بخل العنب متساويا وبه قال الشافعي لان تلك حال ادخاره فصار كبيع الزبيب بالزبيب وكذا يجوز بيع خل العنب بعصيره متساويا عندنا وعنده لأنه لا ينقص إذا صار خلا فهما متساويان في حال الادخار ويجوز بيع خل العنب بخل التمر عندنا وعنده لأنهما جنسان ويجوز بيع خل العنب بخل الزبيب عندنا خلافا له لاتحاد أصلهما احتج بأن في خل الزبيب ماء وهو غير مانع لأنه إن أفاد اختلاف الحقيقة جاز متفاضلا وإلا متساويا ويجوز بيع خل الزبيب عندنا لاتحاد جنسهما وقال الشافعي لا يجوز لان في كل واحد منهما ماء فإن قلنا في الماء ربا لم يجز لمعنيين جواز تفاضل الزبيب والعنب وجواز تفاضل الماء وليس بشئ وكذا يجوز بيع خل التمر بخل التمر عندنا خلافا له لاشتمالهما على الماء عنده أما خل التمر بخل الزبيب فإنه يجوز عندنا متساويا ومتفاضلا عنه وجهان إن قلنا في الماء ربا لم يجز وإن قلنا لا ربا فيه جاز لاختلاف جنسي الزبيب والتمر وأما بيع الدبس بالدبس فيجوز عندنا متساويا مع اتفاق أصله كدبس التمر بدبس التمر ومع الاختلاف يجوز التفاضل كدبس التمر بدبس العنب ومنع الشافعي من جوازه وإن تساويا قدرا أو جنسا لاشتماله على الماء وقد دخلته النار ويجوز عندنا بيع الدبس بالتمر مع إتحاد الأصل متساويا نقدا ولا يجوز نسية وقال الشافعي لا يجوز مطلقا. مسألة. يجوز بيع الجوز بالجوز واللوز باللوز وإن كان عليهما قشر لان صلاحه فيه والجوز موزون لأنه أكبر من التمر وربما تجافى في المكيال وأما اللوز فإنه مكيل وهذا مذهب الشافعي وحكى القاضي بن كح عن نص الشافعي لا يجوز بيع الجوز بالجوز واللوز باللوز في القشر ويجوز عندنا بيع لب الجوز بلب الجوز ولب اللوز بلب اللوز وبه قال الشافعي عملا بالأصل وعند الشافعية وجه آخر إنه لا يجوز بيع اللب باللب لخروجه عن حال الادخار ويجوز بيع البيض بالبيض وإن كان أحدهما أكبر أو أزيد من الاخر وللشافعي قولان أحدهما المنع كما في الجوز بالجوز والثاني هو المشهور الجواز مع التساوي والعيار فيه الوزن عنده وليس بشئ. مسألة. الادهان أربعة - آ - ما يعد للاكل كالزيت والشيرج ودهن الجوز واللوز ودهن الصنوبر وما أشبه ذلك فهذا يجرى فيه الربا بشرط التساوي جنسا وإنما يتساوى الجنس باعتبار إتحاد الأصول على ما تقدم فيجوز بيع الشيرج بالشيرج متساويا نقدا ولا يجوز نسية وهو ظاهر مذهب الشافعية وحكى عن أبي إسحاق إنه قال الشيرج لا يباع بعضه ببعض لأنه يطرح في طبخة الماء والملح وليس بصحيح لأن الماء لا يختلط به ويتميز مع كسبه وكذا الملح وإن أثر طعمه فيه دون جسمه على أن هذا المزج لا يغير الحقيقة عن التساوي ويجوز بيع جنس بجنس آخر متساويا ومتفاضلا نقدا ويكره نسية كدهن الشيرج بدهن اللوز وبه قال الشافعي - ب - ما يعد للتطيب كدهن الورد والبنفسج والبان وعندنا فيه الربا لأنه موزون سواء اختلف ما يضاف إليه أو لا وللشافعي قولان أحدهما إنه لا ربا فيه لأنه لا يعد للاكل والثاني فيه الربا لان أصله السمسم وإنما يعد لأعظم منفعته لأنه ليس بمأكول وحينئذ فكله واحد لان أصله واحد وإنما اختلفت الرايحة وقال أبو حنيفة يجوز بيع المتطيب (متفاضلان وإن كان أصله واحدا إذا اختلف طيبه لاختلاف المقصد فصار كالجنسين وقالوا أيضا يجوز بيع المتطيب صح) بغير المتطيب متفاضلا والكل باطل لأنها فروع أصل واحد فيه الربا فلا يجوز التفاضل فيها - ج - ما يعد للتداوي كدهن الخوخ واللوز المروجة الخضراء وما أشبه ذلك فإنه يجرى فيه الربا لأنه مكيل أو موزون وعلل الشافعي بأنه يؤكل للتداوي - د - من ما يعد للاستصباح كالبزر ودهن السمك ويجرى فيهما الربا لأنه مكيل أو موزون ولا فيباع كل واحد منهما بجنسه متساويا نقدا لا نسية وبصاحبه متفاضلا نقدا ونسية وللشافعية وجهان أحدهما جريان الربا فيه لأنه يؤكل وأصله حب الكتان وهو مأكول يطرح في الملح والثاني لا يجرى لأنه لا يؤكل في عادة الناس ولهذا لا يستطاب وأكله سفه. مسألة. يجوز بيع المطبوخ بالنئ من جنسه ومن غير جنسه و كذا المطبوخ بالمطبوخ لكن يعتبر في المتحد جنسه