أو دار مدة معينة صح وكان تسليم تلك المنفعة بتسليم العين. مسألة. لا يشترط تعيين الثمن عند العقد فلو قال أسلمت إليك دينارا في ذمتي في كذا ثم عين وسلم في المجلس جاز وكذا في الصرف لو باع دينارا بدينار أو بدراهم في الذمة ثم عين وسلم في المجلس جاز وهذا إذا كان الدينار المطلق منصرف إلى نقد معلوم أما لو تعدد وجب تعيينه ولو أسلم طعام بطعام في الذمة ثم عين وسلم في المجلس فإن وصفه بما يرفع الجهالة جاز وللشافعية وجهان أحدهما المنع لان الوصف فيه يطول بخلاف الصرف فإن الامر في النقود أهون ولهذا يكفي فيها الاطلاق ولا يكفي في العروض والثاني الجواز ويصفه كما يصف المسلم فيه وهذا أظهر عند الشافعية. مسألة. ولا يشترط استمرار قبض الثمن فلو سلمه المشترى إلى البايع ثم رده البايع إليه وديعة قبل التفرق جاز بلا خلاف ولو رده عليه بدين كان له عليه قبل التفرق صح لأنه قد ملكه بالعقد واستقر ملكه بالقبض وقال بعض الشافعية لا يصح لأنه تصرف فيه قبل التزام ملكه فإذا تفرقا صح السلم لحصول القبض والتزام الملك ويستأنف إقباضه للدين وليس بشئ ولو كان له في ذمة غيره دراهم فقال (أسلمت صح) إليك الدراهم التي في ذمتك في كذا صح لأنه مقبوض في ذمة صاحبه على إكال وقال بعض الشافعية إن شرط الاجل فهو باطل لأنه بيع الدين بالدين وإن كان حالا ولم يسلم المسلم فيه قبل التفرق فكذلك وإن احضره وسلم فوجهان الصحة كما لو صالح من تلك الدراهم على دينار وسلمه في المجلس وأظهرهما المنع لان قبض السلم فيه ليس بشرط أما لو لم يعين الثمن من المال الذي عليه ثم حاسبه بعد العقد من دينه عليه جاز قطعا ولو كان السلم حالا فلو وجد لكان متبرعا به وأحكام البيع لا تبنى على التبرعات أفلا ترى أنه لو باع طعاما بطعام إلى أجل ثم تبرعا بالاحضار لم يجز وأطلق بعض الشافعية الوجهين في أن تسليم المسلم إليه في المجلس وهو حال هل يغنى عن تسليم رأس المال والأظهر عندهم المنع. مسألة لو أحال المشترى البايع بالثمن على غيره فقبل المحال عليه وقبضه البايع منه في المجلس صح لحصول القبض في المجلس وقال بعض الشافعية لا يصح سواء قبضه البايع في المجلس أو لا لأنه بالحوالة يتحول الحق إلى ذمة المحال عليه فهو يؤديه من جهة نفسه لا من جهة المسلم ولو قبضه المشترى وسلم إلى البايع جاز ولو قال البايع للمحال عليه سلمه إليه ففعل لم يكف في صحة السلم عندهم لان الانسان في إزالة ملكه لا يصير وكيلا للغير لكن يجعل البايع وكيلا غير المشترى في ذلك قبض ثم السلم يقتضى قبضا ولا يمكنه أن يقبض من نفسه والوجه ما قلناه أما لو لم يقبض البايع في المجلس فالأقوى بطلان السلم لعدم القبض في المجلس الذي هو شرط صحة السلم ويحتمل الصحة لان الحوالة كالقبض ولو أحال البايع برأس المال على المشترى فتفرقا قبل التسليم احتمل البطلان وإن جعلنا الحوالة قبضا وهو قول بعض الشافعية لان المعتبر في السلم القبض الحقيقي والصحة لان الحوالة كالقبض ولو أحضر المشترى رأس المال فقال البايع سلمه إليه ففعل صح ويكون المحتال وكيلا عن البايع في القبض ولو كان رأس المال دراهم في الذمة فصالح عنها على مال فالأقرب عندي الصحة وقال بعض الشافعية لا يصح وإن قبض ما صالح عليه ولو كان الثمن عبدا فاعتقه البايع قبل القبض صح وقال بعض الشافعية لا يصح إن لم يصح اعتاق المشترى قبل القبض وإن صححناه فوجهان ووجه الفرق إنه لو نفذ لصار قابضا من طريق الحكم وإنه غير كاف في السلم بدليل الحوالة فعلى هذا إن تفرقا قبل قبضه بطل العقد وإن تفرقا بعده صح وفي نفوذ العتق وجهان. مسألة. إذا انفسخ السلم بسبب وكان رأس المال معينا في ابتداء العقد وهو باق رجع المشترى إليه وإن كان تالفا رجع إلى بدله إما المثل إن كان مثليا أو القيمة إن لم يكن (وإن كان صح) موصوفا في الذمة ثم عجل في المجلس وهو باق فهل له المطالبة بعينه أم للبايع الاتيان ببدله الأقرب الأول لان المعين في المجلس كالمعين في العقد ويحتمل الثاني لأن العقد لم يتناول تلك العين وللشافعية وجهان كهذين. تذنيب لو وجدنا رأس المال في يد البايع واختلفا فقال المشترى أقبضته