بالبيع وبالجملة فالبحث والخلاف هنا كما في حمل الجارية والدابة ولو باعه شاة بشرط أنها لبون فقد سبق جوازه وللشافعية طريقان أحدهما أن الخلاف فيه كالخلاف في المبيع بشرط الحمل والثاني القطع بصحة البيع والفرق إن شرط الحمل يقتضى وجوده عند العقد وليس معلوما وشرط كونها لبونا لا يقتضى وجود اللبن حينئذ وإنما يجوز اشتراط صفة فيها فكان بمثابة شرط معرفة صنعة في العبد حتى لو شرط كون اللبن في الضرع كان بمثابة شرط الحمل وقال أبو حنيفة لا يصح هذا الشرط وكذا قال في شرط الحمل وقد سبق - ز - لو باع شاة لبونا واستثنى لبنها صح عندنا لوجود المقتضى وهو ورود البيع على محل معلوم وللشافعية وجهان أصحهما عندهم عدم الصحة كما لو استثنى الحمل في بيع الجارية مسألة. هنا شروط وافقنا الشافعي على صحتها في البيع مثل أن يبيع بشرط البراءة من العيوب وبيع الثمرة بشرط القطع وسيأتى البحث عنهما وكذا لو شرط ما يقتضيه العقد وقد سلف وهنا شروط أخرى له فيها خلاف - آ - لو باع مكيلا أو موزونا أو مذروعا بشرط أن يكال بمكيال معين أو يوزن بميزان معين أو يذرع بذراع معين وإن كانت البيع حالا يؤمن معه بقاء المكيال والميزان والذراع صح البيع لكن يلغوا الشرط لأنه إن كان معروفا رجع إلى المتعارف منه وإلا كان البيع باطلا للجهالة وذلك كما لو قال بعتك عشر طاسات طعام بهذه الطاسة وهي غير معلومة النسبة إلى المكيال المعتاد أو بعتك ملء هذا الجوالق أو ملء هذه الآنية وإن كان البيع مؤجلا لم يصح الشرط إن كان معلوم النسبة وصح البيع وإلا فلا ولا فرق في اشتراط ذلك في المبيع أو الثمن - ب - لو عينا في البيع رجلا يتولى الكيل أو الوزن احتمل اللزوم إخلادا إلى ثقته ومعرفته ونصحه والعدم لقيام غيره مقامه وللشافعي وجهان والأقوى عندي اللزوم مع الحول أما مع الاجل فيحتمل البطلان قويا لامكان عدمه - ج - لو باع دارا وشرط سكناها أو دابة واستثنى ظهرها فإن لم يعين مدة بطل العقد للجهالة وثبوت الغرر وإن عين مدة صح عندنا عملا بمقتضى الشرط السالم عن معارضة الكتاب والسنة وبه قال احمد و للشافعي قولان - د - لو باعه دارا بشرط أن يقفها عليه وعلى عقبه ونسله فالأولى الصحة كما لو شرط وقفها على الغير وكذا لو باعه دارا بشرط أن يقف عليه دكانه أو على غيره وكذا يصح لو شرط اعماره إياه لأنه شرط مرغب فيه يصح الابتداء به فصح جعله شرطا في عقد قابل للشروط فعلى هذا لو اطلق الأعمار احتمل البطلان لأنه كما ينصرف إلى عمر البايع ينصرف إلى عمر المشترى ولا أولوية ولو شرط الاسكان صح وإن كان مطلقا وله اخراجه متى شاء للوفاء بمطلق الشرط وفرق بين أن يشرط له سكناها من غير تعيين مدة وبين أن يشرط الاسكان لان الثاني شرطه التقريب (إلى الله تعالى بخلاف الأول صح) - ه - لو باعه بشرط أن لا يسلم المبيع حتى يستوفى الثمن فالأقوى الصحة لأنه كشرطه الرهن وقال الشافعي إن كان الثمن مؤجلا بطل العقد وإن كان حالا يبنى على أن البداية في التسليم ثمن فإن جعل ذلك من قضايا العقد لم يضر ذكره وإلا فسد العقد - و - لو قال لغيره بع عبدك من زيد بألف على إن على خمسمائة فباعه على هذا الشرط صح البيع عندنا لأنه شرط سائغ لا يوجب جهالة في المبيع ولا في الثمن فكان لازما ولابن شريح من الشافعية قولان أظهرهما إنه لا يصح البيع لان الثمن يجب جميعه على المشترى وههنا جعل بعضه على غيره والثاني نعم ويجب على زيد ألف وعلى الآمر خمسمأة كما لو قال ألق متاعك على أن على كذا والوجه أن يقول إن قصد الامر الضمان من الثمن كان ضمانا متبرعا به صحيحا وإن قصد الجعالة لزمه مع الفعل وعلى المشترى ألف كاملة وكذا لو قال بعه منه بألف على أن الألف على صح وكان الثمن لازما له بمجرد الضمان المتبرع به ولا يرجع على المشترى ولا يجب على المشترى للبايع شئ - ز - لو قال بعتك هذه الصبرة كل صاع بدرهم على أن أزيدك صاعا وقصد هبة صاع أو بيعه من موضع آخر بطل عندنا للجهل بالصبرة فلو علما بها صح البيع عندنا والشافعي لما جوز بيع الصبرة منع البيع هنا على تقدير إرادة الهبة أو بيعه القفيز من موضع آخر لأنه شرط عقد في عقد وإن أراد أنها إن خرجت عشرة أصيع أخذت تسعة دراهم