والملك في الثمن للبايع وهو أحد أقوال الشافعي وبه قال احمد لقوله (ع) من باع عبدا وله مال فماله للبايع إلا أن يشترطه المبتاع ولأنه عقد معاوضة يقتضى الملك فلزمه بنفس العقد كالنكاح والثاني للشافعي إنه ينتقل بالعقد وانقضاء الخيار فيكون في مدة الخيار للبايع والملك في الثمن للمشترى وبه قال أبو حنيفة ومالك.
إلا أنهما قالا لا يثبت خيار المجلس فيكون ذلك في خيار الشرط لأنه ايجاب غير لازم مع سلامة المعقود عليه فلم ينتقل الملك كعقد الهبة والفرق ظاهر فان الهبة ليست عقد معاوضة بل هي تبرع محض وعدم اللزوم لا يمنع الملك في المعاوضات كما لو كان معيبا والثالث إن الملك مراعى فإن فسخا تبينا إن الملك لم ينتقل بالعقد وإن أجازا تبينا إنه انتقل بالعقد من حين العقد لان البيع سبب الزوال إلا أن شرط الخيار يشعر بأنه لم يرض بعد بالزوال جزما فوجب ان يتربص وينظر فيه عاقبة الامر ولان العقد لو أوجب الملك لأجاز التصرف ولا يجوز أن يتعلق الملك بالتفرق بالأبدان لان ذلك ليس من أسباب الملك فلم يبق إلا أنه يملك بالعقد وتبيين ذلك بالفرق وهل يلزم عليه البيع قبل القبض والرهن فإن الملك حاصل فيه والتصرف لا يجوز إذا ثبت هذا فلا فرق عند الشافعي بين أن يكون الخيار لهما أو لأحدهما وبه قال مالك لأنه بيع مع نقل الملك البايع فوجب أن ينقله إلى المشترى كما لو لم يكن لهما خيار وقال أبو حنيفة كان الخيار لهما أو للبايع لم ينتقل ملكه وإذا كان للمشترى وحده خرج المبيع من ملك البايع ولا يدخل في ملك المشتري لأنه شرط الخيار لنفسه فلم يزل ملكه عن الثمن ولا يجوز أن يجتمع له الثمن والمثمن فيما يصح تمليكه وليس بجيد لان الخيار لا يمنع انتقال الملك على أن هذا القول يستلزم المحال وهو ثبوت ملك لغير المالك إذا عرفت هذا فللشافعية طرق في موضع الأقوال أحدها أن الخلاف فيما إذا كان الخيار لهما إما بالشرط أو في خيار المجلس أما أذا كان لأحدهما فهو المالك للمبيع لنفوذ تصرفه فيه والثاني إنه لا خلاف في المسألة ولكن إن كان الخيار للبايع فالملك له وإن كان للمشترى فهو له وإن كان لهما فهو موقوف وينزل الأقوال على هذه الأحوال والثالث طرد الأقوال في الأحوال وهو أظهر عند عامة الشافعية وإذا جرت الأقوال فالأظهر منها قال أبو حامد الاظهر إن الملك للمشترى وبه قال الجويني وقال بعضهم الاظهر الوقف والأشبه عندهم أنه إن كان الخيار للبايع فالأظهر بقاء الملك له وإن كان للمشترى فالأظهر انتقاله وإن كان لهما فالأظهر الوقف. مسألة. كسب العبد والجارية المبيعين في زمن الخيار للمشترى لانتقال الملك إليه عندنا وقال الشافعي إن قلنا الملك للمشترى أو إنه موقوف فالنماء له وإن قلنا الملك للبايع فوجهان قال الجمهور الكسب للبايع لأنه المالك حال حصوله وقال بعضهم إنه للمشترى لان سبب ملكه موجود أولا وقد استقر عليه آخرا فيكتفي به وإن فسخ البيع فهو للبايع إن قلنا الملك للبايع أو موقوف وإن قلنا للمشترى فوجهان أصحهما إنه له وعن أبي إسحاق إنه للبايع نظرا إلى المال وقال بعضهم الوجهان مبنيان على أن الفسخ رفع للعقد من حينه أو من أصله إن قلنا بالأول فهو للمشترى وإن قلنا بالثاني فللبايع واللبن والبيض والثمرة ومهر الجارية بوطئ الشبهة كالكسب. مسألة. فإذا حملت الجارية أو الدابة عند المشترى في زمان الخيار لامتداد المجلس أو للشرط عندنا فهو كالكسب وهو عندنا للمشترى وعندهم على ما تقدم من الأقوال أما لو كانت الجارية والدابة حاملين عند البيع وولدت في زمان الخيار فحكمه حكم النماء المتصل كسمن الدابة وقال الشافعي يبنى على أن الحمل هل يأخذ قسطا من الثمن وفيه قولان أحدهما لا لان الحمل كالجزء منها فأشبه ساير الأعضاء فعلى هذا هو كالكسب بلا فرق وأصحهما نعم كما لو بيع بعد الانفصال مع الام فالحمل و الام على هذا عينان بيعا معا فإن فسخ البيع فهما معا للبايع وإلا فللمشتري. مسألة. إذا كان المبيع رقيقا فاعتقه البايع في زمان الخيار المشروط لهما أو للبايع فالأقرب نفوذ عتقه وبه قال الشافعي (على كل قوم صح) أما