بأس بيعه جميعا (مسألة لو باع بسرا بدا صلاح بعضه ولم يبد صلاح البعض الآخر فعلى ما اخترناه نحن يجوز لأنا جوزنا بيع ما لم يبد صلاحه منفردا فمنضما إلى ما بدا صلاحه أولي أما القائلون بالمنع من علمائنا فإنه يجوز عندهم لا لعاهة تدامت في بدا صلاحه فجاز بيعه وما لم يبد صلاحه يجوز بيعه منضما إليه بيعا كما لو باعه مع الزرع ولما رواه يعقوب بن شعيب في الصحيح عن الصادق (ع) إذا كان الحايط فيه ثمار مختلفة فأدرك بعضها فلا باس ببيعه جميعا صح) وهل يشترط إتحاد البستان قال الشيخ نعم بمعنى أنه لو كان بستان قد بدا صلاحه والبستان الآخر لم يبد صلاح شئ منه لم يجز بيعهما صفقة واحدة ولو كان بعض نخل البستان الواحد قد بدأ صلاحه والبعض الاخر لم يبد صلاحه جاز بيعه أجمع في عقد واحد وهذا القول لا اعتبار به عندنا والشافعي فصل هنا.
فقال إن كانت النخلة واحدة بأن بدا صلاح بعض طلعها وبعضه لم يبد صلاحه جاز بيع ثمرتها أجمع صفقة واحدة لعسر التمييز والفرق بينهما وإن تعدد النخل فكان بعضه قد بدا صلاحه (دون البعض فإن كان البستان واحدا وضم أحدهما إلى الآخر في الصفة جاز كما في النخلة الواحدة وإن كان ما بدا صلاحه صح) نخلة واحدة وإن أفرد ما بدا صلاحه بالبيع صح إجماعا وإن أفرد ما لم يبد صلاحه بالبيع ففي اشتراط شرط القطع وجهان سواء اتحد نوع النخل أو اختلف أحدهما إنه يشترط إذ ليس في المبيع شئ قد بدا صلاحه فيتبعه في عدم شرط القطع والثاني إنه لا يشترط ويكون ما لم يبد صلاحه تابعا لما بدا الدخول وقت بدو الصلاح فكأنه موجود بالفعل ولو اختلف نوع الثمرة كالبرني والمعقلي في البستان الواحد فأدرك نوع دون اخر باعها صفقة واحدة ففي الجواز وجهان أحدهما إنه يجوز لأنه إذا كان يضم بعض النوع إلى بعض آخر ضم نوع إلى نوع آخر من جنسه كالزكاة والثاني لا يضم لأنه قد يتباعد إدراكهما فصارا كالجنسين ولو اختلف جنس الثمرة فكان أحدهما رطبا والاخر عنبا وبدا صلاح أحد الجنسين وضمهما في البيع وجب شرط القطع فيما لم يبد صلاحه منهما أو لا يتبع أحد الجنسين الآخر وإن تعدد البستان فبدا صلاح أحدهما (دون الاخر فإنه لا يتبعه أحدهما بل يجب شرطا لقطع فيما لم يبد صلاحه صح) وبه قال احمد لأنه إنما جعل ما لم يبد صلاحه تابعا في البستان الواحد لما فيه من اشتراك الأيدي والتضرر به أما ما كان في قراح آخر فوجب أن يعتبر بنفسه وقال مالك يجوز ضم أحد البستانين إلى الاخر وإن أدرك أحدهما خاصة دون البستان الآخر من غير شرط القطع إذا كان مجاورا له وكان الصلاح معهودا لا منكرا وربما نقل عنه الضبط في المجاور ببساتين البلدة الواحدة لان الغرض الامن من العاهة وما جاوزه بمنزلة ما في هذا القراح. مسألة. لو كان الذي بدا صلاحه من النخل لواحد وما لم يبد صلاحه لآخر فباع مالك ما لم يبد صلاحه ثمرة ملكه جاز عندنا مطلقا وعند جماعة من علمائنا والجمهور بشرط القطع وللشافعي قول آخر وهو إنه فصل فقال لا يخلو إما أن يكونا معا في بستان واحد أو نخل كل واحد منهما في بستان منفرد فإن كان في بستان واحد فوجهان مع اتحاد المالك على ما تقدم وأما مع تعدده فقولان أحدهما طرد الوجهين هنا والثاني القطع بالمنع إذ لا يتعدى حكم أحد المالكين إلى الاخر يجب شرط القطع وإن كان في بستانين فقولان أحدهما القطع بأنه لا عبرة به ولا نظر إلى بدو الصلاح في بستان غير البايع والثاني إنه إذا لم يفرق فيما إذا بدا فيه الصلاح من ذلك البستان ولم يدخل في البيع بين ان يكون ملك البايع أو ملك غيره فقياسه أن لا يفرق فيما بدا فيه الصلاح في بستان آخر أيضا إذا لم يشترط اتحاد البستان. مسألة. إذا باعه الثمرة قبل بدو الصلاح بشرط القطع جاز إجماعا على ما تقدم ويجب الوفاء به على المشترى إذا لم يشترطه على البايع ولو تراضيا على الترك (جاز صح) إجماعا منا وبه قال الشافعي وكان بدو الصلاح بمنزلة كبر العبد الصغير وقال احمد يبطل المبيع وتعود الثمرة إلى البايع وليس ولو أبقاه المشترى ولم ينكر البايع أو أنكر فعلى المشترى أجرة المثل عن مدة الابقاء. تذنيب لا فرق بين ما إذا اشترط القطع في مقطوع ينتفع به أو لا ينتفع به عملا بالأصل فلو شرط القطع فيما لا منفعة فيه كالجوز والكمثرى جاز وقال بعض الشافعية لا يجوز البيع بشرط القطع إلا إذا كان المقطوع مما ينتفع به كالحصرم واللوز. مسألة. لو كانت الأشجار للمشترى فباع الثمرة عليه بأن يبيع الشجرة من إنسان بعد ظهور