أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكينا ولم يذكر التتابع والأصل عدمه وحديثنا أولي لأنه لفظ النبي (ع) وحديثكم لفظ الراوي ولان الاخذ بالزيادة أولي مسألة الواجب في الاطعام مد لكل مسكين قدره رطلان وربع بالعراقي والواجب خمسة عشر صاعا وبه قال الشافعي وعطا والأوزاعي لما رواه العامة في حديث المجامع انه أتى النبي صلى الله عليه وآله بمكتل فيه خمسة عشر صاعا من تمر فقال خذها فأطعم عيالك ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الرحمن عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا قال عليه خمسة عشر صاعا لكل مسكينا مد بمد النبي صلى الله عليه وآله وقال الشيخ ره لكل مسكين مدان من طعام والأصل براءة الذمة وقال أبو حنيفة من البر لكل مسكين نصف صاع ومن غيره صاع لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث سلمة بن صخر وأطعم وسقا من تمر وهو ضعيف لأنه مختلف فيه وقال احمد مد من بر ونصف صاع ومن غيره لما رواه أبو زيد المدني قال جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق من شعير فقال النبي صلى الله عليه وآله للمظاهر أطعم هذا فان مدى شعير مكان مدع من بر وليس محل النزاع مسألة قد بينا ان الكفارة مخيرة وعلى القول بالترتيب لو فقدت الرقبة فصام ثم وجد الرقبة في أثنائه جاز له المضي فيه والانتقال إلى الرقبة أفضل لان فرضه انتقل بعجزه إلى الصيام وقد تلبس به فكان الواجب تمامه وسقط وجوب العتق كالمتيمم يسقط عنه الوضوء بشروعه في الصلاة ولأنه بعد الرقبة تعين عليه الصوم ولا يزول هذا الحكم بوجود الرقبة كما لو وجدها بعد إكمال الصوم وقال أبو حنيفة والمزني لا يجزئه الصوم ويكفر بالعتق وللشافعي قولان لأنه قدر على الأصل قبل أداء فرضه بالبدل فيبطل حكم المبدل كالمتيمم يري الماء وليس حجة فان المتيمم بعد الدخول في الصلاة يمضي فيها ولا يبطل تيممه أما قبلها فلا والفرق انه لم يتلبس بما فعل المتيمم له فلم يظهر له حكم ولان التيمم لا يرفع الحدث بل يستره فإذا وجد الماء ظهر حكمه بخلاف الصوم فإنه يرفع حكم الجماع بالكلية مسألة وعجز عن الأصناف الثلاثة صام ثمانية عشر يوما فإن لم يقدر تصدق بما وجد أو صام ما استطاع فإن لم يتمكن استغفر الله تعالى ولا شئ عليه قاله علماؤنا لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال للمجامع اذهب فكله أنت وعيالك ولم يأمره بالكفارة في ثاني الحال ولو كان الوجوب ثابتا في ذمته لامره بالخروج عنه عند قدرته ومن طريق الخاصة قول النبي صلى الله عليه وآله فخذه واطعمه عيالك واستغفر الله عز وجل ولان الكفارة حق من حقوق الله تعالى على وجه البدل فلا يجب مع العجز كصدقة الفطر و قال الزهري والثوري وأبو ثور إذا لم يتمكن من الأصناف الثلاثة كانت الكفارة ثابتة في ذمته وهو قياس قول أبي حنيفة لان النبي (ع) أمر الأعرابي أن يأخذ التمر ويكفر عن نفسه بعد ان أعلمه بعجزه عن الأنواع الثلاثة وهو يقتضي وجوب الكفارة مع العجز ولأنه حق الله تعالى في المال فلا يسقط بالعجز كساير الكفارات وليس حجة لأنه عليه السلام دفع البر تبرعا منه لا إنه واجب على العاجز وحكم الأصل ممنوع وقال الأوزاعي تسقط الكفارة عنه وللشافعي قولان وعن أحمد روايتان فروع - آ - حد العجز عن التكفير أن لا يجد ما يصرفه في الكفارة فاضلا عن قوته وقوت عياله ذلك اليوم - ب - لا يسقط القضاء بسقوط الكفارة مع العجز بل يجب القضاء مع القدرة عليه فان عجز أيضا عنه سقط لعدم الشرط وهو القدرة - ج - اختلف عبارة الشيخين هنا قال المفيد (ره) لو عجز عن الأصناف الثلاثة صام ثمانية عشر يوما متتابعات فإن لم يقدر تصدق بما أطاق أو فليصم ما استطاع فجعل الصدقة مرتبة على العجز عن صوم ثمانية عشر والشيخ (ره) عكس فقال إن لم يتمكن من الأصناف الثلاثة فليتصدق بما يتمكن منه فإن لم يتمكن من الصدقة صام ثمانية عشر يوما فإن لم يقدر صام ما تكمن منه - د - اطلق الشيخ (ره) صوم ثمانية عشر يوما والمفيد والمرتضى ره