للتعقب كما لم يعتد بالنية فيه احتج الشيخ رحمه الله بقول الكاظم عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله قال إذا حدث نفسه بالليل في السفر أفطر إذا خرج من منزله وان لم يحدث نفسه من الليل ثم بدا له في السفر من يومه أتم صومه وفي الطريق اعتكف مع احتمال ان يكون عزم السفر تجدد بعد الزوال احتج السيد بقوله تعالى ومن كان منكم مريضا أو على سفر وهو عام في صورة النزاع وبما رواه عبد الاعلى في الرجل يريد السفر في شهر رمضان قال يفطر وان خرج قبل ان تغيب الشمس بقليل والآية مخصوصة بالخبر الذي رويناه والحديث ضعيف السند ومقطوع وأما العامة فنقول المسافر عندهم لا يخلو من أقسام ثلاثة أحدها ان يدخل عليه شهر رمضان وهو في السفر فلا خلاف بينهم في إباحة الفطر له الثاني ان يسافر في أثناء الشهر ليلا فله الفطر في صبيحة الليلة التي يخرج فيها وما بعدها في قول عامة أهل العلم وقال عبيدة السلماني وأبو مجاز وسويد بن غفلة لا يفطر من سافر بعد دخول الشهر (في أثناء الشهر خ ل) لقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه وهذا قد شهده ولا حجة فيها لأنها متناولة لمن شهد الشهر كله (وهذا لم يشهده كله) ويعارض بما روى ابن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد فأفطر (وأفطر) الناس الثالث أن يسافر في أثناء اليوم في رمضان فحكمه في اليوم الثاني حكم من سافر ليلا وفي إباحة فطر اليوم الذي سافر فيه قولان أحدهما انه لا يجوز له فطر ذلك اليوم وهو قول مكحول والزهري ويحيى الأنصاري ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي واحمد في أحدي الروايتين لأن الصوم عبادة تختلف بالسفر والحضر فإذا اجتمعتا فيها غلب حكم الحضر كالصلاة والفرق ان الصلاة يلزمه اتمامها بنيته بخلاف الصوم والثاني انه يفطر وهو قول الشعبي وإسحاق وداود وابن المنذر واحمد في الرواية الثانية (للرواية) ولان السفر معنى لو وجد ليلا واستمر في النهار لأباح الفطر فإذا وجد في أثنائه أباحه كالمرض مسألة ولا يجوز له الفطر حتى يتوارى عنه جدران بلده ويخفى عنه أذان مصره لأنه إنما يصير ضاربا في الأرض بذلك وهو قول أكثر العامة وقال الحسن البصري يفطر في بيته إن شاء يوم يريد ان يخرج وروى نحوه عن عطا روى محمد بن كعب قال أتيت انس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرا وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل فقلت له سنة فقال سنة وركب مسألة لو نوى المسافر الصوم في سفره لم يجز عندنا لأنه محرم وعند العامة يجوز وعندنا إنما يجوز إذا نوى المقام عشرة أيام فلو نوى المقام لزمه الصوم فان نوى المقام قبل الزوال ولم يكن قد تناول المفطر وجب عليه تجديد نية الصوم واتمامه واجزأ عنه ولو نوى بعد الزوال أو كان قد تناول أمسك مستحبا وكان عليه القضاء ومن سوغ الصوم في السفر وهم العامة لو نوى الصوم في سفره ثم بدا له ان يفطر فله ذلك عنده (عند احمد) وللشافعي قولان فقال مرة لا يجوز له الفطر وقال أخرى ان صح حديث الكديد لم أر به بأسا أن يفطر وعنى بحديث الكديد الذي رواه ابن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد فأفطر وأفطر الناس (وقال مالك ان أفطر) فعليه القضاء والكفارة لأنه أفطر في شهر رمضان فلزمه ذلك كما لو كان حاصل إذا عرفت هذا فان له ان يفطر عندهم بالاكل والشرب وغيرهما إلا الجماع ففيه قولان أحدهما ليس له ذلك والثاني الجواز وعلى القول الأول هل تجب الكفارة عن أحمد روايتان أحدهما انه لا كفارة عليه وهو مذهب الشافعي لأنه صوم لا يجب المضي فيه فلم تجب الكفارة بالجماع فيه كالتطوع والثانية انه تجب عليه الكفارة (لأنه أفطر بجماع فلزمته الكفارة) كالحاضر والفرق ان الحاضر يجب عليه المضي في الصوم ولان حرمة الجماع وغيره بالصوم فتزول بزواله كما لو زالت بمجئ الليل مسألة وليس للمسافر أن يصوم في رمضان عن غيره كالنذر والقضاء لان الفطر أبيح رخصة وتخفيفا عنه فلا يجوز له