الولد على المشترى كالقول في المهر نعم إن جعلنا الملك للبايع وفرضنا تمام البيع فللوجه الناظر إلى المآل مأخذ آخر وهو القول بأن الحمل لا يعرف أما إذا كان الخيار للمشترى وحده فحكم حل الوطي كما في حل الوطي للبايع إذا كان الخيار له أو لهما وأما البايع فيحرم عليه الوطي هنا ولو وطى فالقول في وجوب المهر وثبوت الاستيلاد ووجوب القيمة كما قلنا في طرف المشترى إذا كان الخيار لهما أو للبايع إذا تقرر هذا ظهر إن المشترى ليس له الوطي في مدة الخيار فإن وطى تعلق بوطيه أحكام ستة ثلاثة منها لا تختلف باختلاف الأقاويل وثلاثة تختلف باختلاف الأقاويل فأما ما لا يختلف فسقوط الحد ونسب الولد وحريته لان الوطي صادف ملكا أو شبهه فدرء الحد فثبت النسب والحرية وأما التي تختلف فالمهر وقيمة الولد وكونها أم ولد فإن أجاز البايع البيع وقلنا الملك يثبت بالعقد أو يكون مراعى فقد صادف الوطي الملك فلا مهر ولا قيمة ولد وتصير أم ولد وإن قلنا ينتقل بالبيع وانقطاع الخيار فقد وطى في ملك البايع فيجب المهر وفي قيمة الولد وجهان بناء على القولين في أن الحمل هل له حكم إن قلنا به وجب لان العلوق كان في ملك البايع وإن قلنا لا حكم له لم يجب بل يوضع في ملك المشتري وفي الاستيلاد وجهان وإن فسخ البايع العقد فإن قلنا إن الملك لا ينتقل بالعقد أو قلنا مراعى فقد صادف الوطي ملك البايع فيجب المهر وقيمة الولد ولا تصير أم ولد إلا أن ينتقل إلى المشتري بسبب آخر فالقولان فإن قلنا إن الملك ينتقل إلى المشترى بالعقد فالأصح إنه لا يجب المهر وقال بعضهم يجب لأنها وإن كانت ملكه إلا أن حق البايع متعلق بها وليس بصحيح لان وطيه صادف ملكه ولو كان تعلق حقه يوجب المهر لوجب وإن أجاز البايع لان حقه كان متعلقا بها حال الوطي ويجب قيمة الولد لأنها وضعته في ملك البايع وأما الاستيلاد فقال الشافعي لا يثبت في الحال وعلى قول أبى العباس تصير أم ولد وبكم يضمنها وجهان أحدهما بالثمن والثاني بقيمتها. مسألة. قد عرفت فيما سبق أن خيار المشترى يسقط بوطيه بل وبكل تصرف حصل منه من بيع وغيره وللشافعي في سقوط خياره بوطيه وجهان أحدهما لا يسقط لان وطيه لا يكون اختيارا لان الوطي لا يمنع الرد بالعيب فكذا لا يبطل خيار الشرط كما في الاستخدام والثاني يبطل لان الوطي لو وجد من البايع كان دلالة على اختياره المبيع فإذا وجد قبل العلم بالاختيار لم يكن رضا بالمبيع ولو كان بعد العلم به سقط خياره إجماعا ويكون له الأرش عندنا قالت الشافعية إذا قلنا الوطي يسقط خياره فكذا إذا باعها أو رهنها وأقبضها أو وقفها فإن ذلك يصح ويسقط خياره وإن قلنا إن الوطي لا يسقط خياره لم يسقط بهذه العقود أيضا. مسألة. إذا وطى المشترى في مدة خيار البايع ولم يعلم به البايع لم يسقط خياره وبه قال الشافعي وإن صارت أم ولد احتمل سقوطه وعدمه ففي أخذه الام وجهان أحدهما له ذلك عملا بمقتضى أصالة الحق الذي كان ثابتا واستصحابه والثاني ليس له ذلك للنهي عن بيع أمهات الأولاد فينتقل إلى القيمة إن اختار الفسخ وإن كان الوطي بعلمه فلم يمنعه ولم ينكره فالأقرب عدم سقوط حق البايع فإن السكوت لا يدل على الرضا كما لو وطى رجل أمة غيره وهو ساكت لم يسقط مهرها عنه ولم يجعل سكوت مولاها رضا به وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يسقط خياره لان إقراره على ذلك يدل على رضاه بانفاذ البيع وليس بشئ وكذا لو سكت عن وطى أمته لا يسقط به المهر ولو وطى بإذن حصلت الإجازة ولا مهر على المشترى ولا قيمة ولد ويثبت الاستيلاد بلا خلاف. مسألة. ولو وطئها البايع في مدة خياره فإنه يكون فسخا للبيع لأنه لا يجوز أن يكون مجيزا للبيع ويطأها بل ذلك دلالة على اختيارها والرضا بفسخ العقد وبه قال الشافعي وقال المزني يدل على إنه إذا طلق إحدى امرأتيه ثم وطى إحديهما يكون ذلك رضا بطلاق الأخرى أجاب بعض الشافعية بأن الطلاق إن كان معينا ثم أشكل لم يكن الوطي تعيينا وإن كان مبهما ففي كون الوطي تعيينا للطلاق في الأخرى وجهان للشافعية أحدهما أن يكون تعيينا للطلاق فيكون هذه