اشتراها بمثل وزنها وجنسها ثم اطلع على عيب قديم كان له الرد دون الأرش لاشتماله على الربا فإنه لو أخذ الأرش لنقص الثمن عن وزن الآنية فيصير الثمن المساوى وبوزنها يقابله ما دونها وذلك عين الربا فإن حدث عند المشترى عيب آخر لم يكن له الأرش لما تقدم ولا الرد مجانا إذ لا يجبر البايع على الضرر ولا الرد مع الأرش لاشتماله على الربا لان المردود حينئذ يزيد على وزن الآنية ولا يجب على المشترى الصبر على المعيب مجانا فطريق التخلص فسخ البيع لتعذر وإلزام (المشترى صح) وإمضاءه بقيمته من غير الجنس معيبا بالقديم سليما عن الجديد ويجعل بمثابة التالف ويحتمل الفسخ مع رضاء البايع ويرد المشترى العين وأرشها ولا ربا فإن الحلى في مقابلة الثمن والأرش في مقابلة العيب المضمون كالمأخوذ بالسوم وللشافعية ثلاثة أوجه اثنان منها هذان الاحتمالان إلا أنهم لم يشترطوا في الاحتمال الثاني رضي البايع بالرد والثالث أن يرجع المشترى بأرش العيب القديم كما في غير هذه الصورة والمماثلة في مال الربا إنما يشترط في ابتداء العقد وقد حصلت والأرش حق ثبت بعد ذلك لا يقدح في العقد السابق وهذا الوجه عندي لا بأس به والوجهان الأولان أيضا على أنه لا يرجع بأرش العيب القديم وانه يفسخ العقد واختلفا في أنه يرد الحلى مع أرش النقص أو يمسكه أو ترد قيمته وقياس صاحب القول الثالث تجويز الرد مع الأرش أيضا كما في ساير الأموال وإذا أخذ الأرش قيل يجب أن يكون من غير جنس العوض لئلا يلزم ربا الفضل والأقرب إنه يجوز أن يكون من جنسها لان الجنس لو امتنع أخذه لامتنع أخذ غيره الجنس لأنه يكون بيع مال الربا بجنسه مع شئ اخر ولو تلفت الآنية ثم عرف المشترى العيب القديم قال الشافعية يفسخ العقد ويسترد الثمن ويغرم قيمة التالف وتلف المبيع لا يمنع جواز الفسخ لان الشافعي جوز الإقالة بعد الفسخ وكذا إذا اختلف المتبايعان بعد تلف المبيع تحالفا وتراد أو يحالف إذا كان المبيع من غير جنس الثمن الذي فيه الربا لأنه يمكنه أخذ الأرش فلا يجوز له فسخ العقد مع حدوث النقص والتلف عنده وهنا لا يمكن ذلك فلم يمكن إسقاط حقه بغير عوض ولا يمكن أخذ الأرش هنا للربا ولهم وجه آخر انه يجوز أخذ الأرش وحينئذ هل يشترط كونه من غير الجنس وجهان تقدما وهذه المسألة لا تختص بالحلى والنقدين بل تجرى في كل ربوي بيع بجنسه. مسألة. قد بينا إن تصرف المشترى يمنع من الرد قبل علمه بالعيب وبعده وقال الشافعي لا يمنع فلو اشترى دابة و أنعلها ثم وقف على العيب القديم فلا رد عندنا بل له الأرش وقال الشافعي إن كان نزع النعل لا يؤثر فيها عيبا نزعه وردها وإن لم ينزع لم يجب على البايع القبول وإن كان النزع يحرم نقب المسامير ويتعب الحافر به فينزع بطل حقه من الرد والأرش عنده وكان تعيينه بالاختيار قطعا للاختبار وفيه احتمال عند بعضهم ولو ردها مع النعل أجبر البايع على القبول عنده وليس للمشترى طلب قيمة النعل فإنه حقير في معرض رد الدابة ثم ترك النعل من المشترى تمليك حتى يكون للبايع أو إسقاط أو إعراض حتى يكون للمشتري فبه لهم وجهان أشبههما الثاني وكل هذا ساقط عندنا مسألة لو صبغ المشتري الثوب بما تزيد قيمته ثم عرف عيبه السابق فلا رد عندنا خلافا للشافعي فإن رضي بالرد غير طلب شئ قال الشافعي يجب على البايع قبوله ويكون الصبغ ملكه لأنه صفة للثوب لا يزايله بخلاف النعل وقال الجويني ولم يذهب أحد إلى أنه يرد الثوب ويبقى شريكا في الصبغ كما في المغصوب فإنه يكون شريكا والاحتمال يتطرق إليه وإن أراد الرد أخذ قيمة الصبغ ففي وجوب الإجابة على البايع للشافعية وجهان أظهرهما العدم لكن يأخذ المشترى الأرش ولو طلب المشترى أرش العيب وقال البايع رد الثوب لأغرم لك قيمة الصبغ فوجهان لهم القبول ان المجاب البايع ولا أرش للمشترى ولما حكى الجويني الخلاف في الطرفين ذكر ان الصبغ الزايد جرى مجرى أرش العيب الحادث في طرف المطالبة ويريد به إنه إذا قال البايع رد مع الأرش وقال المشترى أمسك واخذ الأرش لقى من يجاب وجهان وكذا إذا قال المشترى أرده مع الأرش وقال البايع بل أغرم الأرش ووجه المشابهة بين الصبغ الزايد وأرش