فنقل جواب كل واحدة من المسئلتين الأخرى أحد القولين يبطل خيار المجلس بالموت لان ما بطل بالتصرف بطل بالموت لان الموت يحصل معه التفرق أزيد مما يحصل مع التباعد والثاني لا يبطل لأنه خيار ثابت في العقد فليبطل بالموت كخيار الثلث ويخالف الموت التفرق لان الموت يكون بغير اختياره ولان بدنه موجود فهو بمنزلة المعنى عليه والمجنون قالوا فإن قلنا يبطل بالموت لزم العقد وإن قلنا لا يبطل انتقل إلى وارثه ثم ينظر إن كان حاضرا مع المتعاقدين اعتبر التفرق وقام مقام الميت في ذلك وإن لم يكن حاضرا في مجلس العقد فإنه إذا بلغه اعتبر مفارقة المجلس الذي هو فيه فإن فارقه قبل أن يفسخ لزم العقد وبطل خياره وقال بعض الشافعية له الخيار إذا نظر إلى السلعة ليعرف الحظ في الإجازة والفسخ. مسألة خيار الشرط موروث لا يبطل بالموت عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك لأنه حق للميت فانتقل إلى الوارث كغيره من الحقوق ولأنه خيار ثابت في فسخ معاوضة لا يبطل بالجنون فلا يبطل بالموت كخيار الرد بالعيب وقال الثوري وأبو حنيفة واحمد يبطل لأنها مدة مضروبة في البيع فوجب أن تبطل بالموت كالأجل والفرق ظاهر فإن محل الاجل وهو الذمة قد بطل ولان الوارث لا حكم له في تأخير ما يجب على الميت لأنه يكون مرتهنا به ويمنعون من التصرف في التركة لان صاحب الحق لم يرض بذمة الوارث فلهذا حل بخلاف مدة الخيار لأنها ضربت للتروي وطلب الحظ والوارث ينتفع بذلك فانتقل إليه من الموروث تذنيب الوارث إن كان حاضرا ثبت له ما بقى من المدة وإن كان غائبا فإن بلغه الخبر في مدة الخيار ثبت له الخيار من حين ما علم إلى انقضاء المدة وإن علم بعد انقضائها احتمل أن يكون له الخيار على الفور كخيار الرد بالعيب لان مدته قد سقطت وبسقوط الخيار وهو الذي عول عليه الشيخ وهو جيد لأنه لو كان الموروث حيا لسقط خياره بانقضاء مدته فكذا الوارث الذي يثبت له ما يثبت لمورثه على حد ما ثبت له وللشافعي وجهان أحدهما يكون له ما بقى من المدة من حين موت مورثه والثاني إنه على الفور. مسألة. يجوز نقد الثمن في مدة الخيار من غير كراهية وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لان القبض حكم من أحكام العقد فجاز في مدة الخيار كالإجارة وقال مالك يكره لأنه يصير في معنى بيع وسلف لأنه إذا انقده الثمن ثم تفاسخا صار كأنه أقرضه إياه فيكون قد اشتمل على بيع و قرض واجتمعا فيه وهو غلط لان القرض لم يثبت أولا بل صار في ذمته بعد الفسخ ولا منافاة بين البيع والقرض والسلف. تذنيب إذا دفع الثمن في مدة الخيار جاز للمدفوع إليه التصرف فيه لأنه قد ملكه بالعقد واستقر ملكه عليه بتعين الدافع أو بتعيينه في العقد ومنع الشافعي من جواز التصرف فيه بعد قبضه وليس بشئ. مسألة إذا تلف المبيع في زمن الخيار فإن كان قبل قبض المشترى له بطل العقد لأنه لو تلف حينئذ والبيع لازم انفسخ فكذا حال جوازه وإن تلف في يد المشترى لم يبطل الخيار وكان من ضمان المشترى لأصالة ثبوت الخيار واستصحاب الحال واختلف الشافعية هنا لاختلاف قول الشافعي قال أبو الطيب إن الشافعي قال في بعض كتبه إن المبيع ينفسخ ويجب على المشترى القيمة وقال في كتاب الصداق يلزمه الثمن ويحتمل أن يكون المراد بالثمن القيمة ويحتمل أن يكون المراد به إذا كان الخيار للمشترى وحده وقلنا إن المبيع ينتقل إليه بنفس العقد وحكى أبو حامد عن الشافعي إن الخيار لا يسقط فإن فسخا العقد أو أحدهما وجبت القيمة وإن أمضياه أو سكتا حتى انقضت المدة بنى الامر على الأقوال التي له فإن قلنا ينتقل بالعقد أو يكون مراعى استقر عليه الثمن وإن قلنا لا ينتقل بالعقد أو قلنا مراعى استقر الثمن عليه وإن قلنا لا ينتقل إلا بانقضاء الخيار وجبت القيمة لأنه تلف وهو ملك البايع وقال أبو حامد يضمن بالثمن لأنه مسمى ثبت بالعقد فلا يسقط مع بقاء العقد فإن القبض إذا وقع استقر البيع وإذا استقر لم ينفسخ بهلاك المبيع قالت الشافعية والطريقة الأولى أصح لأنه إذا قلنا إن المبيع في ملك البايع فتلف لا يجوز أن ينتقل إلى المشترى.
