على سجيته المعهودة لان عليه مشقة في الزامه غير ذلك وإذا خرج لقضاء الحاجة لم يجز له ان يجامع في مروره بأن يكون في هودج أو فرض ذلك في وقفه يسيرة فان فعل بطل الاعتكاف وللشافعية في ابطال الاعتكاف وجهان أصحهما البطلان أما على تقدير القول باستمرار الاعتكاف في أوقات الخروج لقضاء الحاجة فظاهر لان الجماع يكون قد صادف الاعتكاف وأما على تقدير القول بعدم استمراره فلان الجماع عظيم الوقع فالاشتغال به أشد اعراضا عن العبادة والثاني انه لا يبطل لأنه غير معتكف في تلك الحال ولم يصرف إليه زمانا وإذا فرغ من قضاء الحاجة واستنجى لم يلزمه نقل الوضوء إلى المسجد بل يقع ذلك تابعا بخلاف ما إذا احتاج إلى الوضوء بمعنى غير قضاء الحاجة كما لو قام من النوم فإنه لا يجوز له الخروج ليتوضأ في أظهر وجهي الشافعية إذا أمكن الوضوء في المسجد وإذا منعنا من الاكل خارج المسجد أو مشى إلى منزله لقضاء الحاجة جاز له ان يأكل لقمة أو لقمتين وليس له أن يأكل جميع أكله لان القليل لا اعتداد به مسألة إذا حاضت المرأة أو نفست وهي معتكفة لزمها الخروج من المسجد بلا خلاف لان الحيض حدث يمنع اللبث في المسجد فهو كالجنابة وآكد منه وقد قال عليه السلام لا أحل المسجد لحايض ولا جنب وإذا خرجت لعذر الحيض مضت إلى بيتها وبه قال الشافعي ومالك و ربيعة والزهري وعمرو بن دينار أما خروجها من المسجد فلما تقدم من الاجماع والحديث وأما رجوعها إلى منزلها فلانه وجب عليها الخروج من المسجد وبطل اعتكافها ولقول الصادق عليه السلام انها ترجع إلى بيتها وقال احمد ان لم يكن في المسجد رحبة رجعت إلى منزلها وإن كان له رحبة خارجة يمكن ان تضرب فيها خبأها ( ضربت خبأها صح) فيها مدة حيضها وقال النخعي تضرب فسطاطها في دارها فإذا طهرت قضت تلك الأيام وان دخلت بيتا أو سقفا استأنفت لان عايشة قالت كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله صلى الله عليه وآله اخراجهن من المسجد وان يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يظهرن ولا حجة فيه لجواز ان يكون عليه السلام أمر بذلك ليعرف الناس ان رحبة المسجد ليست منه أو لان الاعتكاف قد كان واجبا عليهن وعلم عليه السلام من حالهن توهم سقوطه بخروجهن من المسجد إذا عرفت هذا فإن كان اعتكافها ثلاثة أيام لا غير فإذا حاضت في أثنائه بطل ولم يجز لها البناء على ما فعلته لان الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة أيام عندنا ثم إن كان واجبا وجب عليها بعد الطهر الاستيناف وإلا فلا وإن كان أكثر فان حاضت بعد الثلاثة جاز لها البناء على ما فعلته بعد الطهر لأنه عذر كقضاء الحاجة ولا يعد أيام الحيض من الاعتكاف إجماعا ومن لا يشترط الصوم من العامة يجوز البناء على ما تقدم مطلقا إذا ثبت بهذا فالنفساء بحكم الحايض لان النفاس في الحقيقة حيض وأما المستحاضة فإنها بمنزلة الطاهر يجوز لها الاعتكاف مع الأغسال قالت عايشة اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلى فإن لم يكن صيانة المسجد عن التلويث خرجت لأنه عذر فإن كان الزمان يسيرا جدا كقضاء الحاجة بنت على ما فعلت وحسبت زمان الخروج من الاعتكاف كزمان قضاء الحاجة وقال الشافعي إن كانت المدة المنذورة طويلة لا تخلو عن الحيض غالبا لم ينقطع التتابع بل تبنى إذا طهرت كما لو حاضت في صوم شهرين عن الكفارة وإن كانت بحيث تخلو عن الحيض فقولان أحدهما انه لا ينقطع به التتابع لان جنس الحيض متكرر بالجبلة فلا يؤثر في التتابع كقضاء الحاجة وأظهرهما يقطع لأنها بسبيل ان تسرع كما لو طهرت مسألة إن طلقت المعتكفة رجعيا خرجت عن اعتكافها إلى منزلها عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لقوله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ولان الاعتداد في بيتها واجب فلزمها الخروج إليه كالجمعة في حق الرجل