يتبايعا فضة بذهب فالقولان في أن الإجازة بجميع الثمن أو بالحصة وإن كان متفقا فالإجازة بالحصة لامتناع الفصل وإن خرج خشنا أو أسود فلآخذه الخيار ولا يجوز الاستبدال فإن خرج بعضه فله الخيار وليس له فسخ المعيب وإجازة الباقي وللشافعية قولا تفريق الصفقة فإن جوزنا فالإجازة بالحصة لأن العقد صح في الكل فإذا ارتفع كان بالقسط وإن كانا غير معنيين فإن خرج أحدهما نحاسا وهما في المجلس استبدل وإن تفرقا قبله بطل العقد لان المقبوض غير ما ورد عليه العقد وإن خرج خشنا أو أسود فإن لم يتفرقا تخير بين الرضا به والاستبدال وإن تفرقا ففي أن له الاستبدال للشافعية قولان أحدهما لا لأنه قبض بعد التفرق وأصحهما نعم كالمسلم فيه إذا أخرج معيبا والأصل فيه إن القبض الأول صحيح إذا رضي به جاز والبدل مأخوذ فقام مقام الأول ويجب أخذ البدل قبل التفرق عن مجلس الرد وإن خرج البعض كذلك وتفرقا فإن جوزنا الاستبدال استبدل وإلا تخير بين فسخ الجميع والإجازة وفي أن له فسخ المعيب خاصة قولا تفريق الصفقة وحكم رأس مال المسلم حكم عوض الصرف ولو وجد أحد المتصارفين بما أخذ عيبا بعد تلفه فإن كان العقد على معنيين فاختلف الجنس فهو كبيع العرض بالنقد وإن كان متفقا فالخلاف الذي سبق لهم في الحلي وإن ورد على ما في الذمة ولم يتفرقا بعد عزم ما تلف عنده ويستبدل وكذا إن تفرقا وجوزنا الاستبدال ولو وجد المسلم إليه برأس مال السلم عيبا بعد تلفه عنده فإن كان معينا أو في الذمة وعين وقد تفرقا ولم يجوز الاستبدال فيسقط من المسلم فيه بقدر نقصان العيب من قيمة رأس المال فإن كان في الذمة وهما في المجلس يغرم التالف ويستبدل وكذا إن كان بعد التفرق وجوزنا الاستبدال. مسألة لو اشترى عبدا بمأة ثم دفع بالمائة ثوبا برضا البايع ثم وجد المشترى بالعبد عيبا ورده فالوجه إنه يرجع بالمائة لان الثوب ملك بعقد اخر وهو أحد قولي الشافعية والثاني إنه يرجع بالثوب لأنه إنما ملك الثوب بالثمن فإذا فسخ البيع سقط الثمن عن ذمة المشتري فينفسخ بيع الثوب به ولو مات العبد قبل القبض وانفسخ البيع قال ابن شريح يرجع بالألف دون الثوب لأن الانفساخ بالتلف يقطع العقد ولا يرفعه من أصله وهو الأصح عندهم وفيه وجه آخر لهم. مسألة. لو باع عصيرا فوجد المشترى به عيبا بعد إن صار خمرا لم يكن الرد فتعين له الأرش وبه قال الشافعي فإن تخلل فللمشتري رده وهل للبايع أن يسترده ولا يدفع الأرش قال الشافعي نعم وليس بجيد على ما تقدم ولو اشترى ذمي خمرا من ذمي ثم أسلما وعرف المشترى بالخمر عيبا فلا رد بل يأخذ الأرش و لو أسلم البايع وحده (فلا رد أيضا ولو أسلم المشترى وحده صح) فله الرد قاله ابن شريح لان المسلم لا يملك الخمر بل تزيل يده عنه. مسألة. الإقالة فسخ عندنا على ما يأتي وليست بيعا فلو اشترى سلعة ثم تقايلا فوجد بها عيبا حدث عند المشترى كان له فسخ الإقالة ورده بالعيب لان هذا العيب من ضمان المشترى فهو بمنزلة أن يجد عيبا في المبيع. مسألة. قد بينا إنه يصح بيع العين الغايبة الشخصية مع ذكر الجنس وكل وصف يثبت الجهالة بفقده وهو أحد قولي الشافعي والآخر لا يشترط الوصف مطلقا فعلى هذا الثاني لو رآه ثبت له الخيار عنده وعلى الأول إن وجده ناقصا عنها كان له الخيار على وفق مذهبنا كما إذا دفع مال المسلم فيه ناقصا عن صفته إلا أن في السلم يلزمه أبدا له لان المعقود عليه كلي يثبت في الذمة وهنا عين شخصية فيكون له الخيار في إمضاء العقد وفسخه لأن العقد تعين به ولا أرش له للأصل فإن وجده على الصفات المذكورة لزمه البيع ولا خيار له عندنا لعدم موجبه وهو أحد وجهي الشافعي وبه قال احمد لان المعقود عليه سلم له بصفاته فأشبه المسلم فيه والثاني وهو ظاهر مذهبهم إنه يثبت له الخيار للاجماع على تسمية بيع خيار الرؤية فينبغي أن يثبت فيه الخيار ولان الرؤية تمام هذا العقد لأن العقد قائم قبله لأنه موقوف على مشاهدته ووجود الصفات فيه فإذا كان عند الرؤية يتم العقد يثبت الخيار عقيبه كبيع العين الحاضرة يثبت الخيار عقيب