قيداها بالتتابع ورواية سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن (ع) من قوله إنما الصيام الذي لا يفرق كفارة الظهار وكفارة الدم وكفارة اليمين يدل على قول الشيخ (ره) - ه - لو عجز عن صيام شهرين وقدر على صوم شهر مثلا ففي وجوبه أو الاكتفاء بالثمانية عشر يوما اشكال أما في الصدقة فلو عجز عن اطعام ستين وتمكن من اطعام ثلاثين وجب قطعا لقوله (ع) فإن لم يتمكن تصدق بما استطاع وكذا الاشكال لو تمكن من صيام شهر واطعام ثلاثين هل يجب أم لا مسألة وإنما تجب الكفارة وفي صوم تعين وقته إما بأصل الشرع كرمضان أو بغيره كالنذر المعين وتجب أيضا في قضاء رمضان بعد الزوال لا قبله وفي الاعتكاف عند علمائنا وأطبقت العلماء على سقوط الكفارة فيما عدا رمضان إلا قتادة فإنه أوجب الكفارة في قضاء رمضان أما قضاء رمضان فلانه عبادة تجب الكفارة في أدائها فكذا تجب في قضائها كالحج ولما رواه بريد بن معوية العجلي في الصحيح عن الباقر (ع) في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان قال إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه إلا يوما مكان يوم وإن كان أتى أهله بعد الزوال فإن عليه ان يتصدق على عشرة مساكين وأما النذر المعين فلتعين زمانه كرمضان ولان القاسم الصيقل كتب إليه (ع) يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما لله تعالى فوقع في ذلك اليوم على أهله ما عليه من الكفارة فأجابه يصوم يوما بدل يوم وتحرير رقبة مؤمنه وأما الاعتكاف الواجب فلانه كرمضان في التعيين ولان زرارة سأل الباقر (ع) عن المعتكف يجامع فقال إذا فعل فعليه ما على المظاهر مسألة قد بينا إنه فرق بين ان يفطر في قضاء رمضان قبل الزوال وبعده فتجب الكفارة لو أفطر بعده ولا يجب لو أفطر قبله والجمهور كافة إلا قتادة على سقوط الكفارة فيهما وقتادة أوجبها قبل الزوال وبعده وابن أبي عقيل من علمائنا اسقطها بعد الزوال أيضا والمشهور ما بيناه لأنه قبل الزوال مخير بين الافطار والاتمام وبعده يتعين الصوم فلهذا افترق الزمانان في ايجاب الكفارة وسقوطهما لقول الصادق (ع) صوم النافلة لك ان تفطر ما بينك وبين الليل متى ما شئت وصوم قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس فإذا زالت فليس لك أن تفطر تذنيب لو أفطر في قضاء النذر المعين بعد الزوال لم يجب عليه شئ سوى الإعادة لأصالة البراءة وإن كان في قول الصادق (ع) دلالة على الوجوب مسألة المشهور في كفارة قضاء رمضان اطعام عشرة مساكين فإن لم يتمكن صام ثلاثة أيام وقد روي إنه لا شئ عليه وروي ان عليه كفارة رمضان وتأولهما الشيخ ره بحمل الأولى على العاجز والثانية على المستخف بالعبادة المتهاون بها وأما النذر المعين فالمشهور ان في افطاره كفارة رمضان لمساواته إياه في تعيين الصوم وابن أبي عقيل يوجب في افطاره الكفارة وهو قول العامة تذنيب لو صام يوم الشك بينه قضاء رمضان ثم أفطر بعد الزوال ثم ظهر إنه من رمضان احتمل سقوط الكفارة إما عن رمضان فلانه لم يقصد افطاره يوم الشك وهو جايز له واما عن قضاء رمضان فلظهور انه زمان لا يصح للقضاء ويحتمل وجوب كفارة رمضان ويحتمل وجوب كفارة قضائه مسألة يشترط في افساد الصوم بالافطار أمور ثلاثة الأول وقوعه عنه متعمدا مختارا مع وجوب الصوم عليه أما شرط العمد فإنه عندنا ثابت إجماعا منا فان المفطر ناسيا لا يفسد صومه مع تعين الزمان ولا يجب به قضاء ولا كفاره عند علمائنا أجمع وبه قال أبو هريرة وابن عمر وعطا والطوسي والأوزاعي والثوري والشافعي واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي لما رواه العامة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أكل أحدكم أو شرب ناسيا فأتم صومه فإنه أطعمه الله وسقاه وعن علي (ع) قال لا شئ على من أكل ناسيا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) كان أمير المؤمنين (ع) يقول من صام فنسى فأكل وشرب فلا يفطر من أجل انه نسى فإنما هو رزق رزقه الله فليتم صيامه ولان التكليف.
(٢٦١)