من علفها إن كان ثمرة أو لحما يريد أكله عند المحل طريا أو كان مما يحتاج إلى مكان له مؤنة كالحنطة والقطن أو لم يكن له غرض في الامتناع سواء كان للمؤدى غرض سوى براءة الذمة كما لو كان به رهن يريد فكاكه أو ضامن يريد براءته أولا لان التعجيل كالتبرع بالزيادة فلا يكلف تقليد المنة وقال الشافعي إن كان له في الامتناع غرض كالخوف من النهب أو تكلف مؤنة الحيوان أو أجرة الدار وعدم الطراوة لم يجبر على القبول لتضرره وإن لم يكن له غرض في الامتناع فإن كان للمؤدى غرض سوى براءة الذمة أجبر على القبول كالمكاتب يعجل النجوم ليعتق فإنه يجبر السيد على قبولها وهل يلتحق بهذه الاعذار خوفه من انقطاع الجنس قبل الحلول وجهان أحدهما إنه يلحق لما في التأخير من خطر انفساخ العقد أو ثبوت حق الفسخ وإن لم يكن للمؤدى غرض سوى البراءة فقولان أحدهما إنه لا يجبر المستحق على القبول وأصحهما إنه يجبر لان براءة الذمة غرض ظاهر وليس للمستحق غرض في الامتناع فيمنع من التعنت وإن تقابل غرض الممتنع والمؤدى فطريقان أحدهما إنه يتساقطان ويجرى القولان وأصحهما ان المراعى جانب المستحق و بعضهم طرد القولين فيما إذا كان للمعجل غرض في التعجيل ولم يكن في الممتنع غرض في الامتناع وهو غريب وبعضهم راعى جانب المؤدى أو لا فقال إن كان له غرض (في التعجيل يجبر الممتنع على القبول وإلا فإن كان له غرض صح) في الامتناع فلا يجبر وإلا فقولان وهذا كله ساقط عندنا وحكم ساير الديون المؤجلة حكم المسلم فيه. مسألة. كل من عليه حق مالي حال أو مؤجل وقد حل إذا دفعه إلى صاحبه وجب عليه قبوله مطلقا لان له غرضا في إبراء ذمته وقالت الشافعية إن كان للمعجل غرض سوى البراءة أجبر على القبول وإلا فطريقان أحدهما إنه على قولين أحدهما عدم الاجبار لان الحق له فله أن يؤخره إلى متى شاء وإلا صح إنه يجبر على القبول فحينئذ لو أصر على الامتناع أخذه الحاكم وحفظه له فإن تلف (كان من المالك أما لو دفعه إليه قبل وقته فإنه لا يجب القبول فإن تلف صح) قبل تسليمه كان من مال الدافع ولو عين البايع المسلم فيه في مشخص أو المديون الدين في مال بعينه ودفعه إلى صاحبه فامتنع من قبوله فتلف فإن تعذر الحاكم فهو تالف من صاحب الدين والمسلم وإن أمكن الوصول إلى الحاكم فالأقرب إنه من مال الدافع لان التعيين يتم بقبض الحاكم مع احتمال الاكتفاء بتعيينه فحينئذ يكون من مال صاحبه أيضا ويبرء الدافع مسألة. إذا تعين موضع التسليم بمطلق العقد إذا قلنا يتعين به في موضع العقد أو يتعين بالشرط وجب التسليم فيه فإن جاءه في غير موضعه لم يجبر على أخذه لأنه يفوت عليه غرضه في ذلك الموضع ولو بذل له أجرة حمله إلى ذلك الموضع لم يلزمه قبوله لكن يجوز له أخذه وقال الشافعي لا يجوز لان بذل العوض في المسلم فيه لا يجوز وكذا في تسليمه في موضع دون موضع والملازمة ممنوعة فإن جعله نايبا عنه في جمله لم يكن قابضا وكان للمسلم إليه واحتاج إلى أن يسلمه إليه إذا حصل في الموضع المستحق ولو ظفر المسلم به في غير ذلك المكان فإن كان لنقله مؤنة لم يطالب به وهل يطالب بالقيمة للحيلولة وللشافعية وجهان أحدهما المنع لان أخذ العوض عن المسلم فيه قبل القبض غير جايز والثاني (نعم صح) لوقوع الحيلولة بينه وبين حقه فإن قلنا بالأول فللمسلم الفسخ واسترداد رأس ماله كما لو انقطع المسلم فيه وإن لم يكن لنقله مؤنة كالدراهم والدنانير فله مطالبته به على أحد القولين للشافعية أما لو ظفر المالك بالغاصب في غير مكان الغصب والاتلاف فله أن يطالبه بالمثل وقال أكثر الشافعية له أن يطالبه بالقيمة لا غير وهذه القيمة المأخوذة عن السلم ليست عوضا أن يبقى استحقاق المطالبة بحاله حتى إذا عاد إلى مكان التسليم يطالبه به ويرد القيمة ولو جاء المسلم إليه بالمسلم فيه في غير مكان التسليم المشترط أو الثابت بمطلق العقد وأبى المستحق قبوله فقد قلنا إنه لا يجبر على قبوله سواء كان لنقله مؤنة أو لم يكن أو كان الموضع مخوفا أو لا وللشافعية وجهان فيما إذا لم يكن لنقله مؤنة أو لم يكن مخوفا وجهان بناء على القولين في التعجيل قبل المحل فإن رضي واحد لم يكن له أن يكلفه مؤنة