العقد في المجلس بخلاف السلم لأن العقد قد تم قبل رؤيته لأنه معقود على الموصوف دون العين وليس بشئ فإن التسمية لا يجب عمومها ووقوف العقد على المشاهدة ظاهرا لا يوجب وقوفه في نفس الامر لأنه إذا كان على الصفات لم يكن موقوفا على شئ بل يكون لازما وعلى قول الخيار هل يثبت على الفور أو على المجلس للشافعي وجهان أحدهما على المجلس لأنه ثبت بمقتضى العقد كان على المجلس كخيار المجلس والثاني يكون على الفور لأنه معلق بمشاهدة المبيع فكان على الفور كخيار رد العيب لأنه يتعلق بمشاهدة العيب وهذا ساقط عندنا. مسألة. البايع إذا لم يشاهد المبيع صح إن وصف له وصفا يرفع الجهالة وإلا فلا وهو أحد قولي الشافعي وفي الثاني يصح ويثبت له الخيار لأنه جاهل بصفة المعقود عليه فأشبه المشترى وقال أبو حنيفة لا خيار له في الرؤية التي رجع إليها لان عثمان وطلحة تناقلا داريهما إحديهما بالكوفة والاخرى بالمدينة فقيل لعثمان إنك غبنت فقال لا أبالي لانى بعت ما لم أره وقيل لطلحة فقال لي الخيار لانى اشتريت ما لم أره فتحاكما إلى جبير بن مطعم فجعل الخيار لطلحة ولانا لو جعلنا الخيار للبايع لكنا قد أثبتنا له الخيار لتوهم الزيادة والزيادة في المبيع لا تثبت الخيار فإنه لو باع شيئا على أنه معيب فبأن سليما لم يثبت الخيار (بخلاف المشترى لأنه يثبت الخيار صح) له لتوهم النقصان والخبر لا حجة فيه والخيار لا يتعلق بالزيادة والنقصان فإن المشترى لو قال هو أجود مما ظننته وقد اخترت الفسخ كان له وكذا صاحب خيار المجلس والشرط له الفسخ ولا يشترط زيادة ولا نقصان يبطل أيضا بما لو باع ثوبا على أنه عشرة أذرع فظهر أحد عشر فإنه يثبت للبايع الخيار عنده ولو كان البايع شاهد المبيع ولم يشاهده المشترى فلا خيار للبايع إذا لم يرد وهو قولي الشافعي لأنه أحد المتبايعين فلا يثبت له خيار الرؤية مع تقدمها كالمشتري وحكى أبو حامد وجها إنه يثبت للبايع أيضا لأنه خيار ثبت بمطلق العقد فيشترك فيه البايع والمشترى كخيار المجلس وليس بصحيح لان المشترى إنما يثبت له لعدم الرؤية لا لأجل العقد بخلاف خيار المجلس. مسألة. إذا اختار إمضاء العقد قبل الرؤية ولم يوصف المبيع كان البيع باطلا ويصح عند الشافعي وحينئذ لو اختار الامضاء لم يصح لان الخيار يتعلق بالرؤية ولأنه يؤدى إلى أن يلزمه المبيع المجهول الصفة ولو فسخ قبل الرؤية جاز لجواز الفسخ في المجهول ولو تقدمت رؤيتهما على المبيع وعرفاه ثم غاب عنهما جاز بيعه عملا بأصالة الاستصحاب ولأنه مبيع معلوم عندهما حالة العقد فأشبه ما إذا شاهداه وقال بعض الشافعية لا يصح البيع حتى يشاهداه حالة التبايع وهو محكى عن الحكم وحماد لان ما كان شرطا في صحة العقد يجب أن يكون موجودا حالة العقد كشهادة النكاح والفرق إن الشهادة تراد لتحمل العقد والاستيثاق عليه فلهذا اشترطت حال العقد وينتقص بما لو شاهدا دارا ثم وقفا في بعض بيوتها أو في صحتها وتبايعاها أو شاهدا أرضا ثم وقفا في طرفها وتبايعاها وهو جايز بالاجماع مع أن مشاهدة الكل لا توجد حال العقد. مسألة. إذا كان المبيع مما لا يتغير كالحديد والنحاس و الرصاص وباعه بالوصف أو كان قد شاهده صح فإن وجده بحال لزم البيع وإن كان ناقصا ثبت الخيار لان ذلك كحدوث العيب وبه قال الشافعي ولو اختلفا فقال البايع هو بحاله وقال المشترى قد نقص للشافعي قولان أحدهما تقديم قول المشترى لان الثمن يلزمه ولا يلزمه إلا ما اعترف به ولو كان المبيع طعاما يفسد فعقدا عليه وقد مضى زمان يفسد في مثله لم يصح البيع وبه قال الشافعي ولو كان الزمان مما يحتمل الفاسد فيه والصحة فالأقوى الصحة عملا باستصحاب الحال ومنع الشافعي منه ولو كان حيوانا جاز بيعه لأصالة البقاء وهو أحد قولي الشافعي وحكى عن المزني وعن ابن أبي هريرة أنه إن طالت المدة لم يجز لأنه بيع الغرر وهو ممنوع لأصالة السلامة والبقاء. مسألة. المشهور عند علمائنا إن الملك ينتقل بنفس الايجاب والقبول إلى المشترى انتقالا غير لازم إن اشتمل على خيار ويلزم بانقضائه
(٥٣٣)