الاتيان بما خفف عنه كالتمام والقصر في الصلاة وكذا ليس للحاضر أن يصوم غير رمضان فيه لأنه زمان لا يقع فيه غيره فإذا نوى المسافر الصوم في شهر رمضان النذر والقضاء لم يصح صومه عن رمضان ولا عما نواه لأنه أبيح له الفطر للعذر فلم يجز له أن يصومه عن غير رمضان كالمريض وهذا قول أكثر العلماء وقال أبو حنيفة يقع ما نواه إذا كان واجبا لأنه زمن أبيح له الفطر فيه فكان له صومه عن واجب عليه كغير رمضان وينتقض بصوم التطوع مسألة لو قدم المسافر أو برئ المريض وكانا قد افطرا استحب لهما الامساك بقية النهار وليس واجبا عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك وأبو ثور وداود لأنه أبيح له الافطار باطنا وظاهرا في أول النهار فإذا أفطر كان له ان يستديمه إلى اخر النهار كما لو بقى العذر ولان الصوم غير قابل للتبعيض وقد أفطر في أول النهار فلا يصح صومه الباقي وإنما استحب الامساك تشبيها بالصائمين لان محمد بن مسلم سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقدم من سفره بعد العصر في شهر رمضان فيصيب امرأته حين طهرت من الحيض أيواقعها قال لا بأس به واما استحباب الامساك فلان سماعة سأله عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس وقد أكل قال لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئا ولا يواقع في شهر رمضان إن كان له أهل وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي لا يجوز له ان يأكلوا في بقية النهار وعن أحمد روايتان لأنه معنى لو طرأ قبل طلوع الفجر لوجب الصوم فإذا طرأ بعد الفجر وجب الامساك لقيام البينة انه من رمضان والفرق جواز الافطار باطنا وظاهرا هنا فإذا أفطر كان له استدامته بخلاف البينة لأنه لم يكن له الفطر باطنا فلما انكشف له خطاؤه حرم عليه الافطار وكذا البحث في كل مفطر كالحايض إذا طهرت والطاهر إذا حاضت والصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم مسألة لو قدم المسافر قبل الزوال أو برأ المريض كذلك ولم يكونا قد تناولا شيئا وجب عليهما الامساك (بقية اليوم وأجزأهما عن رمضان ولو كان بعد الزوال امسكا استحبابا) وقضيا عند علمائنا لأنه قبل الزوال يتمكن من أداء الواجب على وجه يؤثر النية في ابتدائه فوجب الصوم والاجزاء مخرج عن العهدة وأما بعد الزوال فلفوات محل النية فلا يجب الصوم لعدم شرطه واستحباب الامساك لحرمة الزمان ولان أحمد بن محمد سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل قدم من سفره في شهر رمضان ولم يطعم شيئا قبل الزوال قال يصوم وسأله أبو بصير عن الرجل يقدم من سفره في شهر رمضان فقال إن قدم قبل زوال الشمس فعليه صوم ذلك اليوم ويعتد به مسألة لو علم المسافر يصل إلى بلده أو موضع اقامته قبل (الزوال) جاز له الافطار ولو أمسك حتى يدخل ويتم صومه كان أفضل وأجزأه لان السفر المبيح للافطار موجود والمانع مفقود بالأصل ولما رواه رفاعة في الحسن انه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يصل في شهر رمضان من سفر حتى يرى أنه سيدخل أهله ضحوة أو ارتفاع النهار قال إذا طلع الفجر وهو خارج لم يدخل فهو بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر وأما أولوية الصوم فلحرمة الوقت ولاشتماله على المسارعة إلى فعل الواجب مسألة الخلو من الحيض والنفاس شرط في الصوم باجماع العلماء ولو زال عذرهما في أثناء النهار لم يصح لهما صوم وإن كان بعد الفجر بزمان يسير جدا لكن يستحب لهما الامساك ويجب عليهما القضاء وهو قول عامة أهل العلم لان الوجوب سقط عنهما ظاهرا وباطنا فلا يجب الامساك وقال أبو حنيفة يجب كما لو قامت البينة وقد سلف ولو تجدد عذرهما بعد طلوع الفجر وإن كان قبل الغروب بزمان يسير جدا وجب عليهما الافطار والقضاء بالاجماع تنبيه الصوم يجب على الحايض والنفساء ولهذا وجب القضاء عليهما مع أنه محرم وهو خطأ للتنافي بين الحكمين نعم سبب الوجوب قائم في حقهما ولم يثبت الوجوب المانع والقضاء
(٢٧٤)