بالامساك يستدعي الشعور وهو منفي في حق الناسي فكان غير مكلف به لاستحالة تكليف ما لا يطاق وقال ربيعة ومالك يفطر الناسي كالعامد لان الاكل ضد الصوم لأن الصوم كف ولا يجامعه وتبطل العادة به كالناسي في الكلام في الصلاة ونمنع كون الاكل مطلقا ضدا بل الضد هو الاكل العمد ونمنع بطلان الصلاة مع نسيان الكلام ولو فعل ذلك حالة النوم لم يفسد للنومة؟ لانتفاء القصد فيه والعلم فهو اعذر من الناسي أما الجاهل بالتحريم فإنه غير معذور بل يفسد الصوم مع فعل المفطر ويكفر وأما المكره والمتوعد بالمؤاخذة فالأقرب فساد صومهما لكن لا تجب الكفارة مسألة قد بينا إن القصد لوصول شئ إلى الجوف شرط الافساد فلو طارت ذبابة أو بعوضة إلى حلقه لم يفطر بذلك إجماعا أما لو وصل غبار الطريق أو غربلة الدقيق إلى جوفه فان كانا غليظين وامكنه التحرز منه فإنه يفسد صومه ولو كانا خفيفين لم يفطر والعامة لا يفصل بل قالوا لا يفطر ولو امكنه اطباق فيه أو اجتناب الطريق لم يفطر عندهم أيضا لان تكليف الصائم الاحتراز عن الافعال المعتادة التي يحتاج إليها عسر وحرج فيكون منفيا بل لو فتح فاه عمدا حتى وصل الغبار إلى جوفه فأصح وجهي الشافعية انه يقع عفوا ولو وطئت المرأة قهرا فلا تأثير له في فساد صومها وكذا لو وجر في حلق الصائم ماء وشبهه بغير اختياره وللشافعي قولان فيما لو أغمي عليه فوجر في حلقه معالجة واصلاحا أحدهما انه يفطر لان هذا الايجار لمصلحته فكأنه بإذنه واختياره وأصحهما إنه لا يفطر كايجار غيره بغير اختياره وهذا الخلاف بينهم مفرع على أن الصوم لا يبطل بمطلق الاغماء ولا بالايجار مسبوق بالبطلان وهذا الخلاف كالخلاف في المغمى عليه المحرم إذا عولج بدواء فيه طيب هل تلزمه الفدية مسألة ابتلاع الريق غير مفطر عند علمائنا سواء جمعه في فمه ثم ابتلعه أو لم يجمعه وبه قال الشافعي وهو أصح وجهي الحنابلة أما إذا لم يجمعه فلان العادة تقتضي بلعه والتحرز منه غير ممكن وبه يحيي الانسان وعليه حمل بعض المفسرين وجعلنا من الماء كل شئ حي فأما إذا جمعه فلانه يصل إلى جوفه من معدته فأشبه إذا لم يجمعه وقال بعض الحنابلة انه يفطر لأنه يمكنه التحرز عنه فأشبه ما لو قصد ابتلاع غيره وهو ممنوع وشرط الشافعية في عدم افطاره شروطا الأول ان يكون الريق صرفا فلو كان ممن وجاء بغيره متغيرا به فإنه يفطر بابتلاعه سواء كان ذلك الغير طاهرا كما لو كان يفتل خيطا مصبوغا فغير ريقه أو نجسا كما لو دميت لثته وتغير ريقه فلو أبيض الريق وزال تغيره ففي الافطار بابتلاعه للشافعية وجهان أظهرهما عندهم الافطار لأنه لا يجوز له ابتلاعه لنجاسته والريق إنما يجوز ابتلاع الطاهر منه والثاني عدم الافطار لان ابتلاع الريق مباح وليس فيه شئ اخر وإن كان نجسا حكما وعلى هذا لو تناول بالليل شيئا نجسا ولم يغسل فيه حتى أصبح فابتلع الريق بطل صومه على الأول الثاني ان يبتلعه من معدته فلو خرج إلى الظاهر من فمه ثم رده بلسانه أو غير لسانه وابتلعه بطل صومه وهذا عندنا كما ذكروا ما لو اخرج لسانه وعليه الريق ثم رده وابتلع ما عليه لم يبطل صومه عندنا وهو أظهر وجهي الشافعية لان اللسان كيف ما يقلب معدود من داخل الفم فلم يفارق ما عليه معدته فلو بل الخياط الخيط بالريق أو الغزال الغزل بريقه ثم رده إلى الفم على ما يعتاد عند الفتل فإن لم يكن عليه رطوبة ينفصل فلا بأس وإن كانت وابتلعها أفطر عندنا وهو قول أكثر الشافعية لأنه لا ضرورة إليه وقد ابتلعه بعد مفارقة المعدة والثاني للشافعية إنه لا يفطر لان ذلك القدر أقل مما يبقى من الماء في الفم بعد المضمضة وخصص بعض الشافعية الوجهين بالجاهل بعدم الجواز وإذا كان عالما يبطل صومه إجماعا الثالث ان يبتلعه وهو على هيئته المعتادة أما لو جمعه ثم ابتلعه فعندنا لا يفطر كما لو لم يجمعه وللشافعية وجهان أحدهما انه يبطل صومه لامكان الاحتراز منه وأصحهما انه لا يبطل وبه قال أبو حنيفة لأنه مما يجوز ابتلاعه ولم يخرج من معدته فأشبه ما لو ابتلعه متفرقا فروع - آ - قد بينا انه لا يجوز له ابتلاع ريق غيره ولا ريق نفسه إذا انفصل من فمه وما روي عن