قبضه بالكيل فإن أخبره بكيله فصدقه عليه صح القبض لما رواه محمد بن حمران عن الصادق (ع) قال اشترينا طعاما فزعم صاحبه إنه كاله فصدقناه واخذناه بكيله فقال لا بأس قلت يجوز أن أبيعه كما اشتريته بغير كيل قال لا أما أنت فلا تبعه حتى تكيله وقال الشافعي لا يصح القبض لأنه لم يكله عليه فإن كان الطعام بحال كيل عليه فإن كان وفق حقه فقد استوفاه وإن كان أقل من حقه كان له الباقي وإن كان أكثر من حقه كان له الباقي وإن كان أكثر من حقه رد الفضلة وإن استهلكه قبل أن يكال عليه فادعى إنه دون حقه كان القول قوله مع يمينه سواء كان النقصان قليلا أو كثيرا لان الأصل عدم القبض وبقاء الحق فلا يبرء منه إلا بإقراره بالقبض وبه قال الشافعي واختلفت الشافعية في جواز التصرف في هذا الطعام المقبوض جزافا فقال بعضهم إنه يجوز أن يتصرف فيما يتحقق إنه مستحق له من الطعام ويتحقق وجوده فيه مثل أن يكون حقه قفيزا فبيع نصف قفيز فلا يجوز أن يبيع جميعه لاحتمال أن يكون أكثر من حقه وقال بعضهم لا يجوز أن يبيع شيئا منه لان العلقة ثم باقية بينه وبين الذي قبضه منه فلم يجز التصرف فيه والأول أولي لأن الضمان قد انتقل إليه بقبضه فجاز التصرف فيما هو حقه منه ولو كان له عنده قفيز فأحضره اكتياله عن رجل له عليه مثله ثم دفعه إليه بكيله ولم يكله عليه فأتلفه ثم ادعى نقصانه فإن كان مما يقع مثله في الكيل كان القول قوله (مع يمينه فيه وإن كان مما لا يقع مثله في الكيل ثم يقبل قوله صح) لأنه يعلم كذبه وقد نص علماؤنا على إنه إذا ادعى النقص في الكيل أو الوزن فإن كان حاضرا لم يقبل منه دعواه وصدق الاخر باليمين وإن لم يحضر كان القول قوله مع يمينه. مسألة. لو كان لرجل على آخر طعاما سلفا أو قرضا فأعطاه مالا فإن كان الذي أعطاه طعاما من جنس ما هو عليه فهو نفس حقه وإن أعطاه من غير جنسه فإن كان طعاما فإن عينه جاز ووجب قبضه في المجلس فإن تفرقا قبل القبض بطل العقد عند الشافعي والوجه عندي الجواز لأنه قضاء دين لا بيع وإن كان في الذمة صح فإن عينه وقبضه إياه في المجلس جاز وإن تفرقا قبل تعيينه أو قبضه بطل عنده لأنه إذا لم يعينه فقد باعه الدين بالدين وإن تفرقا قبل القبض لم يجز لان ما يجرى في الربا بعلة لا يجوز التفرق فيه قبل القبض وإن كان من غير جنس المطعومات كالأثمان وغيرها فإن كان غير معين وجب تعيينه في المجلس وإن تفرقا قبل تعيينه بطل العقد قال الشافعي لأنه بيع الدين بالدين وهو ممنوع وإن كان معينا بالعقد فتفرقا قبل قبضه ففي إبطال العقد وجهان البطلان لان البيع في الذمة فوجب قبض الثمن في المجلس كرأس مال المسلم وعدمه كما لو باع طعاما بثمن في الذمة مؤجل هذا إذا كان القرض قد استقر في ذمته وأما إذا كان القرض في يده فإنه لا يجوز أن يأخذ عوضه لأنه قد زال ملكه عن العين ولم يستقر في ذمته لأنه بمعرض أن يرجع في العين فأما إذا قلنا إنه لا يملك إلا بالتصرف فقال بعض الشافعية لا يجوز أخذ بدل القرض فإنه وإن ملكه باقيا إلا أنه قد ضعف بتسليط المستقرض عليه مسألة. لو كان عليه سلف في طعام فقال للذي له الطعام بعني طعاما إلى أجل لأقبضك إياه جاز وهي العينة وقد تقدمت للأصل ولما رواه أبو بكر الحضرمي عن الصادق (ع) قال قلت له (رجل يعين ثم حل دينه فلم يجد ما يقضى أيعين من صاحبه الذي عينه قال نعم وعن بكار بن أبي بكر عن الصادق (ع) في رجل يكون له صح) على الرجل المال فإذا حل قال له بعني متاعا حتى أبيعه فاقضى الذي لك على قال لا بأس وقال الشافعي إنه باطل إن عقد البيع على ذلك لأنه شرط في عقد البيع أن يقبضه حقه وذلك غير لازم له فإذا لم يثبت الشرط لم يصح البيع ولأنه شرط عليه أن لا يتصرف في المبيع وذلك مفسد للعقد ويمنع عدم اللزوم مع الشرط فكل الشروط غير لازمة إلا بالعقد ولم يشرط عليه عدم التصرف بل شرط عليه التصرف لكنه خاص فجاز كالعتق أما لو لم يشرط ذلك فإنه يصح قطعا وإن نوياه وبه قال الشافعي ولو كان له عنده طعام فقال أقبضني إياه على أن أبيعك إياه فقضاه صح القبض ولم يلزمه بيعه لأنه وفاه حقه فصح ولو زاده على ماله بشرط ألا يبيعه منه لم