بعد التفرق وقال البايع بل قبله قدم قول البايع تمسكا بصحة البيع والقبض ولو أقاما بينة قال بعض الشافعية بينة المسلم إيه أولي لأنها ناقلة وعندي فيه نظر لان القول قوله فالبينة بينة الاخر. مسألة. لو وجد رأس المال معيبا فإن كان معينا وكان من غير الجنس بطل السلم وإن لم يكن معينا فإن تقابضا الصحيح في المجلس قبل التفرق صح السلم وإلا بطل وإن كان من الجنس فالأقرب الصحة إن افترقا بعد الابدال ولو تفرقا قبله بطل العقد على إشكال أقربه الصحة ولو أسلم مائه في حنطة ومثلها في شعير ثم دفع مائتين قبل التفرق فوجد بعدها زيوفا من غير الجنس وزع بالنسبة وبطل من كل جنس بنسبة حصة من الزيوف. مسألة. لو شرط تعجيل نصف الثمن وتأخير الباقي لم يصح السلم مطلقا أما في غير المقبوض فلانتفاء القبض الذي هو شرط صحة السلم وأما المقبوض فلزيادته على المؤجل فيستدعى أن يكون في مقابلته أكثر مما في مقابلة المؤجل والزيادة مجهولة. النظر الثالث في الاحكام. مسألة. قال الشيخ لابد من ذكر موضع التسليم وإن كان في حمله مؤنة فلابد من ذكره أيضا والشافعية قالوا السلم إما حال أو مؤجل أما الحال فلا حاجة فيه إلى تعيين مكان التسليم كالبيع ويتعين مكان العقد لكن لو عين موضعا آخر جاز بخلاف البيع عنده لان السلم يقبل التأجيل فيقبل شرطا يتضمن تأخير السلم بالاحضار والأعيان لا يحتمل التأجيل فلا يحتمل شرطا يتضمن تأخير التسليم وحكم الثمن في الذمة حكم المسلم فيه وإن كان معينا فهو كالمبيع وعندنا لو شرط تعيين المكان في الأعيان جاز ولا يريد بمكان العقد ذلك الموضع بعينه بل تلك المحلة إلا مع الشرط وإن كان السلم مؤجلا فعن الشافعي اختلاف في أنه هل يجب تعيين مكان التسليم فيه وقد انقسم أصحابه إلى نفاة الخلاف ومثبتيه أما النفاة فعن بعضهم أنه إن جرى العقد في موضع يصلح للتسليم فيه فلا حاجة إلى التعيين وإن جرى في موضع غير صالح فلابد من التعيين وحمل قولي الشافعي على الحالين وقال آخرون إن المسلم فيه إن كان لحمله مؤنة وجب التعيين وإلا فلا وحمل القولين على الحالين وبهذا قال أبو حنيفة وأما المثبتون فلهم طرق أحدها أن المسألة على قولين مطلقا والثاني أنه إن لم يكن الموضع صالحا وجب التعيين لا محالة وإن كان صالحا فقولان والثالث أنه إن لم يكن لحمله مؤنة فلا حاجة إلى التعيين وإن كان له مؤنة فقولان والرابع إن كان لحمله مؤنة فلابد من التعيين وإلا فقولان وهذا أصح عند بعضهم ووجه اشتراط التعيين إن الأغراض يتفاوت بتفاوت الأمكنة فلابد من التعيين قطعا للنزاع كما لو باع بدراهم وتعددت نقود البلد ووجه عدم الاشتراط وبه قال احمد القياس على المبيع فإنه لا حاجة فيه إلى تعيين مكان التسليم ووجه الفرق بين الموضع الصالح وغيره إطراد العرف بالتسليم في الموضع الصالح واختلاف الأغراض في غيره ووجه الفرق بين ما لحمله مؤنة وغيره قريب من ذلك وفتوى الشافعية من هذا كله على وجوب التعيين إذا لم يكن الموضع صالحا إن كان لحمله مؤنة وعدم الاشتراط في غير هاتين الحالتين وهو عندي أقرب وإذا شرطنا التعيين فلو لم يعين فسد العقد وإن لم يشترط فإن عين تعين وعن أحمد رواية إن هذا الشرط يفسد السلم وإن لم يعين حمل على مكان العقد وقال بعض الشافعية إذا لم يكن في حمله مؤنة يسلمه في أي موضع صالح ولو عين موضعا للتسليم فخرب وخرج عن صلاحية التسليم احتمل تعيين ذلك الموضع عملا بالشرط ويحتمل أقرب موضع صالح وتخيير المشترى وللشافعية أقوال ثلاثة كالاحتمالات فقد ظهر إن موضع العقد إن أمكن فيه التسليم لم يجب شرطه وإلا وجب كما لو كانا في مفازة عند بعض الشافعية (قال بعضهم صح) وفيه قولان الوجوب وعدمه والأول أولي عندهم وقال بعضهم إن كان لحمله مؤنة وجب ذكر الموضع وإلا فلا وبه قال أبو حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد لا يجب ذكر موضع التسليم وقال احمد لا يجب وإن ذكره ففي فساد السلم روايتان إحديهما الفساد لأنه شرط ما لا يقتضيه الاطلاق وفيه غرر لأنه ربما تعذر تسليمه في ذلك المكان فأشبه ما إذا شرط مكيالا بعينه أو نخلة بعينها وهو غلط لان القبض
(٥٥٧)