بعد تلفه وما ذكره من أن العقد ثابت فيثبت به المسمى غير مسلم لأن العقد ينفسخ لما تعذر إمضاء أحكامه بتلفه وأما إذا قلنا إن المبيع في ملك المالك فلا يمكنه أن يثبت استقرار العقد بتلفه لان في ذلك إبطالا لخيار البايع فمتى شاء المشترى أتلفه وأبطل خياره ولا يمكن بقاؤه على حكم الخيار لأنه إذا لم يتم حكم العقد بتلفه فلا يمكن إتمامه فيه بعد تلفه كما لا يمكن العقد عليه بعد ذلك وأما ما ذكره من أن العقد يستقر به فليس بصحيح لان القبض لا يستقر به العقد مع بقاء الخيار ولهذا لا يدخل الخيار في الصرف لوجوب التقابض وفيه عند أبي حنيفة أنه إن كان الخيار للمشترى وحده تم العقد وإن كان للبايع انفسخ فروع: - آ - قد عرفت إن المبيع إذا تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه فيرجع المشترى بالثمن لا غير وإن تلف بعد قبضه وانقضاء الخيار فهو من مال المشترى وإن كان في مدة الخيار من غير تفريط فمن المشترى إن كان الخيار للبايع أو لهما أو لأجنبي وإن كان للمشترى خاصة فمن البايع - ب - إذا قبض المبيع في زمن الخيار ثم أودعه عند البايع فتلف في يده فهو كما لو تلف في يد المشترى وبه قال الشافعي حتى إذا فرع على أن الملك للبايع ينفسخ البيع ويسترد المشترى الثمن ويغرمه القيمة ثم ابدأ الجويني في وجوب القيمة احتمالا لحصول التلف بعد العود إلى يد المالك - ج - لا يجب على البايع تسليم المبيع ولا على المشترى تسليم الثمن في زمن الخيار ولو تبرع أحدهما بالتسليم لم يبطل خياره ولا يجبر الآخر على تسليم ما عنده وله استرداد المدفوع قضيته للخيار وقال بعض الشافعية ليس له استرداده وله أخذ ما عند صاحبه دون رضاه كما لو كان التسليم بعد لزوم البيع - د - إذا اشترى زوجته بشرط الخيار بطل النكاح لانتقال الملك إليه عندنا بالعقد وقال الشافعي لا ينتقل فلو خاطبها بالطلاق في زمن الخيار فإن تم العقد بينهما وقلنا إن الملك للمشترى أو موقوف لم يصح الطلاق وإن قلنا إنه للبايع وقع وإن فسخ وقلنا إنه للبايع أو موقوف وقع وإن قلنا للمشترى فوجهان فليس له الوطئ في زمن الخيار لأنه لا يدرى أيطأ بالملك أو بالزوجية هذا قول الشافعي وفيه لأصحابه وجه آخر. مسألة. الفسخ قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل وكذا الإجازة فإن قال البايع فسخت البيع أو استرجعت المبيع أو استرددت الثمن كان فسخا إجماعا وقال بعض الشافعية لو قال البايع في زمن الخيار لا أبيع حتى يزيد في الثمن وقال المشترى لا أفعل كان اختيارا للفسخ وكذا قول المشترى لا اشترى حتى ينقص لي من الثمن وقول البايع لا أفعل وكذا طلب البايع حلول الثمن المؤجل وطلب المشترى تأجيل الثمن الحال على إشكال إلا أن يقول لا أبع حتى تعجل أو توجل وإما بالفعل فكما لو وطى البايع في مدة خياره فإنه يكون فسخا عندنا على ما تقدم وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني إنه لا يكون فسخا بخلاف الرجعة عنده فإنها لا تحصل بالوطئ ونحن نقول إنها تحصل به لأنه أبلغ في التمسك من اللفظ وفرق بأن الرجعة لتدارك النكاح وابتداء النكاح لا يحصل بالفعل فكذا تداركه والفسخ هنا لتدارك ملك اليمين وابتداؤه يحصل تارة بالقول واخرى بالفعل وهو السبى فكذا تداركه جاز أن يحصل بالفعل والصغرى ممنوعة وقال بعضهم أيضا إنه ليس بفسخ تخريجا على الخلاف في الوطي يكون تعيينا للمملوكة والمنكوحة عند إبهام العتق والطلاق والأقوى عندنا إنه تعيين وقال بعضهم إنه يكون فسخا إذا نوى به الفسخ ولو قيل بشهوة أو باشر فيما دون الفرج أو لمس بشهوة فالوجه عندنا إنه يكون فسخا لان الاسلام يصون صاحبه عن القبيح المولم تخير الامساك لكان مقدما على المعصية وللشافعية وجهان أما الاستخدام وركوب الدابة فيهما للشافعية وجهان ولو أعتق البايع في زمن خياره كان فسخا وبه قال الشافعي وقد سبق أما لو باع فكذا عندنا وهو أصح قولي الشافعي لدلالته على ظهور الندم وفي الثاني لا يكون فسخا لأصالة بقاء الملك فيستصحب إلى أن يوجد الفسخ صريحا بخلاف العتق