يصح القبض ولو باعه طعاما بمائه إلى سنة فلما حل الاجل أعطاه بالثمن الذي عليه طعاما جاز سواء كان مثل الأول أو أقل أو أكثر وهو على المشهور من قول الشافعي إن بيع الثمن يجوز قبل القبض ومنع مالك لأنه يصير كأنه بيع الطعام بالطعام وليس بصحيح لأنه باع الطعام بالدراهم واشترى بالدراهم طعاما فجاز كما لو اشترى من غيره وباع منه (مسألة صح) لو باعه طعاما بثمن على أن يقضيه طعاما له عليه أجود مما عليه البيع صح لأنه شرط سايغ وعموم قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم يقتضيه وقال الشافعي لا يجوز لان الجودة لا يصح أن يكون مبيعة بانفرادها وهو غلط لأنها شرط لا بيع. مسألة لو اقترض طعاما بمصر لم يكن له المطالبة به بمكة لو وجد المقترض لاختلاف قيمة الطعام بالبلدان ولو طالبه المقترض بأخذ بدله بمكة لم يجب على المقرض قبوله لان عليه مؤنة وكلفة في حمله إلى مصر ولو تراضيا على قبضه (جاز صح) ولو طالب صاحب الطعام المقترض بقيمته بمصر لزمه دفعها إليه لان الطعام الذي يلزمه دفعه إليه معدوم فكان كما لو عدم الطعام بمصر أما إذا غصبه طعاما بمصر فوجده بمكة كان له مطالبته وإن غلا ثمنه وقال الشافعي ليس له ذلك كالقرض وليس بجيد ولو أسلم إليه في طعام بمصر فطالبه بمكة لم يكن له ذلك وليس له المطالبة بقيمته لان المسلم إليه لا يجوز أخذ قيمته وقاله الشافعي وفيه ما تقدم. مسألة. لو باع عبدا بعبد وقبض أحدهما من صاحبه جاز له التصرف.
فيه لان انفساخ العقد بتلفه قد أمن فإن باعه فتلف العبد الذي في يده قبل التسليم بطل الأول لتلف المبيع قبل القبض ولم ينفسخ الثاني لأنه باعه قبل انفساخ العقد ويجب عليه قيمته لبايعه لتعذر رده عليه فهو كما لو تلف في يده فإن اشترى شقص دار بعبد وقبض الشقص ولم يسلم العبد فأخذه الشفيع بالشفعة ثم تلف العبد في يده انفسخ العقد ولم يؤخذ الشقص من يد الشفيع لأنه ملكه قبل انفساخ العقد فيجب على المشترى قيمة الشقص للبايع فيجب له على الشفيع قيمة العبد لان بذلك يأخذ الشقص ولو اشترى نخلا حايلا من رجل فأثمر في يد البايع فالثمرة أمانة في يده للمشترى فإنه حدثت في ملكه فإن هلكت الأصول في يده والثمرة انفسخ العقد وسقط الثمن ولا ضمان عليه في الثمرة لأنها أمانة إلا أن يكون أتلفها أو طالبه المشترى بالثمرة فمنعه فإنه يصير ضامنا لها وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة تدخل في العبد وإن هلكت الثمرة دون النخل فلا ضمان عليه ولا خيار للمشترى وإن هلكت الأصول دون الثمرة انفسخ العقد وكانت الثمرة للمشترى وسقط عنه الثمن ولو كسب العبد المبيع في يد البايع شيئا كان حكمه حكم الثمرة. مسألة. لو كان له في ذمة رجل مال وعنده وديعة له أو رهن فاشتراه منه بالدين جاز وللمودع والمرتهن أن يقبضه بغير إذن البايع لأنه قد استحق القبض وقبضه بمضي الزمان يمكن فيه القبض وبه قال الشافعي وهل يحتاج إلى نقله من مكانه أو يكفي مضى زمان النقل للشافعي وجهان أحدهما أنه يحتاج لأنه مما ينقل ويحول فلا يحصل قبضه إلا بالتحويل والثاني لا يحتاج وهو الأقوى عندي لان المراد من النقل حصوله في يده وهو حاصل في يده وإن باعه الوديعة بثمن ولم يقبض الثمن لم يكن للمودع نقل الوديعة إلا بإذن البايع وإذا نقلها بغير إذنه لم تصر مقبوضة قبضا يملك به التصرف. مسألة قد تقدم الخلاف في أن بيع المبيع قبل القبض هل يصح أم لا وكذا هبته ورهنه من غير البايع وأما رهنه من البايع فالأقرب عندي الصحة عملا بالأصل ولان الرهن غير مضمون على المرتهن وما لا يقتضى نقل الضمان فليس من شرط صحته قبضه وهو أحد قولي الشافعية وقال بعضهم لا يصح لأنه قد يفتقر إلى القبض فأشبه الهبة ويصح نكاح الأمة قبل قبضها لان نكاح المغصوبة يصح و الأقوى صحة إجارة العين قبل قبضها وللشافعية وجهان ويصح كتابة العبد قبل قبضه خلافا للشافعي لان الكتابة يفتقر إلى تخليته للتصرف وهو ممنوع حالة العقد و العتق قبل القبض يصح لان العتق لا يفتقر إلى القبض ويصح في المغصوب وقال بعض الشافعية لا يصح لأنه إزالة ملك. مسألة. فضول الموازين لا بأس به إذا جرت