عائشة إن النبي صلى الله عليه وآله كان يمص لسانها وهو صائم ضعيف لان أبا داود قال إن اسناده ليس بصحيح سلمنا لكن يجوز ان يمصه بعد إزالة الرطوبة عنه فأشبه ما لو تمضمض بماء ثم مجه - ب - لو ترك في فمه حصاة وشبهها وأخرجها وعليه بلة من الريق كغيره ثم أعادها وابتلع الريق أفطر وإن كان قليلا فاشكال ينشأ من أنه لا يزيد على رطوبة المضمضة ومن انه ابتلع ريقا منفصلا عن فمه فأفطر به كالكثير - ج - قد بينا كراهة العلك لما فيه من جمع الريق في الفم وابتلاعه فتقل مشقة الصوم فيقصر الثواب ولا فرق بين أن يكون له طعم أم لا و لو كان مفتتا فوصل منه شئ إلى الجوف بطل صومه كما لو وضع سكرة في فمه وابتلع الريق بعدما ذابت فيه د لو ابتلع دما خرج من سنه أو لثته أفطر بخلاف الريق - ه - النخامة إذا لم تحصل في حد الظاهر من الفم جاز ابتلاعها وإن حصلت فيه بعد انصبابها من الدماغ في الثقبة النافذة منه إلى اقصى الفم فوق الحلقوم فإن لم يقدر على صرفه ومجه حتى نزل إلى الجوف لم يفطر وان رده إلى فضاء الفم أو ارتد ثم ابتلعه أفطر عند الشافعية وإن قدر على قطعه من مجراه ومجه فتركه حتى جرى بنفسه لم يفطر وللشافعية وجهان - و - لو تنخع من جوفه ثم ازدرده فالأقرب عدم الافطار لأنه معتاد في الفم غير واصل من خارج فأشبه الريق وقال الشافعي انه يفطر لأنه يمكنه التحرز منه فأشبه الدم ولأنها من غير الفم فأشبه القئ وعن أحمد روايتان مسألة لا يفطر بالمضمضة والاستنشاق مع التحفظ إجماعا سواء كان في الطهارة أو غيرها ولان النبي صلى الله عليه وآله قال للسائل عن القبلة أرأيت لم تمضمضت بماء ثم مججته أكنت مفطرا ولان الفم في حكم الظاهر فلا يبطل الصوم بالواصل إليه كالأنف والعين إما لو تمضمض للصلاة فسبق الماء إلى جوفه أو استنشق فسبق إلى دماغه من غير قصد لم يفطر عند علمائنا وبه قال الأوزاعي واحمد وإسحاق والشافعي في أحد القولين وهو مروى عن ابن عباس لأنه وصل الماء إلى جوفه من غير قصد ولا اسراف فأشبه ما لو طارت الذبابة فدخلت حلقه ولأنه وصل بغير اختياره ولا يفطر به كالغبار وللشافعية طريقان أصحهما عندهم إن المسألة على قولين أحدهما انه يفطر وبه قال مالك وأبو حنيفة لأنه وصل الماء إلى جوفه بفعله فإنه الذي ادخل الماء في فمه وانفه والثاني وبه قال احمد انه لا يفطر والثاني القطع بأنه لا يفطر وعلى القول بطريقة القولين فما محلهما فيه ثلاث طرق أصحها عندهم ان القولين فيما إذا لم يبالغ في المضمضة والاستنشاق فأما إذا بالغ أفطر بلا خلاف وثانيها ان القولين فيما إذا بالغ أما إذا لم يبالغ فلا يفطر بلا خلاف والفرق على الطريقين ان المبالغة منهي عنها واصل المضمضة والاستنشاق مرغب فيه فلا يحسن مؤاخذته بما يتولد منه بغير اختياره و الثالث طرد القولين في الحالتين فإذا تميزت حالة المبالغة عن حالة الاقتصار على أصل المضمضة والاستنشاق حصل عند المبالغة للشافعي قولان مرتبان لكن ظاهر مذهبهم عند المبالغة الافطار وعند عدمها الصحة هذا إذا كان ذاكرا للصوم أما إذا كان ناسيا فإنه لا يفطر بحال وسبق الماء عند غسل الفم من النجاسة كسبقه في المضمضة وكذا عند غسله من أكل الطعام ولو تمضمض للتبرد فدخل الماء حلقه من غير قصد أفطر لأنه غير مأمور به مسألة قد بينا ان الأكل والشرب ناسيا غير مفطر عند علمائنا سواء قل أكله أو كثر وقال مالك إنه يفطر وللشافعي فيما إذا كثر أكله ناسيا قولان ولو أكل جاهلا أفسد صومه وقال الشافعي إن كان قريب العهد بالاسلام أو كان قد نشاء في بادية وكان يجهل مثل ذلك لو لم يبطل صومه وإلا بطل وإذا جامع ناسيا للصوم لم يفطر عندنا وللشافعية طريقان أصحهما القطع بأنه لا يبطل والثاني انه يخرج على قولين مسألة إذا أجنب الصائم ليلا في رمضان أو المعين ثم نام فإن كان على عزم ترك الاغتسال واستمر به الصوم إلى أن أصبح وجب عليه القضاء والكفارة وان نام على عزم الاغتسال ثم استيقظ ثانيا ثم نام ثالثا بعد انتباهتين وجب القضاء والكفارة أيضا وإن نام من أول مرة عازما على الاغتسال حتى يطلع الفجر لم يكن عليه شئ وإن نام ثانيا واستمر
(٢٦٢)