لم تصح منه وحد المرض الذي يجب معه الافطار ما يزيد في مرضه لو صام أو يتبطأ البرء معه لو صام عند أكثر العلماء وحكى عن قوم لا عبرة بهم إباحة الفطر بكل مرض سواء زاد في المرض أو لم يزد لعموم قوله تعالى فمن كان منكم مريضا وهو مخصوص كتخصيص السفر بالطاعة وقد سئل الصادق عليه السلام عن حد المرض الذي يفطر صاحبه والمرض الذي يدع صاحبه الصلاة فقال بل الانسان على نفسه بصيرة وقال ذلك إليه هو اعلم بنفسه وكل الأمراض مساوية في هذا الحكم سواء كان وجع الرأس أو حمى ولو حمى يوم أو رمد العين وغير ذلك فان صامه مع حصول الضرر به لم يجزئه ووجب عليه القضاء لأنه منهى عنه والنهي في العبادات يدل على الفساد ولقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر والتفصيل قاطع للشركة وقال بعض العامة إذا تكلف صح صومه وان زاد في مرضه وتضرر به وليس بجيد إما الصحيح الذي يخشى المرض بالصوم فإنه لا يباح له الافطار وكذا لو كان عنده شهوة غالبة للجماع يخاف ان تنشق انثياه ولو خافت المستحاضة من الصوم التضرر أفطرت لان الاستحاضة مرض ولو جوزنا لصاحب الشبق المضر به الافطار وامكنه استدفاع ذلك بما لا يبطل منه الصوم وجب عليه ذلك فإن لم يمكنه إلا بافساد الصوم فاشكال ينشأ من تحريم الافطار لغير سبب ومن مراعاة مصلحة بقاء النفس على السلامة كالحامل والمرضع فإنهما يفطران خوفا على الولد فمراعاة النفس أولي ولو كان له امرأتان حايض وطاهر واضطر إلى وطى إحديهما وجوزنا له ذلك فالوجه وطى الطاهر لان الله تعالى حرم وطى الحايض وقال بعض العامة يتخير وليس شيئا وكذا لو امكنه استدفاع الأذى بفعل محرم كالاستمناء باليد لم يجز خلافا لبعضهم مسألة الإقامة أو حكمها شرط في الصوم الواجب عدا ما استثنى فلا يجب الصوم على المسافر سفرا مخصوصا باجماع العلماء قال الله تعالى ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر والتفصيل قاطع للشركة فكما ان الحاضر يلزمه الصوم فرضا لازما كذلك المسافر القضاء فرضا مضيقا وإذا وجب عليه القضاء مطلقا سقط عنه فرض الصوم وروى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سئل عن قوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن سافر فلا يصمه إذا عرفت هذا فلو صام المسافر في سفره المبيح للقصر لم يجزئه إن كان عالما عند علمائنا أجمع وكان مأثوما وبه قال أبو هريرة وستة من الصحابة وأهل الظاهر قال احمد كان عمر وأبو هريرة يأمران المسافر بإعادة ما صامه في السفر وروى الزهري عن أبي سلمة عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال الصايم في السفر كالمفطر في الحضر لقوله تعالى فعدة من أيام أخر أوجب عدة من أيام أخر فلم يجز صوم رمضان في السفر وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال ليس من البر الصيام في السفر وقال عليه السلام الصايم في السفر كالمفطر في الحضر وأفطر صلى الله عليه وآله في السفر فلما بلغه إن قوما صاموا قال أولئك العصاة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام لو أن رجلا مات صائما في السفر ما صليت عليه وقال عليه السلام الصايم في شهر رمضان (في السفر) كالمفطر فيه في الحضر وقال باقي العامة ان صومه جايز واختلفوا في الأفضل فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي والثوري وأبو ثور أن أصوم في السفر أفضل من الافطار وقال احمد والأوزاعي وإسحاق الافطار أفضل وبه قال عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر لما روت عايشه إن النبي صلى الله عليه وآله قال لحمرة الأسلمي وقد سأله عن الصوم في السفر ان شئت فصم وإن شئت فأفطر وقال انس سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فصام بعضنا وأفطر بعضنا فلم يعب الصايم على المفطر ولا المفطر على الصايم ولان الافطار في السفر رخصة ومن رخص له الفطر جاز له ان يتحمل المشقة بالصوم كالمريض والحديثان لو صحا حملا على صوم النافلة جمعا بين الأدلة والتخيير ينافي الأفضلية وقد اتفقوا على أفضلية أحدهما وان اختلفوا في تعيينه ونمنع الحكم في