يجزى عنه طعام مسكين لكل يوم وقال المفيد (ره) والسيد المرتضى وأكثر علمائنا لا تجب الكفارة مع العجز وبه قال مالك وأبو ثور وربيعة ومكحول وللشافعي قولان كالمذهبين لأنه ترك الصوم لعجزه فلا يجب به الاطعام كما لو ترك لمرضه والفرق ظاهر أما لو لم يتمكن من الصوم البتة فإنه يسقط عنه ولا كفارة ولو عجز عن الكفارة سقطت أيضا إذا عرفت هذا فقد اختلف قول الشيخ (ره) في قدر الكفارة فقال تارة مدان فان عجز فمد لرواية محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمدين من طعام وتارة قال مد وهو أقوى عملا بالأصل وبما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال سمعته يقول الشيخ الكبير والذي به العطاش لاحرج عليهما أن يفطرا في شهر رضمان ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام ولا قضاء عليهما مسألة ذو العطاش الذي لا يرجى بروئه يفطر ويتصدق عن كل يوم بمد من طعام كما تقدم وهو أحد قولي الشيخ رحمه الله والثاني انه يتصدق بمدين فإن عجز فبمد للضرر المبيح للافطار كما أبيح للمريض ولما رواه المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام قال قلت له إن لنا شبانا (فتيانا) وبنات لا يقدرون على الصيام من شدة ما يصيبهم من العطش قال فليشربوا مقدار ما تروى به نفوسهم وما يحذرون وأما الصدقة فلعجزه عن (الصيام ولقول صح) الصادق عليه السلام فيمن ترك الصيام قال إن كان من مرض فإذا براء فليصمه وإن كان من كبر أو لعطش فبدل كل يوم مد إما سقوط القضاء فلانه أفطر لعجزه عن الصيام والتقدير دوامه فيدوم المسبب ولتفضيل الصادق عليه السلام والتفصيل قاطع للشركة وأما العطاش الذي يرجى برؤه فإنه يفطر إجماعا لعجزه عن الصيام وعليه القضاء مع البرء ولأنه مرض وقد زال فيقضى كغيره من الأمراض وهل تجب الكفارة قال الشيخ (ره) نعم كما يجب في العطاش الذي لا يرجى زواله ومنع المفيد والسيد المرتضى إذا ثبت هذا فلا ينبغي لهؤلاء ان يتملوا من الطعام ولا من الشراب ولا تقربوا النساء في النهار مسألة الحامل المقرب والمرضعة القليلة اللبن إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا وعليهما القضاء بلا خلاف بين علماء الاسلام ولا كفارة عليهما لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصوم ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح قال سمعت الباقر عليه السلام يقول الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان لأنهما لا يطيقان الصوم وعليهما ان يتصدق كل واحدة منهما في كل يوم يفطر بمد من طعام وعليهما قضاء كل يوم أفطرتا فيه تقضيانه بعد إذا عرفت هذا فالصدقة بما تضمنت رواية واجبة ولو خافتا على الولد من الصوم أفطرتا إجماعا لأنه ضرر على ذي نفس آدمي محترم فأشبه الصائم نفسه ويجب عليهما القضاء مع زوال العذر وعليهما الصدقة عن كل يوم بمد من طعام ذهب إليه علماؤنا والشافعي واحمد إلا أنه يقول مد من بر أو نصف صاع من تمر أو شعير وبه قال مجاهد لقوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال ابن عباس كانت رخصة للشيخ الكبير (والمرأة الكبيرة صح) وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما لكل يوم مسكينا والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا رواه العامة ومن طريق الخاصة ما تقدم من حديث محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام فإنه سوغ لهما الافطار مطلقا وأوجب عليهما القضاء والصدقة وهو يتناول ما إذا خافتا على الولد كما يتناول ما إذا خافتا على أنفسهما ويتصدقان بما تقدم في الشيخ والشيخة لأنه جبر لاخلالهما بالصوم مع القدرة عليه والقول الثاني للشافعي ان الكفارة تجب على المرضع دون الحامل وهو رواية عن أحمد وبه قال الليث بن سعيد لان المرضع يمكنها ان يسترضع ولدها بخلاف الحامل ولان الحمل متصل بالحامل فالخوف عليه كالخوف على بعض أعضائها والفرق لا يقتضى سقوط القضاء مع ورود النص به وهو الآية والأحاديث وقال أبو حنيفة لا تجب عليهما الكفارة وهو مذهب الحسن البصري وعطا والزهري وربيعه والثوري والأوزاعي وأبى ثور وأبى عبيد بن داود والمزني وابن المنذر لان انس بن مالك روى عن النبي