المسألة كمسألة البيع والثاني لا يكون تعيينا للطلاق و الفرق بين هذا وبين وطى البايع إن النكاح والطلاق لا يقعان بالفعل مع القدرة على القول فكذا اختياره بخلاف الملك فإنه يحصل بالفعل كالسبي والاصطياد فكذا استصلاحه جاز أن يحصل بالفعل ولهذا منعوا من الرجعة بالفعل وأما إذا باع جارية وأفلس المشترى بالثمن ثبت للبايع الرجوع فوطيها فهل يكون ذلك فسخا للبيع للشافعية وجهان أحدهما يكون فسخا كما يكون فسخا في مدة الخيار والثاني لا يكون فسخا لان ملك المشتري مستقر فلا يزول بالوطي الدال على الفسخ بخلاف ملك المشتري في مدة الخيار وكذا الوجهان لو اشترى ثوبا بجارية ثم وجد بالثوب عيبا فوطى الجارية ففي كونه فسخا وجهان. مسألة. لو تلف المبيع بآفة سماوية في زمن الخيار فإن كان قبل القبض انفسخ البيع قطعا وإن كان بعده لم يبطل خيار المشترى ولا البايع وتجب القيمة على ما تقدم وقال الشافعي إن تلف بعد القبض وقلنا الملك للبايع انفسخ البيع لأنا نحكم بالانفساخ عند بقاء يده فعند بقاء ملكه أولي فيسترد الثمن ويغرم للبايع القيمة وإن قلنا الملك للمشترى أو موقوف فوجهان أو قولان أحدهما إنه ينفسخ أيضا لحصول الهلاك قبل استقرار العقد وأصحهما إنه لا ينفسخ لدخوله في ضمان المشترى بالقبض ولا أثر لولاية الفسخ كما في خيار العيب فإن قلنا بالفسخ فعلى المشترى القيمة قال الجويني وهنا يقطع باعتبار قيمته يوم التلف لان الملك قبل ذلك للمشترى وإنما تعذر انتقاله إليه قبل التلف وإن قلنا بعدم الفسخ فهل ينقطع الخيار وجهان أحدهما نعم كما ينقطع خيار الرد بالعيب بتلف البيع (أصحهما لا كمالا يمتنع التحالف بتلف المبيع صح) ويخالف الرد بالعيب لان الضرر هناك يندفع بالأرش فإن قلنا بالأول استقر العقد ولزم الثمن وإن قلنا بالثاني فإن تم العقد لزم الثمن وإلا وجبت القيمة على المشترى واسترد الثمن فإن تنازعا في تعيين القيمة قدم قول المشترى ولبعض الشافعية طريقة أخرى هي القطع بعدم الانفساخ وإن قلنا إن الملك للبايع وذكروا تفريعا عليه إنه لو لم ينفسخ حتى انقضى زمان الخيار فعلى البايع رد الثمن وعلى المشترى القيمة لأن المبيع تلف على ملك البايع فلا يبقى الثمن على ملكه قال الجويني هذا تخليط ظاهر. مسألة. لو قبض المشترى المبيع في زمن الخيار وأتلفه متلف قبل انقضائه لم ينفسخ البيع ولا يبطل الخيار لأصالتهما وقال الشافعي إن قلنا الملك للبايع انفسخ كما في صورة التلف لان نقل الملك بعد الهلاك لا يمكن وإن قلنا إنه للمشترى أو موقوف نظر إن أتلفه أجنبي فيبنى على ما لو تلف إن قلنا ينفسخ العقد ثم فهذا كإتلاف الأجنبي المبيع قبل القبض وسيأتى وإن قلنا لا ينفسخ وهو الأصح فكذا هنا فعلى الأجنبي القيمة والخيار بحاله فإن تم البيع فهي للمشترى وإلا فللبايع ولو أتلفه المشترى استقر الثمن عليه فإن أتلفه في يد البايع وجعلنا إتلافه فهو كما لو تلف في يده وإن أتلفه البايع في يد المشترى قال بعضهم يبنى على أن إتلافه كالاف الأجنبي أو كالتالف بآفة سماوية وسيأتى. مسألة. لو تلف بعض المبيع في زمن الخيار بعد القبض كما لو اشترى عبدين فمات أحدهما في يده سقط الخيار وكان له الأرش في عيبهما معا وليس له رد الباقي لان التشقيص عيب وقال الشافعية لو مات أحدهما ففي الانفساخ فيما تلف الخلاف السابق فإن قلنا بالفسخ جاء في الانفساخ في الباقي قولا تفريق الصفقة وإن لم ينفسخ بقى خياره في الباقي وإن قلنا يجوز رد أحد العبدين إذا اشتراهما بشرط الخيار وإلا ففي بقاء الخيار في الباقي الوجهان وإذا بقى الخيار فيه وفسخ رده مع قيمة التالف ولو اشترى عبدين ووجد بهما عيبا لم يكن له رد أحدهما خاصة بل يردهما أو يأخذ أرشهما وكذا لو كان أحدهما معيبا فإن مات أحدهما في يده لم يكن له رد الثاني لان التشقيص عيب وللشافعية قولان بناء على تفريق الصفقة فإن قلنا لا يفرق رجع بأرش العيب وإن قلنا يفرق فإنه يرده بحصته من الثمن وقال بعض الشافعية لو فسخ العقد فيهما ثم يرد الباقي وقيمة التالف ويسترجع الثمن ولا بأس بهذا القول عندي والأصل
(٥٣٥)