المريض فيبطل القياس تذنيب لو صام مع علمه بوجوب القصر كان عاصيا لما تقدم وتجب عليه الإعادة لأنه منهى عن الصوم والنهي في العبادة يدل على الفساد إما لو صام رمضان في السفر جاهلا بالتحريم فإنه يجزئه الصوم لأنه معذور ولان الحلبي سأل الصادق عليه السلام قلت له رجل صام في السفر فقال إن كان بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك فعليه القضاء فإن لم يكن بلغه فلا شئ وغير ذلك من الاخبار مسألة وإنما يترخص المسافر إذا كان سفره سفر طاعة أو مباحا فإن كان سفره معصية أو لصيد لهو وبطر لم يجز له الافطار عند علمائنا أجمع لان في رخصة الافطار اعانة له على المعصية وتقوية له عليها ولقول الصادق عليه السلام من سافر قصر وأفطر إلا أن يكون رجلا سفره في الصيد أو في معصية الله أو رسولا لمن يعصى الله أو في طلب شحناء أو سعاية ضرر على قوم من المسلمين وجاء رجلان إلى الرضا عليه السلام بخراسان فسألاه عن التقصير فقال لأحدهما وجب عليك التقصير لأنك قصدتني وقال للآخر وجب عليك التمام لأنك قصدت السلطان إذا ثبت هذا فإنما يجوز التقصير في مسافة القصر وهي بريدان ثمانية فراسخ لقول الصادق عليه السلام في التقصير حده أربعة وعشرون ميلا وسئل الصادق عليه السلام في كم يقصر الرجل فقال في بياض يوم أو بريدين وقد تقدم ذلك في كتاب الصلاة وإنما يجوز التقصير إذا قصد المسافة فالهايم لا يترخص وإن سار أكثر من المسافة وقد تقدم ولو نوى المسافر الإقامة في بلدة عشرة أيام وجب عليه التمام وانقطع سفره ومن كان سفره أكثر من من حضره لا يجوز له الافطار لان وقته مشغول بالسفر فلا مشقة له فيه ولقول الصادق عليه السلام المكارى والجمال الذي يختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان ولو أقام أحدهم في بلده عشرة أيام أو أقام العشرة في غير بلده مع العزم على اقامتها وجب عليهم التقصير إذا خرجوا بعد العشرة لان بعض رجال يونس سأل الصادق (ع) عن حد المكاري الذي يصوم ويتم قال أيما مكاري أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أقل من (مقام عشرة أيام وجب عليه الصيام والتمام أبدا وإن كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من) عشرة أيام فعليه التقصير والافطار ولو تردد في السفر ولم ينو المقام عشرة أيام وكان ممن يجب عليه التقصير في السفر وجب عليه التقصير إلى شهر ثم يتم بعد ذلك مسألة شرايط قصر الصلاة هي شرايط قصر الصوم لقول الصادق عليه السلام ليس يفترق التقصير والافطار فمن قصر فليفطر وهل يشترط تبييت النية من الليل قال الشيخ رحمه الله نعم فلو بيت نية على السفر من الليل ثم خرج أي وقت كان من النهار وجب عليه التقصير والقضاء ولو خرج بعد الزوال أمسك وعليه القضاء وإن لم يبيت نية من الليل لم يجز له التقصير وكان عليه إتمام ذلك اليوم وليس عليه قضاؤه أي وقت خرج إلا أن يكون قد خرج قبل طلوع الفجر فإنه يجب عليه الافطار على كل حال ولو قصر وجب عليه القضاء والكفارة وقال المفيد رحمه الله المعتبر خروجه قبل الزوال فان خرج قبله لزمه الافطار فان صامه لم يجزه ووجب عليه القضاء ولو خرج بعد الزوال أتم ولا اعتبار بالنية وبه قال أبو الصلاح وقال السيد المرتضى رحمه الله يفطر ولو خرج قبل الغروب وهو قول علي بن بابويه ولم يعتبر التبييت والمعتمد قول المفيد رحمه الله لقوله تعالى ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وهو يتناول بعمومه من خرج قبل الزوال بغير نية ومن طريق العامة ان النبي صلى الله عليه وآله خرج من المدينة عام الفتح فلما بلغ إلى كراع الغميم أفطر ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي عن الصادق عليه السلام انه سأل عن الرجل يخرج من بيته وهو يريد السفر وهو صايم قال إن خرج قبل ان ينتصف النهار فليفطر ويقض ذلك اليوم وان خرج بعد الزوال فيتم يومه ولأنه إذا خرج قبل الزوال صار مسافرا في معظم ذلك النهار فألحق بالمسافر في جميعه ولهذا اعتبرت النية فيه لناسيها وأما بعد الزوال فان معظم النهار قد انقضى على الصوم فلا يؤثر فيه السفر
(٢٧٣)