العيب الحادث ان إدخال الصبغ في ملك البايع مع أنه دخل في العقد كإدخال الأرش الدخيل ثم المجاب منهما في وجه من يدعوا إلى فضل الآمر بالأرش (القديم صح) أما لو قصر الثوب ثم ظهر على العيب بعد القصارة فلا رد عندنا بل له الأرش وعند الشافعي يبنى على أن القضاء عين أو أثر إن قلنا بالأول فهي كالصبغ وإن قلنا بالثاني رد الثوب مجانا كالزيادات المتصلة. مسألة. إذا اشترى ما المقصود منه مستور بقشرة كالبطيخ والنارنج والرمان (والجوز صح) واللوز والبندق والبيض فكسره ثم وجده فاسدا نظر إن لم يكن لمكسوره قيمة كالبيض الفاسد والبطيخ الأسود رجع بجميع الثمن لأن العقد ورد على ما لا منفعة فيه فلم يكن صحيحا وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم بفساد البيع لا لهذه العلة بل إن الرد يثبت على سبيل استدراك الظلامة وكما يرجع بجزء من الثمن عند إنتقاص جزء من المبيع ويرجع بكله عند فوات كل المبيع وتظهر فايدة الخلاف في أن القشور الباقية بمن تختص حتى يكون عليه تطهير الموضع عنها وإن كان لفاسده قيمة كالبطيخ الحامض أو المدود بعض الأطراف فله الأرش ولا رد لتصرفه وللشافعية تفصيل قالوا إن للكسر حالية إحديهما أن لا يوقف على ذلك الفاسد إلا بمثله فقولان أحدهما لا رد كما قلنا وبه قال أبو حنيفة والمزني كما لو عرف بعيب الثوب بعد قطعه وعلى هذا هو كساير العيوب الحادثة فيرجع المشترى بأرش القديم والثاني له الرد وبه قال مالك واحمد في رواية لأنه نقص لا يعرف العيب إلا به فلم يمنع الرد كالمصراة فإن أثبتنا له الرد فهل يغرم أرش الكسر قولان أحدهما نعم كالمصراة والثاني لا لأنه لا يعرف العيب إلا به فهو معذور فيه والبايع بالبيع فإنه سلطه عليه وإن قلنا بالأول غرم ما بين قيمته صحيحا فاسد اللب ومكسورا فاسد اللب ولا ينظر إلى الثمن الحالة الثانية أن يمكن الوقوف على ذلك الفاسد بأقل من ذلك الكسر فلا رد كما في ساير العيوب إذا عرفت هذا فكسر الجوز ونحوه ونقب النارنج من صور الحالة (الأولى وكسر النارنج صور الحالة صح) الثانية وكذا البطيخ الحامض إذا أمكن معرفة حموضة يغرر بشئ فيه وكذا التقوير الكبير إذا أمكن معرفتها بالتقوير الصغير والتدويد لا يعرف إلا بالتقوير وقد يحتاج إلى الشق ليعرف و ليست الحموضة عيبا في الرمان بخلاف البطيخ ولو شرط حلاوة الرمان فظهرت حموضة بالعزز كان له الرد وإن كان بالكسر أو الشق فالأقرب لا غير. مسألة. إذا باع الثوب المطوى صح البيع إذا علم باطنه لظاهره ولو كان مطويا على طاقين فكذلك لأنه يرى جميع الثوب من جانبيه إن تساوى الوجهان المطويان وإلا فلا فلو اشترى ثوبا مطويا أو ثوبا ينتقص بالنشر فنشره ووقف على عيب لا يوقف عليه إلا بالنشر فلا رد لانتقاصه بالنشر بل له الأرش وللشافعي قولان تقدما في البطيخ وشبهه. مسألة الفسخ يرفع العقد من حين وقوعه لا من أصله لأن العقد لا ينعطف حكمه على ما مضى فكذا الفسخ وهو أصح قولي الشافعية وفي الثاني إذا اتفق الفسخ قبل القبض يرد العقد من أصله لضعف العقد فإذا فسخ فكأنه لا عقد وليس بشئ ولهم وجه آخر إنه يرفع العقد من أصله مطلقا إذا عرفت هذا فعندنا أن الاستخدام بل كل تصرف يصدر من المشترى قبل علمه بالعيب أو بعده يمنع الرد إلا في وطى الجارية الحامل وحلب المصراة خاصة وقال الشافعي الاستخدام لا يمنع من الرد بالعيب وكذا وطى الثيب فإذا ردها لم يضم إليها مهرا عنده وبه قال مالك واحمد في رواية لأنه معنى لا يوجب نقصا ولا يشعر رضا فأشبه الاستخدام والأصل ممنوع وقال أبو حنيفة إنه يمنع الرد كقولنا ولو وطيها البايع بشبهة فكوطئ المشترى لا يمنع الرد ووطئها عن رضا منها زنا وهو عيب حادث هذا إذا وطئت بعد القبض ولو وطئها المشترى قبل القبض فلا رد عندنا وقال الشافعي له الرد ولا يصير قابضا لها ولا مهر عليه إن سلمت وقبضها وإن تلفت قبل القبض فلا مهر عليه لأنه وطى صادف ملكا وللشافعية وجهان أحدهما هذان والثاني إن عليه المهر للبايع وهما مبنيان على أن العقد إذا انفسخ بتلف قبل القبض الفسخ من أصله أو من حينه وأصحهما عندهم الثاني وإن وطئها أجنبي وهي زانية فهو عيب
(٥٣١)