نعلم فيه خلافا ويجوز أن يلامس بغير شهوة بالاجماع لان النبي صلى الله عليه وآله كان يلامس بعض نسائه في الاعتكاف مسألة القبلة حرام يبطل بها الاعتكاف وكذا اللمس والجماع بشهوة في غير الفرجين لقوله تعالى ولا تباشروهن وهو عام في كل مباشرة وبه قال مالك وقال أبو حنيفة إن انزل أفسد اعتكافه وان لم ينزل لم يفسد وللشافعي كالقولين لأنه لا يفسد الصوم فلا يفسد الاعتكاف كما لو كان بغير شهوة والفرق ان هذه المباشرة لم تحرم في الصوم بعينها بل إذا خاف الانزال وأما في الاعتكاف فإنها محرمة لعينها كما لو ذهب إليه أبو حنيفة في وطى الساهي فلا يفسد الصوم ويفسد الاعتكاف فروع - آ - لا فرق في تحريم الجماع بين أن يجامع في المسجد أو خارجه لعموم الآية والتقييد بالغيبة؟ في المساجد راجع إلى الاعتكاف لا المباشرة - ب - لا فرق بين جماع وجماع وروى المزني عن الشافعي انه لا يفسد الاعتكاف من الوطي إلا ما يوجب الحد قال الجويني قضيته هذا انه لا يفسد بإتيان البهيمة إذ لم يوجب به الحد - ج - قد بينا (ثبت) ان القبلة بشهوة واللمس كذلك متعمدا مفسدان للاعتكاف خلافا لاحد قولي الشافعي لأنها مباشرة محرمة في الاعتكاف فأشبهت الجماع والثاني لأنها مباشرة لا تبطل الحج ولا تبطل الاعتكاف كالقبلة بغير شهوة وما موضع القولين للشافعية ثلاث طرق أحدها أن القولين فيما إذا انزل فأما إذا لم ينزل لم يبطل الاعتكاف بلا خلاف كالصوم وثانيها ان القولين فيما إذا لم ينزل أما إذا انزل بطل اعتكافه بلا خلاف لخروجه عن أهلية الاعتكاف بالجنابة وثالثها وهو الاظهر عندهم طرد القولين في الحالين والفرق على أحد القولين فيما إذا لم ينزل بين الاعتكاف والصوم ان هذه الاستمتاعات في الاعتكاف محرمة لعينها وفى الصوم ليست محرمة لعينها بل لخوف الانزال ولهذا يترخص فيها إذا أمن ان لا تحرك القبلة شهوته فحصل من هذا للشافعي ثلاثة أقوال أحدها إنها لا تفسد الاعتكاف أنزل أو لم ينزل والثاني تفسده أنزل أو لم ينزل وبه قال مالك والثالث وبه قال أبو حنيفة ان ما انزل منها أفسد الاعتكاف وما لا فلا - د - الاستمناء باليد حرام مبطل للاعتكاف إذا وقع نهارا قطعا لافساده الصوم وبالجملة استدعاء المنى مطلقا نهارا أو ليلا حرام وعند أكثر الشافعية ان الاستمناء باليد مرتب على ما إذا لمس فأنزل ان قلنا إنه لا يبطل الاعتكاف فهذا أولي وان قلنا إنه يبطله فوجهان والفرق كمال الاستمتاع والالتذاذ باصطكاك السؤتين - ه - يجوز للمعتكف ان يقبل على سبيل الشفقة والاكرام ولا بأس ان يلمس على غير شهوة مسألة يحرم على المعتكف البيع والشراء وبه قال مالك واحمد لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن البيع والشراء في المسجد ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام المعتكف لا يشم الطيب ولا يتلذذ بالريحان ولا يمارى ولا يشترى ولا يبيع ولان الاعتكاف لبث للعبادة فينافى ما غايرها وللشافعي قولان أحدهما الجواز وبه قال أبو حنيفة للأصل والثاني الكراهة والأصل يعدل عنه للدليل وقد بيناه إذا عرفت هذا فلو باع أو اشترى فعل محرما ولم يبطل البيع للأصل وقال الشيخ يبطل للنهي وليس بجيد لأنه في المعاملات لا يدل على الفساد وينبغي المنع من كل ما يساوى البيع مما يقتضى الاشتغال كالإجارة وشبهها وقال السيد المرتضى (ره) تحرم التجارة والبيع والشراء والتجارة أعم ولا بأس بشراء ما يحتاج إليه كشراء غذائه ومائه وقميصه الذي يستتر به ويبيع شيئا يشترى به قوته للضرورة وكذا الأقرب تحريم الصنايع المشغلة عن العبادة كالحياكة والخياطة وأشباهها إلا ما لابد له منه لأنه يجرى مجرى الاشتغال بلبس قميصه وعمامته نعم يجوز له النظر في أمر معاشه وصنعته ويتحدث ما شاء من المباح ويأكل الطيبات مسألة يحرم على المعتكف المماراة لقول الباقر عليه السلام ولا يمارى وكذا يحرم عليه الكلام الفحش ولا بأس بالحديث حالة الاعتكاف باجماع العلماء لما في منعه من الضرر ويحرم الصمت لما تقدم من أن صوم الصمت حرام في شرعنا وقد روى