بالأرش على بايعه بلا خلاف لحصول اليأس عن الرد لكن هل يرجع على بايعه قبل أن يغرم لمشتريه فيه وجهان مبنيان إن عللنا باستدراك الظلامة فلا يرجع ما لم يغرم وإن عللنا بالثاني يرجع ويجرى الوجهان فيما لو أبرأه الثاني (فله أن) يرجع هو على بايعه مسألة لو باعه المشترى على آخر ثم ظهر له العيب سقط الرد عندنا دون الأرش على ما تقدم وعند الشافعي لا يسقط إذا عاد إليه بالرد بالعيب على ما قلناه في المسألة السابقة وإن عاد إليه لا بالرد بالعيب كما لو عاد بإرث أو اتهاب أو قبول وصية أو إقالة فلا رد له عندنا أيضا وللشافعية وجهان من مأخذين أحدهما البناء على المعينين السابقين فإن عللنا بالأول لم يرد وبه قال ابن الحداد لان استدراك الظلامة قد حصل بالبيع ولم يبطل ذلك الاستدراك بخلاف ما لو رد عليه بالعيب (وإن عللنا بالثاني فرد بزوال العذر وحصول القدرة على الرد كما لو رد عليه بالعيب صح) والثاني من المأخذين أن الملك العايد هل ينزل منزلة غير الزايل قيل نعم لأنه عين ذلك المال وعلى تلك الصفة وقيل لا لأنه ملك جديد والرد نقض لذلك الملك ويتخرج على هذا فروع: - آ - لو أفلس بالثمن وقد زال ملكه عن المبيع وعاد هل للبايع الفسخ - ب - لو زال ملك المرأة عن الصداق وعاد ثم طلقها قبل المسيس هل يرجع في نصفه أو يبطل حقه من العين كما لو تعذر - ج - لو وهب من ولده وزال ملك الولد وعاد هل للأب الرجوع. مسألة. لو عاد إليه بطريق الشراء ثم ظهر عيب قديم كان في يد البايع الأول فإن عللنا بالمعنى الأول لم يرد على البايع الأول لحصول الاستدراك ويرد على الثاني وإن عللنا بالثاني فإن شاء رد على الثاني وإن شاء رد على الأول وإذا رد على الثاني فله أن يرد عليه وحينئذ يرد على الأول ويجئ وجه لهم إنه لا يرد على الأول بناء على أن الزائل العايد كالذي لم يعد ووجه إنه لا يرد هو على الثاني إنه لو رد عليه لرد هو ثانيا عليه وهذا كله ساقط عندنا لسقوط حق المشترى من الرد بتصرفه. مسألة.
إذا زال ملكه عن المبيع ثم عرف العيب وكان الزوال بغير عوض فلا رد له على ما اخترناه إذا عاد إليه مطلقا وقال الشافعي إذا زال ملكه لا بعوض نظر إن عاد لا بعوض أيضا فجواز الرد مبنى على أنه هل يأخذ الأرش لو لم يعد إن قلنا لا فله الرد لان ذلك لتوقع العود وإن قلنا يأخذ فينحصر الحق فيه أو يعود إلى الرد عند القدرة فيه وجهان وإن عاد بعوض كما لو اشتراه فإن قلنا لا رد في الحالة الأولى فكذا هنا ويرد على البايع الاخر وإن قلنا يرد فهنا يرد على الأول أو على الأخير أو يتخير ثلاثة أوجه خارجة مما سبق. مسألة لو باع زيد شيئا من عمرو ثم اشتراه زيد منه فظهر فيه عيب كان في يد زيد فإن كانا عالمين فلا رد وإن علم زيد خاصة فلا رد له لعلمه بالعيب ولا لعمرو أيضا لزوال ملكه و تصرفه فيه عندنا وبه قال الشافعي لزوال ملكه وهل يثبت لعمرو أرش الأقرب ذلك وهو أحد قولي الشافعي لوجود سببه وهو سبق العيب مع تعذر الرد والصحيح عنده إنه لا أرش له لاستدراك الظلامة أو لتوقع العود فإن تلفت في يد زيد أخذ الأرش عندنا لما تقدم وعنده على التعليل الثاني لا الأول وكذا الحكم لو باعه من غيره وإن كان عمرو عالما فلا رد له ولزيد الرد لأنه اشترى معيبا مع جهله بعيبه وعدم تصرفه ولو كانا جاهلين فلزيد الرد وبه قال الشافعي إن اشتراه بغير جنس ما باعه أو بأكثر منه ثم لعمرو أن يرد عليه عند الشافعي ونحن لا نقول به لأنه تصرف فيه وإن اشتراه بمثله فلا رد لزيد في أحد وجهي الشافعي لان عمروا يرده عليه فلا فائدة فيه وله ذلك. مسألة. لو اشترى المعيب جاهلا بعيبه ورهنه المشترى ثم عرفه بالعيب فلا رد له على قولنا من أن تصرفه يمنع الرد ويثبت له الأرش وقال الشافعي لا رد له في الحال وهل يأخذ أرشه إن عللنا باستدراك الظلامة فنعم وإن عللنا بتوقع العود فلا وعلى هذا لو تمكن من الرد رد عنده ولو حصل اليأس أخذ الأرش وإن كان المشترى قد آجره فلا رد له لتصرفه فيه وله الأرش وقال الشافعي إن لم يجوز بيع المستأجر فهو كالرهن وإن جوزناه فإن رضي البايع به مسلوب المنفعة مدة الإجارة رد عليه وإلا تعذر الرد وفي الأرش الوجهان ويجريان فيما لو تعذر الرد لغصب أو إباق ولو عرف العيب بعد إن زوج