعد اسلامه والأول باطل لأنه لو وجب عليه لصح منه وإلا لزم التكليف بالمحال والثاني باطل لقوله عليه السلام الاسلام يجب ما قبله وهو غلط لان الوجوب حالة الكفر يستلزم الصحة العقلية أما الشرعية فإنها موقوفة على شرط قادر وعليه وهو الاسلام فكان كالمحدث المخاطب بالصلاة إذا عرفت هذا فلو أحرم وهو كافر لم يصح احرامه فإذا أسلم قبل فوات الوقوف بالمشعر وجب عليه الرجوع إلى الميقات وانشاء الاحرام منه وان لم يتمكن أحرم من موضعه ولو أسلم بعد فوات الوقوف بالمشعر وجب عليه في المقبل مسألة المرتد إذا كان قد حج حالة اسلامه ثم حصل الارتداد بعد قضاء مناسكه لم يعد الحج بعد التوبة وبه قال الشافعي لما رواه العامة من قوله صلى الله عليه وآله لما سئل أحجتنا هذه لعامنا أم للأبد فقال للأبد ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام من كان مؤمنا فحج ثم اصابته فتنة فكفر ثم تاب يحسب له كل عمل صالح عمله ولا يبطل منه شئ ولأنه أوقع الحج بشروطه فخرج عن العهدة لعدم وجوب التكرر وتردد الشيخ (ره) وقوى الإعادة وجزم بها أبو حنيفة لقوله تعالى ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو ممنوع فان الاحباط مشروط بالموافاة تذنيب المخالف إذا حج على معتقده ولم يخل بشئ من أركان الحج لم تجب عليه الإعادة لان الصادق عليه السلام سئل عن رجل حج وهو لا يعرف هذا الامر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به تجب عليه حجة الاسلام أو قد قضى فريضة قال قد قضى فريضته ولو حج كان أحب إلى الحديث تذنيب آخر لو أحرم ثم ارتد ثم عاد إلى الاسلام كان احرامه باقيا وبنى عليه وللشافعي وجهان أحدهما الأبطال وليس بجيد لان الاحرام لا يبطل بالموت والجنون فلا يبطل بالردة ومنها ما هو شرط في الوجوب دون الصحة وهو البلوغ والحرية والاستطاعة وامكان المسير لان الصبى والمملوك ومن ليس معه زاد ولا راحلة وليس بمخلى السرب ولا يمكنه المسير لو تكلفوا الحج لصح منهم وان لم يكن واجبا عليهم ولا يجزئهم عن حجة الاسلام مسألة جامع الشرايط إذا قدر على المشي كان المشي أفضل من الركوب مع عدم الضعف عن أداء الفرايض ولو خاف الضعف عن إكمال الفرايض واستيفاء الشرايط والدعاء كان الركوب أفضل لقول الصادق عليه السلام ما عبد الله بشئ أشد من المشي ولا أفضل وسئل الصادق عليه السلام عن فضل المشي فقال الحسن بن علي عليهما السلام قاسم ربه ثلاث مرات حتى نعلا ونعلا وثوبا وثوبا ودينارا ودينارا وحج عشرين حجة ماشيا على قدمه وقد روى أن الصادق عليه السلام سئل الركوب أفضل أم المشي فقال الركوب أفضل من المشي لان رسول الله صلى الله عليه وآله ركب وهو محمول على التفضيل الذي ذكرناه لما روى عنه عليه السلام أي شئ أحب إليك تمشى أو تركب فقال تركبون أحب إلى فان ذلك أقوى على الدعاء والعبادة تذنيب لو نذر ان يحج حجة الاسلام ماشيا وجب عليه الوفاء به مع القدرة لأنه نذر في طاعة ولو عجز عن المشي وجب الركوب ولو نذر أن يحج ماشيا غير حجة الاسلام فان قيده بوقت تعين مع القدرة فان عجز في تلك السنة احتمل وجوب الركوب مع القدرة وعدم العجز عن النذر فيسقط ولو لم يكن مقيدا توقع المكنة مسألة إذا كملت شرايط الحج فأهمل أثم فان حج في السنة المقبلة برئت ذمته ويجب عليه المبادرة على الفور ولو مشيا وإن مات وجب ان يخرج عنه حجة الاسلام وعمرته من صلب المال ولا يسقط بالموت عند علمائنا أجمع وبه قال الحسن وطاوس والشافعي لما رواه العامة عن ابن عباس ان امرأة سألت النبي صلى الله عليه وآله عن أبيها مات ولم يحج قال حجى عن أبيك ومن طريق الخاصة ما رواه سماعة بن مهران قال سألت الصادق عليه السلام عن الرجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها وهو موسر فقال يحج عنه من صلب ماله لا يجوز غير ذلك ولأنه حق استقر عليه تدخله النيابة فلم يسقط بالموت كالدين وقال أبو حنيفة ومالك تسقط بالموت فان وصى بها فهي من الثلث وبه قال الشعبي والنخعي لأنها عبادة بدنية تسقط