إذا كان الملك له فظاهر وأما على غير هذا القول فلانه بسبيل من فسخ والاعتاق يتضمن الفسخ فينتقل الملك إليه قبله ويحتمل أن يقال لا يصح لعدم مصادفة العتق الملك لكن يبطل البيع لان العتق وإن كان باطلا على هذا الاحتمال إلا أنه أبلغ في الفسخ وإن أعتقه المشترى فإن كان الخيار له خاصة نفذ العتق مطلقا لأنه إما مصادف للملك أو إجازة والتزام بالمبيع وليس فيه إبطال حق البايع إذ لا خيار له وإن أعتقه البايع والخيار للمشترى لم يصح لأنه لم يصادف ملكا وعند الشافعي لا ينفذ أن قال إن الملك للمشترى ثم البيع أفسخ ويجئ فيما لو فسخ الوجه الناظر إلى المال وإن قال بالوقف لم ينفذ إن تم البيع وإلا نفذ وإن قال إنه للبايع فإن اتفق الفسخ نفذ وإلا فقد أعتق ملكه الذي تعلق به حق لازم فصار كاعتاق الراهن وإن كان الخيار للبايع أو لهما فاعتقه المشترى فالأقوى النفوذ لأنه صادف ملكا ثم إما أن يجعل العتق كالتلف أو يجعله موقوفا كعتق الراهن وقال الشافعي إن قلنا إن الملك للبايع لم ينفذ إن فسخ البيع وإن تم فكذلك في أصح الوجهين والثاني ينفذ اعتبارا بالمال و إن قلنا بالوقف فالعتق موقوف أيضا إن تم العقد بأن نفوذه وإلا فلا وإن قلنا الملك للمشتري ففي نفوذ العتق وجهان أصحهما وهو ظاهر النص إنه لا ينفذ ضياعة لحق البايع من الأبطال وعن ابن شريح إنه ينفذ لمصادفة الملك كما قلنا ثم اختلفوا فبعضهم قال ينفذ مطلقا سواء كان مؤسرا أو معسرا وبعضهم فرق إن كان مؤسرا نفذ عتقه وإن كان معسرا فلا كالراهن فإن قلنا لا ينفذ فاختار البايع الإجازة ففي الحكم بنفوذه الآن وجهان إن قلنا ينفذ فمن وقت الإجازة أو الاعتاق وجهان أظهرهما الأول و إن قلنا بقول ابن شريح ففي بطلان خيار البايع وجهان أحدهما البطلان وليس له إلا الثمن وأظهرهما إنه لا يبطل ولكن لا يرد العتق بل يأخذ القيمة لو فسخ كما في نظيره في الربا بالعيب فإنه لو اشترى عبدا بثوب واعتق المشترى العبد ووجد البايع بالثوب عيبا فإنه يرده ويرجع بقيمة العبد خاصة كذا هنا ولو اشترى من يعتق عليه كأبيه وابنه عتق عليه في الحال عندنا لثبوت الملك للقريب وقال الشافعي إنه كإعتاق المشترى في الخيار وقد قدم. مسألة. إذا كان الخيار لهما أو للبايع ففي إباحة وطى البايع إشكال ينشأ من انتقال الملك عنه فيكون الوطي قد صادف ملك الغير فيكون محرما ومن أنه أبلغ في التمسك بالمبيع وفسخ البيع من الفسخ وللشافعية طرق أحدها إن جعلنا الملك له فهو حلال وإلا فوجهان الحل لأنه يتضمن الفسخ على ما يأتي وفي ذلك عود الملك إليه معه أو قبيله والثاني إنا إن لم نجعل الملك له فهو حرام وإن جعلناه فوجهان التحريم لضعف الملك والثالث القطع بالحل على الاطلاق والظاهر من هذا كله عندهم الحل إن جعلنا الملك له والتحريم إن لم نجعله له ولا مهر عليه عندهم بحال وأما إن وطى المشترى فهو حرام عندهم أما إن لم يثبت الملك له فظاهر وأما إن أثبتناه فهو ضعيف كملك المكاتب ولا حد عليه على الأقوال لوجود الملك لو شبهه وهل يلزم المهر إن تم البيع بينهما فلا وإن قلنا إن الملك للمشترى أو موقوف وإن قلنا إنه للبايع وجب المهر له وعن أبي إسحاق إنه لا يجب نظرا إلى الحال وإن فسخ البيع وجب المهر للبايع إن قلنا الملك له أو موقوف وإن قلنا إنه للمشترى فلا مهر عليه في أصح الوجهين ولو أولدها فالولد حر ونسيب على الأقوال وهل يثبت الاستيلاد إن قلنا الملك للبايع فلا ثم إن تم أو ملكها بعد ذلك ففي ثبوته حينئذ قولان كالقولين فيما إذا وطى جارية الغير للشبهة ثم ملكها وعلى الوجه الناظر إلى المال إذا تم البيع نفذ الاستيلاد بلا خلاف وعلى القول الوقف إن تم البيع ظهر ثبوت الاستيلاد وإلا فلا ولو ملكها يوما عاد القولان وعلى قولنا إن الملك للمشترى ففي ثبوت الاستيلاد الخلاف المذكور في العتق فإن لم يثبت في الحال وتم البيع بأن ثبوته ثم رتبوا الخلاف في الاستيلاد على الخلاف في العتق واختلفوا في كيفيته قال بعضهم الاستيلاد أولي بالثبوت وعكسه آخرون وقيل بالتساوي لتعارض الحصتين والقول في وجوب قيمة