فيه بعد ما قبضه شيئا وعلم بذلك العوار وبذلك العيب إنه يمضى عليه البيع ويرد عليه بقدر ما ينقص من ذلك الداء والعيب من ثمن ذلك لو لم يكن به وقال الصادق (ع) أيما رجل اشترى جارية فوقع عليها فوجد بها عيبا لم يردها ورد البايع عليه قيمة العيب وقال الشافعي لا يسقط الرد للأصل وليس بشئ إذا ثبت هذا فإن الأرش لا يسقط بتصرف المشترى سواء تصرف قبل العلم بالعيب أو بعده وليس تصرفه فيه مؤذنا برضاه مجانا نعم يدل على رضاه بترك الرد ولما تقدم من الأحاديث. مسألة. إذا اشترى أمة ثيبا فوطئها قبل العلم بالعيب ثم علم به لم يكن له الرد بل الأرش خاصة وبه قال علي (ع) والزهري والثوري وأبو حنيفة لما تقدم ولقول الصادق (ع) في رجل اشترى جارية فوقع عليها قال إن وجد بها عيبا فليس له أن يردها ولكن عليه بقدر ما نقصها العيب قال قلت هذا قول علي (ع) قال نعم ولان الوطي يجرى مجرى الجناية لأنه لا يخلو في ملك الغير من عقوبة أو مال فوجب أن يمنع الرد كما لو كانت بكرا وقال الشافعي يردها ولا يرد معها شيئا وبه قال مالك وأبو ثور وعثمان البتي واحمد في إحدى الروايتين ورواه أبو علي الطبري عن زيد بن ثابت لأنه معنى لا ينقص من عينها ولا من قيمتها فلا يتضمن الرضا بالعيب فلا يمنع الرد كوطئ الزوج والخدمة والجواب المنع من ثبوت الحكم في الأصل ومن عدم النقص في القيمة وقال ابن أبي ليلى يردها ويرد معها مهر مثلها وهو مروى عن عمر لأنه إذا فسخ العقد صار واطيا في ملك البايع فلزمه المهر وهو باطل لان الرد بالعيب فسخ العقد في الحال ولهذا لا يجب رد النماء ولا يبطل الشفعة فيكون وطؤه قد صادف ملكه فلا ضمان مسألة. ولو كانت الأمة بكرا فافتضها لم يكن له ردها بالعيب السابق ويثبت له الأرش وبه قال الشافعي أيضا (أما عندنا صح) فلما مر من أن التصرف يمنع الرد وأما عند الشافعي فلان البكارة قد ذهبت وذلك نقصان من عينها كما لو اشترى عبدا فخصاه ثم وجد به عيبا فإنه لا يرده وإن زادت قيمته بذلك النقصان عينه وكذا لو اشترى ذا إصبع زايدة فقطعها وقال مالك يردها ويرد أرش البكارة وهو إحدى الروايتين عن أحمد بناء على أن العيب لا يمنع من الرد. مسألة. قد بينا أن التصرف من المشترى يمنع من الرد بالعيب السابق مطلقا إلا في صورتين أحدهما وطؤ المشترى الجارية الحامل قبل البيع فإنه يردها ويرد معها نصف عشر قيمتها فلو تصرف في الحامل بالاستخدام وغيرها من العقود الناقلة وغيرها بدون الوطي أو معه لم يكن له الرد وكان له الأرش ولو وطئ وكان العيب غير الحبل السابق لم يكن له الرد أيضا بل كان له الأرش فالضابط اختصاص العيب بالحبل أو التصرف بالوطي لان ابن سنان سأل الصادق (ع) عن رجل اشترى جارية ولم يعلم بحبلها فوطئها قال يردها على الذي ابتاعها منه ويرد عليه نصف عشر قيمتها لنكاحه إياها وقد قال علي (ع) لا ترد التي ليست بحبلى إذا وطئها صاحبها ويوضع عنه من ثمنها بقدر عيب كان فيها. فروع: - آ - نصف العشر يجب لو كانت ثيبا أما لو حملت البكر من السحق ثم اشتراها ووطئها بكرا ثم ظهر سبق الحمل على البيع فإنه يردها أيضا والأقرب إنه يرد معها عشر قيمتها لان الشارع قد ضبط أرش البكارة بنصف العشر وعليه يحمل الرواية عن عبد الملك بن عمرو عن الصادق (ع) يشترى الجارية وهي حبلى فيطأها قال يردها ويرد عشر ثمنها إذا كانت حبلى ويحتمل نصف العشر فعموم الأحاديث الشاملة للثيب والبكر ويحتمل عدم الرد لفوات جزء من العين وهو البكارة وتعيب الجارية بذهاب العذرة وليس ذلك عيب الحبل - ب - لا فارق بين الوطي في القبل والدبر فإن له الرد فيهما ويرد معها نصف العشر لان الوطي في الدبر مساو له في القبل في ايجاب جميع المهر - ج - لو وطئ البكر في الدبر ووجدها حاملا كان له الرد هنا قطعا لعدم الجناية بغير الوطي فيرد هنا نصف العشر لسلامه البكارة الصورة الثانية. الشاة المصراة فإذا اشترى شاة وحلبها ثم وجدها مصراة كان له الرد بعد ثلاثة أيام وحلب اللبن منها فلو كان العيب غير التصرية أو كان التصرف بغير الحلب سقط الرد والأرش لأنه ليس عيبا. مسألة. التصرية هي جمع اللبن في الضرع مشقة من الصرى وهو الجمع يقال صرى الماء في الحوض وكذا قوله (ع) من ابتاع محفلة وهي أيضا من