الثمرة ويبقى الثمرة له ثم يبيع الثمرة من مشترى الشجرة أو يوصى بالشجرة لانسان ثم يبيع الموصى له الثمرة من الوارث لم يشترط اشتراط القطع عندنا لما مر وأما المشترطون فقد اختلفوا هنا فقال أكثر الشافعية إنه يشترط شرط القطع في صحة البيع لشمول الخبر وللمعنى أيضا فإن المبيع هو الثمرة ولو تلفت لم يبق في مقابلة الثمن شئ لكن يجوز له الابقاء ولا يلزمه الوفاء بالشرط (هنا صح) إذ لا معنى لتكليفه قطع ثماره من أشجاره وقال بعضهم لا حاجة إلى شرط القطع لأنه يجمعهما ملك مالك واحد فأشبه ما لو اشتراهما معا ولو باع الشجرة وعليها ثمرة مؤبرة بقيت للبايع فلا حاجة إلى شرط القطع لأن المبيع هو الشجرة وليس متعرضة للعاهات والثمرة مملوكة بحكم الدوام ولو كانت الثمرة غير مؤبرة فاستثناها البايع لنفسه صح عندنا ولم يجب شرط القطع وللشافعية وجهان أحدهما نعم لان الثمار والحال هذه مندرجة لولا الاستثناء فكان كملك مبدأ وأصحهما عندهم أنه لا يجب لأنه في الحقيقة استدامة ملك فعلي هذا له الابقاء إلى وقت الجذاذ ولو صرح بشرط الابقاء جاز وعلى الأول لا يجوز. مسألة. لو باع الثمار مع الأصول قبل بدو الصلاح من غير شرط القطع جاز إجماعا لقوله (ع) من باع نخلا بعد أن يؤبر فثمرتها للبايع إلا أن يشرط المبتاع دل على أنه لو اشترطها كانت للمشتري وذلك هو بيع الثمرة مع الأصول ولان الثمرة هنا تتبع الأصل والأصل غير معرض للعاهة ويحتمل في البايع ما لا يحتمل في غيره إذا أفرد بالتصرف كالحمل في البطن واللبن في الضرع والسقف مع الدار وأساسات الحيطان ولو شرط بايع الأصل والثمرة قطع الثمرة قبل بدو الصلاح لم يجز لتضمنه الحجر عليه في ملكه. مسألة. لو باع الثمرة بعد بدو صلاحها جاز مطلقا وبشرط القطع إجماعا للأصل السالم عن معارضة تطرق الآفة ولو باعها حينئذ بشرط التبقية جاز عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الثمرة حتى تزهى وقد ثبت إنه إنما نهى عنه قبل أن تزهى عن بيع يتضمن التبقية لأنه يجوز شرط القطع عند أبي حنيفة مطلقا فثبت إن الذي أجازه هو الذي نهى عنه ولان النقل والتحويل يجوز في البيع بحكم العرف فإذا شرط جاز كما لو شرط أن ينقل الطعام من ملك البايع حسب الامكان فإنه يجوز ولان النهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها والحكم بعد الغاية يخالف الحكم قبلها ثم عند الاطلاق يجوز الابقاء وإن الجذاذ للعرف وشرط التبقية تصريح بما هو من مقتضيات العقد وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز بشرط التبقية ويجب القطع في الحال في صورة الاطلاق إلا أن محمدا يقول إذا تناهى عظم الثمرة جاز فيها شرط التبقية لان هذا شرط لانتفاع يملك البايع على وجه لا يقتضيه القطع كما لو شرط تبقية الطعام في منزله والجواب نسلم الملازمة ونمنع بطلان التالي وما لا يقتضيه العقد يجوز اشتراطه إذا لم يناف العقد ولا الشرع وشرط تبقية الطعام في منزله جايز عندنا. مسألة. يجوز عندنا بيع الثمار بعد بدو صلاحها مع ما يحدث بعدها في تلك السنة أو سنة أخرى وبه قال مالك لما تقدم من قول الصادق (ع) وقد سئل عن شراء النخل والكرم والثمار ثلاث سنين أو أربع سنين لا بأس به وإذا جاز ذلك قبل بدو الصلاح فبعده أولي ومنع الشافعي وليس بجيد. مسألة. حد بدو الصلاح في ثمرة النخل تغير اللون من الخضرة التي هي لون البلخ إلى الحمرة أو الصفرة وهو قول أكثر الجمهور لما رواه العامة من قول النبي صلى الله عليه وآله حتى تزهى فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وما تزهى قال حتى تحمر أو تصفر وفي حديث اخر حتى تحمار أو تصفار ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) حتى تزهو قلت وما الزهو قال حتى يتلون وعن الرضا (ع) حتى تزهو قال الراوي قلت وما تزهو جعلت فداك قال تحمر و تصفر وشبه ذلك وحكى عن بعض الفقهاء إنه قال بدو الصلاح في الثمار بطلوع الثريا لان ابن عمر روى إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة فقال له عثمان بن عبد الله بن سراقة متى ذلك قال إذا طلع الثريا والجواب هذه التتمة من قول ابن عمر لا من قول النبي صلى الله عليه وآله فلا عبرة به وإنما قال ذلك بناء على عادة أهل تلك البلاد وإن طلوع الثريا إنما يكون عند بلوغ الثمرة وإلا فهو مختلف في البلاد والغرض ببلوغ الثمرة زوال الغرر الحاصل من تطرق العاهة وذلك يحصل ببلوغها لا بطلوع الثريا