بالموت كالصلاة والفرق ان الصلاة لا تدخلها النيابة مسألة وفى وجوب الاستيجار من البلد الذي وجب على الميت الحج فيه إما من بلده أو من الموضع الذي أيسر فيه قولان أحدهما هذا وبه قال الحسن البصري وإسحاق و مالك في النذر والثاني انه يجب من أقرب الأماكن إلى مكة وهو الميقات وبه قال الشافعي وهو الأقوى عندي لان الواجب أداء المناسك في المشاعر المخصوصة ولهذا لو خرج بنية التجارة ثم جدد نية الحج عند المواقيت أجزأه فعله فعلمنا ان قطع المسافة غير مطلوب للشرع ولما رواه حريز بن عبد الله عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل اعطى رجلا حجة ان يحج عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة قال لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه وسأل علي بن رياب الصادق عليه السلام عن رجل اوصى ان يحج عنه حجة الاسلام فلم يبلغ جميع ما ترك إلا خمسين درهما قال يحج عنه من بعض المواقيت الذي وقت رسول الله صلى الله عليه وآله من قرب ولم يستفصل الإمام عليه السلام في الجواب هل يمكن ان يحج بها من أبعد من الميقات أم لا احتج الآخرون بأن الحج وجب على الميت من بلده فوجب أن ينوب عنه منه لان القضاء يكون على وفق الأداء كقضاء الصلاة والصيام ونحن نمنع الوجوب من البلد وإنما ثبت اتفاقا ولهذا لو اتفق له اليسار في الميقات لم يجب عليه الرجوع إلى بلده لانشاء الاحرام منه فدل على أن قطع المسافة ليس مرادا للشارع تذنيبات لو كان له موطنان قال الموجبون الاستنابة من بلده يستناب من أقربهما فان وجب عليه الحج بخراسان ومات ببغداد أو وجب عليه ببغداد فمات بخراسان قال احمد يحج عنه من حيث وجب عليه لا من حيث موته ويحتمل ان يحج عنه من أقرب المكانين لأنه لو كان حيا في أقرب المكانين لم يجب عليه الحج من أبعد منه فكذا نائبه فان خرج للحج فمات في الطريق حج عنه من حيث مات لأنه أسقط بعض ما وجب عليه فلم يجب ثانيا وكذا ان مات نايبه استنيب من حيث مات كذلك قال احمد ولو أحرم بالحج ثم مات صحت النيابة عنه فيما بقى من النسك سواء كان احرامه لنفسه أو لغيره لأنها عبادة تدخلها النيابة فإذا مات بعد فعل بعضها قضى عنه باقيها كالزكاة ولو لم يخلف تركة تفي بالحج من بلده حج عنه من حيث تبلغ وإن كان عليه دين لآدمي تحاصا ويؤخذ للحج حصة فيستأجرها من حيث بلغ ولو اوصى أن يحج عنه ولم تبلغ النفقة قال احمد يحج عنه من حيث تبلغ النفقة للراكب من غير مدينة لقوله عليه السلام إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ولأنه قدر على أداء بعض الواجب فلزمه كالزكاة وعنه رواية أخرى ان الحج يسقط عمن عليه دين لان حق الآدمي المعين أولي بالتقديم وهو باطل لقوله عليه السلام دين الله أحق أن يقضى ولو اوصى بحج تطوع بثلث ماله فلم يف الثلث بالحج من بلده حج به من حيث يبلغ ويستناب عن الميت ثقة بأقل ما يؤخذ إلا أن ترضى الورثة بزيادة أو يكون قد اوصى بشئ فيجوز ما اوصى به ما لم يزد على الثلث مسألة إذا اوصى ان يحج عنه فإما أن يكون بحج واجب أو مندوب أو لا يعلم وجوبه وندبه فإن كان بواجب فلا يخلو إما ان يعين قدرا أو لا وإن عين فإن كان بقدر أجرة المثل أخرجت من الأصل وإن زادت عن أجرة المثل أخرجت أجرة المثل من الأصل والباقي من الثلث وان لم يعين أخرجت أجرة المثل من أصل المال وإن كان مندوبا أخرج ما يعينه من الثلث إن عين قدرا وإلا أجرة المثل وان لم يعلم اخرج من الثلث أجرة المثل أو ما عينه حملا للاطلاق على الندب لأصالة البراءة ولو اوصى بالحج عنه دايما حج عنه بقدر ثلث ماله إما مرة واحدة أو أزيد ولو اوصى بالحج ولم يبلغ الثلث قدر ما يحج عنه من أقرب الأماكن ولم يوجد راغب فيه وكان عليه دين صرف في الدين فان فضل منه فضلة أو لم يكن دين فالأولى الصدقة به لخروجه بالوصية عن مالك الورثة ويحتمل صرفه إلى الميراث لأنه لما تعذر الوجه الموصى به رجع إلى الورثة كأنه لا وصية مسألة من مات قبل الحج فإما أن يكون قد وجب عليه
(٣٠٧)