الجمع ولهذا سمى إجتماع الناس محافل فإذا جمع الرجل اللبن في الضرع ليبيعها ويدلس بذلك كثرة لبنها لم يجز لأنه غش فإذا باع مصراة ثم ظهر المشترى على تصريتها ثبت له الخيار بين الرد والامساك وبه قال عبد الله بن مسعود وابن عمر وأبو هريرة وأنس والشافعي ومالك والليث وابن أبي ليلى واحمد وإسحاق وأبو يوسف وزفر لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تصروا الإبل والغنم للبيع فمن ابتاعها بعد ذلك فهو مجيز النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها و صاعا من تمر وقال أبو حنيفة لا يثبت بذلك خيار لان نقصان اللبن ليس بعيب وهذا لو وجدها ناقصة اللبن عن أمثالها لم يثبت الخيار له والتدليس بعيب لا يثبت الخيار كما لو أعلفها حتى انتفخ جوفها فظنها المشترى حاملا ويبطل بالخبر وإنه تدليس بما يختلف الثمن لاختلافه فوجب به الرد كما لو كانت شمطا فسود شعرها وما ذكره يبطل أيضا ببياض الشعر فإنه ليس بعيب ككبر السن إذا دلس بتسويده وانتفاخ البطن لا ينحصر في الحبل فقد يكون لكثرة الأكل والشرب فلا معنى لحمله على الحمل إذا ثبت هذا فإن التصرية تدليس يوجب الخيار عندنا وليست عيبا وقال الشافعي إنها عيب ومنعهما معا أبو حنيفة. مسألة. وتختبر التصرية بثلاثة أيام ويمتد الخيار بامتدادها كما في الحيوانات للخبر ولان الشارع وضع هذه الثلاثة لمعرفة التصرية فإنه لا يعرف ذلك قبل مضيها لجواز استناد كثرة اللبن إلى الأمكنة فإنها يتغير أو إلى اختلاف العلف فإذا مضت ثلاثة أيام ظهر ذلك ويثبت له الخيار حينئذ على الفور ولا يثبت الخيار بالتصرية قبل انقضائها بها لعدم العلم بالتصرية وإن ثبت خيار الحيوان وهو قول أبي إسحاق من الشافعية وقال أبو علي بن أبي هريرة منهم مدة الثلاثة المذكورة في الخبر إنما يثبت بشرطه ولا يثبت بالتصرية فإذا استبان ثبت له الخيار فيها إلى تمامها كما اخترناه نحن وذكر القاضي أبو حامد في جامعه إن الشافعي نص عليه في اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى. فروع: - آ - لو عرف التصرية قبل ثلاثة أيام بإقرار البايع أو بشهادة الشهود ثبت له خيار إلى تمام الثلاثة أيام لأنه كغيره من الحيوان أما لو أسقط خيار الحيوان فإن خيار التصرية لا يسقط وهل يمتد إلى الثلاثة أو يكون على الفور إشكال وللشافعية وجهان - ب - ابتداء هذه الثلاثة من حين العقد لا من حين التفرق كما قلنا في خيار المجلس وللشافعية وجهان - ج - لو عرف التصرية في آخر الثلاثة أو بعدها فالأقرب ثبوت الخيار لأنه عيب سابق والتنصيص على الثلاثة بناء على الغالب وهو قول بعض الشافعية القائلين بامتداد الخيار إلى ثلاثة لامتناع مجاوزة الثلاثة كما في خيار الشرط وعلى القول الثاني ثبت على الفور - د - لو علم أنها مصراة فاشتراها كذلك فلا خيار له لاقدامه على العيب وانتفاء التدليس في طرفه فلا وجه لثبوت الخيار كما في غيرها من العيوب وهو أحد قولي الشافعية والثاني يثبت له الخيار لظاهر الخبر ولان انقطاع اللبن لم يوجد قد يبقى على حاله فلم يجعل ذلك رضي به كما إذا تزوجت بعنين ثم طالب بالفسخ ثبت لجواز أن لا يكون عنينا عليها وليس بشئ والأصل ممنوع. مسألة. ويثبت التصرية في الشاة إجماعا والأقرب ثبوتها في البقرة والناقة وبه قال الشافعي وغيره ممن أثبت الخيار إلا داود لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تصروا الإبل والغنم وفي رواية من باع محفلة ولم يفصل ولأنه تدليس بتصريته فأشبه الإبل والغنم وقال داود يثبت التصرية في الشاة والناقة دون البقرة لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تصروا الإبل والغنم ولم يذكر البقرة وينتقص بالخبر الآخر وعدم الذكر لا يدل على العدم خصوصا والبقر لبنها أغزر وأكثر نفعا من الإبل والغنم فالخبر يدل عليها بالتنبيه. مسألة. ولا تثبت التصرية في غير الثلاثة المذكورة في الخبر الإبل والغنم والبقر عند علمائنا لأصالة لزوم البيع ولان لبن ما عداها غير مقصود وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لهم إنه غير مختص بالانعام بل هو ثابت في جميع الحيوانات المأكولة ولو اشترى أتانا فوجدها مصراة فلا خيار له لأنه ليس عيبا
(٥٢٦)