الجارية أو العبد ولم يرض البايع بالأخذ قطع بعض الشافعية بثبوت الأرش للمشترى هنا أما على الأول فظاهر وأما على الثاني فلان النكاح يراد للدوام واليأس حاصل وقال بعضهم بما تقدم ولو كاتب المشترى ثم عرف العيب قال بعض الشافعية إنه كالتزويج وقال بعضهم لا يأخذ الأرش على المعنيين بل يصبر لأنه قد استدرك الظلامة بالنجوم وقد يعود إليه بالعجز ورده والأظهر عندهم إنه كالرهن وإنه لا يحصل بالنجوم ولو وجد المشترى بالشقص عيبا بعد أخذ الشفيع فله الأرش وللشافعي وجهان. مسألة. الخيار إن كان موقنا امتد بامتداد ذلك الوقت كالمجلس والحيوان والشروط وقته وإن لم يكن موقتا كخيار العيب هل هو على الفور أم لا حتى لو علم بالعيب واهمل المطالبة لحظة هل يسقط الرد الأقرب إنه لا يسقط الخيار بل لو تطاول زمان سكوته بعد العلم بالعيب كان له بعد ذلك المطالبة بالأرش أو الرد لان الأصل بقاء ما ثبت وقال الشافعي إن الخيار على الفور ويبطل بالتأخير من غير عذر لأصالة لزوم البيع فإذا أمكنه الرد وقصر لزمه حكمه وأصالة اللزوم هنا ممنوعه لان التقدير ثبوت الخيار فروع: - آ - لو ركب الدابة ليردها سواء قصرت المسافة أو طالت لم يكن ذلك رضابه وبها قال الشافعي أيضا - ب - لو سقاها الماء أو ركبها ليسقيها ثم يردها لم يكن ذلك رضي منه بإمساكها - ج - لو حلبها في طريقه فالأقرب إنه تصرف يؤذن بالرضى بها وقال بعض الشافعية لا يكون رضا بإمساكها لان اللبن له وقد استوفاه في حال الرد. مسألة لصاحب الخيار في العيب وغيره مطلقا أن يختار الفسخ أو الامضاء مع الأرش أو بدونه وعلى كل حال سواء كان البايع له أو المشترى منه حاضرا أو غايبا ولا يشترط أيضا قضاء القاضي وبه قال الشافعي وأبو يوسف وزفر وأحمد بن حنبل لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضاء شخص فلم يفتقر إلى حضوره كالطلاق وقال أبو حنيفة إن كان قبل القبض فلا بد من حضور الخصم وإن كان بعده فلابد من حضور الخصم وإن كان بعده فلابد من رضاه أو قضاء القاضي وقد تقدم. مسألة. الخيار ليس على الفور في العيب وغيره على ما تقدم خلافا للشافعي فإنه اشترط الفورية والمبادرة بالعادة فلا يؤمر بالعدو أو الركض ليرد و إن كان مشغولا بصلاة أو أكل أو قضاء حاجة فله الخيار إلى أن يفرغ وكذا لو اطلع حين دخل وقت هذه الأمور فاشتغل بها فلا بأس إجماعا وكذا لو لبس ثوبا أو أغلق بابا ولو وقف على العيب ليلا فله التأخير إلى أن يصبح وإن لم يكن عذر قال بعض الشافعية إن كان البايع حاضرا رده عليه وإن كان غايبا تلفظ بالرد وأشهد عليه شاهدين وإن عجز حضر عند القاضي واعلمه الرد ولو رفع إلى القاضي والمردود عليه حاضر قال بعض الشافعية هو مقصر يسقط خياره به وهو الظاهر من مذهبهم وقال بعضهم لا يقصر لان الشفيع لو ترك المشترى وابتدر إلى القاضي واستعدى عليه فهو فوق مطالبة المشترى لأنه ربما يخرجه إلى المرافعة وكذا الوجهان لو تمكن من الاشهاد وتركه ورفع إلى القاضي وإن كان البايع غايبا عن البلد رفع الامر إلى مجلس الحاكم فيدعى شراء ذلك الشئ من فلان الغايب بثمن معلوم وإنه أقبضه الثمن ثم ظهر العيب وإنه فسخ البيع ويقيم البينة على ذلك ويحلفه القاضي مع البينة للغيبة ثم يأخذ المبيع منه ويضعه على يد عدل ويبقى الثمن دينا على الغايب يقضيه القاضي من ماله فإن لم يجد سوى المبيع باعه فيه و (يضعه صح) إلى أن ينتهى إلى الخصم أو القاضي في الحالين لو تمكن من الاشهاد على الفسخ هل يلزمه للشافعية وجهان ويجرى الخلاف فيما لو اخر لعذر مرض أو لغيره ولو عجز في الحال عن الاشهاد فهل عليه التلفظ بالفسخ وجهان للشافعية ولو لقى البايع فسلم عليه لم يضر ولو اشتغل بمحادثته بطل حقه ولو اخر الرد مع العلم بالعيب ثم قال أخرت لانى لم أعلم أن لي حق الرد قال الشافعي يعذر إن كان قريب العهد بالاسلام أو نشأ في قرية لا يعرفون الاحكام وإلا فلا ولو قال لم أعلم أن الخيار والرد يبطل بالتأخير قبل قوله لأنه مما يخفى على العامة وإذا بطل حق الرد بالتقصير يبطل حق الأرش عند الشافعية أيضا وليس بجيد على ما عرفت ولمن لا يرد أن يمسك المبيع ويطلب الأرش على ما اخترناه وبه قال احمد خلافا للشافعي وليس للبايع أن يمنعه من الرد