صلى الله على وآله أنه قال إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصوم ولأنه فطر أبيح لعذر فلم تجب به كفارة كالمريض ولا دلالة في الحديث على سقوط الكفارة والمريض أحسن حالا منهما لأنه يفطر بسبب نفسه وللشافعي قول ثالث ان الكفارة استحباب وقال ابن عباس وابن عمر ان الكفارة تجب عليهما دون القضاء وهو قول سلار من علمائنا لان الآية تتناولهما وليس فيها إلا الاطعام ولقول النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن الله وضع (عن المسافر شطر الصلاة صح) وعن الحامل والمرضع الصوم والجواب انهما يطيقان القضاء فلزمهما كالحائض والنفساء والآية أوجبت الاطعام ولا اشعار لها بسقوط القضاء والمراد بوضع الصوم وضعه عنهما في حال عذرهما كما في قوله عليه السلام إن الله وضع عن المسافر الصوم مسألة لا يجوز لمن عليه صوم واجب ان يصوم تطوعا وعن أحمد روايتان لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال من صام تطوعا وعليه من رمضان شئ لم يقضه فإنه لا يقبل منه حتى يصومه ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الحسن انه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أيتطوع قال لا حتى يقضى ما عليه من شهر رمضان ولان الصوم عبادة يدخل في جبرانها المال فلم يصح التطوع بها قبل أداءها فرضا كالحج احتج احمد بأنها عبادة متعلقة بوقت موسع فجاز التطوع في وقتها كالصلاة وهو قياس في مقابلة النص فلا يسمع وأيضا فإن أداء الصلاة لا يمنع من فعل النافلة لأنه لا يفوت وقتها أما قضاء الصلاة فإنه لا يجوز التطوع لمن عليه القضاء مسألة صوم النافلة لا يجب بالشروع فيه ويجوز ابطاله قبل الغروب ولا يجب قضاؤه سواء أفطر لعذر أو لغيره وبه قال الشافعي والثوري واحمد وإسحاق لما رواه العامة عن عايشه قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال هل عندكم شئ فقلت لا قال فإني صائم ثم مرني بعد ذلك اليوم وقد اهدى إلى حيس فخبات له منه وكان يحب الحيس قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله اهدى لنا حيس فخبات لك منه فقال ادنيه إما انى قد أصبحت وأنا صائم فأكل منه ثم قال إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها ومن طريق الخاصة ما رواه جميل بن دراج في الصحيح عن الصادق عليه السلام إنه قال في الذي يقضى شهر رمضان انه بالخيار إلى زوال الشمس وإن كان تطوعا فإنه إلى الليل بالخيار وقال أبو حنيفة يجب المضي فيه ولا يجب ولا يجوز الافطار إلا لعذر فان أفطر قضاه وروى عن محمد انه إذا دخل على أخ فحلف عليه أفطر وعليه القضاء وقال مالك يجب بالدخول فيه ولا يجوز له الخروج عنه إلا لعذر وإذا خرج منه لعذر لا يجب القضاء وبه قال أبو ثور لان عايشة قالت أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين فاهدى لنا حيس فأفطرنا ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال اقضيا يوما مكانه ولأنها عبادة تلزم بالنذر فلزمت بالشروع فيها كالحج والعمرة والخبر ضعيف عند المحدثين ومحمول على الاستحباب واحرام الحج اكد من الشروع هنا ولهذا لا يخرج منه باختياره ولا بإفساده إذا عرفت هذا فان جميع النوافل من ساير العبادات لا تجب بالشروع إلا الحج والعمرة فإنهما يجبان بالشروع فيهما لتأكد احرامهما لعموم قوله وأتموا الحج والعمرة لله وعن أحمد رواية انه لا يجوز قطع الصلاة المندوبة فان قطعها قضاها وليس بجيد لان ما جاز ترك جميعه جاز ترك بعضه كالصدقة وأما لو دخل في واجب فإن كان معينا كنذر معين لم يجز له الخروج منه وإن كان مطلقا كقضاء رمضان أو النذر المطلق فإنه يجوز الخروج منه إلا قضاء رمضان بعد الزوال مسألة كل صوم يلزم فيه التتابع إلا أربعة صوم النذر المجرد عن التتابع وما في معناه من يمين أو عهد لأصالة البراءة وصوم قضاء رمضان وصوم جزاء الصيد وصوم السبعة في بدل الهدى أما ما عدا هذه الأربعة كصوم كفارة الظهار والقتل والافطار وكفارة اليمين واذى حلق الرأس وثلاثة أيام الهدى فإنه يجب فيها التتابع قال الصادق عليه السلام صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين متتابعا لا يفصل بينهن مسألة من وجب عليه صوم شهرين
(٢٨١)