تساوى القدر والحلول دون غيره عند علمائنا عملا بالأصل وقال الشافعي لا يجوز بيع المطبوخ بالنئ مع اتحاد الجنس مطلقا تعقد اجزاؤه فتخلف فيؤدى ذلك إلى التفاضل بينهما لو كانا على حالة الادخار وينتقض بالتمر فإن الشمس تجففه ويختلف جفافها فيه ولان ذلك غير معتد به لعدم العلم إجفافه أزيد إذا ثبت هذا فإن عصير العنب جنس يباع بعضه ببعض متساويا وبه قال الشافعي لان حالته حالة كمال ولا ينقص إذا بلغ إلى حالة كماله بالحموضة وكذا عصير الرمان والسفرجل والتفاح وقصب السكر ويجوز بيع بعض هذه الأجناس بجنس آخر منها متفاضلا لتعددها جنسا وكذا إن طبخت بالنار أو بعضها عندنا مطلقا وعند الشافعي مع اختلاف الجنس لا اتفاقه فلا يجوز عنده بيع المطبوخ بالمطبوخ ولا بغيره إذا اتفق الجنس. مسألة. جيد كل شئ ورديه جنس لا يباع أحدهما بالآخر متفاضلا لا نقدا ولا نسية ويجوز متساويا نقدا لا نسية عند علمائنا فلا يجوز بيع درهم صحيح بدرهم كسر مع زيادة تقابل الصحة وبه قال الشافعي خلافا لمالك وقد تقدم. مسألة. يجوز بيع الجنسين المختلفين بأحدهما إذا زاد على ما في المجموع من جنسه بحيث يكون الزيادة في مقابلة المخالف وذلك كمد عجوة ودرهم بمدى عجوة أو بدرهمين أو بمدى عجوة ودرهمين عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة حتى لو باع دينارا في خريطة بمأة دينار جاز لنا الأصل السالم عن معاوضة الربا لان الربا هو بيع المثلين بأزيد منه من الآخر والمبيع هنا المجموع وهو مخالف لافراده وما رواه أبو بصير قال سألته عن السيف المفضض يباع بالدراهم قال إذا كانت فضة أقل من النقد فلا بأس وإن كان أكثر فلا يصلح وسأله عبد الرحمن بن الحجاج عن شراء ألف درهم دينار بألفي درهم قال لا بأس بذلك ولان أصل العقود الصحة مهما أمكن جمله عليها لم تحمل على الفساد كشراء اللحم من القصاب فإنه سائغ حملا على التذكية ولا يحمل على الميتة وإن كان الأصل لان أصالة الصحة أغلب وكذا لو اشترى إنسان شيئا بمال معه حمل على أنه له ليصح البيع وهنا يمكن حمل العقد على الصحة بأن يجعل الخريطة في مقابلة ما زاد على الدينار فيصح العقد وفي مسألة مد عجوة يصرف المد الآخر من التمر في مقابلة الدرهم (أو صرف الدرهم صح) إلى الدرهم والدرهم الاخر في مقابلة المد أو صرف مد عجوة إلى الدرهمين والدرهمين والدرهم إلى المدين وقال الشافعي لا يجوز ذلك كله وبه قال احمد لان فضالة بن عبيد قال شريت يوم خيبر قلادة فيها ذهب وخرز فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله فقال لا يباع مثل هذا حتى يفصل ولان العقد إذا جمع عوضين وجب أن ينقسم أحدهما على الآخر على قدر قيمة الآخر في نفسه فإن كان مختلف القيمة اختلف ما يأخذ من العوض كما لو باع ثوبين بدراهم فإذا احتيج إلى معرفة ثمن كل منهما قوم الثوبين وقسم على قدر القيمتين فلو كان قيمة أحدهما ستة والآخر ثلاثة وبيعا بعشرة بسطت عليهما أثلاثا وبهذا الطريق يعرف قيمة شقص الشفعة المنضم إلى غيره وكذا لو تلف أحد العبدين المبيعين صفقة في يد البايع قبل القبض فكذا هنا إذا باع مدا ودرهما بمدين فينظر إلى ما يساوى الدرهم فيكون مدا ونصفا فيخص الدرهم ثلاثة أخماس المدين والجواب جاز أن يكون في القلادة من الذهب ما يزيد فتجب معرفة القدر فلهذا أوجب الفصل وقسط الثمن لا يقتضى شراء كل جزء بما قسط عليه من الثمن فروع: - آ - لو باع نوعين من جنس واحد مختلفي القيمة بنوع واحد كدينار معرى ودينارا بريزي بدينارين بريزية جاز مع التساوي قدرا ولا اعتبار بالقيمة عندنا وكذا لو باع درهما صحيحا بدرهم مكسور أو درهما صحيحا ودرهما مكسور بصحيحين أو مكسورين سواء قلت قيمة المكسور عن قيمة الصحيح أولا وكذا درهم وثوب بدرهمين وبه قال احمد في الجنس الواحد كبيع دينارين مختلفين بدينارين متفقين وكبيع مكسور وصحيح بمكسورة أو صحيحين وجوزه أبو حنيفة مطلقا ومنعه الشافعي مطلقا وقد تقدم والأصل إن الصنعة لا قيمة لها في الجنس ولهذا لا يجوز بيع المصنوع بأكثر متفاضلا - ب - لو تلف الدرهم
(٤٨١)