العامة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لا صمات في يوم إلى الليل ونهى عن صوم الصمت فان نذر الصمت في اعتكافه لم ينعقد بالاجماع قال بن عباس بينا رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقال أبو إسرائيل نذر ان يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي صلى الله عليه وآله مره فليتكلم وليستظل ويقعد وليتم صومه ولأنه نذر في معصية فلا ينعقد انضمامه إلى الاعتكاف لا يخرج به عن كونه بدعة قيل لا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من كلامه وقد جاء لا يناظر بكلام الله وهو أن لا يتكلم عند الشئ بالقرآن كما يقال لمن جاء في وقته وجئت على قدر يا موسى وما شابهه لان احترام القرآن ينافي ذلك وقد استعمله في غير ما هو له فأشبه استعمال المصحف في التوسل ويستحب دراسة القرة ن والبحث في العلم والمجادلة فيه ودراسته وتعليمه وتعلمه في الاعتكاف بل هو أفضل من الصلاة المندوبة وبه قال الشافعي لما فيه من القربة والطاعة وقال احمد لا يستحب له اقراء القرآن ولا دراسته العلم بل التشاغل بذكر الله والتسبيح والصلاة أفضل لان الاعتكاف عبادة شرع لها المسجد فلا يستحب فيها اقراء القرآن وتدريس العلم كالصلاة والطواف والفرق ان الصلاة شرع أذكار؟ مخصوصة وخشوع واشتغاله بالعلم يقطعه عنها والطواف لا يكره فيه اقراء القرآن ولا تدريس العلم ولان العلم أفضل العبادة ونفعه متعد فكان أولي من الصلاة مسألة وفي تحريم شم الطيب لعلمائنا قولان أحدهما التحرير وهو الأقوى لقول الباقر عليه السلام المعتكف لا يشم الطيب ولا يتلذذ بالريحان ولا الاعتكاف عبادة تخص مكانا فكان ترك الطيب فيها مشروعا (مشروطا) كالحج والثاني الكراهة وبه قال احمد عملا بأصالة الإباحة والشافعي نفى الكراهة والتحريم معا للأصل وليس بجيد لان الاعتماد على الرواية مسألة كل ما يبطل الصوم يبطل الاعتكاف وهو ظاهر عندنا لان الاعتكاف مشروط بالصوم فإذا بطل الشرط بطل المشروط وكل ما ذكرنا انه محرم على المعتكف نهارا فإنه يحرم ليلا عدا الأكل والشرب فإنهما يحرمان نهارا لا ليلا قال الشيخ ره السكر يفسد الاعتكاف والارتداد لا يفسده فإذا عاد يبني والوجه الافساد بالارتداد وقال الشيخ ره أيضا لا يفسد الاعتكاف سباب ولا جدال ولا خصومه ولا بأس به لأنها غير مفسدات للصوم فلا تفسد الاعتكاف وهل يبطل الاعتكاف بالبيع والشراء قيل نعم لأنه منهى عنهما في هذه العبادة وقيل يأثم ولا يبطل الاعتكاف بهما مسألة قال بعض علمائنا يحرم على المعتكف ما يحرم على المحرم وليس المراد بذلك العموم لأنه لا يحرم عليه لبس المخيط إجماعا ولا إزالة الشعر ولا أكل الصيد ولا عقد النكاح فله أن يتزوج في المسجد فيشهد على العقد لان النكاح طاعة وحضوره مندوب ومدته لا تتطاول فيتشاغل به عن الاعتكاف فلم يكن مكروها كتسميت العاطس ورد السلام ويجوز له قص الشارب وحلق الرأس والاخذ من الأظفار ولا نعلم فيه خلافا مسألة يجوز للمعتكف ان يتزين برفيع الثياب وبه قال الشافعي عملا بالأصل ولقوله تعالى قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده وقال احمد يستحب ترك التزيين برفيع الثياب وليس بجيد ويجوز له أن يأمر بإصلاح معاشه ويتعهد متاعه وان يخيط وان يكتب وما أشبه ذلك إذا اضطر إليه أما إذا لم يضطر فإنه لا يجوز خلافا للشافعية وقال مالك إذا قعد في المسجد واشتغل بحرفته بطل اعتكافه وهو كما قلناه ونقل عن الشافعي في القديم مثله في الاعتكاف المندوب (المنذور) ورواه بعضهم في مطلق الاعتكاف والمشهور عند الشافعية الجواز مطلقا لان ما لا يبطل قليله الاعتكاف لا يبطل كثيره كساير الافعال وهو ممنوع مسألة يجوز له الاكل في المسجد للحاجة إليه وللأصل ولأنه مأمور باللبث فيه والاكل بدون الاعتكاف جايز في المسجد فمعه أولي لكن ينبغي أن يبسط سفرة وشبهها لأنه أبلغ في تنظيف المسجد وله غسل يده فيه لكن ينبغي ان يكون ماء الغسالة في طشت وشبهه حذرا من ابتلال المسجد فيمنع غيره من الصلاة فيه و
(٢٨٦)