وقال ربيعة ومالك وابن المنذر تمضى في اعتكافها حتى تفرغ منه ثم ترجع إلى بيت زوجها فتعتد فيه لان الاعتكاف المنذور واجب والاعتداد في بيت الزوج واجب وقد تعارضا فيقدم الأسبق وينتقض بالخروج إلى الجمعة وساير الواجبات إما استيناف الاعتكاف فإنه يصح على تقدير ان يكون الاعتكاف واجبا ولم يشترط الرجوع مسألة إذا مرض المعتكف مرضا يخاف منه تلويث المسجد كإدرار البول و انطلاق البطن والجرح السايل فإنه يخرج منه إجماعا صيانة للمسجد عن النجاسة وإذا برئ بنى على اعتكافه ولا يبطل ما تقدم إلا أن يكون أقل من ثلاثة أيام عندنا وينقطع به التتابع والمشهور عند الشافعية لا ينقطع التتابع لاضطراره إليه كالخروج للحيض وللشافعي قول اخر انه ينقطع وإن كان المرض خفيفا يمكنه معه المقام في المسجد ولا يتضرر بالصوم وجب عليه اكمال اعتكافه الواجب ويستحب اتمام المندوب فان خرج فيهما بطل اعتكافه وذلك كوجع ضرس وصداع يسير وما أشبهه مما لا يوجب الافطار وإن كان المرض ثقيلا يفتقر معه إلى الافطار ويحتاج إلى الفراش والطبيب والمعالجة خرج إجماعا فإذا برأ أتم اعتكافه إن كان قد اعتكف أولا ثلاثة أيام فما زاد وإلا وجب عليه الاستيناف وللشافعي قولان أحدهما انه لا ينقطع به التتابع لدعاء الحاجة إليه فصار كالخروج لقضاء الحاجة والثاني انه ينقطع لان المرض لا يغلب عروضه بخلاف قضاء الحاجة والحيض فإنه يتكرر غالبا فيجعل كالمستثنى لفظا إذا عرفت هذا فالاعتكاف إن كان مندوبا خرج المريض إلى بيته ولا يجب قضاؤه وإن كان واجبا فإن كان ثلاثة لا غير استأنف الاعتكاف لان ما بقى أقل من ثلاثة وكذا ما مضى فالماضي لا يجزئه عنه وكذا الباقي ولقول الصادق عليه السلام إذا مرض المعتكف وطمثت المرأة المعتكفة فإنه يأتي بيته ثم يعيد إذا برء ويصوم وإن كان أكثر من ثلاثة فإن كان قد حصل العارض بعد الثلاثة خرج فإذا عاد بنى فإن كان الباقي ثلاثة أيضا فما زاد أتى به وإن كان أقل ضم إليه ما يكمله ثلاثة وان حصل العارض قبل انقضاء الثلاثة فالأقرب الاستيناف مسألة إذا اعتكف في المسجد الحرام فاحرم بحج أو عمرة حالة اعتكافه لزمه الاحرام ويقيم في معتكفه إلى أن يتم ثم يمضى في احرامه لأنها عبادة تبطل بالخروج لغير ضرورة ولا ضرورة هنا ولو خاف فوات الحج ترك الاعتكاف ومضى في الحج فإذا فرغ استأنف واجبا إن كان الاعتكاف واجبا ولم تمض ثلاثة وإلا ندبا لان الخروج حصل باختياره لأنه كان يسعه ان يؤخر الاعتكاف ولو نذر ان يعتكف في المسجد الحرام فإن كان فيه اعتكف وإن كان بعيدا عنه دخل إليه ولم يدخله إلا بنسك إما حج أو عمرة ولو أغمي على المعتكف أياما ثم أفاق قال الشيخ ره لم يلزمه قضاؤه لعدم الدليل عليه ولو وقعت فتنة خاف منها على نفسه أو ماله نهبا أو حريقا ان قعد في المسجد فله ترك الاعتكاف لأنه تعالى أباح ترك الجمعة الواجبة وطهارة الماء بذلك فأولى ان يباح لأجله ترك ما أوجبه على نفسه وقد روى عن الصادق عليه السلام ان واقعة بدر كانت في شهر رمضان فلم يعتكف رسول الله صلى الله عليه وآله فلما إن كان من قابل اعتكف عشرين يوما عشرة لعامه وعشرة قضاء لما فاته وإذا جاز ترك الاعتكاف من أصله فكذا في أثنائه مسألة لو خرج المعتكف من المسجد سهوا لم يبطل اعتكافه ولا تتابعه وهو أحد قولي الشافعية لقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء والنسيان ولأنه فعل المنهى عنه ناسيا فلا يقتضى فساد العبادة كالاكل في الصوم وغيره من المفطرات والثاني للشافعية انه يبطل التتابع لان اللبث مأمور به والنسيان ليس بعذر في ترك المأمورات وهو ممنوع وللحنابلة قولان كهذين مسألة لو أكره على الخروج فان طال زمانه بطل اعتكافه لانتفاء المسمى ولو لم يبطل لم يبطل بل يبنى مع العود لقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه وللشافعي قولان أحدهما بطلان الاعتكاف
(٢٩٢)