النقل. مسألة. إذا قبض المسلم المسلم فيه ثم وجدته عيبا كان له أن يرضى به وله أن يرده فإذا رده انفسخ القبض وكان له المطالبة بما لا عيب فيه وإن رضي به لزمه وإن حدث عنده عيب قبل الرد لم يكن له أن يرد ورجع بأرش العيب وبه قال الشافعي لأنه عوض يجوز رده بالعيب فإذا سقط بحدوث عيب آخر ثبت الرجوع بالأرش كبيوع الأعيان وقال أبو حنيفة لا يرجع بالأرش لان الرجوع بالأرش أخذ عوض الجزء الفايت وبيع المسلم فيه قبل القبض لا يجوز وهو غلط لان بيع المعين قبل القبض لا يجوز وقد جاز أخذ الأرش ولان ذلك فسخ العقد في الجزء الفايت وليس بيع ولهذا يكون بحسب الثمن المسمى في العقد فأما إذا وجد العيب في رأس المال بعد التفرق فالحكم فيه كما سبق في المتصارفين إذا وجد أحدهما بما صار إليه عيبا وقد سبق. تذنيب إذا ضمن المسلم فيه ضامن فصالحه المسلم عنه لم يجز لأنه بيع المسلم فيه قبل القبض هذا عند الشافعي وعندنا الصلح عقد مستقل قائم بنفسه ليس بيعا فلا يجب مساواته له في أحكامه قال فإن صالح المسلم المسلم إليه لم يجز إلا أن يصالحه على رأس المال بعينه فيكون فسخا للعقد ويصح والوجه عندي جواز الأول أيضا. مسألة. إذا تقايلا السلم وجب رد رأس المال إن كان باقيا بعينه وإن كان تالفا رد مثله إن كان مثليا وإلا فالقيمة فإن تراضيا أن يدفع إليه بدله مع بقائه جاز أن يدفع العوض وهل يجب تعيينه في المجلس الأقرب عدم الوجوب وقال الشافعي يجب فإن كان رأس المال من جنس الأثمان والعوض منه أيضا وجب القبض في المجلس عند الشافعي والأقرب إنه لا يجب لأنه ليس بيعا فلا يجب فيه ما يجب في الصرف وإن كان أحدهما من غير جنس الأثمان لم يجب القبض في المجلس لأنه ليس بيعا وإن كان فهو بيع عوض معين من غير جنس الأثمان بثمن في الذمة فجاز فيه التفرق قبل القبض كما لو باع سلعة بثمن وهو أحد قولي الشافعي والثاني يجب لأنه لو تفرقا قبل القبض كان الثمن والمثمن مضمونين على البايع ولان المبيع في الذمة فإذا كان المبيع في الذمة وجب قبض الثمن في المجلس كما يجب قبض رأس مال السلم في المجلس وقال أبو حنيفة لا يجوز أن يأخذ عوضه استحسانا فلو كان السلم فاسدا جاز أخذ عوض رأس المال لقوله (ع) من أسلم في شئ فلا يصرفه إلى غيره لأنه مضمون على المسلم إليه بعقد السلم فلا يجوز له أن يدفع عوضه كالمسلم فيه واحتج الشافعي بأنه مال عاد إليه بفسخ العقد فجاز أن يأخذ عوضه كالثمن في بيع الأعيان إذا فسخ والمسلم فيه مضمون على المسلم إليه بالعقد وهذا بعد فسخ العقد فهو بمنزلة الثمن الذي ذكرناه والمراد بالخبر المسلم فيه وذلك إجماع. مسألة. لا يجوز بيع السلف قبل حلوله و يجوز بعده قبل القبض على الغريم وغيره على الكراهية ويجوز بيع بعضه وتوليته وتولية بعضه والشركة فيه وبه قال مالك وقد تقدم أكثر ذلك لان العامة رووا عن النبي (ص) إنه نهى عن بيع الطعام قبل قبضه ورخص في الشركة والتولية ومن طريق الخاصة أن معاوية بن وهب سأل الصادق (ع) عن الرجل يبيع البيع قبل أن يقبضه فقال ما لم يكن كيل أو وزن فلا يبيعه حتى يكيله أو يزنه إلا أن يوليه الذي قام عليه ولأنهما يختصان بالثمن فأشبها الإقالة وقال الشافعي لا يجوز للمسلم أن يشرك غيره وفي المسلم فيه فيقول له شاركني في نصفه بنصف الثمن ولا أن يوليه فيقول ولني جميعه بجميع الثمن أو نصفه بنصف الثمن لأنها معاوضة في المسلم فيه قبل قبضه فلم يجز كما لو كانت بلفظ البيع والملازمة ممنوعة. مسألة. يجوز أن يسلف في شئ ويشترط السايغ كالقرض والبيع والاستسلاف والرهن والضمين لأنه عقد قابل للشرط وقد شرط ما هو سايغ مما لا يوجب جهالة في أحد العوضين فيجب أن يكون جايزا لقوله تعالى " أوفوا بالعقود " وقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولو أسلم في غنم وشرط أصواف نعجات معينة صح. مسألة. الشركة والتولية بيع بلفظ الشركة والتولية حكمها حكم البيع في جميع الأحكام إلا أنها يقتضى البيع بالثمن بالأول خاصة ويلحق بهما جميع ما يلحق بالبيع من الخيار والشفعة وغيرهما على إشكال في الشركة. مسألة. لو اختلفا في المسلم فيه فقال أحدهما في حنطة وقال الآخر
(٥٥٩)