فإن كانت الصيعان مجهولة لم يصح عنده أيضا لأنه لا يدرى حصة كل صاع وإن كانت معلومة صح وإن كانت عشرة فقد باع كل صاع وتسعا بدرهم ولو قال بعتك هذه الصبرة كل صاع بدرهم على أن أنقصك صاعا فإن أراد رد صاع إليه فهو فاسد عند الشافعي لأنه شرط عقدا في عقد وإن أراد أنها إن أخرجت تسعة أصيع أخذت عشرة دراهم فإن كانت الصيعان مجهولة لم يصح عندنا وعنده وإن كانت معلومة صح عنده فإذ كانت تسعة أصيع فيكون كل صاع بدرهم وتسع وبعض الشافعية منع من الصحة مع العلم أيضا لان العبارة لا تبنى على الحمل المذكور - ح - لو قال بعتك هذه الدار أو هذه الأرض بكذا صح البيع مع المشاهدة وإن جهل قدرهما وكذا لو قال بعتك نصفها أو ربعها أو غيرهما من الأجزاء المشاعة ولو قال بعتك هذه الأرض كل ذراع بدرهم فإن علما قدر الذراعان صح البيع وإلا بطل وقال أبو حنيفة يبطل مطلقا ولا في ذراع واحد بخلاف الصبرة فإنه يجوز فيها إطلاق القفيز والأرض لا يجوز فيها إطلاق الذراع وقال الشافعي يصح مع المشاهدة ولو قال بعتك من هذه الأرض عشرة أذرع لم يصح لاختلاف أجزائها والجملة غير معلومة فلا يمكن أن يكون معينة ولا مشاعة - ط - لو باعه شيئا وشرط فيه قدرا معينا فأقسامه أربعة لأنه إما (أن يكون صح) مختلف الأجزاء أو متفقها وعلى التقديرين فإما أن ينقص المقدار على الشرط أو يزيد الأول أن يبيع مختلف الأجزاء كالأرض والثوب وينقص كان يبيع أرضا معينة على أنها عشرة أذرع أو ثوبا بكذا فنقص ذراعا قال علماؤنا يتخير (المشترى صح) بين الفسخ والامضاء وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين أما الصحة فلصدور العقد من أهله في محله جامعا للشروط فكان صحيحا وللعموم السالم عن معارضة ما يقتضى البطلان ونقص الجزء كنقص الصفة وأما الخيار فللنقص وهو عيب والقول الآخر للشافعي البطلان لان قضية قوله بعتك هذه الأرض اختصاص البيع بهذه (الأرض صح) وعدم تناول لغيرها وقضية الشرط أن يدخل الزيادة في البيع فوقع التضاد لكن الاظهر عندهم الأول كما اخترناه إذا تقرر هذا فنقول إذا اختار المشترى البيع فهل يجز بجميع الثمن أو بالقسط لعلمائنا قولان أحدهما بجميع الثمن وهو أظهر قولي الشافعي لان المتناول بالإشارة تلك القطعة لا غير وإن كان الاظهر عنده في الصبرة الإجازة بالقسط لان صبرة الطعام إذا كانت ناقصة عن الشرط وأجزاؤها متساوية يكون ما فقده مثل ما وجده وفي الثوب أو القطعة من الأرض لم يكن ما فقده مثل ما وجده لأنه في الصبرة لا يؤدى تقسيط ذلك إلى جهالة الثمن في التفصيل وإن كان في الجملة مجهولا وأما الثوب أو القطعة فإنه إذا قسم الثمن على قيمة ذرعانه وجعل الفايت مثل واحد منها أدى إلى أن يكون الثمن حالة العقد مجهولا في الجملة والتفصيل لا يقال أكيس إذا وجد عيب وقد حدث عنده عيب أخذ أرشه فصار الثمن مجهولا في الجملة والتفصيل لأنا نقول ذلك لا يؤثر في العقد لأنه وقع في الابتداء على الجملة وصح بها ولهذا لا يسقط منه شئ مع إمكان الرد وهنا يكون واقعا في الابتداء على ما ذكرنا لا يقال لم لا قسمتموه على عدد الذرعان لأنا نقول ذرعان الثوب مختلف ولهذا لو باع ذراعا منه ولم يعين (موضعه صح) لم يجز والثاني إنه يتخير بين الفسخ والامضاء بحصة من الثمن ولا يقسط بالنسية إلى الأجزاء لاختلافها بل بالنسبة من القيمة حال كمالها ونقصها وللشيخ قول إنه إذا كان للبايع أرض بجنب تلك الأرض وجب عليه أن يوفيه منها وليس بعيدا من الصواب لأنه أقرب إلى المثل من الأرش إذا تقرر هذا فنقول لا يسقط خيار المشترى بأن يحط البايع من الثمن قدر النقصان الثاني أن يبيعه مختلف الأجزاء كالأرض والثوب فيزيد على المشترى مثل أن يبيعه على أنها عشرة أذرع فتخرج أحد عشرة فالخيار هنا للبايع بين الفسخ والامضاء للجميع بكل الثمن ولا يمكن أن يجعل ذراع منه للبايع لان ذلك مختلف ولأنه يؤدى إلى الاشتراك ولم يرضيا بذلك ويحتمل ثبوت الزيادة للبايع فيتخير المشترى حينئذ للتعيب بالشركة فإن دفع البايع الجميع سقط خياره ويحتمل عدم سقوطه والأول أقوى لان زيادة العين هنا كزيادة الصفة إذ العقد يتناول القطعة المعينة فزيادة الذراع زيادة وصف يجب على
(٤٩٤)